عواصف تضرب ولاية ترامب في 2018.. هل يستقيل في 2019؟

الاثنين 24 ديسمبر 2018 09:12 ص

استقالات وإقالات.. قضايا سياسية وإباحية.. هزيمة للجمهوريين وفوز الديمقراطيين بأغلبية مجلس النواب.. عواصف هزت إدارة الرئيس الأمريكي الجمهوري "دونالد ترامب" خلال عام 2018 وتغييرات غير مسبوقة في تاريخ الرئاسات الأمريكية، قد تتصاعد في 2019 لتصل إلى استقالته هو شخصيا.

وتنوعت الاستقالات والإقالات لمسؤوليين في مراكز قرار مختلفة، تنفيذية أو استشارية أو دبلوماسية أو حتى عسكرية، لأسباب مختلفة، وكان الأحدث في قائمة الاستقالات، وزير الدفاع "جيمس ماتيس" الذي تحدث في خطاب صريح للرئيس الأمريكي عن تزايد الشقاق بينهما وانتقد ضمنا عدم اكتراث "ترامب" بأقرب حلفاء أمريكا.

وأعلن "ماتيس" استقالته من منصبه، بعد يوم على قرار "ترامب" المفاجئ بالانسحاب العسكري من سوريا وكان "ماتيس" يعارض بشدة مثل هذه الخطوة.

وفي 15 ديسمبر/كانون الأول، أعلن "ترامب" أن وزير الداخلية "ريان زينك" سيتخلى عن مهامه.

وكان "زينك"، العسكري السابق، قد واجه انتقادات شديدة بسبب نفقاته العالية واحتمال وجود تضارب مصالح.

وقال الرئيس الأمريكي إن "زينك" "سيغادر الإدارة في نهاية السنة بعد فترة من نحو سنتين".

كما أعلن "ترامب" في 8 ديسمبر/كانون الأول أمام الصحفيين أن "جون كيلي سيغادر في نهاية السنة" في إشارة إلى أقرب مستشاريه الذي انضم إلى البيت الأبيض في 31 يوليو/تموز 2017.

وبطلب من "ترامب"، استقال "جيف سيشنز" في نوفمبر/تشرين الثاني بعد أن كان هدفا لانتقادات رئاسية منذ أن قرر في مارس/آذار 2017 النأي بنفسه عن أي تحقيق يطال روسيا بسبب لقاءاته مع السفير الروسي في أوج الحملة الرئاسية.

"سيشنز" السناتور السابق والمحافظ المتشدد عن ألاباما الولاية التي لا تزال تحت وطأة تاريخ الفصل العنصري، طبق سياسة الرئيس المناهضة للهجرة وخصوصا فصل عائلات المهاجرين غير القانونيين.

وأعلنت "نيكي هايلي" في مطلع أكتوبر/تشرين الأول قرارها الاستقالة من منصبها كسفيرة لدى الأمم المتحدة في نهاية السنة، ولم يتم إعطاء أي تفسير واضح لهذا الإعلان المفاجىء لرحيل "هايلي" المتحدرة من عائلة مهاجرين هنود والتي أصبحت من الشخصيات البارزة في الحكومة.

وفي سن 46 عاما، وعدت هذه الحاكمة السابقة لولاية كارولاينا الجنوبية بالقيام بحملة من أجل إعادة انتخاب "ترامب" عام 2020، وأعلن "ترامب" في 7 ديسمبر/كانون الأول أنه سيعين مكانها الناطقة باسم الخارجية "هيذر ناورت".

وافق الرئيس الأمريكي على استقالة وزير البيئة "سكوت برويت" في 5 يوليو/تموز. وارتبط اسم "برويت" رئيس وكالة حماية البيئة بسلسلة فضائح حول استخدامه الأموال العامة، في 16 نوفمبر/تشرين الثاني ألمح الرئيس إلى أنه سيعين رسميا في هذا المنصب وزير البيئة بالوكالة "أندرو ويلر".

أقيل "ريكس تيلرسون" المدير السابق لشركة أكسون موبيل من منصب وزير الخارجية في 13 مارس/آذار بعد أشهر من التوتر مع "ترامب" حول الاستراتيجية الدبلوماسية الأمريكية سواء كان بشأن إيران أو كوريا الشمالية. وعين مكانه المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) "مايك بومبيو".

الرئيس السابق لبنك الاستثمار غولدمان ساكس "غاري كوهن" غادر منصبه كأبرز مستشار اقتصادي للرئيس في 6 مارس/آذار احتجاجا على قرار الرئيس فرض رسوم جمركية جديدة على واردات الصلب والألمنيوم بعد سلسلة خلافات بينه وبين الرئيس.

تحقيقات التدخل الروسي

وعلى مدار عام 2018 تزايد الحصار الذى يواجهه الرئيس الأمريكى "دونالد ترامب" فيما يتعلق بتحقيقات التدخل الروسي التى يجريها المحقق الخاص "روبرت مولر".

فى الوقت الذى لا يفوت فيه "ترامب" أى فرصة لمهاجمة "مولر" وفريقه وفكرة تكليفه بالتحقيق من الأساس، فإن المحقق الخاص يجمع مزيدا من الأدلة على ما يبدو التى يمكن أن تشير فى نهاية المطاف إلى تورط "ترامب".

وبحسب صحيفة "واشنطن بوست"، فإن "ترامب" وُصف بلغة التحقيقات الجنائية كموضوع رئيسى للاهتمام، وأصبح يحمل الرمز القانونى "الفرد 1" أو Individual 1.

وأوضحت الصحيفة، أن أدلة جديدة من جبهتين مختلفتين لتحقيقات "مولر" تثير شكوكا جديدة حول رواية "ترامب" للأحداث الرئيسية المتعلقة بروسيا، وتشير إلى خطر سياسي وقانوني محتمل للرئيس.

ووصف المحققون "ترامب" علنا بأنه شخص محوري فى تحقيقهم فيما إذا كانت حملته قد تآمرت مع الحكومة الروسية خلال موسم الانتخابات الرئاسية عام 2016.

وتظهر الوثائق أن المحققين لديهم أدلة أن "ترامب" كان على اتصال وثيق مع مساعديه وهم يجرون تواصلا مع كلا من روسيا و"ويكيليكس" وأنهم حاولوا إخفاء حجم أنشطتهم.

واعترف محامى "ترامب" الشخصي السابق "مايكل كوهين" قبل أسبوع بالكذب على الكونغرس عندما أصر أن "ترامب" لم يكن يخطط لبناء برج "ترامب" فى موسكو بعد يناير/كانون الثاني 2016، مما يسلط الضوء مجددا على مزاعم "ترامب" المتكررة بأنه لم يكن لديه مصالح تجارية فى روسيا.

وقال "كوهين" إنه أدلى بتلك الشهادة بدافع "الولاء للرئيس"؛ ويأمل "كوهين"، الملاحق بتهم جنائية، بتخفيف الحكم بحقه مقابل مواصلة التعاون مع تحقيق "مولر".

وشهد "كوهين"، الذي كان يُعرف باليد اليمنى لـ"ترامب"، على اتفاقيات بملايين الدولارات ودفعات مالية لامرأتين زعمتا أن "ترامب" أقام معهما علاقة جنسية قبل انتخابات 2016.

وتقدمت عدد من السيدات والفتيات بدعاوى تحرش وابتزاز جنسي بحق "ترامب"، لكن أخطرها، قضية ممثلة الأفلام الإباحية "ستورمي دانيالز" في قضية تعد تهديدا كبيرا يواجه "ترامب" سياسيا وعائليا.

وأصدر قاض اتحادي في ولاية كاليفورنيا الشهر الجاري قرارا يقضي بأن تدفع "ستورمي" مبلغ 293 ألف دولار للرئيس الأمريكي كرسم قانوني بعد رفضه في وقت سابق دعوى تشهير أقامتها ضده.

واعتبر محامي الرئيس الأمريكي أن هذا الأمر بمثابة نصر كامل لـ"ترامب" وصفعة للممثلة الإباحية.

بينما كتب محامي الممثلة الإباحية "مايكل أفينياتي"، في تغريدة على "تويتر" أن "ترامب ومحاميه يحاولان خداع الجمهور بشأن أهمية الغرامة المفروضة على دانيالز".

وأضاف أفينياتي "أن الغرامة المفروضة هي جزء بسيط مما يدين به ترامب لموكلتي في قضية التجمع الوطني الديمقراطي الرئيسية".

وتزعم "دانيالز" أنها كانت على علاقة جنسية بـ"ترامب" عام 2006، وهو ما ينفيه الرئيس، على الرغم من أنه أقر بأن محاميه السابق "مايكل كوهين"، دفع للممثلة مبلغ 130 ألف دولار، بموجب اتفاق سري قبل الانتخابات الأمريكية.

ورفعت "دانيالز" على "ترامب" دعوى تشهير بعد تغريدة له في أبريل/نيسان أشار فيها إلى عدم صحة ما ذكرته بأنها تلقت تهديدا من شخص مجهول في مرآب للسيارات بلاس فيغاس عام 2011 طالبها بعدم الحديث علنا مرة أخرى عن علاقتها المزعومة بـ"ترامب".

هزيمة الجمهوريين

ومما زاد العام سوءا على "ترامب"، خسارة الحزب الجمهورى لانتخابات التجديد النصفى فى الكونغرس، واحتفاظهم فقط بأغلبية مجلس الشيوخ، مقابل سقوط واضح أمام الديمقراطيين فى مجلس النواب.

فبعد الهيمنة الديمقراطية على مجلس النواب، يبدو أن الرئيس الأمريكى على موعد مع عرقلة واضحة لأجندة سياساته داخل دوائر واشنطن التشريعية، بخلاف مواجهة موجة جديدة ربما تكون أكثر حدة من التحقيقات فى قضية التدخلات الروسية فى انتخابات 2016.

ولم يعد أمام "ترامب" سوى خيارين لا ثالث لهما، إما التفاوض والمهادنة أو الصدام وهو ما قد يسفر عن حرب حزبية داخل الكونغرس هى الأشرس لتعرقل الكثير من خطط وسياسات البيت الأبيض التى يعترض عليها الديمقراطيون منذ وصول "ترامب" للرئاسة.

وسيكون الديمقراطيون أكثر تمكنا من عرقلة أجندته التشريعية وتهديد فرص فوزه بولاية رئاسية ثانية فى انتخابات 2020.

ومع فقدان حزبه الأغلبية فى مجلس النواب، بات لا يمكنه تجاوز المعارضة ولم يعد لديه الأغلبية الجمهورية التى تحميه من التحقيقات فى جميع القضايا التى يحرص الديمقراطيون على إثارتها.

وفى ظل الشكل الجديد لمجلس النواب حيث خطف الديمقراطيون الأغلبية بالسيطرة على 218 مقعدا مقابل 193 للجمهوريين، فإن مجلس النواب ربما يضغط بشكل أكثر عمقا فى القضايا الشخصية والسياسية المتعلقة بـ"ترامب"، ويطالبه بالكشف عن العائدات الضريبية التى ظل محتفظا بها سرا، فضلا عن التحقيق بشكل أعمق فى علاقاته مع روسيا وبحث أى تضارب فى المصالح.

وربما يتجه الديمقراطيون لبدء إجراءات عزل "ترامب"، وهو القرار الذى يعتمد على نتائج تحقيقات "مولر"، لكن بعض وسائل الإعلام الأمريكية أشارت مؤخرا إلى أن قادة الحزب الديمقراطي أنفسهم قلقون من اتخاذ خطوة مثل هذه وآثارها على الداخل السياسي.

وبنتيجة انتخابات الكونغرس، أصبح "ترامب" رابع رئيس أمريكى على التوالى يتلقى نكسة كبيرة فى منتصف مدته الرئاسية.

ففى عام 1994 خلال الولاية الأولى للرئيس الأسبق "بيل كلينتون" خسر الديمقراطيون الأغلبية فى مجلسي النواب والشيوخ، وخلال الولاية الثانية للرئيس الجمهوري "جورج بوش" (الابن) عام 2006 خسر الجمهوريون أغلبية المجلسين، وفي الولاية الأولى للرئيس الديمقراطي "باراك أوباما" خسر الديمقراطيون أغلبية مجلس النواب عام 2010، وفى ولايته الثانية عام 2014 خسروا الأغلبية فى مجلس الشيوخ.

ورغم توقعات شخصيات ووسائل إعلام أمريكية باستقالة أو إقالة "ترامب" من منصبه قريبا أي العام المقبل 2019، تشير صحيفة "نيويورك تايمز" إلى أن "ترامب" يفضل أن يجد عدوا يحقق من خلاله انتصاراته، فقد استطاع "كلينتون" و"أوباما" الفوز بولاية ثانية فى ظل وجود معارضة كبيرة فى الكونغرس، وهذا ما سوف يستغله "ترامب" أيضا من أجل ولاية ثانية.

  كلمات مفتاحية

أمريكا ترامب استقالات إقالة

إقالات واستقالات.. قصة انهيار إدارة «ترامب» خلال عام

صور.. ترامب وزوجته ميلانيا يزوران العراق بشكل مفاجئ