الترابط بين اليمن وسائر الإقليم

الاثنين 27 أبريل 2015 07:04 ص

من الواضح أن المجتمعات العربية شعوباً وحكومات، تمرّ في مرحلة من التعثّر والتراجع. وهذا يجعلها تقف على عتبة الانهيار الشامل. ويزيد من أزمتها العامة والمركّبة ارتهان حكوماتها للخارج. وهذا يساهم في إدخالها في صراعات داخلية، وأخرى إقليمية، من نتائجها تعميق التناقضات التي وصلت إلى درجة بات الخروج منها مستعصياً.

والأوضاع في اليمن لا تشذُّ عن أوضاع باقي المجتمعات العربية المتأزمة. ويمكننا القول إن ترابط وتداخل حلقات الصراع في المنطقة العربية، يدلّل على أن تداعيات الصراع في العراق وسوريا تنعكس على الأوضاع اليمنية. كما أن تطور المعارك في اليمن ونتائجها ستكون لهما انعكاسات مباشرة وملموسة على مجريات الصراع والتحولات السياسية في العراق وسوريا.

من الواضح أن الأسباب الحقيقية لـ«عاصفة الحزم» التي سعت من خلالها الرياض إلى تمكين تحالف عربي وإسلامي، تعود إلى عوامل متعددة، أهمها يتصل بالتمدد الإيراني في العراق وسوريا واليمن، وهو ما أثار مخاوف الرياض من الهيمنة الإيرانية على المنافذ البحرية (باب المندب وهرمز)، إضافة إلى أن زيادة النفوذ الإيراني الذي يرتبط بشكل مباشر بسيطرة الحوثيين على مقاليد السلطة، وبالتالي السيطرة على الحدود مع العربية السعودية، يُثير مخاوف المملكة من انتقال تداعيات الصراع إلى داخل أراضيها.

من بين هذه العوامل أيضاً أن التوافق الإيراني مع دول «5+1» على الملف النووي، ورفع العقوبات الاقتصادية عن إيران، من شأنه أن يعزز مكانة إيران العسكرية والسياسية والاقتصادية على المستويين الإقليمي والدولي. وهنا تتقاطع مصالح الرياض مع المصالح الإسرائيلية وبعض الدول الغربية والإقليمية في تحجيم القوة الإيرانية.

من جانب آخر، تكشف «عاصفة الحزم» بشكل واضح، عن حجم الاستقطاب والارتهان العربي إلى مشاريع إقليمية ودولية كبرى. إذ ترى بعض الأطراف أن التحالف الذي تقوده الرياض يُعبّر عن «صحوة عربية»، وسوف يؤدي إلى تعظيم قوة العرب ويعيد إليهم «مجدهم الغابر ووحدتهم المفقودة»، ويساهم في إنهاء سياسات إيران التوسعية.

في السياق ذاته، تطالب الأطراف هذه بتوسيع عمليات التحالف السعودي إلى سوريا، علماً أن أمراً من هذا النوع من شأنه تعميق حدة الصراع المحمول على أهداف طائفية، وأخرى سياسية ذات أبعاد إقليمية ودولية. ومن المعلوم أن الدول الكبرى في سياق تحقيق مصالحها، تشتغل على توظيف أمراض البنية الشمولية للنظام العربي، ووهم بعض الفصائل المعارضة التي ترى أن العامل الخارجي سوف يضع المجتمعات العربية على عتبة التغيير الديموقراطي.

وقد شكل ذلك مقدمات موضوعية إلى تهديم كيانية الدولة، وتفتيت المجتمعات وإدخالها في صراعات لن تنتهي مفاعيلها وأسبابها في المدى المنظور. وهذا يستدعي دراسة الأوضاع العربية حتى يُصار إلى وضعها في سياق تطورها الموضوعي انطلاقاً من المحافظة على المصالح الاجتماعية العليا، ومبدأ السيادة الوطنية واستقلالية القرار الوطني الذي يندرج في سياق الانفتاح على العالمية من منظور التكامل. 

إن استمرار الأوضاع العربية الراهنة سوف يؤدي إلى إعادة إنتاج أمراض الاستبداد والتخلف. لكن هذه المرة من منظور أكثر خطورة ودمارا. وهذا يتعدّى حدود رحيل الأنظمة الراهنة أو بقائها، كونه نتاج تسويات دولية وإقليمية بالدرجة الأولى، ومفاعيل داخلية بالدرجة الثانية. 

كما أن الأوضاع في اليمن وكذلك في سوريا والعراق و«ليبيا» محكومة بالترابط والتداخل الإقليميين والدوليين. وبقدر ما نحتاج للخروج من أوضاعنا الراهنة إلى المناعة والقوة الذاتية، فإننا نعاني من تداعيات خضوعنا لمؤثرات خارجية، إقليمية ودولية. وهذا يوضّح إشكالية تحوّلنا إلى أدوات وحلقات وظيفية ضمن مشاريع الخارج. أما نتائج وتداعيات الحرب السعودية على اليمن، فلن تكون محصورة في اليمن.

ومن المُرجّح أنها ستحمل ملامح «تحولات» عربية وإقليمية جديدة ينتظر أن تظهر قريباً. وأما إسرائيل، فإن أوضاع العرب الراهنة وآفاق تحولاتها المحتملة تخدم تفوقها الإستراتيجي. وفي ما يخصُّ الموقف التركي والباكستاني من «عاصفة الحزم»، فإن كلتا الحكومتان تنظران إلى الموضوع من زاوية مصالحهما الاقتصادية، فكان تقاربهما مع إيران أكثر جدوى وفائدة لهما. وهذا لا ينفي خلافهما السياسي، وبشكل خاص تركيا، مع إيران، الطموحة إلى تجاوز حدودها الجيوسياسية.

 

  كلمات مفتاحية

اليمن الإقليم إيران الجيوسياسي تداعيات التدخل السعودي الحوثي التدخل الإقليمي عاصفة الحزم

الأزمة اليمنية وانتقام التاريخ