مغادرة أوبك.. ماذا تعني بالنسبة لقطر ولمستقبل المنظمة؟

الاثنين 31 ديسمبر 2018 11:12 ص

في 3 ديسمبر/كانون الثاني 2018، أعلنت قطر بشكل مفاجئ أنها بصدد ترك منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" في 1 يناير/كانون الثاني 2019، بعد 57 عاما من عضويتها.

وجاء هذا الإعلان قبل يومين من اجتماع "أوبك" في فيينا، حيث كان من المتوقع أن يعبر أعضاء المنظمة عن توحدهم وراء خطوة تقليص الإنتاج لتعزيز سعر النفط، وأوضحت قطر أنها ستفي بالتزاماتها في منظمة "أوبك" بشكل مؤقت قبل انسحابها.

وأكد وزير الطاقة القطري "سعد الكعبي"، الرئيس التنفيذي السابق لشركة النفط والغاز القطرية، "قطر للبترول"، أن القرار "غير سياسي إطلاقا".

ومع ذلك، يفسر العديد من المحللين والخبراء في مجال الطاقة، على نطاق واسع، التوقيت والسبب في هذا الانسحاب كتوبيخ علني على الحصار الشامل الذي قادته السعودية ضد قطر خلال الـ 19 شهرا الماضية.

وكانت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر قد قامت جميعها بقطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، في يونيو/حزيران 2017، وفرضت حظرا اقتصاديا عليها، كعقاب على دعمها المزعوم للإرهاب، وعلاقاتها الوثيقة مع إيران.

وبينما قد يكون الحصار عاملا مساهما في مغادرة قطر لأوبك، فإن الآثار المترتبة على هذا القرار بالنسبة لقطر وأوبك تتعدى السياسة الإقليمية.

ماذا يعني لقطر؟

كان المنطق الرسمي الذي أعلنته قطر في انسحابها من "أوبك" أن وجودها في المنظمة لم يعد يخدم مصالحها، وأنها لم يكن لها صوت في المنظمة، وبخلاف سعيها إلى تعظيم قوتها كواحدة من أكبر منتجي ومصدري الغاز الطبيعي في العالم.

ومع كونها في المرتبة 11 من أصل 15 عضوا، تنتج قطر أقل من 2% (600 ألف برميل يوميا، 200 ألف منها للاستهلاك المحلي)، من إجمالي إنتاج أوبك النفطي.

ولذلك، تدرك القيادة القطرية تمام الإدراك أن انسحابها لن يكون له تأثير كبير على الإنتاج النفطي الجماعي لأوبك، أو على أسعار النفط بشكل عام.

وفي حين أنها ليست منتجا كبيرا للنفط، تعد قطر واحدة من أكبر مصدري الغاز الطبيعي المسال في العالم، حيث تأتي وراء أستراليا مباشرة، وتخطط قطر لزيادة إنتاجها المحلي من الغاز الطبيعي المسال، من 77 مليون إلى 110 مليون طن سنويا، في وقت مبكر من عام 2020، استنادا إلى احتياطياتها الهائلة من الغاز الطبيعي.

لكن البقاء في "أوبك" لم يكن ليعيق طموحات قطر لتطوير إمكاناتها من الغاز الطبيعي.

وفي الواقع، لم تضر عضوية أوبك قطر، بل على العكس تماما.

وعلى الرغم من أن قطر كانت منتجا هامشيا للنفط داخل أوبك، لكنها لعبت دورا مهما في المنظمة.

على سبيل المثال، كانت البلاد واحدة من الأعضاء القياديين في المجموعة النفطية في المساعدة في تحسين العلاقات مع روسيا في الأعوام الأخيرة، وترتيب اتفاق خفض إنتاج النفط لاستعادة مستويات الأسعار المرتفعة بعد الهبوط، وبمجرد أن تترك أوبك، لن يكون لها أي نفوذ على أسعار النفط العالمية.

وعلى الرغم من أن القيادة القطرية لم تعد ترى قيمة سياسية في أوبك، لكن الانسحاب يوسع الصدع مع جيرانها، ومن الممكن أن تواجه انتقاما من خصومها الإقليميين.

ومع ذلك، عادةً ما كان أعضاء منظمة "أوبك" في منطقة الشرق الأوسط يرتقون فوق الاختلافات السياسية والمواجهات الإقليمية.

وقد عانى بعضهم من صراع خطير مع أعضاء آخرين، ولم يغادروا المنظمة أبدا، على سبيل المثال، خلال الحرب الدامية التي استمرت 8 أعوام بين العراق وإيران، واحتلال "صدام حسين" للكويت، أو الحرب الباردة المستمرة بين إيران والسعودية، بقيت تلك الدول جميعها في أوبك.

وفي الوقت الذي يُنظر فيه إلى قرار قطر بالمغادرة على أنه ضربة للسعودية؛ بسبب حصارها الدبلوماسي والاقتصادي لقطر، والسياسة الخارجية العدوانية بشكل متزايد، يبدو أن السبب الأكثر إقناعا هو السبب العملي، حيث تضمن قطر بذلك القرار البقاء في الجانب الودي مع الولايات المتحدة وتفادي مشاكل أوبك المنتظرة في واشنطن.

وكان الرئيس "دونالد ترامب" قد انتقد بشكل متزايد منظمة أوبك بسبب ارتفاع أسعار النفط، وهناك عدد من التشريعات الأمريكية الجديدة جاري العمل على إصدارها، تحت عنوان "نوبك" (قانون إنتاج وتصدير النفط)، والتي من شأنها إخضاع أعضاء منظمة "أوبك" لقوانين مكافحة الاحتكار، حال مرورها.

وتهدف هذه التشريعات إلى الحد من قوة المنظمة وقدرتها على التحكم في سعر النفط.

وسوف يساعد ترك المنظمة قطر على تجنب الوقوع في هذا الفخ، ما يزيل الحواجز التي تحول دون ترسيخ مكانتها كواحدة من أكبر مصدري الغاز الطبيعي المسال في العالم.

والأهم من ذلك، تعد الولايات المتحدة واحدة من أهم الأسواق لقطر، وتخطط الدوحة لاستثمار ما يقرب من 20 مليار دولار في قطاع الغاز الطبيعي الأمريكي خلال الأعوام الخمسة المقبلة.

وتمتلك قطر للبترول حصة الأغلبية في منشأة "غولدن باس" للغاز الطبيعي المسال، في تكساس، والتي لديها القدرة على تصدير ما يقرب من 2.21 مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعي المسال في اليوم الواحد.

ويعد توطيد العلاقات مع الولايات المتحدة أمرا مهما للإمارة العربية الصغيرة، وقد ظهر ذلك عندما حالت وزارة الخارجية الأمريكية دون حدوث غزو كامل لقطر من قبل السعودية والإمارات قبل بداية حصارها في يونيو/حزيران 2017.

وللاستفادة من دورها في سوق الطاقة العالمي، بدأت قطر في زيادة الاستثمارات في مشاريع الطاقة في الخارج، بعد فترة وجيزة من إعلانها مغادرة أوبك.

وفي 8 ديسمبر/كانون الأول 2018، اشترت قطر للبترول 10% من حصص التنقيب عن النفط في "إكسون موبيل" في موزمبيق.

وبعد أسبوع، حصلت الشركة على حصة تبلغ 35% من حصة "إيني" في 3 حقول نفطية بحرية في المكسيك، وتشارك قطر للبترول بالفعل في مشاريع النفط والغاز في قبرص وجنوب أفريقيا والبرازيل والأرجنتين والمغرب، وبلدان أخرى.

وتحاول قطر تعزيز دورها في أسواق الطاقة العالمية في الوقت الذي تستعد فيه لترك أوبك.

ماذا يعني لـ"أوبك"؟

لم يكن لإعلان قطر المفاجئ أي تأثير على إجمالي إمدادات النفط أو أسعار نفط أوبك، ومن المرجح أن يمر خروج قطر في يناير/كانون الثاني 2019 بلا تأثير على أسعار النفط العالمية، وحتى لو قللت قطر إنتاجها النفطي بالكامل، فسيكون الأعضاء الآخرون قادرين على تغطية حصتها.

ويرى بعض المراقبين أن خروج الدوحة من أوبك قد يدفع أعضاء آخرين إلى المغادرة كذلك، ولكن حتى مع عدم الرضا المحتمل عن قيادة السعودية للمجموعة، أو عدم موافقتها على سياساتها في المنطقة، فسوف يكون الأعضاء الآخرين مدفوعين بما هو أفضل لمصالحهم.

وفي الواقع، قد يؤدي انسحاب قطر إلى تحسين الموقف التفاوضي لبعض أعضاء أوبك وتعزيز مواقعهم في المنظمة، على سبيل المثال، استخدمت إيران إعلان خروج قطر لإقناع الأعضاء الآخرين بالموافقة على تخفيضات الإنتاج بمقدار 1.2 مليون برميل في اليوم.

وحتى إذا غادر أعضاء آخرون المنظمة، يظل الأعضاء المهمون حقا هم منتجو النفط المهيمنون الذين يمليون للبقاء في المنظمة، وبالتحديد السعودية والإمارات، وبعض الدول الأخرى.

وفي هذا المنعطف، تعد اتفاقيات السعودية مع عمالقة النفط من خارج أوبك، مثل روسيا، لخفض الإنتاج، إلى جانب النفوذ المتنامي للولايات المتحدة كمصدر للنفط، أكثر أهمية من منتجي النفط الصغار في المنظمة.

ولكن مع ميزان القوى في أسواق النفط يتحول إلى المنتجين الثقال من خارج أوبك، مما يسلط الضوء على ضعف المنظمة كمؤسسة، فإن الاستياء المحتمل للأعضاء الآخرين من السعودية وأوبك قد يجعل من ترك المنظمة خيارا جذابا.

ومثل قطر، قد يبدأ الأعضاء الآخرون في رؤية "أوبك" على أنها عديمة الفائدة، خاصة إذا شعروا، مثل قطر، بأنهم ليس لديهم رأي في ما يحدث فيها.

المصدر | إنسايد أرابيا

  كلمات مفتاحية

المنصة

وزير الطاقة القطري: لا نخطط للعودة إلى أوبك