النص الكامل لخطاب بومبيو في القاهرة حول سياسة بلاده بالمنطقة

الجمعة 11 يناير 2019 06:01 ص

ألقى وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو" خطابا في العاصمة المصرية القاهرة، الخميس، عالج مجموعة واسعة من المواضيع الإقليمية، كما شمل توبيخا شديدا لسياسات إدارة الرئيس السابق "باراك أوباما" في الشرق الأوسط.

 

وقال "بومبيو" إنه في حين أن "حزب الله" يملك حضورا رئيسيا في لبنان، فلن تقبل الولايات المتحدة بهذا الوضع الراهن، وأضاف "بومبيو" أن الولايات المتحدة لن تدع إيران تحول سوريا إلى لبنان جديد، وستتصرف في إطار الدبلوماسية مع الشركاء لطرد إيران كليا من سوريا، وشدد على أهمية التعاون بين الدول العربية و(إسرائيل) في احتواء إيران و"التطرف الإسلامي"، كما قال.

ووصف بلاده بأنها كانت دوما "قوة للخير" وليست جيشا من الغزاة أو الأباطرة على حد وصفه.

وفيما يلي النص الكامل للخطاب:

لقد كان من حسن حظي أن أكون زائرا متكررا هنا لمصر والشرق الأوسط كوزير للخارجية. وفي دوري السابق كمدير لوكالة الاستخبارات المركزية، كنت هنا بشكل متكرر أيضا، وجئت إلى هنا أيضا كعضو في الكونغرس. وفي كل مرة أحضر، أرى شيئا جديدا، شيئا رائعا.

وكانت هذه الرحلة ذات مغزى خاص بالنسبة لي كمسيحي إنجيلي، حيث تأتي بعد وقت قصير من احتفالات عيد الميلاد في الكنيسة القبطية، وهذا وقت مهم، فنحن جميعا أبناء إبراهيم، مسيحيون ومسلمون ويهود.

وفي مكتبي، أحتفظ بكتابي المقدس مفتوحا ليذكرني بالله وكلمته والحقيقة.

والحقيقة هي التي أتحدث عنها اليوم. إنها حقيقة لا يتم الحديث عنها في كثير من الأحيان في هذا الجزء من العالم، ولكن لأني رجل عسكري، سأكون صريحا ومباشرا اليوم.. والحقيقة هي أن أمريكا قوة للخير في الشرق الأوسط.

نحتاج إلى الاعتراف بهذه الحقيقة، لأنه إذا لم نفعل ذلك، فسوف نتخذ خيارات سيئة، الآن وفي المستقبل. ولخياراتنا التي نتخذها اليوم، عواقب بالنسبة للدول، وللملايين من البشر، على صعيد سلامتنا، ورخائنا الاقتصادي، وحرياتنا الشخصية، وحريات أطفالنا.

وليس هناك مكان مناسب أكثر من المكان الذي أقف فيه اليوم لإجراء هذه المناقشة، في الجامعة الأمريكية هنا في القاهرة الجميلة، حيث يصادف هذا العام مرور 100 عام على تأسيس هذه المؤسسة.

كما أن الجامعة الأمريكية بالقاهرة أكثر من مجرد جامعة، فهي رمز مهم لصداقة أمريكا مع مصر وما يجمع شعوبنا معا. لقد أنشأنا معا مكانا حديثا للتعلم، في خضم حضارة قديمة لها تاريخها الغني بالفنانين والشعراء والمفكرين.

لقد كانت مصر دائما أرض كفاح. لكن في بعض الأحيان، بدا أن تطلعاتكم (مصر)، وتطلعات إخوانكم في الشرق الأوسط، مستحيلة. وقد شهدت هذه الأراضي اضطرابات من تونس العاصمة إلى طهران، حيث انهارت الأنظمة القديمة، وبدأت أنظمة جديدة بالظهور.

وفي هذه اللحظة الحرجة، كانت أمريكا، صديقكم القديم، غائبة أكثر من اللازم.. لماذا؟ لأن قادتنا أخطأوا في تفسير تاريخنا، ولحظتكم التاريخية.

وقد أثر سوء التفاهم الأساسي هذا، منذ عام 2009، تأثيرا سلبيا على حياة مئات الملايين من الناس، في مصر وفي جميع أنحاء المنطقة.

وتذكروا، لقد حدث ذلك هنا، هنا في هذه المدينة، وقف أمريكيا آخر أمامكم، وأخبركم أن الإرهاب الإسلامي المتطرف لا ينبع من أيديولوجيا، وأخبركم أن 11 سبتمبر/أيلول قادت بلدنا للتخلي عن مثلها العليا، لا سيما في الشرق الأوسط، وقال لكم إن الولايات المتحدة والعالم الإسلامي احتاجوا إلى "بداية جديدة".

وكانت نتائج هذه التقديرات الخاطئة سيئة.

وفي رؤيتنا لأنفسنا خطئا كقوة كانت وراء ما يعانيه الشرق الأوسط، كنا خائفين في تأكيد أنفسنا وحضورنا عندما طلبنا شركاؤنا.

وبشكل فادح، قللنا من تقدير التشبث بأفكار و"وحشية" الإسلام المتطرف، وهو سلالة فاسدة من الإيمان، تسعى إلى القضاء على كل شكل آخر من أشكال العبادة أو الحكم.

وقد قاد هذا "تنظيم الدولة" إلى ضواحي بغداد، بعدما ترددت أمريكا في التدخل، وقاموا باغتصاب ونهب وقتل عشرات الآلاف من الأبرياء.

ولقد أسسوا خلافة في كل من سوريا والعراق، وشنوا هجمات إرهابية طالت جميع القارات.

لقد تسبب تردد الولايات المتحدة، وترددنا في ممارسة نفوذنا في جعلنا نلتزم الصمت بينما نهض شعب إيران ضد الملالي في طهران في الثورة الخضراء. ولقد قتل آيات الله، وأتباعهم، وسجنوا وأخافوا الإيرانيين المحبين للحرية، وقد ألقوا باللوم على أمريكا في هذا الاضطراب، بينما كان طغيانهم هو الذي غذى ذلك.. لقد شجع التراخي النظام الإيراني على بسط نفوذه السرطاني على اليمن والعراق وسوريا، ولا يزال يتوسع في لبنان.

لقد دفعنا ميلنا، ميل أمريكا، إلى النظر إلى الاتجاه الآخر، بينما امتلك حزب الله، وهو فرع مملوك بالكامل للنظام الإيراني، تراكما ضخما من الصواريخ والقذائف، بلغ قرابة 130 ألف صاروخ، ولقد قاموا بتخزين هذه الأسلحة ووضعها في بلدات وقرى لبنانية، في انتهاك صارخ للقانون الدولي وتوجيه هذه الترسانة بشكل مباشر إلى (إسرائيل)، حليفتنا.

وعندما أطلق "بشار الأسد" العنان للإرهاب ضد المواطنين السوريين العاديين والمدنيين، الذين قصفهم بالبراميل المتفجرة وغاز السارين، وهو صدى حقيقي لغاز "صدام حسين" الذي قصف به الشعب الكردي، أدنا تصرفاته، ولكن بسبب ترددنا في ممارسة القوة، لم نفعل شيئا.

إننا نحرص على التعامل مع المسلمين فقط، وليس الدول التي تجاهلت التنوع الثري في الشرق الأوسط وأضعفت الروابط القديمة. لقد تم تقويض مفهوم الدولة القومية، حجر الأساس للاستقرار الدولي. وأدت رغبتنا في السلام بأي ثمن إلى عقد صفقة مع إيران، عدونا المشترك.

إذا، ما الذي تعلمناه من كل هذا اليوم؟ علمنا أنه عندما تتراجع أمريكا، غالبا ما يتبع ذلك الفوضى. وعندما نهمل أصدقاءنا، يتراكم الاستياء. وعندما نتشارك مع الأعداء، يتقدمون.

لكن هناك أخبار جيدة. فلقد انتهى عهد الخزي الأمريكي، وكذلك السياسات التي أنتجت الكثير من المعاناة التي لا داعي لها. والآن حانت "البداية الجديدة" الحقيقية.

الحرب على التطرف

وفي غضون 24 شهرا فقط، أي أقل من عامين، أكدت الولايات المتحدة في عهد الرئيس "ترامب" دورها التقليدي كقوة للخير في هذه المنطقة. لقد تعلمنا من أخطائنا، واكتشفنا صوتنا، وأعدنا بناء علاقاتنا. ولقد رفضنا الوعود الكاذبة من أعدائنا.

وانظروا إلى ما أنجزناه. انظروا إلى ما أنجزناه معا. تحت القيادة الجديدة، واجهت أمريكا الواقع القبيح للإسلام المتطرف، وفي أول رحلة قام بها الرئيس "ترامب" في الخارج إلى هذه المنطقة، دعا الدول ذات الأغلبية المسلمة إلى "الاستجابة لمحنة التاريخ العظيمة والتغلب على التطرف وقهر قوى الإرهاب".

وقد انضم الرئيس "السيسي" لنا. لقد انضم إلينا في إدانة الأيديولوجية الملتوية التي جلبت الموت والمعاناة لهذا العدد الكبير، وأشكر الرئيس "السيسي" على شجاعته. 

وكما قلت، في خطاب أخير ألقيته في بروكسل، فإن كلماتنا تعني شيئا مرة أخرى، ويجب أن تكون. لقد علمتني "ويست بوينت" (أكاديمية عسكرية) شفرة أساسية للنزاهة، إذا اعتمدنا على هيبة أمريكا للقيام بعمل ما، فإن حلفاءنا يعتمدون علينا.

ولم تكن إدارة "ترامب" لتقف مكتوفة الأيدي عندما استخدم "بشار الأسد" الأسلحة الكيماوية ضد شعبه. وفي الواقع، لقد أطلق الرئيس "ترامب" غضب الجيش الأمريكي، ليس مرة واحدة، بل مرتين، بدعم من الحلفاء. وهو على استعداد للقيام بذلك مرة أخرى، على الرغم من أننا نأمل أن لا يكون مضطرا لذلك.

وبالنسبة لأولئك الذين ينزعجون من استخدام القوة الأمريكية، تذكروا ذلك: لقد كانت أمريكا دائما، وستبقى، قوة تحرير، وليست قوة احتلال. ولم نحلم أبدا بالهيمنة على الشرق الأوسط. لكن هل يمكنكم قول الشيء نفسه عن إيران؟

في الحرب العالمية الثانية، ساعد الجنود الأمريكيون في تحرير أوروبا من الاحتلال النازي. وبعد خمسين عاما، جمعنا ائتلافا لتحرير الكويت من "صدام حسين". فهل يمكن أن يأتي الروس أو الصينيون لإنقاذكم بالطريقة نفسها، بالطريقة التي نعمل بها؟

وعندما تنتهي المهمة، تغادر أمريكا. واليوم، في العراق، بناء على دعوة من الحكومة، لدينا نحو 5 آلاف جندي، في حين كان هناك في السابق 166 ألفا.

ولقد كان لدينا ذات مرة عشرات الآلاف من العسكريين الأمريكيين المتمركزين في المملكة العربية السعودية. والآن لم يعد هناك سوى رقم صغير.

وعندما نضع قواعد رئيسية، كما فعلنا في البحرين، وفي الكويت، وفي قطر، وفي تركيا، وفي الإمارات، فإن ذلك يكون بناء على دعوة من البلد المضيف.

وبهذه الروح نفسها، في العام الماضي فقط، عززت أميركا ائتلافا من الحلفاء والشركاء لتفكيك تنظيم الدولة الإسلامية، وتحرير العراقيين والسوريين والعرب والأكراد، المسلمين والمسيحيين، الرجال والنساء والأطفال. ولقد قام الرئيس "ترامب" بتمكين قادتنا في الميدان لضرب "تنظيم الدولة" بشكل أسرع وأدق من أي وقت مضى. والآن، تم تحرير 99٪ من الأراضي التي احتلتها التنظيم من قبل. وتعود الحياة الآن إلى طبيعتها لملايين العراقيين والسوريين. ويجب أن تفخر الدول في التحالف الدولي بهذا الإنجاز. لقد أنقذنا معا الآلاف من الأرواح.

ولقد ساعد حلفاؤنا وشركاؤنا بشكل كبير في جهود مكافحة التنظيم. لقد انضمت فرنسا وبريطانيا إلى ضرباتنا فوق سوريا، ودعموا جهودنا لمكافحة الإرهاب في جميع أنحاء العالم. ولقد استضافت الأردن وتركيا ملايين السوريين الفارين من العنف. ولقد ساهمت السعودية ودول الخليج بسخاء في جهود تحقيق الاستقرار. نشكرهم جميعا على مساعداتهم، ونحثهم على الاستمرار.

كما ساعدت الولايات المتحدة المناطق المحررة كوسيلة مهمة لمنع التنظيم من الظهور من جديد. وقدمنا ​​2.5 مليار دولار من المساعدات الإنسانية للعراق منذ عام 2014، وتقوم كنائسنا والمؤسسات غير الربحية بعمل جيد هناك كل يوم أيضا. ولقد قمنا، نحن وحلفاؤنا، بتوليد ما يقرب من 30 مليار دولار من المنح والدعم المالي لمساعدة العراق في إعادة الإعمار خلال مؤتمر إعادة الإعمار في الكويت، العام الماضي.

فكروا في الأشخاص الذين نساعدهم. في العام الماضي، استضفت أول اجتماع وزاري لتعزيز الحرية الدينية في واشنطن. وفي هذا المؤتمر، سرد سفيرنا رحلته إلى العراق. وهناك التقى بالنساء اليزيديات اللواتي تم بيعهن في العبودية، وتم نزع أطفالهن من أحضانهن. لقد كانت الحياة في ظل "تنظيم الدولة" جحيما حقيقيا، جحيما حيا على الأرض. واليوم، يتم تحرير هذه المناطق، وذلك بفضل قوة والتزام تحالفنا.

وأتذكر هنا سطرا للكاتب المصري "نجيب محفوظ"، الحائز على جائزة نوبل، حيث قال: "لا أقول إن الخير سينتصر فى العالم الآخر، فهو يحرز نصرا كل يوم".

مواجهة إيران

لنعد إلى إيران.

لقد كشف الرئيس "ترامب" غشاوة أعيننا المتعمدة عن خطر النظام، وانسحب من الاتفاق النووي الفاشل، بوعوده الكاذبة. وقد فرضت الولايات المتحدة العقوبات التي لم يكن ينبغي رفعها، وشرعنا في حملة ضغط جديدة لقطع الإيرادات التي يستخدمها النظام لنشر الرعب والدمار في جميع أنحاء العالم، وانضممنا إلى الشعب الإيراني في الدعوة إلى الحرية والمساءلة.

والأهم من ذلك، أننا دعمنا تفاهما مشتركا مع حلفائنا حول ضرورة التصدي لأجندة النظام الثوري الإيراني. وتتفهم الدول بشكل متزايد أننا يجب أن نواجه "آيات الله"، لا أن نبرم معهم الاتفاقات. وتتكاتف الدول إلى جانبنا لمواجهة النظام الإيراني كما لم يحدث من قبل. ولقد لعبت مصر وعمان والكويت والأردن دورا أساسيا في إحباط جهود إيران للتهرب من العقوبات.

وقد ألغت الإمارات وارداتها من المكثفات الإيرانية في أعقاب إعادة فرض العقوبات الأمريكية. وكشفت البحرين النقاب عن وكلاء الحرس الثوري النشطين في البلاد، وتعمل على وقف الأنشطة البحرية الإيرانية غير المشروعة في منطقتها. كما عملت السعودية معنا لمواجهة التوسع الإيراني والنفوذ الإقليمي. ونحن، الولايات المتحدة، نثني على كل من هذه الجهود، ونسعى إلى أن تواصل جميع الدول العمل على تقييد كامل النشاط الخبيث للنظام الإيراني.

ولا يقتصر العمل على الحد من طموحات النظام المدمرة في الشرق الأوسط. ولقد انضم أصدقاء أمريكا وشركاؤها، من كوريا الجنوبية إلى بولندا، إلى جهودنا لوقف موجة الدمار الإقليمي الإيراني، وحملات الإرهاب العالمية.

وخفضت العديد من البلدان في جميع أنحاء العالم واردات النفط الإيراني إلى الصفر، وبعضها لا تزال تعمل على تحقيق هذا الهدف. وقد رأت الشركات الخاصة في فرنسا وألمانيا وبريطانيا، وأماكن أخرى، أن إثراء أنفسهم من خلال العمل مع النظام أمر سيء للأعمال التجارية، وسيئ لشعوب بلدانهم.

وفي اليمن، ساعدنا شركاءنا في التحالف حيث أخذوا زمام المبادرة في منع التوسع الإيراني الذي كان ليكون كارثيا للتجارة العالمية والأمن الإقليمي. وكما هو الحال دائما، فقد اقترنت مشاركتنا أيضا بمساعدات إنسانية قوية. ولقد أيدنا محادثات الأمم المتحدة لوضع اليمن على طريق السلام.

وفي لبنان، يستمر حزب الله في التمتع بحضور رئيسي، لكننا لن نقبل بهذا الوضع الراهن. وتعد حملة العقوبات العدوانية ضد إيران موجهة أيضا إلى الجماعة الإرهابية وقادتها، بمن فيهم "حسن نصر الله"، زعيم حزب الله.

والآن، دعونا نتحدث عن جهود أمريكا لبناء التحالف.

لقد تحركت إدارة "ترامب" بسرعة لإعادة بناء الروابط مع أصدقائنا القدامى، مع رعاية شراكات جديدة. وشملت رحلتي الأولى في هذا العمل التوقف في (إسرائيل) والأردن والمملكة العربية السعودية.

وفي الواقع، بعد أن أقسمت اليمين كوزير للخارجية، قمت بزيارة تلك البلدان قبل أن أذهب إلى مكتبي في واشنطن العاصمة، وأرحب بزعمائكم في مكتبي في كثير من الأحيان، كما فعلت مع وزير الخارجية المصري "سامح شكري" في أغسطس/آب من العام الماضي.

ويعد بناء التحالفات أمرا طبيعيا لأمريكا، لكننا أهملناه في الأعوام الماضية. وتمتعت هذه الإدارة بعلاقات مثمرة في الشرق الأوسط منذ مئات السنين، لكن يجب أن نبقيها ونعمل للحفاظ عليها. وانظروا إلى روابطنا الطويلة مع المغرب وعمان، والتي تعود إلى أعوام 1777 و1833. وتعود صداقتنا مع البلد الذي نحن فيه اليوم، مصر، لأجيال. وفي الواقع، يصادف هذا العام الذكرى السنوية الـ 70 لعلاقاتنا الدبلوماسية مع الأردن. ونحن نبني حوارا صحيا مع حكومة العراق الديمقراطية المزدهرة والشابة، وقد حان الوقت لتنتهي المنافسات القديمة من أجل الخير الأكبر للمنطقة.

وتعمل إدارة "ترامب" أيضا على تأسيس التحالف الاستراتيجي للشرق الأوسط لمواجهة التهديدات الأكثر خطورة في المنطقة، ودعم التعاون الاقتصادي والتعاون في مجال الطاقة. ويجمع هذا الجهد بين أعضاء مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى مصر والأردن. واليوم، نطلب من كل من تلك الدول أن تتخذ الخطوة التالية وأن تساعدنا في ترسيخ مفاهيم التحالف.

التطبيع مع (إسرائيل)

ونحن نشهد أيضا تغيرا ملحوظا، حيث بدأت الروابط الجديدة تتجذر بشكل ملحوظ. فمن كان يمكن أن يصدق قبل بضعة أعوام أن رئيس الوزراء الإسرائيلي سيزور مسقط؟ أو أن روابط جديدة ستنشأ بين المملكة العربية السعودية والعراق؟ أو أن بابا روما الكاثوليكي سيزور هذه المدينة للقاء الأئمة المسلمين وقساوسة المذاهب القبطية؟

وفي أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، كان النشيد الوطني الإسرائيلي يتم عزفه على شرف بطل الجودو الإسرائيلي الذي فاز بلقب البطولة في دولة الإمارات العربية المتحدة. وكانت هذه هي المرة الأولى التي يُسمح فيها للوفد الإسرائيلي بالمشاركة تحت العلم الوطني الإسرائيلي. وكانت هذه هي المرة الأولى التي يحضر فيها وزير الثقافة والرياضة الإسرائيلي حدثا رياضيا في الخليج. ولقد أجرينا محادثات لمدة عامين من أجل الوصول إلى هذه اللحظة. وقد عبر وزير الرياضة الإسرائيلي عن ذلك قائلا: "كان من الصعب علي أن أوقف الدموع. أود أن أشكر السلطات في أبوظبي، مضيفينا هنا الذين استقبلونا بطريقة مثالية. لا يمكن أن أكون أكثر سعادة".

وهذه الخطوات نحو التقارب ضرورية في جهودنا في مواجهة تهديداتنا المشتركة، كما أنها تشير إلى مستقبل أكثر إشراقا للمنطقة.

وبالطبع لم ينته عملنا معا. ولا يكاد الأمر يكون أبدا عمل أمريكا بمفردها. تعرف الولايات المتحدة أنه لا يمكنها، ولا يجب عليها، خوض الحرب في كل معركة أو دعم كل اقتصاد. ولا توجد أمة تريد أن تعتمد على أخرى. وهدفنا هو المشاركة مع أصدقائنا، والوقوف في وجه أعدائنا، لأن وجود شرق أوسط قوي وآمن وحيوي اقتصاديا يصب في مصلحتنا الوطنية، وهو في صالحكم أيضا.

دعوني أكن واضحا، لن تتراجع أمريكا حتى ينتهي الإرهاب. وسنعمل بلا كلل إلى جانبكم لهزيمة "تنظيم الدولة" والقاعدة، والجهاديين الآخرين الذين يهددون أمننا وأمنكم. وقد اتخذ الرئيس "ترامب" قرارا بإعادة قواتنا إلى الوطن من سوريا كما نفعل دائما ولكن هذا ليس تغييرا في المهمة، فنحن لا نزال ملتزمين بالتفكيك الكامل لـ "تنظيم الدولة"، والقتال المستمر ضد الإسلام الراديكالي بكافة أشكاله. ولكن كما قال الرئيس "ترامب"، نحن نتطلع إلى قيام شركائنا بعمل المزيد، وسنقوم بذلك سويا.

ومن جانبنا، ستستمر الضربات الجوية في المنطقة مع ظهور الأهداف. وسوف نستمر في العمل مع شركائنا في الائتلاف من أجل هزيمة "تنظيم الدولة". وسنواصل تعقب الإرهابيين الذين يبحثون عن ملاذات آمنة في ليبيا واليمن. وندعم بقوة جهود مصر لتدمير التنظيم في سيناء. وندعم بقوة جهود (إسرائيل) لمنع طهران من تحويل سوريا إلى لبنان جديدة.

ومع استمرار القتال، سنواصل مساعدة شركائنا في الجهود المبذولة لحماية الحدود وملاحقة الإرهابيين، مع مساعدة اللاجئين وغير ذلك. لكن "المساعدة" هي العبارة الغالبة. نطلب من كل دولة محبة للسلام في الشرق الأوسط تحمل مسؤوليات جديدة لهزيمة "التطرف الإسلامي" أينما وجدناه.

ومن المهم أن نعرف أيضا أننا لن نخفف حملتنا للتصدي للنفوذ الإيراني والتحركات السيئة ضد هذه المنطقة والعالم. ولن تتمتع دول الشرق الأوسط بالأمن أو تحقيق الاستقرار الاقتصادي أو تحقيق أحلام شعبها إذا استمر النظام الثوري الإيراني في مساره الحالي.

وسيوافق 11 فبراير/شباط مرور 40 عاما على وصول النظام القمعي إلى السلطة في طهران. وتعد العقوبات الاقتصادية الأمريكية ضد النظام الإيراني الأقوى في التاريخ، وستظل تتصاعد في الصعوبة حتى تبدأ إيران في التصرف كدولة عادية. ولا تزال المطالب الـ 12 التي ذكرناها في مايو/أيار سارية، لأن تهديد نظام الملالي للمنطقة لا يزال قائما.

وفي سوريا، ستستخدم الولايات المتحدة الدبلوماسية والعمل مع شركائنا لطرد كل حذاء إيراني، والعمل من خلال العملية التي تقودها الأمم المتحدة لإحلال السلام والاستقرار للشعب السوري الذي طالت معاناته. ولن تكون هناك مساعدات أمريكية لإعادة إعمار مناطق سورية يسيطر عليها "الأسد"، حتى تنسحب إيران وقواتها بالوكالة، وحتى نرى تقدما لا رجعة فيه نحو حل سياسي.

وفي لبنان، ستعمل الولايات المتحدة على الحد من تهديد ترسانة حزب الله الصاروخية، التي تستهدف (إسرائيل) وقد تصل إلى جميع النقاط داخل ذلك البلد. وتعد العديد من هذه الصواريخ مجهزة بأنظمة توجيه مسبقة، قادمة من إيران، وهذا غير مقبول. قد تعتقد إيران أنها تملك لبنان. لكن إيران مخطئة.

وفي العراق، ستساعد الولايات المتحدة شركاءنا في بناء دولة خالية من النفوذ الإيراني. وفي مايو/أيار الماضي، رفض العراقيون الطائفية في الانتخابات الوطنية، وسندعم ذلك بكل إخلاص. وقد رفض الشعب هناك أن يتم تقويضهم بالبلطجة والمجموعات المسلحة المدعومة من إيران. وقد عزز العراقيون العلاقات مع جيرانهم العرب، واستأنفوا التعاون السلمي بين الإقليم الكردي وبغداد، وجددوا تركيزهم على محاربة الفساد.

وفي اليمن، سنواصل العمل من أجل سلام دائم.

وأعتقد أن هذا واضح، ولكن الأمر يستحق التأكيد. وتؤيد الولايات المتحدة بالكامل حق (إسرائيل) في الدفاع عن نفسها ضد المغامرة العدوانية للنظام الإيراني. وسنواصل ضمان امتلاك (إسرائيل) القدرة العسكرية على القيام بذلك بشكل حاسم.

وستواصل إدارة "ترامب" الضغط من أجل التوصل إلى سلام حقيقي ودائم بين (إسرائيل) والفلسطينيين. ومرة أخرى، لقد التزمنا بكلمتنا، لقد قام الرئيس "ترامب" بتنفيذ وعده بالاعتراف بالقدس، مقر الحكومة الإسرائيلية، كعاصمة للبلاد. وفي شهر مايو/أيار، قمنا بنقل سفارتنا إلى هناك. وتنفذ هذه الإجراءات قرارا من الحزبين، الجمهوري والديمقراطي، من أكثر من عقدين من الزمان. لقد تصرف الرئيس "ترامب" وفق هذا الالتزام.

وتعمل الولايات المتحدة أيضا على الحفاظ على علاقاتنا الثنائية قوية. وخلال الأيام القليلة القادمة، سأجري مناقشات متعمقة مع قادة البحرين والإمارات وقطر والسعودية وسلطنة عمان والكويت. وسوف نتحدث عن أهدافنا المشتركة، مثلما فعلت في الأردن والعراق هذا الأسبوع، وكما فعلت اليوم مع الرئيس "السيسي" ووزير الخارجية "شكري".

دعم السيسي

وبينما نسعى إلى شراكة أقوى مع مصر، فإننا نشجع الرئيس "السيسي" على إطلاق العنان للطاقة الإبداعية لشعب مصر، وعدم الاكتفاء بالاقتصاد الحالي، وتشجيع تبادل الأفكار بحرية وانفتاح.

وأشيد أيضا بالجهود التي يبذلها الرئيس "السيسي" لتعزيز الحرية الدينية، التي تمثل مثالا لجميع قادة وشعوب الشرق الأوسط. لقد كنت سعيدا برؤية مواطنينا، الذين تمت إدانتهم خطئا بالعمل لصالح منظمات غير حكومية، يتم تبرئتهم في النهاية. ونحن نؤيد بقوة مبادرة الرئيس "السيسي" لتعديل القانون المصري بحيث لا يحدث هذا مرة أخرى. ولا بد من القيام بمزيد من العمل لتحقيق أقصى إمكانات الأمة المصرية وشعبها. أنا سعيد لأن أمريكا سوف تكون شريكا في هذه الجهود.

اسمحوا لي أن أختم هنا باثنتين من الأفكار النهائية.

أولا، ليس من السهل التعرف على الحقيقة. لكن عندما نراها، يجب أن نتحدث عنها. لقد تعرضت أمريكا لانتقادات بسبب قيامها بالكثير في الشرق الأوسط، وقد تعرضنا لانتقادات بسبب قيامنا بالقليل جدا. ولكن هناك شيء واحد لم نكنه أبدا، وهو أننا لسنا بناة إمبراطورية أو ظالمين.

انظروا إلى تاريخنا معا. انظروا إلى معاركنا ضد الأعداء المشتركين. انظروا إلى الائتلاف الذي نبنيه. وأخيرا، انظروا حولكم في هذه الجامعة، التي تم تأسيسها منذ قرن قبل الآن. وليس من قبيل المصادفة أن العديد من الجامعات الأمريكية الأخرى مثل هذه تزدهر في جميع أنحاء الشرق الأوسط، من بيروت إلى السليمانية. وهذه هي رموز الخير الأمريكي الفطري، وآمالنا لكم، والمستقبل الأفضل الذي نرغب فيه لجميع دول الشرق الأوسط.

وأحيرا أود أن أشكركم جميعا على حضوركم اليوم، وليبارككم الله جميها. شكرا لكم. (تصفيق)

 

  كلمات مفتاحية

مايك بومبيو الجامعة الأمريكية إدارة ترامب خطاب بومبيو

بومبيو: نسعى لتشكيل تحالف يضم دول الخليج ومصر والأردن