"لا يجوز أن يبدأ الزواج بقرض من البنك لإقامة الزفاف".. بهذه الكلمات لخص الشاب السعودي "مرتضى الأبوي" هدفه من  تأسيس مجموعة "الزواج الميسر" بالمملكة، والتي تقوم على تحدي ثقافة التباهي المجتمعية (الهياط) التي تربط بين فخامة حفل الزفاف ومكانة العائلة.

فطالما كانت حفلات الزفاف في السعودية مناسبات للبذخ الكبير وإظهار المكانة المالية، حتى بلغ الإنفاق عليها، العام الماضي، أكثر من ملياري ريال سعودي (533 مليون دولار)، بحسب ما أعلنه منظمو معرض الزفاف العالمي السعودي، حتى إن الضغوطات الاجتماعية وارتفاع التكاليف والبطالة دفعت الكثير من الشبان إلى تأجيل الزواج حتى بلوغهم سن الأربعين، وفقا لما أوردته صحيفة "سعودي غازيت" في سبتمبر/أيلول الماضي.

لكن حالة التقشف التي فرضت نفسها على السعوديين، مؤخرا، دفعت العديد منهم للتجاوب مع دعوة "الأبوي" لتقليص النفقات، خاصة مع تقليص الحكومة الدعم الذي تموله عائدات النفط.

وتقوم فكرة المجموعة على الاكتفاء بحفلات أعراس بسيطة في المنازل بدلا من استئجار قاعات فخمة تصل تكلفتها إلى 80 ألف ريال (أكثر من 21 ألف دولار)، إضافة إلى التخفف من أعباء المهر والإنفاق على الذهب ومواد التجميل.

طبق "الأبوي" الفكرة على نفسه، ونظم حفل عرسه بتكلفة لم تزد على 9 آلاف ريال فقط، وفقا لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية، التي نوهت إلى أن مهنة الشاب السعودي (سائق أوبر) تشي بتحديه لتقاليد مجتمعية بالية، إذ يعزف الكثير من أقرانه عن مثل هذه المهن.

اعتراض عائلي

لم يكن طريق الفكرة مفروشا بالورود، إذ اعترض أفراد من عائلة "الأبوي" على رغبته، إلى حدّ أنه تعارك مع شقيقه الأكبر الذي كان يخجل من أن يقول الناس عن عائلته أنها فقيرة.

لكن مبادرة الشاب السعودي شقت طريقها، مشترطا عدم دفع مهر وعدم تقديم ذهب وعدم تنظيم حفلة ما بعد الزفاف، وهو ما وافقت عليه عائلته وعائلة العروس بالنهاية.

هذه التجربة دفعت "الأبوي" لإنشاء "الزواج الميسر" في مدينة الأحساء (شرق السعودية)، وهي مجموعة تقدّم استشارات للشبان الراغبين بأن يفعلوا مثله، حتى بدأت إقامة حفلات الزفاف الصغيرة بالمنازل في الانتشار بالمملكة.

انتشار المبادرة

من هؤلاء الذين تفاعلوا مع المبادرة الشاب السعودي "باسل الباني"، الذي حافظ على التقاليد المعروفة بحفل زفافه، من ثوب العروس المطرّز وسيف العريس المزّين، لكنّه لم يدع أكثر من عشرين شخصا إليه، وأقامه في منزل عائلته بمدينة جدة.

وعن تجربته يقول شقيق العريس "معن الباني" إن السعوديين "يدعون عادة مئات الأشخاص وينفقون الملايين في ليلة واحدة لجلب أفضل المغنيين والفرق والأثواب، لكننا أردنا حفلا أصغر حجما في البيت، وهو أمر قد يكون ممتعا أيضا".

وتلقى قضية الاقتصاد في النفقات اهتماما بالصحف المحلية السعودية في ظل عصر اقتصادي جديد بالمملكة عنوانه "التقشف" لمعالجة تباطؤ النمو الاقتصادي، وهو ما دعا إليه الكاتب السعودي "عبدالغني القش" منذ عام 2017.

وسبق لـ "القش" أن نشر مقالا في صحيفة محلية، ندد فيه بالتبذير في الأعراس، وخصوصا في الطعام.

يقول "الأبوي" إن "الشباب السعوديين سيكتشفون جمال البساطة وعدم الإسراف" مع انتشار مبادرته، حتى إنه أبدى ندما على تكلفة عرسه المنزلي قائلا: "عندما تتذكر زوجتي زفافنا تتساءل: لماذا أنفقنا 9000 ريال بدل أن نسافر بهذا المبلغ مثلا".