الصومال: لن نخضع للضغوطات.. وتركيا شريكنا الاستراتيجي الأكبر

الثلاثاء 15 يناير 2019 08:01 ص

شدد وزير الخارجية الصومالي، "أحمد عيسى عوض"، على أن بلاده لن تخضع لأي ضغوطات، مشيرا إلى أن تركيا هي الشريك الاستراتيجي الأكبر للصومال.

وأوضح "عوض" في حوار مع وكالة "الأناضول" أن "الصومال مرت بسنوات كان من الصعب عليها تبني قرار سياسي ما، نتيجة عدم اعتراف بعض الدول وبينها غربية، بها كدولة قائمة بذاتها بشكل رسمي".

واستدرك بالقول: "غير أن ذاك الزمن ولىّ، وبات للصومال اليوم تمثيل دبلوماسي في العديد من البلدان الأوروبية والأمريكية".

وشدد الوزير الصومالي على أهمية احترام سيادة بلاده، وعدم التدخل في شؤونها عند إبداء مواقفها وقراراتها السياسية المبنية على مصالح شعبها، خصوصا أن الصومال لا يزال في طور التشكل لاستعادة مكانته بين المجموعة الدولية. 

وبخصوص موقف الصومال من المستجدات السياسية بالشرق الأوسط، اعتبر "عوض" أن الموقف من التحالفات التي تتشكل بالمنطقة نتيجة التغيرات السياسية المتسارعة، خصوصا تلك التي تؤثر على بلاده، مبنية على سياق تبادل المنفعة وليس على مصلحة دول بحد ذاتها. 

أما في ما يتعلق بالأزمة الخليجية الحالية، فشدد "عوض" على أن بلاده "لا تريد أصلا أن تكون طرفا في خلافات بين دول شقيقة، ولهذا اتخذت موقفاً محايدا كونها تتمتع بعلاقات وطيدة مع تلك البلدان".

وكشف الوزير الصومالي أن بلاده واجهت "ضغوطا سياسية"، وبعض الأزمات من قبل دول لم يسمها بسبب موقفها المحايد بشأن الأزمة الخليجية. 

وشدد على أن "هذه الضغوطات لن تثني بلاده عن التمسك بموقفها المبدئي"، معتبرا أن "هذا الموقف لن يؤثر بعلاقة بلاده مع تلك الدول".

وحول جدوى انضمام الصومال إلى المبادرة السعودية بتشكيل كيان يضم دولا متشاطئة على البحر الأحمر وخليج عدن، رأى "عوض" أن انضمام بلاده للتحالفات الجديدة بالمنطقة من شأنه حماية مصالحها.

ولفت إلى أن أهمية الانضمام إلى تحالف "دول البحر الأحمر وخليج عدن" الذي أعلن عن تشكله مؤخرا يأتي من منطلق أهمية الموقع الجغرافي والاستراتيجي للصومال، الرابط بين الخليج والبحر المذكورين. 

وفي 12 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أعلن عن تشكيل التحالف الذي ضم البلدان العربية الـ7 المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، وهي السعودية ومصر والصومال والسودان وجيبوتي والأردن واليمن. 

وبشأن أهداف التحالف من وجهة نظر بلاده، قال "عوض" إنه "يهدف إلى إيجاد رؤية سياسية أمنية واقتصادية تساهم في تناغم هذه المنطقة الحساسة، لمواجهة أي قوى خارجية ترنو للعب دور سلبي". 

العلاقات مع السعودية والإمارات

أما بالنسبة للعلاقات بين بلاده والإمارات، فاعتبر "عوض" أنها "ليست بالمستوى المطلوب".

لكنه استدرك بالقول إن "هناك تحسنا فيها مقارنة بما كانت عليه منذ اندلاع الأزمة السياسية بين البلدين منتصف 2018".

وأعرب "عوض" عن ثقته بأن "العلاقات بين البلدين ستعود وبقوة إلى ما كانت عليه سابقاً في إطار التعاون الأخوي".

وظهرت المشكلة بين الصومال والإمارات في أبريل/نيسان 2018 حين اتهمت الأخيرة السلطات الأمنية الصومالية باحتجاز طائرة مدنية خاصة مسجلة في الإمارات في مطار مقديشو الدولي، وعلى متنها 47 شخصاً مما يسمى "قوات الواجب الإماراتية" ومصادرة أموال كانت عليها، وتطور الأمر الى تصاعد في التصريحات والمواقف.

ومتطرقا إلى موقف الصومال في قضية مقتل الصحفي السعودي "جمال خاشقجي"، قال "عوض" إن بلاده لم تعرب عن تأييدها لحادثة مقتل الصحفي بإسطنبول، وإنما أبدت دعمها ووقوفها إلى جانب السعودية لاحترام سيادتها وعدم التدخل بشؤونها الداخلية. 

وأوضح حديثه بالقول: "الصومال أعرب عن أسفه للحادثة تماما كما فعل العالم بأسره، لكن تصريحات بعض الجهات والدول تثير مخاوف وتهدد استقرار وسيادة السعودية".

وأشار إلى أنه من "غير المقبول أصلا التدخل بشؤون الآخرين بذريعة قضية ما ربما يمكن علاجها بطرق شتى وعبر أساليب أخرى لا تنتقص من سيادة دولة ذات ثقل سياسي واستراتيجي بالشرق الأوسط".

 تركيا والقرن الأفريقي

أما بخصوص العلاقات الصومالية التركية، فوصفها "عوض" بـ"القوية، بل تصل إلى مرحلة التعاون في مجالات عديدة".

واعتبر أن "دور تركيا الدؤوب في دعم الصومال ساهم في ارتقاء تلك العلاقات إلى مرحلة تعاون مثمر في شتى المجالات".

ووفقا لـ"عوض"، فإن "الدعم التركي لم يقتصر على داخل البلاد، بل تعداه إلى المحافل الدولية للوقوف إلى جانب الشعب الصومالي ودعمه في المواقف التي قد تؤثر سلبا على بلادنا، وهذا ما يجعل من تركيا الشريك الاستراتيجي الأكبر للصومال".

وفيما يخص دور الصومال في المستجدات الأخيرة التي تشهدها منطقة القرن الأفريقي من حيث التعاون الثلاثي بينها مع إريتريا وإثيوبيا، أوضح الوزير أن "المنطقة شهدت، العام الماضي، تحولا إيجابيا كبيرا بعد أن كانت مرتعا للخلافات والصراعات التي أودت بحياة كثيرين من أبناء المنطقة".

وتابع أن "زعماء الدول الثلاثة غيروا مسار المنطقة التي وُصم اسمها بالتخلف، من خلال تشكيل هذا التعاون الثلاثي، وفتح صفحة جديدة من العلاقات لمواكبة المجتمعات المتقدمة". 

وأشار إلى أن "الصومال تلعب دورا بارزا في تحقيق هذا التعاون الذي قد يعود بالنفع على مجتمعات البلدان الثلاثة".

وفي معرض حديثه عن موقف مقديشو من غياب جيبوتي عن التعاون الثلاثي بين الصومال وإريتريا وإثيوبيا، رأى "عوض" أن "تشكيل أي تحالف إقليمي ينطلق من دول أو مجموعة دول تُدعى الدول المؤسسة، ثم يتوسع هذا الكيان ليشمل دولاً عدة، ما يعني أن التحالف الثلاثي بالقرن الأفريقي من الممكن أن يشمل دول المنطقة ولا يستثني دولة بعينها".

ووصف الوزير العلاقات بين الصومال وجيبوتي بـ"المتجذرة والأصيلة"، مشددا على أن "اختلاف الرؤى لا يعني وقوع شرخ في العلاقات التي تفوق الجانب السياسي لتصل إلى علاقة الدم والمصاهرة".

وعما يجري تداوله بشأن وجود اتفاقيات تمنح إثيوبيا حق استغلال موانئ الصومال، نفى الوزير وجود اتفاقية موانئ بين البلدين، معتبرا تلك الأنباء مجرد "شائعات" للتأثير على الرأي العام الصومالي. 

فيما لم يستبعد الوزير -رغم ذلك- وجود تعاون وانفتاح بين البلدين في مجالات مختلفة. 

وفي رده عن سؤال حول ما إن كان التعاون سيساهم بوقف تدخلات الدول الأجنبية في السياسة الصومالية، أشار "عوض" إلى أن التقارب بين الدول، وتبني رؤية سياسية واحدة، ووضع الخلافات جانبا، يساهم - بلا شك- في وقف التدخلات بشؤون الآخرين".

ومستطردا: "كما أن هذا التعاون يعزز الجهود الأمنية بين الدول لدحر الإرهابيين بالمنطقة"، في إشارة إلى حركة "الشباب".

افتتاح السفارة الأمريكية

وتعليقا على توقيت إعلان واشنطن فتح سفارتها بالصومال بعد 27 عاما من الغياب، قال "عوض": "بعد اعتراف الولايات المتحدة بالصومال عام 2013، اتخذت العلاقات الثنائية مسارا جديدا يصل حد التعاون في مجالات مختلفة".

وخلص إلى أن "إعلان واشنطن، مؤخرا، فتح سفارتها في هذا التوقيت وبكلفة 300 مليون دولار، دليل على مدى التقدم السياسي والأمني الذي أحرزته الصومال في السنوات الماضية".

وعما إن كان هناك علاقة بين عودة التمثيل الدبلوماسي الأمريكي وانحسار خطر الإرهابيين، أضاف: "بالضبط، فالأمن هو أساس عودة السفارات للصومال".

ولفت إلى أن واشنطن تدعم بلاده في محاربة الإرهابيين، من خلال وجود وحدات من القوات الأمريكية بالبلاد.

أما بخصوص الأزمة الأخيرة بين الحكومة الصومالية والمبعوث الأممي الخاص "نيوكلاس هايسوم"، والتي أدت إلى اعتبار الأخير شخصا غير مرغوب فيه بالبلاد، شدد "عوض" على أن الصومال "دولة ذات سيادة، وترفض التدخل بشؤونها مهما كانت المبررات".

وأوضح أن "هايسوم تصرف بشكل لا يليق بسيادة بلادنا بعيدا عن صلاحياته والمهام المنوطة به".

وتابع أن السبب في الموقف التي يتحدث عنه هو رسالة لا تبدو مناسبة تلقاها وزير الأمن الصومالي من المبعوث الأممي، وصيغت وكأن الوزير تحت إمرة "هايسوم"، وهذا مرفوض ويعد "تعديا صارخا على سيادة بلادنا".

كما أن المبعوث الأممي، وفق الوزير، "طلب توضيحات حول سبب اعتقال إرهابي معروف (أراد الترشح للانتخابات المحلية)، وهذا ليس من شأنه، فالحكومة الصومالية هي من تقرر بهذا الصدد".

  كلمات مفتاحية

القرن الأفريقي الصومال تركيا الأزمة الخليجية حصار قطر

كتاب سعوديون يهاجمون الصومال لرفضها إدانة نبع السلام

ماذا وراء دعوة الصومال تركيا للتنقيب عن النفط والغاز في سواحلها؟