التاريخ مليء بالعمليات الطبية التي يمكننا اعتبارها فنا أكثر منها علوما، مثل هذا المنظر المدهش الذي وجده الأطباء في قرنية عين امرأة، جعلها تشبه البيتزا المقطعة.

كانت المريضة البالغة من العمر 41 عاما، قد جاءت لعيادة العيون، وتعد هذه الشقوق الموجودة في قرنيتها، آثار عملية قديمة لم يعد أحد يخاطر بالقيام بها بعد الآن، مما يجعل من عينها الآن جوهرة طبية تزيد ندرة يوما بعد يوم.

تعرف العملية بتقطيع القرنية الشعاعي لتغيير شكل القرنية، ليغير طريقة انكسار الضوء بطريقة تهدف إلى تصحيح قصر النظر، وتعطينا لمحة عن حقبة جراحة العيون قبل أن يدخل الليزر.

الطريقة التي اكتشف بها طبيب العيون الروسي الرائد "سفياتوسلاف فيودوروف"، هذه الطريقة، حدثت بشكل أسطوري، حيث حكى عن لقائه بصبي صغير عانى من تمزقات في عينه عندما حطمت لكمة نظارته، وبعد نزع الزجاج، تابع الجراح عين الطفل بشكل دقيق، ولاحظ أن العين لم تشف قط، ولكن رؤيته تحسنت بشكل كبير.

ألهم هذا الحدث الجراح، بأن يحاكي التقطيع الموجود في عين الصبي لابتكار عملية لتصحيح البصر، وأصبح في السبعينات وسيلة شائعة نسبيا لتصحيح قصر النظر، مما سمح للملايين بالتخلص من نظاراتهم.

ومع زيادة شعبيته، لم يكن هناك اهتمام كافي بنتائجه، وظهرت تقارير تظهر مخاطر متزايدة من العدوى والانثقاب، كانت النتائج غير متناسقة وغير مستقرة، وقد وجد الكثيرون ممن كانوا يعانون قصر النظر أنهم أصبحوا بعيدي النظر.

كان هذا هو الحال مع هذا المريضة، التي كان نظرها يتدهور ببطء منذ أن خضعت لهذه الجراحة، وعندما فحصها الأطباء ذهلوا وهم يرون خطوط العملية المميزة.

لم يكن هناك الكثير مما يمكن للأطباء عمله إزاءها، بصرف النظر عن تزويدها بوصفة أكثر ملائمة ونصحها بأهمية ارتداء حماية للعين، والخبر السار هو أن تدهور طول نظرها قد توقف.

اليوم، تجاوزت جراحة الليزر عمليات تقطيع القرنية الشعاعية كوسيلة شعبية للعلاج التصحيحي، وعلى الرغم من أنها لا تخلو من مخاطرها الخاصة، فإن نجاحها لا يعتمد على البراعة الفنية للجراح.

قد يتلاشى جيل "فيودوروف" من العيون المقطوعة يوما ما، ولكن يمكن اعتبار عمله فصلا مهما في كتب التاريخ الطبي.