نجل السيسي يقود اجتماعات المخابرات لتمديد رئاسة والده

الأحد 17 فبراير 2019 11:02 ص

أكدت صحيفة "نيويورك تايمز" أن "محمود" نجل الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" يقعد منذ أشهر، اجتماعات يومية بالمخابرات العامة لتنسيق خطط تعديل الدستور لصالح تمديد ولاية أبيه.

ونقلت الصحيفة الأمريكية عن موقع "مدى مصر" (مستقل) أن "محمود" ضابط كبير في الجهاز الذي يمثل أحد أضلاع مثلث أجهزة الأمن القومي في مصر، مشيرة إلى أن الدبلوماسيين الغربيين في القاهرة يقولون إن الحكومة تبدو مصرة على تمرير التعديلات بسرعة وهدوء.

وأضافت أن البرلمان المصري صادق، الخميس الماضي، على إجراءات يمكن أن تسمح لـ"السيسي" بأن يمدد حكمه حتى عام 2034، ما يعزز من حكمه الاستبدادي عبر استفتاء، ينظر إليه باعتباره مضمون النتيجة، سيجرى خلال 3 أشهر على الأرجح.

أكدت الصحيفة رسميا ما أصبح واضحا للكثير من المصريين لسنوات، حيث تحولت نشوة الإطاحة بالرئيس المصري المخلوع "حسني مبارك" عام 2011 إلى كابوس بصيغة أشد من حكم الفرد تحت قيادة زعيم يسعى إلى الحكم لعقود، وربما مدى الحياة.

وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن احتضان واشنطن المطلق لـ"السيسي"، شجعه ليتصرف دون خوف من معارضة الولايات المتحدة، مشيرة إلى أن الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" وصفه بـ"الرجل الرائع".

ونوهت "نيويورك تايمز" إلى تغريدة نشرها المعارض المصري "محمد البرادعي" الأسبوع الماضي، جاء فيها: "مشروع تعديل الدستور المصري يتكشف وبسرعة قصوى.. ربيع عربي معاكس".

تدخل عسكري

وستسمح التغييرات المقترحة لـ "السيسي"، الذي يفترض أن تنتهي فترة رئاسته الثانية في 2022، بالترشح لفترتين إضافيتين كل منهما 6 سنوات، ما سيهدم ضمانات دستورية تم إدخالها في الدستور عام 2014، بعد سنة من صعود "السيسي" إلى السلطة عبر انقلاب عسكري.

وبموجب التعديلات، ستكون لـ"السيسي" سلطة تعيين القضاة والنائب العام، في الوقت الذي ستسحب فيه من كبار القضاة إمكانية مراجعة مسودات القوانين، فيما سيتحكم الجيش، الذي ستعلنه التعديلات "وصيا وحاميا" للدستور، في تعيين وزير الدفاع.

وتذكر الصحيفة الأمريكية أن 484 عضوا بالبرلمان المصري وافقوا على التعديلات من 596، ما سيبدأ عملية حوار يتوقع أن تقود إلى تصويت ثان خلال شهرين من الآن، على أن يتم تمريره عبر إجراء استفتاء خلال شهر، وربما قبل بداية شهر رمضان في مايو/أيار المقبل.

ويلفت التقرير إلى أن 10 منظمات حقوقية مصرية حذرت من أن التعديلات ستسمح للرئيس المصري بأن "يحتفظ بالسلطة مدى الحياة، ويمارس حكما فرديا غير مسبوق".

تعهد سابق

وكان "السيسي" قد أعلن، في مقابلة أجراها مع شبكة "سي إن بي سي" الأمريكية في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، أنه لن يسعى لتمديد رئاسته، قائلا: "لن نتدخل"، في إشارة إلى الدستور.

ويزعم المؤيدون للرئيس المصري أنه يحتاج لتمديد حكمه من أجل تطبيق إصلاحاته الاقتصادية، وجلب الاستقرار إلى البلاد بعد الفوضى التي جاء بها الربيع العربي عام 2011.

 وعادة ما يشير "السيسي" في خطاباته إلى الفوضى في ليبيا وسوريا واليمن، كونها أمثلة على ما يمكن أن يؤول إليه حال مصر.

لكن ثمن الاستقرار في مصر كان كبيرا من ناحية الحريات المدنية وحقوق الإنسان، إذ يرزح عشرات الآلاف من المعارضين في السجون، إضافة إلى حجب المئات من مواقع الإنترنت، وسقوط الإعلام بكامله تقريبا تحت سيطرة الحكومة، وانتشار التعذيب في السجون المصرية، بحسب تقارير حقوقية.

دعم الحلفاء

وبالرغم من هذه الانتهاكات، إلا أن "السيسي" لا يزال يحظى بدعم قوي من الزعماء العرب والغربيين، الذين يرونه حصنا ضد ما يسمونه "التطرف الإسلامي"، وهو الدعم الذي عبر عنه وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو" خلال زيارته الأخيرة للقاهرة في يناير/كانون الثاني الماضي، حيث أشاد كثيرا بالرئيس المصري.

ويشير التقرير إلى أن الرئيس الفرنسي قام مؤخرا بزيارة القاهرة لتوقيع صفقات أسلحة، كآخر دولة أوروبية تستغل شهية مصر لشراء أسلحة بمليارات الدولارات.

وفي الوقت الذي صوت فيه نواب البرلمان المصري لقبول التعديلات الدستورية كان "السيسي" في ميونيخ لحضور المؤتمر الأمني العالمي، بينما تناولت وسائل الإعلام المحلية التعديلات بشكل عابر، حيث توقف البث الحي لجلسات البرلمان منذ عام 2017.

 وبحسب الصحيفة الأمريكية فقد تلقى نواب المعارضة بالبرلمان المصري تحذيرات من تصعيد انتقادهم العلني للتعديلات الدستورية، وإلا فسيضعون أنفسهم موضع مساءلة.

النائب "هيثم الحريري" أحد هؤلاء القلائل الذين عارضوا هذه التعديلات علنا، وقال أمام البرلمان، الأربعاء الماضي: "إنكم (بهذه التعديلات) تنتهكون جوهر الدستور وتنتهكون كرامة المصريين"، مضيفا: "معظم الناس يحترمون القوات المسلحة ويحبونها.. لكنني أرفض أن تدخل المجال السياسي".

مبرر التسرع

ونقلت "نيويورك تايمز" عن "أندرو ميلر" من مشروع ديمقراطية الشرق الأوسط، (منظمة غير حزبية في واشنطن) أن "السيسي" يبدو متسرعا في تمرير التعديلات تأثرا بتقلبات السياسة الأمريكية، مشيرا إلى أن التحقيقات التي يجريها المحقق الخاص "روبرت مولر" حول دور روسيا في التدخل بانتخابات الرئاسة الأمريكية الأخيرة لصالح "ترامب" تفرض ثقلها على إدارة الرئيس الأمريكي.

ويرى "ميلر" أن "السيسي" يعتبر "اللحظة مناسبة للقيام بتحركه المثير للخلاف بدعم كامل وغير مقيد من جانب "ترامب".

واختتمت الصحيفة الأمريكية تقريرها بالإشارة إلى قول "مايكل بيج"، من منظمة "هيومان رايتس ووتش" الحقوقية: "يشجع حكومة السيسي استمرار صمت حلفائها.. وإن كانت أمريكا وبريطانيا وفرنسا تريد تجنب نتائج مزعزعة للاستقرار وتعزيز الحكم الاستبدادي في مصر، فإنه يجب عليها التصرف الآن".

  كلمات مفتاحية

عبدالفتاح السيسي مصر حسني مبارك محمد البرادعي ليبيا سوريا الربيع العربي مايك بومبيو القاهرة هيثم الحريري

فضيحة للحكم.. هزيمة حفيد السيسي في بطولة عربية للجودو تثير جدلا