هل بدأ العالم يضيق ذرعا بـ«إسرائيل»؟

الأحد 10 مايو 2015 02:05 ص

مع قبول المحكمة الجنائية الدولية فلسطين عضواً فيها، وموافقتها على التحقيق في جرائم الحرب التي يُحتمل أن تكون «إسرائيل» قد ارتكبتها أثناء قصفها الوحشي لقطاع غزة في الصيف الماضي، تنتاب رئيسَ القتلة «الإسرائيلي»، بنيامين نتنياهو، نوبات من الغضب.

وقد أدانت دميتُه الطيِّعة - وهي الحكومةُ الأمريكية - قراراتِ المحكمة، وصدرت عنه التصريحات المستهجنة التالية:

- «من المنافي للعقل، أن تقوم المحكمة الجنائية الدولية، بملاحقة «إسرائيل»، التي تراعي أعلى معايير القانون الدولي.إن أفعالنا تخضع لمراجعة مستمرة ومتأنية من قبل النظام القانوني «الإسرائيلي» المشهور عالمياً، والمستقل بصورة مطلقة».- لكنَّ هذا القرار، أشدُّ منافاةً للعقل، بالنظر إلى أن «اسرائيل» تدافع عن نفسها شرعياً ضدَّ الإرهابيين الفلسطينيين، الذين يرتكبون جرائم حرب متعددة، بصورة روتينية.

ويتعمدون إطلاق آلاف الصواريخ على المدنيين لدينا، بينما يختبئون وراء مدنيين فلسطينيين يستخدمونهم درْوعاً بشرية».-«إنَّ ديمقراطية «إسرائيل»، الرائدة في محاربة الإرهاب، هي التي يُراد جلبها إلى قفص الاتهام في لاهاي، في حين أن مجرمي الحرب الإرهابيين، هم الذين يوجهون الإتهامات».ويمضي الكاتب إلى تفنيد مزاعم نتنياهو وبيان ما فيها من ثغرات.يُعقِّب على قول نتنياهو، «إن «اسرائيل» تراعي أعلى معايير القانون الدولي»..

قائلاً: أليس ذلك طريفاً؟ إن القانون الدولي يمنع نقل مواطني الدولة المحتلة إلى داخل الدولة التي جرى احتلالها.

وقد نقلت «إسرائيل» أكثر من 500 ألف «إسرائيلي» إلى داخل الأراضي الفلسطينية، وقال نتنياهو، إن أياً منهم لن يرحل عنها أبداً.

وأثناء الهجوم البربري على غزة في الصيف الماضي، تمّ استهداف مرْكبات الصحافة، والمدارس، والمستشفيات، والمساجد والمساكن الخاصة، وكل ذلك محظور في القانون الدولي.

يقول نتنياهو، «إن أفعالنا تخضع لمراجعة..إلخ».إنّ الثعلب، عندما يحتج على أفعال صاحب المزرعة ضدّه بعد أن يُغير على قنّ الدجاج، ربما يقول الكلام ذاته.

فكثيراً ما نقرأ، بعد كل فعلة قبيحة ترتكبها «إسرائيل»، أنها سوف «تجري تحقيقاً» ولكن من النادر جدّاً أن نقرأ عن نتائج مثل تلك التحقيقات، وعندما نفعل، نجد أن الجاني قد بُرِّئت ساحتُه.

ويقول نتنياهو، «إن «إسرائيل» تدافع عن نفسها شرعياً..».إلخ...

وغني عن القول، إنه ليس هنالك «دفاع» شرعي يقوم به المحتل ضدَّ الطرف الذي تمّ احتلاله..فالشعب الخاضع للاحتلال، يملك الحق في مقاومة قوات الاحتلال.

وإذا كان الفلسطينيون قد ارتكبوا جرائم حرب، فإن بوسع «إسرائيل» أن ترفع اتهاماتها لهم إلى المحكمة الجنائية الدولية (ويعني ذلك بطبيعة الحال، الانضمام فعلياً إلى تلك المحكمة).لقد ذكر الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أنه سوف يتعاون مع أي تحقيق من هذا النوع، تعاوناً تاماً.أمّا نتنياهو، فقد قال إنه لن يتعاون على الإطلاق.

وفي تصريحه الغريب، يطرح نتنياهو الفرية الممجوجة ذاتها، التي تزعم أن مقاتلي المقاومة الفلسطينية، «يختبئون وراء مدنيين فلسطينيين، ويستخدمونهم دروعاً بشرية».ليس هنالك دليل يثبت هذا الزعم، بينما توجد أدلة وفيرة، وبعضها مصور بالفيديو، على استخدام إرهابيي القوات «الإسرائيلية»، أطفالاً فلسطينيين كدروع بشرية..

فما معنى قول نتنياهو عن «مراعاة أعلى معايير القانون الدولي»؟ وأخيراً، يشير نتنياهو إلى «ديمقراطية» «إسرائيل».حسناً، إنها أغرب الديمقراطيات في العالم، حيث يتم منح جميع «الإسرائيليين» حقوقاً متساوية، بينما يُحرَم الفلسطينيون والأشخاص من أصول إفريقية، من تلك الحقوق.وهذا صِنوُ التمييز العنصري.

كما يصف نتنياهو «إسرائيل» بأنها «رائدة في محاربة الإرهاب».إن الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة يتعرضون يومياً لمداهمات ليلية، يمكن أن تُنهَب بيوتهم خلالها، وتُسرَق ممتلكاتهم، ويُعتقل أيٌّ منهم بصرف النظر عن عمره، بمن في ذلك الأطفال - من دون توجيه اتهام.

كما تمضي «إسرائيل» في هدم المنازل بالجرافات، ورش المدارس بسوائل مؤذية، ومنع المحتاجين الى العلاج  من الحصول عليه.

فإذا لم يكن ذلك إرهاباً، فما هو إذاً؟ إن التصريحات التي أدلى بها نتنياهو في ما يتعلق بالمحكمة الجنائية الدولية، محض أكاذيب يأمل في أن يصدّقها العالم، وهو في حقيقة الأمر، يحتاج إلى أن يصدِّقها العالم، لكي تتمكن «إسرائيل» من الاستمرار في إبادتها الجماعية التدريجية للفلسطينيين.والولايات المتحدة، كما هو متوقع منها، أيدت رأي نتنياهو ذاته. ومثل نتنياهو، عمدت إلى عزف اللحن القديم، لحن «المفاوضات»، سبيلاً لإقامة الدولة الفلسطينية.

والأمم المتحدة تعترف بأن حدود فلسطين، هي التي كانت قائمة قبل 1967.

ولذلك، ليس ثمة ما يُتفاوض عليه؛ ولو كانت"اسرائيل"، كما يزعم نتنياهو، تراعي أعلى معايير القانون الدولي، فلماذا اختارت أن تتجاهل هذا المعيار؟ ولماذا لا تنسحب إلى حدودها المعترف بها دولياً؟ السبب بسيط؛ وهو أن «إسرائيل» دولة الفصل العنصري، غير معنية بالتفاوض على أي شيء مع الفلسطينيين؛ بل تريد ببساطة أن تبتلع أرض فلسطين، وتدمر ثقافتها، وتقتل شعبها.

ولكن العالم الآن، يعترف بصورة متزايدة، بأن حق تقرير المصير، الأساسي، هو أحد الحقوق التي حُرم منها الشعب الفلسطيني منذ أمدٍ بعيد، وهو يستحقها منذ ذلك الأمد. والأكاذيب التي تطلق بصفاقة لا تخفي الحقائق.

صحيح أنها قد تبطئ سير التقدم، ولكنه لن توقفه،فالعالم، فيما يبدو، قد بدأ يضيق ذرعاً بـ«إسرائيل».

* روبرت فانتينا كاتب وصحفي أمريكي، مؤلف كتاب «إمبراطورية عنصرية وإبادة جماعية»

  كلمات مفتاحية

فلسطين العالم «إسرائيل» المحكمة الجنائية الدولية الإدارة الأمريكية جرائم الحرب غزة

عوائد (إسرائيل) الاقتصادية من الثورات المضادة

تحالفات المنطقة بعيون إسرائيلية

نصف الأمريكيين يرغبون في دعم (إسرائيل) حتى لو تباينت مصالحها مع مصالح بلادهم!

يديعوت: عداء أنظمة عربية للإسلاميين فرصة تاريخية ونافذة مفتوحة أمام (إسرائيل)

إسرائيل خارج اللعبة: استخفاف بالأوروبيين و«أوباما» حتى نشأ واقع خطر

شمس (إسرائيل) التي تأفل

الكيان الصهيوني يزداد عزلة وضعفا