لوب لوج: أوروبا تغض الطرف عن قمع السيسي بقمة شرم الشيخ

الجمعة 1 مارس 2019 06:03 ص

في واحدة من أجمل الأماكن في العالم، حضر قادة الاتحاد الأوروبي اجتماعًا رفيع المستوى مع الجامعة العربية بدعوة من الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" لمناقشة الهجرة والأمن والإرهاب.

عقد الاجتماع بشرم الشيخ في سيناء، وهي منتجع على البحر الأحمر تعرف باسم مدينة السلام لاستضافتها العديد من مؤتمرات السلام الدولية، لكن مدينة السلام الآن أصبحت مدينة أشباح تقريبا في ظل نظام "السيسي"، كما أصبحت شبه جزيرة سيناء بمثابة قاعدة عسكرية.

وشهدت سيناء فظائع تفوق الخيال، فهي معزولة من قبل الجيش منذ الثورة المصرية في عام 2011، ويعيش أهالي سيناء في خوف دائم من الغارات الجوية التي تدمر منازلهم وسبل عيشهم.

في الشمال تقع مدينة رفح حيث تم إجلاء السكان بالقوة، وطردت آلاف العائلات من منازلها في حين قصف الجيش، مع حلفائه الإسرائيليين، المدينة لتصبح رمادا وترابا.

وتم تدمير المنازل والمدارس والمستشفيات والطرق والأراضي الزراعية، وقتل كل من تجرأ على البقاء، وتركت الحملات العسكرية في شمال سيناء ما يصل إلى 420 ألف شخص في 4 مدن في حاجة ماسة للمساعدات الإنسانية، بما في ذلك الأدوية والمواد الغذائية، ولا يسمح للهلال الأحمر المصري أو أي منظمة إغاثة أخرى بالدخول، ويحدث كل هذا وسط تعتيم إعلامي.

وأوقف نظام "السيسي" المياه والكهرباء وحظر بيع السلع التجارية مثل البنزين، وقطع الاتصالات لعدة أيام متتالية في شمال سيناء.

وأعطت حالة الطوارئ في شمال سيناء منذ عام 2014 قوات الأمن حرية قمع واحتجاز غير قانوني والقتل مع الإفلات من العقاب.

ولا يُسمح في صحراء سيناء بدخول أي صحفي أو باحث أجنبي أو محلي، وكل من يجرؤ على الكتابة عن الوضع هناك يتم إرساله إلى السجن العسكري، فقد اتهمت محكمة عسكرية الصحفي والباحث "إسماعيل الإسكندراني" بالانتماء إلى منظمة إرهابية وحكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات بسبب التحدّث عن الفظائع المرتكبة في سيناء.

في الماضي، كانت سيناء، خاصة شرم الشيخ، جنة سياحية، وتوافد المصريون على سواحلها ومواقعها للغوص وعلى صحرائها للاستمتاع ببلدهم.

الآن، لا يمكن لسكان سيناء وضع قدمهم خارج شبه الجزيرة دون تصريح أمني وهو أمر نادر الحدوث، والمصريون يمرون بنقاط تفتيش صعبة لدخول سيناء، معظمهم توقفوا عن الذهاب إلى هناك.

قادة الاتحاد الأوروبي الذين توجهوا إلى سيناء لحضور هذا الاجتماع كانوا يقدمون بشكل غير مباشر الشرعية لنظام "السيسي" حتى مع استمرار قوات الأمن في ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.

والأسوأ من ذلك، بالإضافة إلى مناقشاتهم حول الهجرة والأمن، كانوا يتحدثون عن المزيد من صفقات الأسلحة التي من شأنها أن توفر لنظام "السيسي" أدوات القمع التي تنتج عدم الاستقرار وبالتالي المزيد من اللاجئين إلى أوروبا.

سياسات "السيسي" هي أيضاً وصفة لخلق الإرهابيين، المتطرفون العنيفون يتغذون على مظالم الضعفاء، كلما كانت الدولة أكثر عنفاً وقمعية ووحشية، أصبحت أكثر قاعدة تجنيد لهؤلاء المتطرفين.

بالنسبة إلى حاكم عسكري استبدادي مثل "السيسي"، فإن المزيد من "الإرهابيين" على الأرض يمنحه حرية أكبر في تمرير المزيد من القوانين الوحشية وسياسات قمعية أكثر.

بالنسبة للاتحاد الأوروبي، يجب أن يكون هذا سبباً لوقف دعم "السيسي" كوسيلة للحد من الهجرة، وزيادة الأمن، وتقليص عدد الإرهابيين، لكنهم لا يرون الأمر بهذه الطريقة، اختاروا الاعتقاد بأن مصر مستقرة طالما أنها تملأ جيوبهم مع عائدات صفقات الأسلحة المربحة.

وعموما، لم تكن القمة ناجحة، إلا من وجهة نظر "السيسي"، حيث تعاني الجامعة العربية الضعيفة والاتحاد الأوروبي من الانقسامات، الأولى بسبب الاقتتال الداخلي والأخيرة حول قضية اللاجئين، ولم يترك المشاركون القمة بأي نتائج ملموسة أو خطط عمل.

وتعرض الاتحاد الأوروبي لانتقادات قاسية بسبب دعمه لـ"السيسي"، ولكن "السيسي" نفسه استفاد من تمجيد المنافذ الإخبارية المحلية التي تنشر صور له وهو "يقود العالم"، وستأتي أخبار صفقات الأسلحة المرتقبة في المستقبل.

ولم يكن تفوق "السيسي" في نهاية اجتماع القمة الذي رفض فيه انتقادات الاتحاد الأوروبي لسجله الكئيب في مجال حقوق الإنسان، بلا أساس؛ لقد تغاضى قادة الاتحاد الأوروبي عن هذا السجل، بعد أن قبلوا دعوته لمناقشة أمنهم معه، لقد أعطوه بالفعل السلطة التي يحتاجها، إنهم بحاجة إليه، وهو يعرف ذلك الآن، لقد فقدوا النفوذ لانتقاده.

في ملاحظاته الختامية، قال "السيسي" للأوروبيين إن عليهم "ألا يعلمونا إنسانيتنا"، وإن "الأوروبيين والعرب لديهم مفهوم مختلف من الإنسانية، والقيم والأخلاق".

وليس من الواضح أين يكمن الاختلاف، ولكن ربما حان الوقت لتغيير مفردات الطلبات الموجهة إلى "السيسي".

ما يطالب به المصريون هو إنهاء القتل والتعذيب والمحاكمات الجائرة والاختفاء القسري والاعتقالات غير القانونية والتهم المغلفة والإرهاب العام للدولة.

ربما هذا من شأنه أن يتردد صداه بشكل أفضل من قول "حقوق الإنسان".

  كلمات مفتاحية

و.بوست: مقصلة القمع في مصر لا تستثني الأجانب ولا ترحم الأطفال