لهذا السبب تتعامل روسيا مع احتجاجات الجزائر بحذر

الجمعة 15 مارس 2019 04:03 ص

قال موقع "المونيتور" الأمريكي إن روسيا تنظر إلى المظاهرات الحاشدة التي تشهدها الجزائر حاليا، لمطالبة الرئيس "عبدالعزيز بوتفليقة" بالتنحي، على أنها "نسخة متأخرة من الربيع الذي وقع في 2011 بعدة دول عربية".

ولفت إلى أن موسكو تتجنب حتى الآن التدخل، طالما بقيت الأمور في النطاق الجزائري، ودون تدخل فج من قوى دولية أخرى.

وأضاف الموقع، في تقرير كتبه "فاسيلي كوزنيتوف"، مدير مركز الدراسات الإسلامية في معهد البحوث الشرقية بالأكاديمية الروسية للعلوم، أن موسكو تراقب بحذر الوضع في الجزائر، والذي شهد تحولا كبيرا بسبب الاحتجاجات الضخمة ضد العهدة الخامسة للرئيس "بوتفليقة".

 وجذبت التظاهرات ملايين االجزائريين في المدن الرئيسية، بما فيها العاصمة الجزائر وقسنطينة ووهرن وبجاية والبليدة، وكذا العدد الأكبر من الجزائريين الذين يعيشون في الخارج.

صادرات السلاح

وأشار التقرير إلى أن الجزائر تعد واحدة من أهم الشركاء التجاريين لروسيا في المنطقة، حيث ظلت روسيا في الفترة ما بين 2014- 2018 أهم مورد للسلاح إلى الجزائر، ووفرت لها 66% من السلاح المستورد.

ويضيف: "هذه نسبة ليست قليلة إذا أخذنا بعين الاعتبار أن الجزائر كانت في هذه الفترة خامس دولة مستوردة للسلاح في العالم".

ويردف: "كما أن روسيا والجزائر هما شريكان استراتيجيان بناء على اتفاقية عام 2001".

ويقول "كوزنيتوف" إن الجزائر التي ظلت هادئة في السنوات الماضية شهدت دفعة من النشاط المدني بعدما أعلن "بوتفليقة" عن نيته الترشح لولاية خامسة. ورغم تراجعه عن قراره إلا أن المحتجين لم يقتنعوا ببيانه، ولا يصدقون أنه يريد التنازل عن السلطة، رغم ما يدور حول صحة الرجل البالغ من العمر 82 عاما.

وظل الرئيس في مستشفى سويسري في الفترة ما بين 24 فبراير/شباط و8 مارس/آذار لإجراء فحوص قيل إنها "روتينية".

ورغم أن "بوتفليقة" كان يتجنب الظهور في المجال العام خلال السنوات الأخيرة، إلا أن ذلك لم يمنعه من محاولة تلطيف الأجواء مع المحتجين برسالة في الثالث من مارس/آذار، وعد فيها بتغييرات سياسية جذرية لو تم انتخابه من جديد.

وفي السابع من نفس الشهر، هنأ المرأة الجزائرية بمناسبة اليوم العالمي للمرأة. وأعلن بعدها بأيام تخليه عن فكرة الترشح، وتأجيل الانتخابات التي كانت مقررة في 18 أبريل/نيسان، وحل الحكومة، وتعيين رئيس وزراء جديد، وتدشين مؤتمر وطني يتولى الإصلاح السياسي.

ومن المتوقع أن يتوصل المؤتمر الوطني- وفق قرارات بوتفليقة- لنتائجه بنهاية هذا العام، لتطرح بعد ذلك في استفتاء شعبي، يليه عقد انتخابات، بناء على ما تم إقراره من قبل الشعب.

لكن ما سبق أظهر للجمهور، أن "بوتفليقة" في الحقيقة مدد فترة رئاسته الأساسية لمدة لا تقل عن سنة إلى سنتين.

وقال الكاتب إن الجهات الفاعلة الأجنبية، من جانبها، تميل إلى التعامل مع الوضع بحذر شديد، حيث تسبب تأييد فرنسا لخطة "بوتفليقة" التي أعلنها قبل أيام، انتقادات شديدة من المعارضة الجزائرية. بينما أعربت الولايات المتحدة عن دعمها لحق الشعب في الاحتجاج بحرية.

نفوذ روسيا

لكن روسيا، والكلام للكاتب، لا تزال جتى الآن تراقب الوضع في الجزائر عن كثب، وينتظر أن تدلي بدلوها قريبا، حيث تمتلك نفوذا متناميا في المنطقة خلال السنوات الأخيرة، لكن هذا النفوذ هو ما جعلها تسعى لأن يكون رد فعلها محسوبا وحذرا أيضا.

ويرى الكاتب أن الرواية السائدة في الإعلام الروسي، حتى الآن، تنظر إلى الوضع في الجزائر على أنه حراك متأخر للربيع العربي، ويتم مقارنتها بثورة مصر عام 2011.

وحتى 12 مارس/آذار الماضي، لم تعلق الخارجية الروسية على الأوضاع في الجزائر، قبل أن تخرج المتحدثة باسم الوزارة؛ "ماريا زاخاروفا" لتقول إن موسكو "تنظر للأحداث في الجزائر على أنها شأن داخلي في دولة صديقة لروسيا".

وتابعت "نأمل بتسوية كل المشاكل الموجودة بطريقة إيجابية ومسؤولة، في إطار الحوار الوطني الموجه نحو الاستقرار وتحقيق التقدم السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وفي مصلحة الشعب الجزائري".

ويرى الكاتب أن المجتمع الدولي بدأ في السنوات الأخيرة ينظر إلى روسيا كدولة محافظة تسعى للحفاظ على الأنظمة السياسية القائمة، وترفض الثورات والاحتجاجات الشعبية. وثبت هذا من موقف الكرملين من "الثورات الملونة" في دول الاتحاد السوفييتي السابق، والاضطرابات في سوريا وفنزويلا.

واستدرك "إلا أن تحركات موسكو أكثر دقة وعمقا من هذا الفهم السطحي"، على حد قوله.

ويضيف: "فقد رفضت روسيا، وخلافا لما فعلته فرنسا، دعم زين العابدين بن علي، في الأيام الأولى من الثورة التونسية عام 2011، أو تقديم الدعم لحسني مبارك، في مصر، ومعمر القذافي في ليبيا، وتعاملت موسكو مع الاضطرابات في أرمينيا عام 2018 بضبط النفس".

التدخل الأجنبي

ويعتبر الكاتب أن الكرملين لا يستاء من الاحتجاجات الجماهيرية ذاتها، بل بسبب التدخل الأجنبي في العملية السياسية في تلك الأثناء، والذي يكون فجا ومخيفا في بعض الأحيان، وينتج أحداثا خارجة عن الحدود القانونية.

ويردف: وبما أن الأوضاع في الجزائر يتوقع أن تبقى ضمن هذه الحدود، فمن المنتظر أن تحافظ موسكو على موقفها الحذر الحالي.

ويضيف أنه في هذه الحالة، يبدو أن أهداف روسيا هي نفسها أهداف أوروبا والولايات المتحدة، وهو السماح لتمكين عملية سياسية سلمية بالجزائر، مما يسمح للأخيرة بالحفاظ على شراكتها مع موسكو، وتنفيذ العقود التجارية الحالية بنجاح.

ويختم الكاتب تقريره بالقول: "على الرغم من أن الوضع في الجزائر قد يتطور بعدة طرق، إلا أن البلاد، كما يراها الخبراء الروس، تحتفظ بإمكانية إظهار قدرتها على المستوى الإقليمي لتحقيق الديمقراطية الداخلية السلمية وترفض إحياء النزعات الاستبدادية السابقة، وتميل أيضا إلى الحفاظ على الاستقرار والنظام الدستوري.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الجزائر روسيا احتجاجات الجزائر عبدالعزيز بوتفليقة تدخلات دولية

قائد الجيش الجزائري: حل الأزمة السياسية بالبلاد مسؤوليتنا

موسكو تحذر من التدخل الخارجي في شؤون الجزائر