رايتس ووتش: الأجهزة الأمنية تضطهد وتقمع المرأة السودانية

الأربعاء 27 مارس 2019 03:03 م

استنكرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقرير جديد لها، ما تمارسه السلطات السودانية بحق المرأة في البلاد، معددة نواحي سوء المعاملة وكبت حريات الناشطات، ومعاملتهن بأساليب جائرة تصل إلى تعريضهن لدرجات من التعذيب البدني والنفسي.

"سجل طويل من القمع"

وللسودان سِجِل طويل في قمع المعارضة من خلال استهداف الناشطين بأشكال محددة من الاعتداءات مثل الضرب والاعتقال التعسفي والاحتجاز غير القانوني وسوء المعاملة خلال فترة الحبس والاستجواب لساعات طويلة والمراقبة التي تفرضها السلطات الحكومية على نحو ينتهك خصوصية الأفراد.

وقد قيّدت الحكومة أيضا حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات بفرض إجراءات الرقابة ومصادرة الصحف ومضايقة منظمات المجتمع المدني واستخدام القوة القاتلة في فض الاحتجاجات والمظاهرات.

ورغم أن هذه الأنماط من القمع موثقة بشكل جيد، لكن القمع الذي يستهدف الناشطات والمدافعات عن حقوق الإنسان حظي فقط بقدر قليل من الاهتمام.

ومع ازدياد مشاركة النساء في الاحتجاجات الشعبية وأنشطة المجتمع المدني، أشارت تقارير للمنظمة إلى ازدياد حدة الانتهاكات والقمع بحق النساء.

استهداف النساء

كما يوضح التقرير، أنه تم استهداف نساء شاركن في احتجاجات وحملات حقوقية وخدمات اجتماعية ومساعدات قانونية وأعمال صحفية ونشاطات أخرى عامة، إذ تعرضن لاعتداءات شتى، وهن يعملن في مناخ عام يفتقر إلى المساواة بين الجنسين، ما جعل نشاطهن يواجه الكثير من التحديات.

واعتمادا على مقابلات أُجريت مع أكثر من 85 ناشطة ومدافعة عن حقوق الإنسان في مختلف المدن السودانية، يوثّق تقرير المنظمة العالمية، أنماط الانتهاكات التي تواجهها النساء من قبل قوات الأمني الحكومية، فضلا عن القيود المتعددة المفروضة على البيئة التي يعملن فيها.

كما يتناول التقرير بالوصف مجموعة من الممارسات القمعية التي عادة ما لا يتعرض لها زملاؤهن الذكور العاملون في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، مثل العنف الجنسي وتعمد عناصر الأمن تشويه سمعتهن على نحو قد يلحق بهن أضرارا اجتماعية ومهنية دائمة.

 

 

 

قمع يصل للاختطاف والاغتصاب

وتمارس قوات الأمن السودانية ضد الناشطات الحقوقيات أسوأ أنواع القمع والتعذيب، الذي يصل أحيانا إلى حد الاختطاف والاغتصاب.

وناشدت "هيومن رايتس" السلطات السودانية بضرورة "إخضاع أجهزتها الأمنية لمساءلة جدية، تنهي مناخ الرعب الذي يهدد المجتمع المدني النسائي في السودان".

مؤكدة أن "هذه الانتهاكات تعكس سياقا أوسع لعدم المساواة بين الجنسين في المجتمع السوداني والقوانين التي تؤسس لعدم المساواة التي ساهمت في جعل هذه الانتهاكات أكثر سوءا".

وكشفت "هيومن رايتس ووتش" أن جرائم الآداب العامة، التي قالت إنها "تتسم بالغموض"، "تشكل تمييزا ضد النساء في السودان، وتحدد الأزياء التي يجب أن يرتدينها، كما أنها تحد من حركتهن ودورهن في الحياة العامة، وتفرض عليهن عقوبات جسدية مهينة مثل الجلد والرجم، الأمر الذي يشكل انتهاكا للمعايير الدولية".

واستنكرت المنظمة تكريس نمط الإفلات من العقاب على ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان بحق النساء، بما في ذلك العنف الجنسي.

غياب حماية السودانيات ودعمهن

وتفتقر الناشطات السودانيات للحماية والسبل اللازمة إلى معالجة الأضرار أو المساعدة في تسويتها، لا سيما ضحايا العنف الجنسي اللائي قد يحجمن عن إبلاغ الآخرين عن تجاربهن خوفاً من أن تترتب عليها نتائج ضارة.

و"رغم أن بعض النساء اللائي أُجريت معهن مقابلات قلن إنهن تلقّيَن مساعدة طبية أو نوع آخر من الدعم، لكنهن جميعا لم يطالبن بجبر الضرر بصورة قانونية إما بسبب الخوف من الإبلاغ عن الحالة أو لأن السلطات القانونية لم تحقق ولم تحاكم الجرائم التي تعرضن لها"، وفقا للتقرير.

وتابع التقرير أن "كثيرا من النساء غادرن البلاد وتركن خلفهن أفراد الأسرة المقربين. اضطررن للمغادرة إما بسبب الصدمة التي تعرضن لها أو خوفا من التعرض لاعتداء آخر مستقبلاً. بعضهن بقي في السودان، لكنهن أجبرن تحت ضغوط مسؤولي الحكومة أو ضغوط الأسر والأصدقاء على تقليص نشاطهن".

مناشدات بتحسينات ضرورية

ومن المتوقع أن يبدأ السودان العمل بدستور جديد بعد حوار وطني شائك انطلق في أكتوبر/تشرين الأول 2015 وغابت عنه أحزاب معارِضة رئيسية.

وناشدت المنظمة وجوب أن يتضمن أي دستور جديد كافة أشكال الحماية لحقوق الإنسان وحقوق المرأة وإصلاح القوانين والمؤسسات القمعية، بما في ذلك جهاز الأمن الوطني وقوانين النظام العام وأحكام القانون الجنائي التي تتضمن تمييزا ضد النساء.

وتابعت: "على السودان أن يرفع أيضا القيود المفروضة على حرية التعبير وتكوين الجمعيات، وأن يسمح للمجتمع المدني، بمن في ذلك ناشطات حقوق الإنسان، بالتظاهر السلمي والمشاركة في العمل والنقاشات العامة".

كما قالت إنه على السلطات أيضا أن تصدر تعليمات لقوات الأمن بالكف عن استهداف الناشطات ووقف كافة الانتهاكات، بما في ذلك العنف الجنسي والعنف الذي يستهدف النساء بصورة عامة، ومحاسبة المسؤولين عن ارتكابه.

ويجب أن توقف السلطات استخدام القانون الجنائي والنظام العام بهدف إسكات الناشطين والحد من عملهم. كما يجب أن تعالج العقبات المستمرة التي تعيق تحقيق العدالة لضحايا الاغتصاب وأشكال العنف الجنسي الأخرى.

واختتمت المنظمة تقريرها بالتأكيد على دور منظمات المجتمع المدني السودانية في تنسيق الدعم اللازم للمدافعات عن حقوق الإنسان والناشطات في هذا المجال ومساعدتهن في الحصول على الخدمات القانونية والطبية والنفسية عندما يحتجن لها.

وشددت على دور مقرري "الأمم المتحدة" و"الاتحاد الأفريقي" المعنيين بأوضاع المدافعين عن حقوق الإنسان، وزيادة عملهما حول السودان والقيام بزيارات للتحقيق ورفع تقارير حول أنماط الاعتداءات التي تستهدف الناشطات، بما في ذلك العنف الجنسي والآثار السلبية لعدم المساواة بين الجنسين على عملهن.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السودان يعلن انضمامه لكافة الاتفاقيات الدولية

السودان يلغي قانونا انتهك لسنين طويلة حقوق النساء