فيسك: القمع الوحشي بمصر أعمق من مصير واكد وأبو النجا

السبت 30 مارس 2019 12:03 م

وصف الكاتب البريطاني "روبرت فيسك" ما يحدث في مصر من انتهاكات لحقوق الإنسان بـ"القمع الوحشي"، معتبرا أن الأزمة في هذا البلد أعمق بكثير من مصير اثنين من الممثلين، في إشارة لطرد الممثلين "عمرو واكد" و"خالد أبوالنجا" من نقابة الممثلين بعد لقائها أعضاء الكونغرس للحديث عن هذه الانتهاكات في مصر.

وقال "فيسك"، في مقاله بصحيفة "الإندبندنت" البريطانية، إن هذا الأسبوع شهد طرد ممثلين بارزين، وهما "عمرو واكد" و"خالد أبو النجا"، من نقابة الممثلين المصرية الخاضعة لسيطرة الحكومة. وأدين كلاهما  بالخيانة والعمل من أجل أجندة المتآمرين ضد أمن مصر واستقرارها. وفي هذا الصدد، أخبر رئيس النقابة "فرانس برس" بأنه لن يسمح لهذين الممثلين بعد الآن بالعمل في مصر.

ورغم أن "واكد" فاز بجائزة أفضل ممثل في مهرجان دبي السينمائي قبل خمس سنوات ولعب دور البطولة في فيلم "سريانا" مع "جورج كلوني" سنة 2005، إلا أن الأداء المميز لكل من الممثلين كان الإثنين الماضي عندما استخدما منصة جلسة استماع في الكونغرس لإدانة حقوق الإنسان التي يتفاقم وضعها كل يوم في مصر، والتشريعات الاستثنائية التي قد تسمح للرئيس "عبدالفتاح السيسي" بالبقاء في السلطة حتى سنة 2034.

ووصف "أبو النجا"، نجم العديد من الأفلام المصرية، بلدا يتعرض شعبه للسجن أو العيش خوفا من الاعتقال، في حين قال "واكد" إن النظام الذي يديره "السيسي"، الذي قام بانقلاب عسكري ضد الرئيس المنتخب "محمد مرسي" سنة 2013، طور "حساسية" ضد الحقيقة، وهو ادعاء يتضمن مفارقة مؤلمة.

ومثل العشرات من الروائيين والفنانين والصحفيين وغيرهم من الأدباء المصريين، كان كل من "واكد" و"أبوالنجا" من بين الذين ساندوا منذ البداية بسذاجة الانقلاب الدموي الذي أوصل "السيسي" إلى السلطة.

وأشار "واكد"، الذي أدى انتقاده للحكومة هذا الشهر إلى صدور حكم عليه بالسجن لمدة ثماني سنوات في سجن مصري (غيابيا بالطبع وذلك لأنه يعيش في أوروبا)، إلى أن حظر النقابة تمثيله لا يهم، حيث قال: "إذا عدت إلى مصر، فلن يكون لدي متسع من الوقت للتمثيل لأنني سأحتجز في الحال".

وأضاف "فيسك" إن "السيسي يسحق جميع المعارضين داخل حركات النقابات العمالية القوية في مصر، التي حاربت تاريخيا القوة الاستعمارية البريطانية، وكذلك نظامي جمال عبدالناصر وأنور السادات، والتي لعبت دورًا حاسما، لكن تم تجاهله بشكل مأساوي في الثورة ضد الرئيس المخلوع "حسني مبارك".

ومنذ أكثر من عام بقليل، استبعدت السلطات المصرية النقابات العمالية المستقلة من المشاركة في أول انتخابات نقابية تجرى منذ 12 عامًا. لذلك، اشتكت منظمة "العفو الدولية" من حملة الحكومة المصرية ضد العمال والنقابيين لردعهم ومعاقبتهم من التعبئة أو الإضراب.

وحسب "فيسك"، "أدرك الجيش المصري، الذي أدار مرحلة ما بعد الثورة بحزم شديد، أن تضامن الطبقة العاملة قد يكون بنفس خطورة الوحدة الإسلامية"

وذًكر الكاتب البريطاني بقضية الباحث الإيطالي "جوليو ريجيني"(28 عاما)، الذي كان يدرس في مصر سنة 2016 نفس النقابات المستقلة التي أخافت "السيسي".

وقبل أسابيع قليلة من مقتله، كتب "ريجيني" أن تحدي النقابات المصرية لحالة الطوارئ ونداء النظام من أجل الاستقرار والنظام الاجتماعي، الذي تبرره الحرب على الإرهاب، يدل على استجواب جريء للخطاب الأساسي الذي يستخدمه النظام لتبرير وجوده وقمعه للمجتمع المدني.

وأجرى الطالب اجتماعات مع بعض ممثلي النقابات في مدينة المحلة وكذلك في مدن الدلتا الأخرى وفي القاهرة، ثم عثر عليه جثة هامدة على جانب طريق دائري بضواحي القاهرة ووجهه وجسمه مشوهين بشدة جراء التعذيب الذي توفي بسببه.

وخلصت الحكومة الإيطالية إلى أنه قُتل على أيدي شرطة أمن الدولة التابعة للنظام لأن تحقيقاته -البريئة بما فيه الكفاية- في سياق أطروحته بجامعة كامبريدج، جعلته قريبا جدا من الرجال الذين يديرون لجان العمال التي أرهبت النظام.

في الواقع، لقد أجرى "ريجيني" العديد من اللقاءات مع هؤلاء الأشخاص؛ حيث عثر على بعض أشرطة الفيديو التي صورها لهم وهو يسألهم أسئلة عن الوضع في مصر، وفي المقابل طلبوا منه الدعم الأجنبي لنقاباتهم. وهكذا، اختطفت الشرطة "ريجيني" ولم تتم رؤيته بعدها.

وأشار إلى أن السفارات الغربية في القاهرة لم تحرك ساكنا حيال مقتل "ريجيني" رغم أنها حصلت على اسم ضابط الشرطة المسؤول عن تعذيب "ريجيني" وقتله.

واختتم "فيسك" قائلا: "يوما ما، سيكمل خلفاء ريجيني أعمال الدكتوراه ويكتبون أطروحاتهم الخاصة عن الصحوة العربية سنة 2011. ومن المحتمل أن تكون القصة مختلفة عن تلك التي كتبناها قبل ثمانية أعوام من ميدان التحرير. وفي الوقت نفسه، من المحتمل أن يكون بقاء كل من واكد ونجا في الخارج قرارا صائبا".

المصدر | الخليج الجديد + الإندبندنت

  كلمات مفتاحية

جيهان فاضل.. عندما تدفع الفنانة ثمن دعم ثورة يناير