استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

حمى «التشيع السياسي» وهذيان «التسنن السياسي» (1)

الجمعة 22 مايو 2015 05:05 ص

ليس من المألوف أن يسارع أحدهم الى القول بأن العراق الآن في قلب الشرق الأوسط الجديد. فاللغة الرشيقة التي استعملها في وصف المحنة، سرعان ما تحولت الى كلمات تهييجية طوائفية حين تحدث عن العقيدة المنحرفة وجيش الطلقاء. ها هي معاجم الإسلام السياسي المسلح تغطي مفرداتها الخطاب اليومي، والذي يكرر دائماً من أجل تسويغ حكم الأهل والغنيمة البائد.

وإذا كان لكل أجل خطاب، كما يقال، فإن لكل خطاب أجل. ولا يعاند الإسلام السياسي نشأته، ومن ثم هو لا يستطيع ممارسة الدين بمعزل عن السياسة والموارد. وقانون الأواني المستطرقة قد أدخل التيارين في نفق واحد، وأثبت أن الميل لدى الإسلام السياسي لإلغاء أو تجاهل أصوله السابقة، والتي كانت السبب الرئيسي في نموه، هو أقوى من رغبته في التفاهم الداخلي المذهبي أو الطائفي أولاً، وفي التفاهم الطوائفي ثانياً.

والدليل القاطع أن الأصوات التي تصدر من ساحات «داعش» ومن ميادين «الحشد»، لا تختلف جوهرياً حتى في الألفاظ اليومية، متناسية الضمور التاريخي الطويل أمام طغيان السلطة السياسية المركزية، وكيف كان الطرفان، متفقان أو مختلفان، يرفعان شعاراً واحداً: عدم الاعتراف بشرعية الدولة القائمة مع عدم الخروج عن طاعتها.

هنا يعاد تأميم الدين السياسي، ليس على يد الدولة المركزية المستبدة، وإنما بإدارة الإسلام السياسي في إماراته المتصارعة بالقوة المسلحة. وهذه القوى المتقاتلة عملياً لم تأخذ من الإسلام «غير العربي» فكرة الاستبداد كما يحلو للبعض قوله، وإنما فن ممارسة الاستبداد. وشعارهم المشترك من الموصل إلى البصرة: الجزية لمن له الجزية، الجباية لمن له الجباية، الخوف لمن له الخوف.

تدين السياسة وتسييس الدين

في المعارك الحربية التي تدار الآن في العراق من قبل «وزارة التفويض» الحكومية و «إمارة الاستيلاء» البغدادية، تقرع الطبول نفسها وتسمع الأنغام ذاتها، ولكن بلهجات مختلفة. والفروق الجوهرية تكمن في التفاصيل المملة التي يعاني منها المواطن المغدور. والبيروقراطية الطوائفية تمتلك أقصى أنواع اللذة الاجتماعية في سحق الجموع وتحديد سمات المواطنة ومحتوى حقوقها الحياتية. وإذا كان أحدهم يضع الدين في خدمة الدولة، فإنه ينطلق عملياً من السياسة إلى السلطة المسلحة وإلى طلب الإجماع المزور على موقفه، حتى ولو كان عن طريق التشاور مع الولايات المتحدة!

فيما الثاني يقلع في نشاطه من موقع الإجماع الملفق إلى تعميم المطلب السياسي، ومن ثم الانقضاض على السلطة مهما كان الثمن، حتى لو كان عن طريق التفاهم مع الولايات المتحدة أيضاً. لقد تجاوز الطرفان، مبدأ التفويض الإلهي في الديباجة الأصلية، وثبتا عقيدة الاختيار المباشر للقوة المسلحة في التفضيل السياسي للقيادة، مع كل ما تحتويه من أفكار الغرب المعادية لهم وله، والتي هي عملياً نتاج التطور الاجتماعي والتقدم الفكري للعالم الرأسمالي.

من هنا، فإن سعي المتحاربين المشترك، ضمن منظومة القوة المسلحة والسيطرة على الموارد والتفاهم على اقتصاد الطوائف العابر للطوائف، سيكون شاهداً قاسياً لمفهوم الخلاص الجديد الذي يطرحه الإسلام السياسي المعاصر، وخصوصاً في العراق.

الإطلالة الأميركية على الصراع

يؤكد الاحتلال في خطابه اليومي أنه يجب عدم التفريق بين «الإرهاب»، يقصد القوة المسلحة، والمكون الوطني الداعم له، وهذا يعني عملياً أن البلاد كلها مسرح لهذه الحرب الشاملة. ويتجاهل كلياً أن هذه الحروب التي تنمو كالفطر في ظلام التآمر والاستبداد، ستتحول آلياً من الأداة إلى الحل والعكس هو صحيح دائماً.

يشرح الخبير جوناثان كلارك هذه الآلية من خلال تركيزه على الأصول الدينية «البروتستانتية» لمفهوم الحروب لدى اميركا، وارتباط ذلك بقوة تكتونية مع الاقتصاد العالمي للسوق والذي يعتمد في جوهره على تطور أشكال وأنواع الاستعمالات اليومية للمؤسسات التجارية للأسلحة، والنفطية العملاقة، ومن ثم مأسسة إستراتيجية «بقعة الحبر» الفيتنامية، في العراق والمنطقة.

ذلك أن اميركا لا تؤمن بالكتل الاجتماعية والسياق التاريخي للصراع، فإنها من خلال فكرها الأمبراطوري لم تشبع لحد الآن من فكرة «القائد» الخاص الذي يمكن التفاهم معه أو القضاء عليه. هكذا، أصبح من الصعب جداً التفاهم مع قيادات «الحشد الشعبي» في إدارة المعارك العسكرية الفاصلة، وبات من الضروري، على عكس ما تمناه مايكل نايتس، التخلص من القيادات المعوقة للسياق الحربي الراهن، حيث ذهب عزة الدوري أدراج الرياح، كما يقول محلل عسكري عراقي ومسؤول مخابراتي سابق.

ولأن الإدارة تأخذ على محمل الجد الصراعات التقليدية في الكونغرس بين مدرستي ويلسون وكيسنجر، فإنها تلتقط ذبذبات المؤسسة بسرعة حول أهمية الانتقال السريع من موقف إلى آخر مضاد وضمن واقعية ويلسون وتنظيم اللامسؤولية في ألاعيب هنري كيسنجر المعروفة.

معركة تكريت وردّ «الكيد المضاد»

تمثل المعركة العسكرية التي حصلت في تكريت نموذجاً تقريرياً للحالة التي تسمى ضمن الفكر السياسي الأمبراطوري «لاكوتايزيشن» lakotization. إنها التحطيم الشامل لقوى العدو في الاتجاهين للحرب المطلوبة. ما قام به «الحشد» هو استكمال لما قام به «داعش». إنه بالمعنى السياسي، الآن «الكيد المرتد» المضاد، والذي ينتقل من خلال البشر ومؤسساتهم ذهاباً وإياباً من بغداد إلى واشنطن، عبوراً في لندن ومشتقاتها الأوروبية.

من هنا، لا يمكن التفريق بين التدمير الذي حصل أو يحصل بين «التحرير» و «الاحتلال» في ضفتي «الكيد المرتد». بل إن الإعلام في طرفي الاحتلال والتحرير أخذ يتبنى أغنية حماسية كانت قد اشتهرت أثناء الحرب العراقية ـ الإيرانية في الثمانينيات من القرن السابق، وأصبحت هي اللازمة في إثبات الذكورية السياسية للقوات المتقاتلة في الطرفين، التي تذكرنا بأحد قادة الحروب الدينية في اوروبا القرون الوسطى حين قال: «الناس تتألم وتموت ولكن الكنيسة تتقدم وتحرز نجاحات مدهشة».

ويبدو أن مبالغات الإعلام الشمولي للمتقاتلين قد استفز أحد الضباط في الجيش العراقي السابق وتبنى، من دون معرفة مقولة جان بودريار في حرب 1991، رأياً طريفاً يجزم بأن معركة تكريت لم تحصل أبداً. إن هذه الصورة الفضائية للمعركة قد تم تظهيرها بتفاهة حين كتب تقريراً في معهد «هدسون» اليميني الأميركي أحد أزلام المؤتمر الوطني، بأن معركة تكريت هي انعكاس مباشر لمحدودية القوة الإيرانية وتردد وإحجام القوة الأميركية تحت سقف المباحثات التي جرت في أروقة لوزان.

ويبالغ التقرير بالقول إنها تمت بصلة إلى الوضع الإقليمي، والذي قد يصل الى حافة الحرب الشاملة. بيد أن التقرير اذ يركز على ضرورة استعادة الثقة لدى أطراف العملية السياسية من أجل مجابهة مخاطر القوى المسلحة للطرفين، يعتقد جازماً أنها أدت عملياً إلى الإفراط بهذه الثقة، ما نجم عن صراعات جانبية بين هذه الأطراف، والتي أصبحت تعبِّر عن آراء وأفكار إقليمية متصارعة، أكثر مما هي تمثل مصالح عراقية محلية.

وهذا ما يجب أن يدفع الإستراتيجية الأميركية الى زيادة وتيرة الاعتماد على حروب الوكالة داخل العراق وخارجه، من أجل ربط هذه المعارك في خيط واحد يخدم الهدف السياسي الموحد. فـ «الهلال الشيعي» المترنح والذي أصاب البعض بالغبش السياسي، سيكون متلازماً مع الهلال السني المعطوب تاريخياً، والذي لا يمكن استرجاعه في هذه الظروف العاجلة. ناهيك عن أن الحديث عن الهلال الكردي هو تأتأة عجائز، اذ كيف يمكن له أن يظهر في سماء أميركية واحدة مليئة بالكواكب الذابلة.

لكن التقرير عبر هذه المعركة يفصح عن مطالب الاحتلال الأميركي الحقيقية الجديدة، الرامية الى إلغاء «الاتفاقية الإستراتيجية الأمنية» مع العراق التي عقدت في العام 2008، لأنها لا تستحق الحياة، واستبدالها بواحدة تكرس ترميم العلاقة بين العراق وأميركا.

أما الهدف اللاحق فهو مطالبة التقرير بتحويل عقود الخدمة النفطية مع الشركات العالمية إلى عقود شراكة، لغرض توظيف نفوذ هذه الشركات مع أقطاب القرار السياسي الأميركي، وخصوصاً الجمهوريين. كما يؤكد التقرير على أهمية إعادة بناء العلاقات والروابط مع مراكز الأبحاث والصحافة والمجالس التشريعية الأميركية.

ويمكن القول إن التقرير يتطابق في لحمته مع الدراسة الفذة التي كتبها قبل فترة الأكاديمي الأميركي ستيفن غراهام حول العلاقة بين الاحتلال الأميركي والعراق، وكيف أن تأثيرات «الكيد المرتد» هي السائدة في هذه العلاقة، وهي تتخذ أشكالاً متعددة ومحتويات مختلفة في الصعد الحياتية كافة.

 

  كلمات مفتاحية

العراق «التشيع السياسي» «التسنن السياسي» الإسلام السياسي الهلال الشيعي الهلال السني

«الأوقاف» تحقق في إقامة طقوس شيعية بمساجد مصر.. والأزهر يحذر من زيارة إيران

شيخ الأزهر يواصل حملته ضد التشيّع ويصف سب الصحابة بـ«كلام شيطاني»

حملة لطرد الملحق الثقافي لإيران بالجزائر لنشره التشيع

مرجع شيعي: نشرنا التشيع بين 20 ألف نيجيري