الانتخابات الإسرائيلية.. ماذا تعني لمستقبل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي؟

الاثنين 8 أبريل 2019 12:04 م

تشير استطلاعات الرأي الحالية إلى أن حزب الليكود الحاكم سيحصل على مقاعد كافية في الكنيست لتأمين تشكيل رئيس الوزراء "بنيامين نتنياهو" لائتلاف حاكم يميني جديد، على غرار الائتلاف الذي يرأسه الآن.

وأكدت حملة "نتنياهو" زعمه بأنه مدافع قوي ومخلص لـ(إسرائيل)، كما ركزت على نجاحاته المزعومة، مثل إبقاء (إسرائيل) خارج حروب جديدة، والإشراف على حقبة من الازدهار الاقتصادي، وتحسين مكانة (إسرائيل) في العالم.

ولا يبدو أن تهم الفساد الموجهة إليه، أو توصية المدعي العام بإدانته، قد أضرت به كثيرا حتى الآن.

ولكي يشكل "نتنياهو" الحكومة المقبلة، سيحتاج إلى دعم أحزاب اليمين ويمين الوسط؛ حيث يجب أن يوصي 60 عضوا في البرلمان بتشكيله الحكومة.

وإذا جاءت النتائج في انتخابات الغد موافقة لاستطلاعات الرأي التي سبقت الانتخابات، فسيحصل "نتنياهو" على النسبة المطلوبة.

وقد التزمت عدة أحزاب حتى الآن بتوصيته بتشكيل الائتلاف المقبل، وهي الاتحاد الوطني الديني للأحزاب اليمينية، وحزب "اليمين الجديد"، والحزبان المتشددان "يهودية التوراة" و"شاس"، والحزب المهتم بالاقتصاد "كولانو".

وإلى جانب الليكود، من المحتمل أن تزيد المقاعد التي ستفوز بها هذه الأحزاب عن أكثر من 61 نائبا، من أصل 120، وهو ما يحتاجه "نتنياهو" لتشكيل حكومة.

وهناك سيناريو مختلف، رغم أنه أقل ترجيحا في الانتخابات الحالية، لكنه لا يزال معقولا، وفي هذا السيناريو ربما نشهد حكومة من يسار الوسط يقودها أخطر منافسي "نتنياهو"، وهو رئيس أركان جيش الدفاع الإسرائيلي السابق، "بيني غانتس"، الذي وحد حزبه "الصمود من أجل (إسرائيل)" مع حزب "هناك مستقبل" تحت قائمة حزبية واحدة تسمى "الأزرق والأبيض".

وقد أظهرت بعض الاستطلاعات حصول "الأزرق والأبيض" على عدد أكثر من المقاعد مقارنة بالليكود، بينما أظهرت استطلاعات أخرى تقدم الليكود.

لكن السؤال الحاسم ليس ما إذا كان أي من "الليكود" أو "الأزرق والأبيض" سيحصل على أكبر عدد من الأصوات، ولكن أي حزب يمكنه إقناع 60 عضوا في الكنيست بأن يوصي زعيمه بتشكيل الحكومة المقبلة.

وبناء على استطلاعات الرأي الحالية، لا يمكن أن يحدث هذا إلا إذا ضم ائتلاف "غانتس" الحاكم وزيرا من حزب عربي غير صهيوني، وهو خيار غير مسبوق، إن لم يكن خيارا مستحيلا.

ويدعم 73% من مواطني (إسرائيل) الفلسطينيين انضمام الأحزاب العربية إلى الائتلاف، لكن "غانتس" استبعد صراحة تشكيل ائتلاف مع أي شخص ليس "يهوديا صهيونيا".

وعلى الرغم من أن مواقف "غانتس" قد تتغير بعد الانتخابات، ولن يكون أول زعيم يتراجع عن وعد انتخابي، لم تتضمن أي حكومة إسرائيلية في أي وقت أي حزب عربي.

ويبقى احتمال آخر بألا يتمكن "نتنياهو" ولا "غانتس" من تشكيل ائتلاف، وفي هذه الحالة، إما سيقومان بتشكيل حكومة وحدة وطنية مع تناوب منصب رئيس الوزراء، أو سيدعو رئيس (إسرائيل) إلى انتخابات جديدة بعد إقرار أنه لا يمكن لأي زعيم حزبي تشكيل حكومة.

وتشير التجارب السابقة إلى أنه في حكومة وحدة وطنية، سيميل "غانتس" إلى المطالبة بالسيطرة على بعض الحقائب، بدلا من مطالبة "نتنياهو" بتبني سياسات محددة تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

وفي حالة إجراء انتخابات جديدة، ربما يستخلص اليمين الدرس من انقسامه الحالي أنه يجب أن يذهب إلى صندوق الاقتراع في وضع أكثر اتحادا.

ما الذي سيحدد نتيجة الانتخابات؟

تعتمد هذه الانتخابات على 3 قضايا، درجة التفتت داخل معسكر اليمين ومعسكر اليسار، ومواقف الناخبين من الاتهامات المحتملة لـ"نتنياهو" بالرشوة والاحتيال وانتهاك الثقة، ومواقف الناخبين من التحديات الأمنية على عدة جبهات.

أولا، سيكون تجزؤ أو تماسك الكتل السياسية المختلفة حاسما في تحديد ما إذا كان بإمكان "نتنياهو" تشكيل حكومة جديدة.

وتعد العتبة الانتخابية، التي رفعتها الأحزاب اليمينية منذ عدة أعوام كوسيلة للحد من عدد البرلمانيين العرب، أعلى الآن بنسبة 50% مما كانت عليه قبل عام 2014؛ حيث يحتاج الحزب إلى الفوز بـ4 من أصل 120 مقعدا، أي 3.25% من الأصوات، لدخول البرلمان.

وفي معسكر اليمين في (إسرائيل)، استطلعت عدة أحزاب، وهي "كولانو" و"إسرائيل بيتنا" و"شاس" و"سيهوت"، قدرتها على الحصول على 3.25% أو أكثر خلال الشهرين الماضيين. 

في المقابل، يواجه تحالف "غانتس" مع "يش عتيد" من يسار الوسط تحديا مختلفا لتشكيل حكومة مستقبلية، فزعيم "يش عتيد"، "يائير لابيد"، مكروه من الأحزاب الأرثوذكسية المتطرفة، بسبب محاولته إجبار الطلاب المتدينين على الانضمام إلى سوق العمل والجيش.

ونتيجة لذلك، يبدو أن الأحزاب الأرثوذكسية المتشددة، التي غالبا ما تكون صاحبة صوت في السياسة الإسرائيلية، غير راغبة في الانضمام إلى تحالف برئاسة "غانتس" و"لابيد"، اللذين وافقا على رئاسة وزراء بالتناوب إذا شكل "الأزرق والأبيض" الحكومة المقبلة.

ثانيا، تشير استطلاعات الرأي التي تم إجراؤها حتى الآن إلى أن "نتنياهو" لا يزال في خطر نسبي بسبب توصية المدعي العام في 28 فبراير/شباط بتوجيه الاتهام إليه بالرشوة والاحتيال وانتهاك الثقة.

لكن ما بدا أنه أضر به أكثر من ذلك، كان فضيحة حديثة تنطوي على ادعاءات بأرباح مالية غير مشروعة في قراره بالموافقة على بيع ألمانيا للغواصات إلى مصر.

وقد وافق "نتنياهو" على بيع الغواصات دون استشارة كبار المسؤولين العسكريين، وكان لديه حصة مالية غير معلنة في الشركة التي تزود الشركة المصنعة للغواصات الألمانية، وقد انخفضت أعداد أصوات الليكود نتيجة لهذه الفضيحة، لكنها ارتفعت تدريجيا منذ ذلك الحين.

ثالثا، هناك 4 نقاط اشتعال مع الفلسطينيين على أعتاب التصعيد، وهي غزة، وسجون (إسرائيل)، والقدس والضفة الغربية.

وتاريخيا، دفع التصعيد خلال الحملة الانتخابية الناخبين اليهود الإسرائيليين إلى التصويت لصالح المرشحين اليمينيين، لكن هذه الانتخابات مختلفة إلى حد ما، لأن "نتنياهو" يواجه حزبا يتزعمه 3 رؤساء أركان سابقين في جيش الدفاع الإسرائيلي، وقد يقوض انتقاد هؤلاء المنافسين الاسم الرمزي لـ "نتنياهو"، "السيد أمان"، فعندما سقطت صواريخ من غزة في وسط (إسرائيل)، هاجم جنرالات "الأزرق والأبيض" "نتنياهو" لكونه يتعامل بارتياح مع "حماس"، وأنه "وفر الحماية (للإرهابيين)" عن طريق السماح لقطر بدفع رواتب الحكومة التي تقودها "حماس" في غزة.

ومقارنة بكل المرشحين الحاليين، يتمتع "نتنياهو" بتغطية إعلامية مكثفة، ويمكنه استخدام سلطة مكتبه خلال الحملة، وكان أحدث مثال على ذلك هو استفادته من الدفعة التي منحها له اعتراف الرئيس "ترامب" بضم (إسرائيل) الفعلي لمرتفعات الجولان، والحصول على المساعدة من روسيا في تسلم رفات جندي إسرائيلي كان قد تم فقده في حرب لبنان الأولى عام 1982.

وقد أظهر "نتنياهو" بذلك للناخبين الإسرائيليين ليس فقط أنه قادر على تحقيق إنجازات دبلوماسية لـ(إسرائيل)، لكن أن قادة قوتين عظميين يدعمان إعادة انتخابه.

عملية السلام

لا يوجد سبب وجيه لتوقع تغييرات جذرية في السياسة الإسرائيلية تجاه السلطة الفلسطينية أو منظمة التحرير، بغض النظر عمن يقود الائتلاف الحاكم القادم.

وإذا كان هناك أي شيء يمكن توقعه، فإن السيناريو الأكثر احتمالا بوجود ائتلاف يميني آخر بقيادة "نتنياهو"، قد يعني تبني الحكومة سياسات أكثر تشددا من سابقتها.

وإذا جاءت نتائج الانتخابات موافقة للاستطلاعات الحالية، فسيكون "نتنياهو" على رأس ائتلاف هش، وسوف تكون الأحزاب الأصغر، مثل الاتحاد الوطني وسيهوت واليمين الجديد في وضع قوي للمساومة.

ومن المرجح أن تستمر هذه الحكومة في تجنب الاختيار بين إنهاء الاحتلال أو ضم الضفة الغربية، ويتحدث مستشاري "نتنياهو" بفخر بأنهم قادوا انقساما بين الضفة الغربية وغزة، مشيرين إلى أن الانقسام السياسي والجغرافي الفلسطيني قد خفف من فعالية الضغط الدولي لإقامة دولة فلسطينية.

وكما قال الناطق باسم حملة الليكود، "إيريس تادمور"، لإذاعة (إسرائيل)، في 31 مارس/آذار: "يسمح الانقسام بين فتح في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) وحماس في قطاع غزة لـ(إسرائيل) بالحكم، وهو تقسيم يخدم المصالح الإسرائيلية".

ومن خلال قيادة مثل هذه الحكومة، من المؤكد أن يسعى "نتنياهو" إلى تجنب الانخراط بجدية في خطة السلام التي وعدت إدارة "ترامب" بالكشف عنها، والتي على الرغم من أنها تنحاز بشدة لـ(إسرائيل)، ربما ستحتوي على عناصر يرفضها اليمين المتشدد في البلاد.

ويجب أن يكون ذلك سهلا إلى حد ما، نظرا للاحتمالية الكبيرة جدا بأن منظمة التحرير الفلسطينية سترفض الخطة أيض.

في المقابل، يمكن للحكومة التي يقودها "غانتس" أن تتخذ خطوات للمساعدة في جلب منظمة التحرير الفلسطينية من جديد إلى المفاوضات.

وعلى الرغم من ذلك، من غير المرجح أن تنجح أي مفاوضات قادمة نظرا لأن المأزق الإسرائيلي الفلسطيني يتجاوز التكوين الدقيق للتحالف الإسرائيلي الذي سيشكل الحكومة القادمة.

ويمكن للحكومة التي يقودها "غانتس"، خاصة إذا كانت تعتمد على الدعم العربي الذي تشير الاستطلاعات الحالية أنه ضروري، ويمكن أن تتخذ خطوات لمعالجة عدم المساواة الاقتصادية بين اليهود والعرب في (إسرائيل)، وتقليل التمييز ضد المواطنين الفلسطينيين في (إسرائيل)، بعد فترة طويلة من التمييز المتزايد استنادا للأصول العرقية.

وفيما يتعلق بالسياسة تجاه الضفة الغربية وغزة، يمكن لهذه الحكومة على سبيل المثال كبح البناء خارج الكتل الاستيطانية الكبرى، على الرغم من تعهد "غانتس" بزيادة بناء المستوطنات داخلها، كما يمكنها السماح للمدن الفلسطينية في الضفة الغربية بالتوسع الإقليمي.

وكانت إدارة "ترامب" في أيامها الأولى قد طلبت - عبر المبعوث الأمريكي "جيسون غرينبلات"- من رئيس الوزراء "نتنياهو" أن يقوم بمثل هذه الإيماءات تجاه الفلسطينيين في بلدة "قلقيلية" لكنه رفض ذلك.

وسوف تواجه أي خطوات أخرى يفضلها اليسار الإسرائيلي، مثل إخلاء المستوطنات المعزولة شرق الجدار الفاصل، معارضة شرسة من الناشطين اليمنيين المؤيدين للمستوطنين، ولا سيما في الضفة الغربية، وستكون مثار جدل داخل "الأزرق والأبيض"، الذي يحتوي على عدد من الشخصيات اليمينية.

لكن السياسات الأكثر ليونة قد تحدث فرقا. ويمكن للحكومة التي يقودها "غانتس"، على سبيل المثال، أن تقدم قانونا يوفر مكافآت مالية للمستوطنين المقيمين شرق الجدار الفاصل المستعدين للانتقال إلى (إسرائيل).

وتشير استطلاعات الرأي إلى أن أكثر من ربع المستوطنين الذين يعيشون شرق الجدار سيختارون الانتقال، وقد يضعف انتقالهم مجتمعات المستوطنين، ويحث موجات إضافية من المستوطنين على الانتقال.

وعلى الرغم من أن مثل هذه المبادرة لن تقترب أبدا من إنهاء الاحتلال الإسرائيلي أو حل النزاع، لكن مشهد الآلاف من المستوطنين يعبئون حقائبهم للمغادرة قد يغير المفاهيم الفلسطينية عن استعداد (إسرائيل) لمغادرة معظم أراضي الضفة الغربية.

المصدر | أوفير سالزبرغ - لوب لوج

  كلمات مفتاحية

مسؤول إسرائيلي سابق يدعو لتعيين وزير عربي في الحكومة المقبلة