التعديلات الدستورية.. المسمار الأخير في نعش الثورة المصرية

الاثنين 22 أبريل 2019 02:04 م

في ميدان التحرير، الساحة الأشهر في القاهرة، حيث أسقط ملايين المصريين حكومة "حسني مبارك" الاستبدادية عام 2011، لا يوجد الآن سوى صور للرجل الذي قضى على تلك الثورة.

وتخلو الساحة الشهيرة الآن من المتظاهرين، لكنها تمتلئ بلافتات وصور "عبدالفتاح السيسي"، رئيس مصر.

وحثت الملصقات المصريين على التصويت في الاستفتاء الذي أجرى منذ بداية الأسبوع على التغييرات الدستورية، التي تم إعلان نتائجها رسميا وسمحت لـ"السيسي" بالبقاء في منصبه حتى عام 2030، وشددت قبضته على القضاء.

ولم يكن هناك شك في أن الاستفتاء سيمر لصالح "السيسي"، لكن السؤال الوحيد يدور حول ما هو هامش النصر الذي سيدعي أنه فاز به.

وأعلنت اللجنة العليا للانتخابات أمن 89% من المصريين وافقوا على التعديلات الدستورية المطروحة.

وبالنسبة إلى منتقدي "السيسي"، تعد نتيجة الاستفتاء السابقة علامة قاتمة أخرى في رحلة البلاد التي استمرت 8 أعوام من الثورة إلى الاستبداد.

وقال "أيمن"، وهو محاسب عام يبلغ 35 عاما: "لا أعرف إذا كان هذا هو المسمار الأخير في نعش الثورة، أو المسمار الأخير في نعش النظام، أو المسمار الأخير في نعش شعب مصر".

ووسط موجات جديدة من الثورة في السودان والجزائر، لا توجد أي فرصة للشعب المصري مع "السيسي". وقد تم حظر المظاهرات العامة في مصر لفترة طويلة، لكن السلطات ستبذل جهودا جديدة لمنع أي صور للمعارضة عبر الإنترنت.

وبعد أن أطلقت المعارضة المصرية المتناثرة حملة على الإنترنت تسمى "باطل"، حيث يمكن للمواطنين التوقيع على عريضة ضد الاستفتاء، سارعت الحكومة لحظر موقع الحملة.

وفي لعبة القط والفأر الرقمية، أنشأ المنظمون إصدارات جديدة من الموقع، لكن الحكومة المصرية حظرتها أيضا، وقد تم استهداف 9 نسخ على الأقل من الموقع حتى نهاية الاستقتاء.

وقام المراقبون الحكوميون في نهاية الأمر بحظر جميع مواقع الويب المستضافة على نفس عنوان "البروتوكول" لحملة "باطل". وقد قطعت هذه الخطوة الوصول إلى 34 ألف موقع آخر لا علاقة لها بالمعارضة، بحسب "نت بلوكس"، وهي مجموعة تراقب حرية الإنترنت.

وقال "يحيى حامد"، أحد منظمي حملة "باطل": "الشيء الذي يكرهه الديكتاتور أكثر من غيره هو الصوت الحر، لذلك نريد أن نتأكد من أن أصواتنا لا تزال تُسمع".

وكان "حامد" وزيرا في حكومة "محمد مرسي" الإسلامية، التي أطاح بها "السيسي" في انقلاب عسكري عام 2013، ويعيش في المنفى في تركيا.

وحشدت الحكومة الناخبين من الطبقة العاملة إلى صناديق الاقتراع، مع وعود بدفع 50 جنيها مصريا، (2.5 دولار أمريكي)، وعلب تحتوي على مواد غذائية أساسية مثل الأرز والزيت. وقام "مستقبل وطن"، وهو حزب سياسي يدعم "السيسي"، بتوزيع الآلاف من هذه السلع على الناخبين في جميع أنحاء مصر، خلال الأيام الثلاثة للاقتراع.

وكان "سعيد شنودة"، وهو موظف مدني متقاعد يبلغ من العمر 71 عاما، قد وصل إلى مركز اقتراع في حي السيدة زينب في القاهرة، متوقعا وجود "كرتونة" لكنه شعر بخيبة أمل عندما وجد أنه لم يكن هناك أحد. وقال: "من العار أنهم وعدوا ولم يفوا بوعودهم. أنا أؤيد السيسي على أي حال، لكن هذا ليس جيدا".

وتم تمرير التعديلات الدستورية بسرعة فائقة. فقد وافق البرلمان المصري، الذي يسيطر عليه الموالون لـ"السيسي"، على التغييرات منتصف الأسبوع الماضي الماضي، وبدأ التصويت مباشرة مطلع هذا الأسبوع، ما ترك 3 أيام فقط للمصريين لدراسة التغييرات.

وتعدل المواد الجديدة الحدود على الفترات الرئاسية، وتسمح لـ"السيسي" بالبقاء في منصبه حتى عام 2030، وبهذا فإنه سيحتفظ بالسلطة لمدة 17 عاما.

وقال "هالير"، وهو زميل مساعد كبير في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن: "كان أحد الأشياء التي أصر مؤيدو الثورة عام 2011 على الفوز بها في مصر هي فكرة تحديد مدة ولاية الرؤساء".

وكان "السيسي" نفسه قد تحدث سابقا عن أهمية قصر ولاية الرئيس على فترتين، قائلا: "لم يعد هناك مجال لديكتاتور بعد الآن. وفي مصر، سيتم نقل السلطة كل 4 أعوام".

كما تمنح التعديلات الرئيس صلاحيات جديدة لتعيين القضاة والنائب العام مباشرة. ووصفت لجنة الحقوقيين الدولية ذلك "بالاعتداء الصارخ على سيادة القانون واستقلال القضاء في مصر".

ويصر أنصار الرئيس على أنه يحتاج إلى مزيد من الوقت والسلطة لتنفيذ خطط لإصلاح الاقتصاد المصري وسحق التمرد الجهادي في صحراء سيناء.

وقال "خالد مصطفى يوسف"، البالغ من العمر 54 عاما، بعد التصويت على التعديلات الدستورية: "لا أعتقد أننا سنجد أي شخص أفضل من السيسي، لأنه يحمينا ويحمي البلاد".

وتعد حكومة "السيسي" تقريبا أكثر قمعا من تلك التي أطاح بها الربيع العربي عام 2011، وفقا لجماعات حقوق الإنسان. فقد تم سجن الآلاف في محاكمات جماعية، وتتلقى الحكومة اتهامات على نطاق واسع بممارسات التعذيب والإعدام.

وحتى نقاد النظام من النخب القديمة أصبحوا مستهدفين. حيث يقبع "سامي عنان"، وهو قائد سابق للجيش، في السجن لأكثر منذ أكثر من عام، بعد محاولته الترشح ضد "السيسي" في الانتخابات الرئاسية العام الماضي.

وعلى الرغم من سجل حكومته المؤسف، رحب "دونالد ترامب" بـ"السيسي" في وقت سابق من هذا الشهر في البيت الأبيض، في ما كان ينظر إليه على نطاق واسع على أنه موافقة أمريكية ضمنية على تعديلاته الدستورية.

ولقد ترك هذا الوضع الكثير من الشباب المصريين يشعرون بالإحباط ويشعرون أنه ليس لديهم خيار سوى مقاطعة الاستفتاء.

وقال "مينا" وهو مهندس مصري: "ستكون النتيجة نعم، سواء صوتنا بنعم أو لا. نحن نتساءل لماذا مررنا بكل ما مررنا به منذ 25 يناير حتى نصل إلى نقطة النهاية المؤسفة هذه؟"

المصدر | تليغراف

  كلمات مفتاحية

الشبكة العربية لحقوق الإنسان: الدستور المصري مهمل ونصوصه معطلة