التعديلات الدستورية في مصر ومسلسل المهازل المفتوح

الأربعاء 24 أبريل 2019 11:04 ص

التعديلات الدستورية في مصر ومسلسل المهازل المفتوح

تمنح الجيش حق الانقلاب على الدولة والمجتمع المدني ساعة يشاء جنرالاته.

التعديلات تستهدف أولاً إبقاء السيسي على رأس الدولة حتى سنة 2030

بطاقة الاستفتاء كانت خالية من نصوص التعديلات ذاتها فصوّت المواطنون على تعديلات غابت نصوصها رغم خطورتها القانونية والدستورية.

تسند التعديلات للقوات المسلحة «صون الدستور والديمقراطية والحفاظ على مقومات الدولة الأساسية ومدنيتها، ومكتسبات الشعب وحقوق وحريات الأفراد».

*     *     *

بعد مسرحية إعادة انتخابه لولاية ثانية العام الماضي بنسبة بلغت 97,08، استكمل رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي مسلسل المهازل بتنظيم ما سُمّي بالاستفتاء على عدد من التعديلات الدستورية التي تُحكم قبضته الشخصية على السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية.

وتمكّن مؤسسة الجيش من التدخل في حياة البلاد المدنية، وتضع الأجهزة الانقلابية المختلفة فوق الشعب وبمنأى عن الحساب بموجب أحكام الدستور المعدل ذاتها.

ولقد بات معروفاً أن التعديلات تستهدف أولاً إبقاء السيسي على رأس الدولة حتى سنة 2030، بموجب المادة 140 التي تجيز انتخاب الرئيس لمدة ست سنوات ميلادية قابلة للتجديد، والمادة 241 مكرر التي تنصّ على جواز إعادة انتخاب الرئيس الحالي لمرة تالية بعد انقضاء ست سنوات من تاريخ انتخابه سابقاً في سنة 2018.

واستناداً إلى المادة 250 يحق لرئيس الجمهورية تعيين ثلث أعضاء مجلس الشيوخ الجديد، أي الغرفة الثانية التي سوف يتم استحداثها لتكون قطباً إضافياً مكملاً لمجلس نواب تابع أصلاً وتسيّر أجهزة النظام معظم أعضائه من خلال حزب «مستقبل وطن» خاصة.

أما المواد 185 و193 و189 و190 فقد صيغت على نحو يعطي السيسي سلطة قرار فردية في تعيين رؤساء الهيئات القضائية والنائب العام ورئيس المحكمة الدستورية ونوابه.

والمادة 200 تسند إلى القوات المسلحة مهام «صون الدستور والديمقراطية، والحفاظ على المقومات الأساسية للدولة ومدنيتها، ومكتسبات الشعب وحقوق وحريات الأفراد»، بما يعني منح الجيش حق الانقلاب على الدولة والمجتمع المدني ساعة يشاء جنرالاته.

وكان محتوماً أن تظهر على السطح مظاهر فاضحة لهذه المهزلة المعلنة، فتتجلى اولاً في مخالفة دستورية فاقعة لا مثيل لها في التاريخ ومفادها أن بطاقة الاستفتاء كانت خالية من نصوص التعديلات ذاتها، بحيث كان المواطن يصوت على قبول أو رفض تعديلات غابت نصوصها رغم خطورتها القانونية والدستورية.

هذا بالإضافة إلى حقيقة «طبخ» تلك التعديلات خلال زمن قياسي قصير، سواء في مجلس النواب الذي اكتفى بيوم واحد من مهلة الشهر القانونية، أو رئاسة الجمهورية التي صادقت عليها بعد يوم واحد، أو هيئة الانتخابات التي دعت إلى الاستفتاء خلال ساعات.

كذلك تجلت المهزلة في سلوكيات تضيف الإهانة على جراح المواطن المصري المغلوب على أمره، مثل توزيع كرتونة مواد غذائية على سبيل دفع الشرائح الأفقر إلى المشاركة، أو مصادرة وسائل المواصلات الخاصة وتسخير المركبات العامة لنقل المواطنين إلى مراكز التصويت، أو إقامة حفلات الرقص والغناء وتجنيد الفنانين والفنانات لإحياء «العرس الديمقراطي».

وإلى جانب هذه وسواها، لجأت الأجهزة إلى الضغط على وسائل الإعلام المختلفة والفضائيات التابعة أو المأجورة بحيث جرى التعتيم التام على الصوت المعارض أياً كان، فضلاً عن قطع الطريق حتى على فرصة شرح التعديلات للمواطنين.

ولم يكن أمراً مستغرباً أن يقوم السيسي بزيارة إلى واشنطن قبيل التصويت على التعديلات، وأن يحظى من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإطراء كبير هو الثاني من نوعه بعد زيارة سابقة في العام 2017.

وإذا كانت المساعدة الأمريكية إلى مصر تقارب 1,3 مليار دولار، فإن ترامب اعتبر النظام المصري «شريكاً تجارياً كبيراً»، ولم يجد أي شائبة في التعديلات الدستورية مكتفياً بالقول إن «الرئيس السيسي يقوم بعمل عظيم وشاق في مصر».

كأن مسلسل المهازل المفتوح لم يكن ينقصه إلا حلقة ترامب.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

رويترز: هكذا شدد السيسي قبضته على حكم مصر