كيف يمارس نظام السيسي قمع معارضيه خارج الحدود؟

الثلاثاء 30 أبريل 2019 11:04 ص

تستضيف مصر حاليا مؤتمرا على مستوى القارة الأفريقية حول حقوق الإنسان، ومن 24 أبريل/نيسان إلى 14 مايو/أيار، يعقد المندوبون مناقشات كجزء من اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، وهي أعلى هيئة لحقوق الإنسان في الاتحاد الأفريقي.

وهناك مفارقة كبيرة في هذا، فسجل مصر في مجال حقوق الإنسان ليس شيئا يستحق الاحتفاء به، وفي الواقع، جاء افتتاح الجلسة بعد يوم واحد فقط من نجاح الرئيس "عبدالفتاح السيسي" في تمرير سلسلة من التعديلات الدستورية التي تعزز سلطته في استفتاء هش.

وتعني هذه الإصلاحات إمكانية بقاء "السيسي" في السلطة حتى عام 2030 على الأقل، علاوة على ذلك، تضع التعديلات الجيش فعليا فوق القانون، وتقوض استقلال القضاء.

ولم تكن هناك فرصة لمعارضة تعديلات "السيسي" المقترحة، والتي تمت الموافقة عليها رسميا بنحو 89% من الأصوات.

وتم على الفور اعتقال أحد الناشطين الذين حملوا لافتة كتب عليها "لا لتعديل الدستور" في ساحة عامة، وقد انضم إلى عديد من السجناء السياسيين الآخرين في مصر، الذين تقدر "هيومن رايتس ووتش" عددهم بنحو 60 ألفا.

وأظهرت الحكومة المصرية أنها قمعية للغاية، لكن انتهاكاتها تتجاوز مجرد منع المعارضة، وينخرط النظام في محاولة لإعادة تعريف مفاهيم الجنسية والمواطنة.

ومنذ الانقلاب الذي وقع في يوليو/تموز 2013، الذي أوصل "السيسي" إلى السلطة، تبنت الحكومة خطابا يعامل أي معارضين على أنهم "أشرار" و"خونة" يريدون إلحاق الأذى بمصر، في حين يبرر النظام انتهاكاته كجزء من الحرب ضد الإرهاب.

ولا يتوقف اضطهاد النظام للنقاد والمعارضين عند حدود مصر، ففي الشهر الماضي، على سبيل المثال، طردت نقابة الممثلين المصريين الممثلين "عمرو واكد" و"خالد أبوالنجا"، بعد أن تحدثا ضد انتهاكات حقوق الإنسان في جلسة استماع بالكونغرس الأمريكي.

وادعى النظام أن الاثنين ارتكبا "خيانة عظمى"، واعتمدا على "قوى أجنبية للتآمر على أمن مصر واستقرارها".

كما تجعل الحكومة الحياة صعبة على المعارضين الذين يعيشون في الخارج عندما يحاولون تجديد جوازات سفرهم.

وقد أكد الممثل "عمرو واكد" أن السفارة المصرية في إسبانيا أخبرته أنه سيتعين عليه العودة إلى مصر لتجديد جواز سفره، وإذا فعل ذلك، فمن المحتمل أن يتم اعتقاله، بالنظر إلى أن السفارة أبلغته أيضا أن المحاكم العسكرية قد أدانته غيابيا بالسجن لمدة 8 أعوام بتهمة "نشر أخبار مزيفة" و"التشهير بمؤسسات الدولة".

وأبلغ عدة أشخاص آخرين، من تركيا إلى النرويج، عن معاملة مماثلة عند محاولة تجديد جوازات سفرهم.

وقد أثر هذا التعنت المتعمد من جانب القنصليات المصرية على شخصيات بارزة، مثل الصحفية "أسماء شكر"، فضلا عن الأفراد الأقل شهرة الذين ينتقدون الحكومة بطريقة أو بأخرى.

ولا تؤثر هذه السياسة على قدرة المواطنين على السفر فحسب، ولكنها تخلق لهم صعوبات قانونية أخرى عند تجديد تصاريح إقامتهم في البلدان المضيفة لهم.

وبالنسبة للبعض، يصبح خطر الترحيل أكثر إلحاحا، وفي مارس/آذار، على سبيل المثال، أعادت السلطات الماليزية 6 مواطنين مصريين متهمين بأن لهم صلات بجماعات إسلامية محظورة.

وفي فبراير/شباط، تم ترحيل شاب مصري محكموم عليه بالإعدام من تركيا إلى مصر.

 وفي العام الماضي، ورد أن الوزير السابق "محمد محسوب" كاد يواجه خطر التسليم للسلطات المصرية بعد أن احتجزته الشرطة الإيطالية لعدة ساعات قبل إطلاق سراحه في النهاية.

ولم تعد مغادرة مصر تعني الأمان، وكان على بعض شخصيات المعارضة البارزة التخلي عن جنسيتهم المصرية بالكامل واكتساب جنسية أخرى لمجرد الهرب من الاضطهاد وتجنب التهديد بالعودة إلى مصر، لمواجهة الموت والتعذيب على أيدي النظام.

وحتى مع الهروب من هذا المصير، ليس من الضروري أن تكون نهاية الخطر، ففي بعض الأحيان، عندما يتعذر على النظام مضايقة خصومه المتصورين في الخارج، يلجأ إلى التضييق على عائلاتهم في الداخل.

وكان "معتز مطر"، وهو مذيع تليفزيوني مشهور يعيش في إسطنبول، قد عرض لهذا النوع من القمع العائلي بسبب إطلاقه حملة "اطمن.. أنت مش لوحدك" التي عارضت التعديلات الدستورية، وفي الشهر الماضي، اعتقلت السلطات المصرية أخويه وزوجتيهما وأطفالهما، وداهمت منزل والدته.

وتشير تصرفات نظام "السيسي" إلى أن حقوق الإنسان والحريات الأساسية ليست وحدها من تتعرض للتهديد، وإنما العقد الاجتماعي بين المواطنين والدولة في مصر برمته.

وقد استخدمت الحكومة هذه الاستراتيجية لإسكات المعارضة ومضايقة النقاد ومعارضي التعذيب، ليس فقط في مصر بل في جميع أنحاء العالم.

وتتطلب هذه المحاولات الدؤوبة لإعادة تعريف المواطنة وجعلها مرتبطة بالولاء السياسي رد فعل موحدا من جميع فصائل الطيف السياسي المصري.

المصدر | مصطفى النمر - أفريكان أرجيومنتس

  كلمات مفتاحية

و.بوست: مقصلة القمع في مصر لا تستثني الأجانب ولا ترحم الأطفال

ناشطون يسخرون من السيسي: شايف مصر بقت فين؟