شطرنج «أوباما» الخليجي

الجمعة 29 مايو 2015 10:05 ص

قام الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» بجملة من التحركات المتوقعة منذ فترة تجاه دول مجلس التعاون الخليجي خلال الأيام الماضية حيث دعا زعماء الدول الخليجية الست للتباحث في قمة كامب ديفيد . والتي تكمن أهميتها في تحديد تطورات العلاقة منمرحلة ما قبل الربيع العربي. ولكن الوضع الحالي يعد عهد الخليج حيث جعل دول الخليج تملأ الفراغ التقليدي الذي تركته دول مثل العراق ومصر.

وفي هذا السياق يمثل هذا اللقاء في كامب ديفيد الدور الأمريكي الذي يسعى للحفاظ على التوازن بين إيران ودول الخليج. وهذا التوازن الذي لابد منه حتى لا يغلب طرف منهما الآخر.

السبب الرئيسي للقمة باختصار هو «القلق الخليجي» بعد الاتفاق النووي مع إيران، وكذلك الشعور بفقدان الثقة بترتيبات الولايات المتحدة في المنطقة وتزايد القلق من تبخر الخطوط الحمراء التي وضعها «أوباما» في العراق وسوريا.

المزاج العام في دول الخليج ساخط بسبب عدم القدرة على منع الاتفاق النووي مع إيران. فعدا عن كسب الوقت نحو الوصول للسلاح النووي، أصبحت ايران ضدهم وجها لوجه وأكثر قوة في سوريا والعراق ولبنان واليمن.

وقد لبي دعوة «أوباما» أميران و4 من أولياء العهد. وقد أثار غياب الملك «سلمان» قدرا كبيرا من التكهنات وكذلك عدم ذهاب ملك البحرين أيضا يأتي ضمن نطاق تأثير وعناد الملك في الرياض، وهذا يجعل العلاقات السعودية الأمريكية تحت الاختبار. أما البعيد عن سياسة التصعيد «سلطان عمان» فقد تغيب لأسباب صحية.

وقد أعلن «أوباما» بعد القمة أن المشاركة كانت كافية ولكن سيبقى السؤال هل كان اللقاء مع أولياء العهد مجديا؟

ويجب أن لا ننسى مواجهات «أوباما» مع الزعماء الأقوياء وجها لوجه. من حيث المبدأ يبدو أن اللقاء كان كافيا من وجهة نظر الادارة  الامريكية  في هذا التوقيت. ويسعى «أوباما» إلى إقناع الحلفاء الخليجيين أن الاتفاق مع ايران يخدم أمن المنطقة ولكن لا يبدو أن هذا سيزيل الشكوك الخليجية.

ويبدو أن الآليات التي طرحها «أوباما» للرقابة على النووي الايراني جاءت أقل من المتوقع ومن جهة أخرى فإن «أوباما» أكد أن التعاون مع دول الخليج لن يستهدف إيران أو يهمشها.

من وجهة نظر الجهات الفاعلة الرئيسية في دول مجلس التعاون الخليجي، وخاصة منظور المملكة العربية السعودية، فإنها ليست قادرة على رؤية أن أمريكا تعمل على جر إيران لمربع المجتمع الدولي أو الضغط عليها.وقد اتضح أن العاهل السعودي الملك «سلمان» بدأ بكل مصداقية في اليمن و أراد بالفعل أن يعطي درسا لإيران، ويبدو أن صبر الرياض نفد بعد تراجع «أوباما» عن وعوده و الخط الأحمر الذي وضعه للأسلحة الكيميائية في سوريا والتردد الواضح إزاء التدخل في هذا الصدد.

ومع استمرار التنافس الإيراني-السعودي، وفي حين أن هناك امتيازات ممنوحة للاتفاق النووي الإيراني مع أمريكا، فإن المملكة العربية السعودية لا يمكنها الحصول على الدعم الذي تريده من  إدارة «أوباما». مما  أدى إلى حرب السعودية في اليمن، من خلال التحالف العسكري والحديث عن جيش موحد تحت لواء جامعة الدول العربية وهي فكرة ولدن نتيجة حاجة السعودية إلى التعامل بنفسها مع مشاكلها الخاصة.

وعلى ما يبدو لن يكون وعد من «أوباما» بعدم انجاز اتفاق نووي مع إيران. في الواقع لم يكن هناك إطار رسمي لعلاقات أميركا مع دول مجلس التعاون الخليجي.

غياب الضمانات

إذا كان المنظور الأمني ​​الذي تقدمه الولايات المتحدة لا يأتي في إطار اتفاق رسمي موقع. فكيف يمكن الاعتماد على مقوله «أوباما» ودعوته للخليجيين باعتبار كلمة الإدارة الامريكية كلمة معتبرة، وكيف سيكون توقعهم  للموقف الأمريكي من هذه الكلمة.

في الواقع إن مقارنة مبسطة جدا بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة اليوم، ووفقا للتطورات حيث أن العلاقات مع دول الخليج تشكلت وفقا لأولويات واشنطن. وتكشف لعبة الشطرنج الخاصة بـ«أوباما» بعد قمة الخليج أنه  لا يتوقع انحرافا عن هذا الإطار.

تعتبر السعودية ضمانات «أوباما» بالوقوف إلى جانب دول الخليج  سلوكا غير فعال  بسبب التوسع الإقليمي لإيران في ظل اعتراضات  أمريكا على تسليح المعارضة السورية .

من ناحية يمكن لـ«أوباما» والوجود العسكري الأمريكي على مقربة من  المنطقة، وأنظمة الرادار وسياسة التدخل السريع أن توفر شيئا من أمن الخليج.  لكن من ناحية أخرى فإن الولايات المتحدة لن تكون طرفا في القتال الطائفي في المنطقة، وبالتالي لا أفق لمثل هذا التدخل. وفي هذا السياق، فإن سقف التعاون العسكري في منطقة الخليج  قد انخفضت التوقعات بشأنه، و هذا يدعو إلى تنسيق أفضل والعمل بشكل جماعي مما يشير أن مشاكل المنطقة تحتاج آليات من داخل المنطقة لحلها.

يبدو أن دول الخليج بعد  القمة مع «أوباما» ستواصل مسار  التصادم مع إيران من جهة وعلى الجهة الأخرى تقف «داعش» أيضا والتي تتصاعد قوتها يوما بعد يوم وتحاول كسب مزيد من المناطق السنية. وبالرغم من التحالف الدولي فأنها ما زالت تعمل. ويضاف إلى هذا المشاكل الداخلية في هذه الدول المتعلقة بالحريات والمطالب الأخرى.

في الختام، يبدو القادة الخليجيون يرون في إيران تهديدا وجوديا وبالتحديد في المد الشيعي. وفي هذا الموضوع لم يأخذوا من «أوباما» شيئا يذكر. حيث يهدف «أوباما» لتركيز اللعب على موضوع التوازن بين إيران ودول الخليج. يعمل قادة الخليج للحفاظ على السلطة المتبقية في أيديهم  أمام المطالب الشعبية من خلال التركيز على التهديد الإيراني،  وأعتقد في المدى  المنظور أنهم سيقومون بفعل أفضل ما يمكنهم فعله .

  كلمات مفتاحية

كامب ديفيد السعودية إيران الاتفاق النووي أوباما أمريكا الخليج مجلس التعاون الخليجي

باراك أوباما إذ يدير ظهره للشرق الأوسط 

التحالف السعودي التركي يقلق «السيسي» و«نتنياهو» و«أوباما»

أوباما و«عقلانية» إيران «الاستراتيجية»!

قمة «كامب ديفيد» الأمريكية - الخليجية

الاتفاق النووي أولا... فماذا يبقى من كامب ديفيد؟

«أوباما» والخليج: مخلب أم أسنان؟

مخاوف الخليج التي لا يفهمها «أوباما» .. لماذا قررت السعودية الاعتماد على نفسها؟

استراتيجية «أوباما» ورد الفعل الخليجي

تنحي الولايات المتحدة جانبا سيكون ثمنه باهظا