كيف تغير الفتيات الهاربات من السعودية قواعد اللجوء حول العالم؟

الثلاثاء 21 مايو 2019 07:05 ص

يعد تسلسل الأحداث التي أدت إلى هروب "وفاء" و"مها السبيعي" الدرامي من المملكة العربية السعودية جديرا بأن تؤلف عنه قصة في هوليود.

وضللت "وفاء"، 25 عامًا، و"مها"، 28 عامًا، أسرتهما من أجل السفر من مسقط رأسهما المعزول في غرب المملكة العربية السعودية إلى العاصمة الرياض للعيش مع شقيقهما.

وفي الرياض، تمكنت الشقيقتان من الحصول على جواز السفر دون علم الأسرة، وشراء تذاكر الطائرة، والسفر من العاصمة السعودية إلى إسطنبول في 1 أبريل/نيسان.

وفي مطار الرياض، كسرت الشقيقتان بطاقات الهاتف الخاصة بهما لتجنب المراقبة، وقامتا بخلع لإعطاء الانطباع بأنهما من أسرة ليبرالية لتجنب الشك في سبب سفرهما بمفردهما، وكانت هذه هي المرة الأولى التي تسافر فيها الأختان على متن طائرة.

وكان هدف الأختين هو الوصول إلى الحدود التركية مع جورجيا، نظرًا لوجود شائعات عن كون جورجيا قناة إلى العالم الخارجي، ولأن المواطنين السعوديين لا يحتاجون إلى تأشيرات لدخول جورجيا.

ومن إسطنبول، طارت الشقيقتان على الفور إلى الشرق في "طرابزون"، ولم يكن الأمر سوى مسألة وقت قبل أن يسعى أخوهما خلفهما بعد إدراكه غيابهما.

في طرابزون، استأجرت الأختان سيارة أجرة لقيادتهما لمسافة 113 ميلاً إلى الحدود مع جورجيا، وحالما وصلتا إلى باتومي، وهي مدينة منتجع على ساحل البحر الأسود، وجدتا مقهى للنساء فقط وطلبتا المساعدة حيث استضافتهما امرأة جورجية في شقتها وقادتهما 230 ميلاً إلى تبليسي في اليوم التالي.

وسردت الأختان قصتهما بمزيج من اللغتين الإنجليزية والعربية في 28 أبريل/نيسان من داخل غرفة صغيرة في ملجأ للاجئين بالقرب من تبليسي.

وزعمت الشقيقتان أنهما فرتا من سوء المعاملة، فضلاً عن الافتقار إلى الحريات بسبب الوصاية السعودية والقانون العرفي الذي يشترط حصول المرأة على إذن من قريب من الذكور لاتخاذ القرارات الأساسية.

وقد نجحتا في الوصول إلى حساب والدهما على تطبيق أبشر، وهو تطبيق سعودي للهاتف المحمول يسمح للأوصياء بالإقرار أن النساء لديهن إذن بالسفر.

المزيد من النساء الهاربات

وتأتي هذه القصة استكمالا لقصص النساء الهاربات من المملكة العربية السعودية، في الوقت الذي تدعي فيه الحكومة وولي العهد الأمير "محمد بن سلمان" إحراز تقدم في مجال حقوق المرأة، مستشهدين برفع الحظر المفروض على قيادة المرأة في يونيو/حزيران 2018.

وفي يناير/كانون الثاني، سافرت "رهف القنون" وهي سعوديّة تبلغ من العمر 18 عامًا هربا من عائلتها أثناء عطلة قضتها العائلة في الكويت، إلى تايلاند وتم تهديدها على الفور بالترحيل.

وقامت "رهف" بحبس نفسها في غرفة في فندق في مطار بانكوك ولجأت إلى وسائل التواصل الاجتماعي طالبة المساعدة، وبعد 6 أيام، أعيد توطينها في كندا، ولا تزال هناك نساء أخريات يهربن سرا.

وقالت "دانا أحمد" من منظمة العفو الدولية: "تدل حالات النساء السعوديات الهاربات من البلاد على وضع النساء في المملكة العربية السعودية".

وأضافت: "على الرغم من بعض الإصلاحات المحدودة، فإن النساء لا يتمتعن بالحماية الكافية من العنف المنزلي والإيذاء، وبشكل عام يتعرضن للتمييز بشكل كبير نتيجة لنظام الوصاية الذكورية".

على سبيل المثال، لا يزال نظام الوصاية يترك المجال للعائلات لتقرير ما الذي يمكن أن تشاركه فيه المرأة وإذا قررت العائلات منع المرأة من مغادرة المنزل، فليس هناك من وسيلة لجوء تذكر لمحاربة ذلك؛ ولا تزال العادة تملي على أن النساء أخذ الإذن من أولياء أمورهن للعمل خارج المنزل.

وتعمل ملاجئ النساء الهاربات من العنف المنزلي كمراكز احتجاز، طبقًا لناشطي حقوق الإنسان، لأن النساء في بعض الأحيان يحتجن إلى إذن من أحد أفراد الأسرة من أجل مغادرة هذه الملاجئ.

وقالت "دانا أحمد" إنه على الرغم من صعوبة معرفة عدد النساء الفارات من المملكة العربية السعودية بالضبط، فقد تضاعف عدد طالبي اللجوء من المملكة ثلاثة أضعاف ما بين عامي 2012 و2017، وصولا إلى 800 حالة في جميع أنحاء العالم.

وتثير قصة "مها" و"وفاء" أيضاً مسألة ما إذا كان الاعتداء الأسري يمكن أن يؤهل شخصًا للجوء الدولي، وكانت هذه المسألة قيد المراجعة من قبل إدارة "ترامب" في الولايات المتحدة، والتي سعت إلى وقف تدفق طالبي اللجوء من أمريكا الوسطى.

ومنذ عام 2014، بعد قضية تاريخية شملت امرأة غواتيمالية مُنحت حق اللجوء في الولايات المتحدة بعد فرارها من اعتداءات زوجها العنيفة، أصبح العنف المنزلي معيارًا مقبولًا لقبول اللاجئين في الولايات المتحدة، وقبل عام 2014، كانت قرارات قضاة الهجرة في هذا الشأن غير متسقة.

ولم يكن هذا النوع من الهجرة الاجتماعية مذكورا صراحة في اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين لعام 1951 والتي بموجبها يمكن لشخص ما طلب اللجوء خوفًا من الاضطهاد، ولم يتم ذكر الإساءة المنزلية.

تغير قواعد اللجوء

 ومع ذلك، فإن تعريف اللجوء تطور على مر السنين، كما توضح "باراستو حسوري"، التي تدرس قانون اللاجئين في الجامعة الأمريكية في القاهرة، وقالت: "لقد أصبح الخوف من العنف المنزلي أساسًا شرعيًا لطلب اللجوء في الحالات التي تكون فيها الدولة غير راغبة أو غير قادرة على توفير الحماية".

وقالت "حسوري": "إن مجرد تقديم السلطات السعودية ضمانات بأن هؤلاء النساء لن يتعرضن للأذى لا يكفي إذا كان هناك دليل على أن ضحايا العنف المنزلي لن يتمكنوا من الحصول على حماية فعالة من الدولة".

وتعتبر "رهف القنون"، المراهقة السعودية التي عرض عليها اللجوء في كندا، أحد الأمثلة على تطور قانون اللاجئين ليشمل الاضطهاد على أساس الجنس.

وقامت المملكة العربية السعودية بتجريم العنف المنزلي في عام 2013 لكن الناشطين اشتكوا من أن القانون لم ينفذ بالكامل، قالت بعض الهاربات إنهن لم يذهبن إلى الشرطة للحصول على المساعدة لأنهن اعتقدن أن ذلك سيجعل وضعهن أسوأ، لقد اعتقدن أن الشرطة لن تساعدهن وقد تقوم أسرهن بالانتقام ضدهن جسديًا بسبب التحدث علنًا.

وقالت "مها": "إذا اتصلت بالشرطة، فإن الشرطة لن تأتي إلى المنزل، وإذا جاءوا فإنهم سيحتاجون إلى ولي أمرك للتحدث إليه، إنهم لن يساعدونا".

وثّقت "مها" و"وفاء" كدمات من أثر الضرب على هاتف سري وأظهرتا لـ"فورين بوليسي" صورتين من هذا القبيل.

وقالت الأختان إن بعض أفراد أسرتهما تواصلوا معهما عبر الرسائل المباشرة على "تويتر" باستخدام حسابات مزيفة، وكانت بعض الرسائل تهدد بالعنف والقتل مع إشارات تدل على أنها من الأقارب.

كانت "مها" و"وفاء" تأملان في مغادرة جورجيا إلى دولة غربية في أقرب وقت ممكن بعد وصولهما، ولكن مع عدم وجود ردود إيجابية من السفارات الغربية، نقلتا مواقفهما إلى "تويتر"، وقالت "مها" عن قرارهما باستخدام موقع "تويتر" لنشر قصتهما: "قبل أن يتم اختطافنا وقبل قتلنا، يجب أن يعرف العالم أننا حقيقيتان".

عندما وصلت "مها" و"وفاء" لأول مرة إلى جورجيا، استكشفتا تبليسي سيراً على الأقدام وتناولتا عينات من الطعام الجورجي، وبحلول الوقت الذي التقيت بهما بعد شهر في البلاد، كانتا قلقتين بشكل متزايد على سلامتها ونادراً ما غادرتا المأوى.

وتعد جورجيا بلدا صغيرا يبلغ عدد سكانه 3.7 مليون نسمة وهو مقصد شهير لقضاء عطلات السعوديين، لقد خافتا من أن تقعا في أيدي عائلتهما.

وفجأة في 7 مايو/أيار، نشرت الأختان على حساب "تويتر" الخاص بهما أنهما غادرتا جورجيا، وكتبتا أيضًا أنهما لن تذكرا المكان الذي سافرتا إليه لأسباب أمنية.

وقال "آدم كوغل" الباحث في "هيومن رايتس ووتش" حول سبب إخفاء الأختين موقعهما الجديد: "في حين أن العديد من الدول قد تكون مهتمة بمساعدة النساء السعوديات، لكنهم لا يرغبون بعد ذلك في استنفار مئات أو آلاف النساء السعوديات اللائي يسعين لفعل الشيء نفسه".

وتقول "ياسمين فاروق"، وهي زميلة زائرة في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، إن التأثير السعودي على الساحة العالمية يمنع الحكومات التي تقبل طالبي اللجوء من الإعلان عن المساعدة التي يقدمونها.

وقالت "ياسمين فاروق": "تجعل الإصلاحات الاقتصادية الأخيرة السعودية أرضاً خصبة للاستثمارات الغربية الكبيرة، لذلك فإن بعض الدول لا تعلن عن حالات النساء السعوديات لأنها لا ترغب في تخريب علاقاتها مع السعودية وخسارة حصتها من الامتيازات".

ومع ذلك، فإن العقبات التي تواجهها النساء السعوديات من العائلات المحافظة في الهرب، إلى جانب الخوف من ما يمكن أن يحدث لهن إذا تم القبض عليهن تجعل الحصول على الحرية شبه مستحيل.

واعتقدت "مها" و"وفاء" أنهما قد تتعرضان للأذى إذا علم الأقرباء حول خططهما للفرار، لكنهما أخذتا المخاطرة على أي حال، وهذا دليل على يأسهما من تصور مستقبلهما في المملكة.

إذا فتحت الإصلاحات الجديدة المزيد من الفرص للمرأة السعودية نظريا، فسوف يحتاج المجتمع ككل أيضًا إلى التكيف لمواكبة التغييرات، في غضون ذلك، من المحتمل أن يكون هناك المزيد من النساء السعوديات الهاربات اللائي يعولن على عالم مستعد لمساعدتهن.

المصدر | لورا كاسينوف - فورين بوليسي

  كلمات مفتاحية

صحفيان سعوديان طلبا اللجوء لأستراليا يتهمان المملكة بالانتقام منهما

بن سلمان يشعل معركة قضائية في أمريكا بين سعوديتين