انتخابات جديدة في إسرائيل.. ماذا يدور في عقل نتنياهو؟

الاثنين 3 يونيو 2019 12:06 م

تفاوض السياسيون الإسرائيليون حتى منتصف ليل 29 مايو/أيار في محاولة لتشكيل حكومة، قبل أن يقرروا في النهاية حل الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، وإجراء انتخابات جديدة.

وستذهب (إسرائيل) إلى انتخابات جديدة في سبتمبر/أيلول، وقد تكون تلك هزيمة ظاهرية لـ"نتنياهو" لكنها تمثل أيضًا محاولة أخرى للتشبث بالسلطة والتغلب على منافسيه.

وتواجه (إسرائيل) العديد من التحديات حول استقرارها الداخلي أهمها صعود ونفوذ إيران، ويعتبر حلفاء إيران في النظام السوري و"حزب الله" في لبنان، والقوات شبه العسكرية الشيعية في العراق، والحوثيون في اليمن (إسرائيل) عدوا.

 وقال زعيم "حزب الله"، "حسن نصرالله" متحدثًا في احتفال سنوي بانسحاب (إسرائيل) من لبنان عام 2000 إن حركته ستقود الجهود لمعارضة خطة السلام الأمريكية ووجود (إسرائيل) في الضفة الغربية.

ويلعن الحوثيون في اليمن اليهود و(إسرائيل) في شعارهم الرسمي، وتزعم الميليشيات الشيعية في العراق، مثل كتائب "حزب الله" ومنظمة "بدر"، بانتظام أنها تعارض الولايات المتحدة و(إسرائيل)، التي تميل إلى إلقاء اللوم عليها في التوترات الأخيرة بين الولايات المتحدة وإيران.

في الوقت نفسه، تدفع واشنطن بخطة سلام جديدة لحل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، ووصل مستشار الرئيس "دونالد ترامب"، "جاريد كوشنر"، إلى (إسرائيل) مع المفاوض "جيسون غرينبلات" عندما تم الإعلان عن الذهاب إلى انتخابات جديدة.

وكان من المفترض أن تكون هناك حكومة مستقرة قبل بدء "صفقة القرن" وقبل اجتماع البحرين في 25 يونيو/حزيران، والذي يهدف إلى جمع الدعم المالي للخطة.

انتخابات جديدة.. وسيناريوهات جديدة

ويمكن اعتبار عدم قدرة "نتنياهو" على تشكيل حكومة ائتلافية بمثابة هزيمة، لكن لديه فرص كبيرة لتفاديها وفتح سيناريوهات جديدة، هذا يعني أن رئيس الوزراء اعتبر هذا الخيار الأقل سوءًا.

وتعد سياسات الائتلاف الإسرائيلية معقدة، حيث لا يحصل أي حزب بمفرده على غالبية المقاعد في الكنيست، وحصل كل من حزب الليكود بقيادة "نتنياهو" ومنافسه الرئيسي رئيس أركان جيش الدفاع الإسرائيلي السابق "بيني غانتر"، ممثل حزب "أزرق - أبيض" على 35 مقعدًا في انتخابات أبريل/ نيسان 2019.

تعهدت العديد من الأحزاب من يمين الوسط واليمين بالعمل مع "نتنياهو" مرة أخرى كما فعلت في الحكومات السابقة، وشمل ذلك الأحزاب المتطرفة، وحزب وزير الدفاع السابق "أفيغدور ليبرمان"، "إسرائيل بيتنا"، لكن "ليبرمان" طالب بأن يتعامل ائتلاف "نتنياهو" الجديد مع القضية المثيرة للجدل المتمثلة في إعفاء الرجال اليهود المتدينين من الخدمة العسكرية.

وفي النهاية فشل تشكيل الحكومة بسبب عجز "ليبرمان" و"نتنياهو" والمتدينين عن الوصول إلى التسوية، وكان ذلك بمثابة مفاجأة لكثير من الناخبين ووسائل الإعلام.

وفي يوم السبت الموافق 25 مايو/أيار، تم تسليط الضوء على احتجاج مئات الآلاف من الإسرائيليين في تل أبيب على خطط "ننتنياهو" للسعي للحصول على حصانة من لوائح اتهام بالفساد تلوح في الأفق، بعد أيام كان من الواضح أن انتخابات جديدة كانت على الطاولة.

الآن أمام "نتنياهو" عدة تحديات؛ الأول هو إبقاء الناخبين مقتنعين بروايته، في 29 مايو/أيار، قال "نتنياهو" إن الشعب الإسرائيلي قد صوت لصالح حكومة يمينية، وإن "ليبرمان" نسف إمكانية بناء حكومة.

ويعد هدف "نتنياهو" الرئيسي في الانتخابات المقبلة هو تقليص فرص حزب "ليبرمان" في تجاوز العتبة الانتخابية، خاصة مع حصوله على 4% فقط من الأصوات في الانتخابات الأخيرة.

وفشل حزبان يمينيان أصغر، هما زيهوت واليمين الجديد في تجاوز العتبة في انتخابات أبريل/نيسان، وسيسعى الليكود في الوقت نفسه أيضًا إلى مواصلة إضعاف الوسط واليسار، وقد حصل حزب العمل الإسرائيلي على 6 مقاعد في انتخابات أبريل/نيسان، وهو أدنى مستوى له على الإطلاق.

منذ 10 سنوات، تفوق "نتنياهو" بوضوح على منافسيه، ونجح في استخدام سياسة الائتلاف لتهميش الخصوم أو تقسيم الأحزاب، وقد جاء الليكود في المرتبة الثانية في انتخابات 2009، ومع ذلك فإنه شكل الحكومة.

وتعاون "نتنياهو" مع خصومه على مر السنين، وأضعفهم في النهاية في هذه العملية، وشمل ذلك حزب "هناك مستقبل"، وهو حزب "يائير لابيد"، وحزب العمل تحت قيادة "إيهود باراك"، وحزب "كاديما" تحت قيادة "شاؤول موفاز"، وحتى حزب العمل الذي يقوده "ليبرمان" وجميعهم حصلوا على مناصب في حكومات "نتنياهو".

 وترك "باراك" و"موفاز" السياسة الآن، وأصبح "لبيد" و"ليبرمان" من أشد منتقدي "نتنياهو"، وقال "لبيد" في 25 مايو/أيار: "لن ندعه يدمر البلاد".

خلال الأشهر المقبلة قبل الانتخابات، سيتمكن "نتنياهو" من الاستمرار في الحكم بنفس تحالف الكنيست الأخير، وبالإضافة إلى كونه رئيس وزراء، فإن "نتنياهو" هو أيضًا وزير الدفاع والصحة، وهذا تركيز لا يصدق للقوة، وعمل "نتنياهو" كوزير للخارجية في الفترة من 2015 إلى 2018.

ملفات عالقة

وفي 30 مايو/أيار، كان "كوشنر" و"غرينبلات" في القدس في أعقاب رحلتهم إلى المغرب والأردن، وأعربت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة عن دعمهما لقمة البحرين التي تدعمها الولايات المتحدة لتشجيع الاستثمار في المناطق الفلسطينية.

وأرسلت قطر وفداً إلى المملكة العربية السعودية لحضور قمة إقليمية رغم استمرار الحصار السعودي ضدها، ويعد هذا أمرا مهما لأن قطر هي الداعم المالي الرئيسي لقطاع غزة، الذي تديره "حماس".

إذا تمكنت الولايات المتحدة من إيجاد طريقة للحصول على مزيد من الدعم الخليجي الموحد للسلطة الفلسطينية في رام الله والتأثير على "حماس" في غزة، فإن ذلك سيكون له تداعيات كبيرة.

ويعد الاستقرار في (إسرائيل) مفتاح هذا، وكان فشل تشكيل الحكومة هو آخر ما توقعته الولايات المتحدة، وفي تدخل نادر في السياسة المحلية، كتب الرئيس الأمريكي "ترامب" في 27 مايو/أيار قائلا إنه يأمل أن يمضي تشكيل ائتلاف حكومي إسرائيلي حتى يتمكن من "الاستمرار في جعل التحالف بين أمريكا و(إسرائيل) أقوى من أي وقت مضى".

في الماضي، كان "نتنياهو" يشك في خطط السلام، وشهدت فترة ولايته الأولى كرئيس للوزراء في أواخر التسعينات نزاعا حادا مع الفلسطينيين.

وقد عاد إلى منصبه عام 2009 بعد معارضته لقرار 2005 بالانسحاب من قطاع غزة، وعلى الرغم من أنه قال إنه يمد يده للسلام، لكنه يحمل نظرته الخاصة والمحافظة لهذا السلام.

وهذا يعني أن صيف 2019 قبل الانتخابات الجديدة سوف يضع "نتنياهو" في موقع معقد، إنه لا يريد أن يعارض علناً دفع "ترامب" للسلام، لكنه يفضل أن تواصل الولايات المتحدة تركيزها على التهديد الإيراني، وسوف تسعى (إسرائيل) إلى تجنب جولة كبيرة أخرى من القتال مع غزة، كما كانت سياستها العام الماضي.

كما يواجه "نتنياهو" فرصة نهائية لمعارضة الوجود الإيراني في سوريا، وكشف رئيس أركان جيش الدفاع الإسرائيلي السابق "غادي أيزنكوت" في يناير/كانون الثاني أن (إسرائيل) ضربت آلاف الأهداف الإيرانية في سوريا خلال السنوات الفائتة.

وتستمر الغارات الجوية الإسرائيلية فيما يبدو بتنسيق مع روسيا، وستقوم (إسرائيل) وروسيا والولايات المتحدة بعقد اجتماع ثلاثي في ​​يونيو/حزيران سيضم مستشار الأمن القومي "جون بولتون"، وسكرتير مجلس الأمن الروسي "نيكولاي باتروشيف"، وممثلا إسرائيليا.

وقد التقى "نتنياهو" والرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" بشكل متكرر على مدى السنوات الخمس الماضية، وآخرها في 4 أبريل/نيسان الماضي.

وتعد هذه هي الحسابات التي درسها "نتنياهو" عند الاختيار بين إقامة ائتلاف ضعيف تتنافس فيه أحزاب صغيرة مع بعضها البعض يمكن أن تسقط حكومته، أو إجراء انتخابات والسعي مجددا لتشكيل حكومة.

بالنسبة لـ"نتنياهو"، تعد الانتخابات الجديدة فرصة لترسيخ كتلته اليمينية من الأحزاب وصناعة ائتلاف أكثر تجانسا، مع الحفاظ على منصبه مستقرا خلال أشهر الصيف الصعبة التي قد تواجه فيها (إسرائيل) تحديات في غزة والضفة الغربية، وربما من قبل سوريا و"حزب الله" في الوقت نفسه.

المصدر | سيث فرانتسمان - ناشونال إنترست

  كلمات مفتاحية

تفاصيل تدخل زوجة نتنياهو لمنع تعيين مسؤولين كبار

استطلاع: مفاتيح حكومة إسرائيل القادمة لا تزال بيد ليبرمان