ف.بوليسي: هل ينجح جنرالات (إسرائيل) في الإطاحة بنتنياهو؟

الاثنين 8 يوليو 2019 01:35 م

بعد ست سنوات، عاد "إيهود باراك"، الجنرال الإسرائيلي الأكثر تميزا، رئيس الوزراء السابق، في الأسبوع الماضي بطريقة دراماتيكية إلى الحياة السياسية قبل الانتخابات المقررة في سبتمبر/ أيلول، ولم يكن "باراك" هو العائد وحده فحسب ففي الأشهر الأخيرة، دخل عدد كبير من الجنرالات والعسكريين السابقين إلى السياسة مع هدف مشترك وهو الإطاحة برئيس الوزراء "بنيامين نتنياهو". وبالنسبة لبعضهم، فإن الهدف الأوسع هو إنقاذ مستقبل (إسرائيل) كدولة يهودية وديمقراطية عن طريق الانفصال عن الفلسطينيين.

وأعلن "باراك" الذي شغل منصب رئيس الوزراء من عام 1999 إلى عام 2001، عند إطلاق حزبه السياسي الذي لم يكشف عن اسمه بعد "أن مستقبل الحركة الصهيونية على المحك" وإلى جانب "باراك" الجنرال السابق البالغ من العمر 77 عامًا، يوجد ضابط متقاعد آخر كان يشغل سابقًا منصب نائب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، وهو "يائير جولان".

الضباط السياسيون

يأمل الضباط السياسيون أن ينجحوا هذه المرة حيث فشلوا من قبل في ظل خوض "نتنياهو" ورطة سياسية عميقة بعد فشله في تشكيل حكومة جديدة بعد انتخابات أبريل/ نيسان. لكن من المحتمل أن يواجهوا حملة شاقة: فعلى الرغم من التعبئة شبه الكاملة للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية ضده في السنوات الأخيرة، فإن "نتنياهو" يواصل الفوز.

ويلعب "نتنياهو" انتخابيا على ترويج صورة أنه "سيد الأمن، وبدأ مؤخرًا في التعبير عن دعمه لضم قطاعات من الضفة الغربية، وهي خطوة قد تدمر آفاق حل الدولتين عن طريق التفاوض. ويعرف "نتنياهو"، مثله مثل قلة من السياسيين الإسرائيليين من قبله، كيف يلجأ إلى قاعدته اليمينية ويبقي المؤيدين موالين له، بغض النظر عن الأضرار طويلة المدى التي تلحق بالمؤسسات، مثل القضاء والإعلام، وحتى الجيش في بعض الحالات.

وانضم ما يقرب من 300 ضابط متقاعد برتبة عميد (أو ما يعادله) من الجيش والشرطة وجهاز الأمن الشاباك والموساد منذ عام 2014 إلى تيار يدعو إلى الحفاظ على مستقبل خيار حل الدولتين، ويقول هؤلاء : "إن الوهم بالوضع الراهن، والمأزق الحالي يضر بأمن إسرائيل ورفاهيتها وشخصيتها كدولة يهودية".

وقال لي "إيهود باراك" في العام الماضي: "هؤلاء الناس - الأمنيون والعسكريون - يتعاملون مع الحياة والموت بشكل يومي، ويحمون شعبنا، لذلك يصدرون أحكامًا بشأن حماية البلاد لإنقاذ الأرواح. هم لا يفكرون سياسيا، وانتهى بهم الأمر على جانب يسار الوسط، وهذا يعني شيئًا ما عن الواقع، وليس عنهم".

تبدو دعوات يسار الوسط واضحة: فبدون الانفصال عن الفلسطينيين، لا يمكن لليهود الإسرائيليين أن يتوقعوا أن يحققوا التفوق من الناحية الديموغرافية كنسبة مئوية من السكان في يوم من الأيام، مما يشكك في قدرة (إسرائيل) على الحفاظ على شخصيتها اليهودية أو الديمقراطية.

بالإضافة إلى "باراك"، فإن المعارضة لـ"نتنياهو" يقودها اليوم العديد من رؤساء الأركان السابقين في الجيش الإسرائيلي، ثلاثة منهم يرأسون حزب أزرق أبيض: وهم "بيني جانتز"، و"موشيه يعلون"، و"غابي أشكنازي". وحقق غزوهم المبدئي للسياسة في وقت سابق من هذا العام نتيجة قوية في الاقتراع الأولي الذي أجري في أبريل/ نيسان، حاصروا فعلياً حزب الليكود اليميني بزعامة "نتنياهو"، لكنه انتصر عليهم في نهاية المطاف.

وعلى الرغم من عقود الخبرة العسكرية، فإن جنرالات حزب أزرق أبيض، إلى جانب وزير المالية السابق "يائير لابيد" فشلوا في هزيمة "نتنياهو". فقبل يومين من توجه الإسرائيليين إلى صناديق الاقتراع في أبريل/ نيسان، نظم الحزب مسيراته الختامية في أرض المعارض في تل أبيب ومن أجل التحفيز الأخير في ذلك المساء، فقد استعانوا بخدمات رئيس الأركان ووزير الدفاع السابق في الجيش الإسرائيلي "شاؤول موفاز"؛ والرئيس السابق للمخابرات العسكرية، "عاموس يادلين"؛ والقائد الإقليمي السابق في الضفة الغربية، "آفي مزراحي".

فشل الجنرالات

هناك ستة جنرالات تقاعدوا في مرحلة واحدة معًا، وكلهم ​​يقولون نفس الشيء وهو أن (إسرائيل) تحت إشراف "نتنياهو" فقدت طريقها وأصبح المشروع الصهيوني في خطر.

وتحدث "موفاز" عن تآكل القيم الأساسية في الحياة العامة، وأكد "يادلين" أن الأمن القومي مرهون بالوحدة داخل البلاد، ولخص "مزراحي" الروح التي دفعت "غانتز" والآخرين إلى دخول السياسة قائلا: "إما أن نفعل شيئًا أو نبقى صامتين"، مما يشير إلى أن التقاعس سيكون له عواقب وخيمة.

بيد أن ذلك كله لم يقنع الناخبين الإسرائيليين.

كان كل ذلك عبارة عن تكرار غريب للحملة الانتخابية السابقة في عام 2015. آنذاك، وقبل أيام قليلة فقط من فتح صناديق الاقتراع، ظهر جنرال آخر متمرس هو رئيس الموساد السابق "مئير داغان" على خشبة المسرح أمام حشود مبتهجة في ميدان رابين في تل أبيب. وفي بعض الأحيان كان على حافة البكاء، حيث انتقد "نتنياهو" وقال إن الأزمة في القيادة كانت الأسوأ في تاريخ الدولة.

وقال "داغان" حينها: "لدينا زعيم يقوم بحملة وحرب من أجل بقائه السياسي فقط. وباسم هذه الحرب، يجرنا إلى دولة ثنائية القومية وإلى نهاية الحلم الصهيوني". كما تحدث الرئيس السابق للقيادة الشمالية للجيش الإسرائيلي ونائب رئيس الموساد، "عميرام ليفين"، في تلك الليلة، مرددًا صدى تحذيرات "داغان".

لكن "نتنياهو" فاز بسهولة في الانتخابات.

يمكن القول إن الاختلاف الوحيد بين تلك الانتخابات ونهاية أبريل/ نيسان الماضي هو أن المؤسسة الأمنية جعلت انتقاداتها رسمية وصريحة من خلال إنشاء حزب أزرق أبيض حيث دخل "غانتز" و"أشكنازي" السياسة لأول مرة، وانضم "يعلون" إلى الحزب، ولكنهم فشلوا في النهاية في هزيمة "نتنياهو".

في الواقع، فإن كل رئيس أركان متقاعد في الجيش الإسرائيلي منذ منتصف التسعينيات (باستثناء دان حالوتس وجادي آيزنكوت) خاضوا الانتخابات الرسمية ضد "بنيامين نتنياهو". وكان "أمنون ليبكين شاحاك"، وهو خليفة "باراك" كقائد عسكري بارز في التسعينيات، ناقداً شديداً لـ"نتنياهو" قبل وفاته عن عمر يناهز 68 عاما في عام 2012.

حقيقة مستحيلة

ومثل "داغان"، خرج الرؤساء السابقون الآخرون للموساد وشين بيت بعبارات قاسية ضد كل من سياسة الحكومة والمسار العام للبلاد، وعادة ما كان يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية وقد قال رئيس الشين بيت السابق "يوفال ديسكين" في عام 2015 إن إسرائيل تتجه نحو "حقيقة مستحيلة ... دولة ثنائية القومية بحكم الواقع ... واختفاء الحلم الصهيوني بدولة ديمقراطية ويهودية هنا في أرض إسرائيل"، على حد وصفه. وقد زعم رئيس الموساد السابق "تامير باردو" في عام 2016 أن التهديد الوجودي الوحيد الذي يواجه (إسرائيل) كان داخليًا وليس خارجيًا.

ورغم ذلك، بالكاد يمكننا وصف شخصيات المؤسسات الأمنية الذين ينتقدون "نتنياهو" بأنهم حمائم. وكان "داغان" سيء السمعة بسبب تخصصه في "فصل رؤوس العرب عن أجسادهم". وبعد دخولهما إلى السياسة، عمل كل من "موفاز" و"يعلون" كوزيرين للدفاع في حكومات الليكود، وظل الأخير معارضًا قويًا لحل الدولتين.

ويبقى هناك شعور قوي بأن شيئًا ما قد تغير في السنوات الأخيرة. فكلما تحركت الحكومة الإسرائيلية نحو اليمين، كلما بدا أن الأكثر انتقادا للحلول السياسية هم الأكثر حرصا على حماية الدولة.

لم يكن هذا في الأجيال السابقة، فقد دخل الجنرالات المتقاعدون مثل "إرئيل شارون" وغيرهم في السياسة وكانوا في طليعة اليمين المتشدد. مع ذلك، قام "شارون" بتغيير تفكيره في السنوات اللاحقة، وقام فك الارتباط عن قطاع غزة في عام 2005، ثم ترك الليكود وشكل حزبه الخاص.

وفي هذه الأيام، يشغل اثنان من كبار مسؤولي الأمن منصبان عامان فقط كجزء من اليمين الإسرائيلي وهما رئيس الشين بيت السابق "آفي ديختر" والجنرال المتقاعد من الجيش الإسرائيلي "يوآف غلانت". ومع ذلك، فإن هذين الشخصين بدءا مسيرتهما في أحزاب أكثر وسطًا واعتنقا في السابق آراءًا أكثر ليونة بشأن القضية الفلسطينية.

وكجزء من الحملة الانتخابية في أبريل/ نيسان، حاول "نتنياهو" تشويه "|غانتز" وغيره من الجنرالات من خلال القول إن من يحدد سياسة الأمن ليس رؤساء الأركان، ولكن السياسيين". وقال "نتنياهو" "لقد كان لرؤساء الأركان سياسة خاطئة. إذا أصبحوا سياسيين، فسوف نغرق لأنهم ليس لديهم أي فهم تقريبا، لهذه القضايا".

وتعد السياسة الإسرائيلية بالطبع معركة أرض محروقة ولهذا سيكرر "نتنياهو "نفس الاتهامات وأسوأ منها في الحملة الحالية.

ومع ذلك، فإن الإجماع الساحق من كل خبير أمني بارز دخل الحياة السياسية ثابت بشكل ملحوظ: وهو أن الانقسامات والاستقطابات داخل (إسرائيل) آخذة في الازدياد، وفي حين تتقلص احتمالات الانفصال عن الفلسطينيين. يجمع هؤلاء أن مستقبل البلاد على المحك.

لكن حرب الجنرالات ضد "نتنياهو" لن تكون سهلة. وبعيداً عن المساعدة في إنهاء حكم "نتنياهو" الطويل، قد يسحب حزب "بارك" الجديد الأصوات من حزب أزرق أبيض ويكسر المعارضة. لكن لدى "باراك" شيء لا يدعيه الآخرون وهو تجربته السابقة كرئيس للوزراء، ومهارته السياسية الفطرية.

يواجه "نتنياهو" الآن جدارًا حديديًا من الجنرالات، في حين تلوح اتهامات بالفساد وفشل "نتنياهو" الأخير في تشكيل حكومة في الأفق. ومع ذلك، فقد تفوق "نتنياهو" في هذه الظروف من قبل، وبالنسبة إلى "جانتز" و"باراك"، والآخرين، فإن الاختبار الحقيقي هو ما إذا كان بإمكانهم الاتحاد في مهمتهم المشتركة وإقناع الجمهور الإسرائيلي بأن الهزيمة في هذه الحملة ليست خيارًا واردا.

المصدر | فورين بوليسي

  كلمات مفتاحية

إيهود باراك ائتلاف نتنياهو  إسرائيل

ولاية نتنياهو الجديدة تبدد آمال قيام الدولة الفلسطينية

يتقدم باستطلاعات الرأي.. غانتس يهدد عرش نتنياهو

«إيهود باراك»: «نتنياهو» خطر على المشروع الصهيوني لـ(إسرائيل)