الإمارات تغزو عقول المصريين بالتعليم.. سيطرة عابرة للحدود

السبت 13 يوليو 2019 01:38 م

دلفت الأم الشابة "هايدي عامر" إلى إحدى المكتبات الشهيرة بوسط العاصمة المصرية القاهرة لتسأل صاحب المكتبة عن نموذج مجسم لعلم الإمارات، ليراجعها صاحب المكتبة ضاحكا "تقصدي علم مصر؟"، لتؤكد "هايدي" سؤالها "لا علم الإمارات".

ولا تحصل "هايدي" على مبتغاها لتبتاع من المكتبة مجسمات لأبراج شاهقة الارتفاع ورمال وشجر صحراوي لتكشف أن ابنها "المصري الجنسية" على موعد لإعداد ماكيت عن إمارة دبي.

تروي "هايدي" لـ"الخليج الجديد"، أن ابنها صاحب الـ6 أعوام ملتحق بكورس تعليمي خاص بتنمية المهارات والأفكار ويدرس فيه العديد من البلدان حول العالم، وأن النشاط المطلوب منه اختيار إمارة من الإمارات السبع لعمل مجسم عنها.

وقالت "هايدي" اخترت لابني التعليم البديل لأن التعليم لدينا متأخر، وبدأت بكروسات للغة العربية وأخرى للإنجليزية إلى أن أعلن المركز كورس تنمية مهارات فقدمت فيه لابني، لكنني وجدت أن الدولة الرئيسية التي تم التركيز عليها هي الإمارات.

وكشفت مشرفة المركز لـ"الخليج الجديد"، أن جميع المناهج المقدمة في المركز تأتي إليهم من مكاتب متواجدة بدبي، وأنها تأتي بأسعار رمزية ليتم تقديمها للطلاب بسعر معقول.

وهزت المشرفة الحاصلة على شهادة الدكتوراة في التربية النفسية للأطفال كتفها بلا مبالاة طبيعي يطلب من الأطفال نشاط عن الإمارات وتدرس لهم، مضيفة "مش هم الممولين".

سرقة هوية

ويصف الطبيب "أ.س" أن ما يحدث مع الأطفال بسرقة هوية، وتشويش لمعنى الوطن.

وأوضح خلال حديثه لـ"الخليج الجديد"، أن الأمر بدأ مع ابنته من عمر الـ4 سنوات حينما ألحقها في كورس للغة العربية في مركز بمنطقة مدينة نصر تحت اسم "أبجد"، مضيفا "الكورس والمعلمين والمركز كل شيء كان غاية في الروعة".

وتابع: "معظم المصريين يلجؤون للمراكز أو التعليم البديل في مصر حتى يحصلوا على محتوى تعليمي جيد لأبنائهم بسبب تردي وضع التعليم في مصر".

وأردف: "ألحقت ابنتي في كورس آخر للغة الإنجليزية، ولاحظت أن جميع الكتب مدون عليها اسم دولة الإمارات"، مؤكدا "الأمر أثار انتباهي قليلا لكن لم يشكل لدي أي أزمة".

وأشار إلى أن ابنته استمرت للدراسة في المركز وكلما انهت مستوى انتقلت لآخر، كاشفا "كان الأمر طبيعي وكنت سعيد بالتجربة إلا أن تم الإعلان في الصيف عن مناهج خاصة بالتكنولوجيا وتنمية القدرات للأطفال".

ويشرح الطبيب المصري "قدمت لابنتي على الفور لشدة إعجابي بالمكان، وألحقتها بكورسات تكنو كيدز، وآخر لتنمية المهارات".

وأكمل بمرارة "عقب مرتين بالكورس أخبرتني صغيرتي بفرحة أنها شكلت مع المدرسة بلعبة الليجو علم الإمارات"، مضيفا "راجعت ابنتي في الحديث وقلت لها تقصدين علم مصر، لكنها قالت لي الإمارات يا بابا، لتسرد لي ابنتي ألوان علم الإمارات دون أن تعلم لون علم بلدها".

وتابع "الأمر لم يقتصر على ذلك بل وجدت طفلتي يوما ما تطلب من والدتها إعداد نموذج لإمارة من الإمارات وتقص لها أن إمارة كذا تشتهر بالأبراج الشاهقة وإمارة كذا تشتهر باستخراج اللؤلؤ".

الأمر ذاته شرحته والدة 3 أطفال في ذات المركز، وقالت إنها توجهت لإدارة المركز للسؤال عن السبب فأخبروها أن النشاطات لدخول مسابقة على مستوى جمهورية مصر العربية من جميع المراكز التي تطبق نفس المنهج ليؤكدوا لها "المنهج والمسابقة مدعومة من الإمارات".

الأم الثلاثينية تروى أن أطفالها باتوا متعلقين بدولة الإمارات، ويرونها بلد التقدم والخير، ويتحدثوا عن الشيخ "زايد" وأولاده المحبين للشعب المصري.

وتابعت: "تحدثت مع عدد من أولياء الأمور حول الأمر، وأخبروني بملاحظتهم للأمر، لكن الكثير منهم لم يمثل لهم الأمر أي خطورة قائلين إن الإمارات دولة عربية".

قاطعتها ولية أمر قائلة "بالطبع هذا الكلام غير صحيح".

وكشفت "رقية محمود" أنها أخرجت ابنتها صاحبة الـ7 أعوام من المركز، وعللت ذلك بأن ابنتها لا تعرف الكثير عن بلدها الأم "مصر" حتى تدرس دولة أخرى.

تبعية سياسية

ورأى "ع.ش" أن ما حدث مع أولاده مع هو إلا تكملة للتبعية السياسية التي بها دولة مصر في عهد الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" لدولة الإمارات.

وقال: "غزو ثقافي، يسرقون هويتنا، بدأ الأمر بكورسات عادية للغة العربية والإنجليزية إلا أن تدرج الأمر لشرح للأطفال تاريخ دولتهم"، وتابع مستنكرا "أي تاريخ لهم، هذه أحقاد على بلدنا وتاريخها".

وأردف: "بالطبع توقفت عن التدريس لأولادي في تلك المراكز".

وكشف عن نوع آخر من تلك المراكز، قائلا إن الإمارات أنشأت بشكل علني وصريح مراكز خاصة بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة من أطفال التوحد.

وذكر أن جاره يرسل ابنه إليها، وحين الدخول للمركز الذي يحمل اسم "الاتحاد العربي" ترى أعلام الإمارات في كل جانب ولا وجود لعلم مصر.

وأردف: "جاري معذور فالدولة المصرية لا تقدم أي شيء لأطفال التوحد، والمراكز الخاصة أسعارها غير معقولة، والمراكز الإماراتية تقدم خدماتها بأسعار مقبولة نوعا ما".

جامعات ومدارس 

ولم يقتصر التدخل الإماراتي في مصر على المراكز والمناهج الخاصة فقط، بل امتد الأمر لتأسيس جامعات ومدارس من المفترض تبعيتها للحكومة المصرية، والتدخل في قطاع الثقافة المصرية.

ففى عام 2015 أعلنت الإمارات أنها أنجزت وسلمت الحكومة المصرية 100 مدرسة جديدة فى 18 محافظة، كما تم إنجاز برنامج التدريب من أجل التشغيل الذي ركز على تدريب المرأة وجيل الشباب وربطهم بسوق العمل واستفاد منه 80 ألف متدرب.

 وفى مايو/أيار 2015 قام الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" بتقديم قلادة الجمهورية، للشيخ "سلطان بن محمد القاسمى" حاكم الشارقة، وذلك تقديرا لمواقفه الداعمة لقطاع الثقافة في مصر وحرصه على إنشاء دار جديدة للوثائق القومية بمنطقة الفسطاط.

و أعلنت "هيرميس" المصرية التعاون مع شركة "جيمس" الإماراتية، وهي إحدى أكبر المؤسسات التعليمية في الخليج عن استثمارها 300 مليون دولار لمدة 5 سنوات ابتداء من العام الجاري، وتستهدف شراء 4 أو 5 مدارس خاصة وصولا إلى 30 مدرسة. 

ولم يكن التعليم العالي بمنأى عن الاستثمارات الإماراتية، فقد أعلنت مجموعة ثومباي الإماراتية في نهاية 2018 نيتها استثمار ما يقرب من 5 مليارات جنيه لإنشاء جامعة الخليج الطبية وهي جامعة متخصصة في العلوم الطبية. 

وصرح وزير التعليم الإماراتي في نهاية العام الماضي بقرب الإعلان عن افتتاح 3 جامعات إماراتية في مصر.

وقد قدمت الإمارات منحا تعليمية لأكثر من مؤسسة تعليمية مثل تمويل شركة أبوظبي للاستثمار الإعلامي المملوكة لـ"منصور بن زايد" لإنشاء أستوديو إذاعي وتلفزيوني بكلية الإعلام جامعة القاهرة في أبريل/نيسان 2017.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصريون عن نتيجة الثانوية: خدنا إيه من التعليم 

أغلى 10 مدارس في مصر.. نصف مليون جنيه مصروفات للسنة

أول تعديل وزاري إماراتي بعهد محمد بن زايد.. وتغييرات هيكلية في التعليم