نفط القارة القطبية الشمالية والخيارات الصعبة

الخميس 18 يونيو 2015 05:06 ص

ضاقت الأرض بشركات النفط العلمية ولم يعد هناك مكان يسهل البحث فيه والتنقيب، إلا أن القارة القطبية الشمالية لا تزال تعد من الأماكن الأشد صعوبة لهذا الغرض. فكتل الجليد وأعاصير الثلج وبعد المسافة كلها تزيد من التحديات التي تأخذها الشركات في الحسبان عند وضع خطط للحفر في القارة ناهيك عن أن التسرب النفطي فيها يعد بحد ذاته كارثة تذكر بالتسرب الذي حدث في خليج المكسيك.

ولهذا عندما حصلت شركة «رويال دوتش شل» على موافقة الحكومة الأمريكية الشهر الماضي لحفر ستة آبار في قطاع «بيرجر» على بعد 100 كم من حدود ولاية ألاسكا، ثارت ثائرة منظمات حماية البيئة واعتبرت المنطقة أسوأ مكان يمكن أن يخصص للحفر والتنقيب. ولا شك في أن القارة القطبية الشمالية لا تزال بكراً وهي جميلة إلى الحد الذي يجعل التعاطف الشعبي معها بلا حدود.

لكن من يعتقد أن العالم سوف يبقى بحاجة إلى الوقود الأحفوري لعقود عديدة مقبلة عليه أن يحضر نفسه لقبول خطط شركة «شل» وغيرها، طالما أنها قادرة على الوفاء بوعودها بالمحافظة على سلامة البيئة.

وتعيد معارضة الحفر في القارة القطبية إلى الأذهان مخاوف من شقين أحدهما يتعلق بمخاطر التسرب النفطي الذي تفوق أضراره ما تعرض له خليج المكسيك عام 2010 أضعافاً.

والثاني أن هذا النفط الذي يتم التنقيب عنه لا يمكن إنتاجه قبل عقد الثلاثينات من هذا القرن ما يعني إطالة أمد الاعتماد على الوقود الأحفوري الذي تعتبره منظمات البيئة مسؤولاً رئيسياً عن كارثة تسخين الكوكب.

وكانت شركات نفط أخرى غير «شل» قد نقبت عن النفط في القارة.والحقيقة أن شركة شل كانت منذ عام 1989 وحتى 1991 قد حاولت الحفر في نفس المنطقة التي حصلت على الموافقة للحفر فيها هذا الصيف. والجديد هو أن تقنيات الحفر والنظرة العامة لهذه المساعي قد تطورت كثيراً منذ ذلك التاريخ. وقد وصف المدير التنفيذي المسؤول عن البرنامج في الشركة عملية الحفر بأنها الأرقى تقنية ودقة في تاريخ القطاع.

ولا يزال مطلوباً من «شل» أن تثبت أنها قادرة على العمل في الموقع من دون مشاكل ولديها من المحفزات ما يزيد من حرصها على ذلك. فالحادث الذي قد يقع لن يكون كارثياً على البيئة بل على طموح القطاع بأكمله في نفط القارة.

وحتى في دول العالم التي تخضع فيها معدلات الكربون لمزيد من الضبط لا يزال الناس بحاجة إلى الوقود الأحفوري ولا أحد يعلم كيف سيكون وضع الطلب عليه خلال السنوات العشرين المقبلة. فهل يستمر الاستقرار في منطقة الخليج أم تنشب الحروب؟ وهل يتوقف الاستثمار في مشاريع الغاز الصخري أم يتسع؟ الأمر الوحيد الذي يمكننا الحديث عنه بشيء من اليقين هو أن معدلات الطلب مستمرة في التصاعد.

ولن يكون نفط القارة القطبية الشمالية منخفض التكاليف وفي حال استمرار تدفق النفط الرخيص على أسواق العالم يصبح إنتاجه غير مجد وهنا تتحمل شركات النفط العاملة في القارة مسؤولية مغامراتها.

لكن في حال انكمشت كميات العرض في الأسواق العالمية عندها يصبح نفط المنطقة موضع ترحيب.

وأخيراً يجب أن ندرك أن أمن النفط رهن بتنوع مصادر إنتاجه فقط. لذا ينبغي عدم إغلاق الباب أمام أي خيار مهما كانت التحديات التي يفرضها.

  كلمات مفتاحية

النفط القارة القطبية الشمالية تحديات الإنتاج التسرب النفطي الوقود الأحفوري

تطوير نفط القطب الشمالي يستهدف إطالة أمد أمن الطاقة في أميركا