أوروبا تعول على انتخابات أمريكا 2020 لتهدئة ترامب تجاريا

الاثنين 22 يوليو 2019 11:48 م

يشتهر الاتحاد الأوروبي ببطء التحرك، وهذا البطء قد يكون الوتيرة الوحيدة المناسبة لمواجهة الحروب التجارية للرئيس الأمريكي "دونالد ترامب".

وفي حين مازالت تهديدات الرئيس "ترامب" بفرض رسوم على صناعة السيارات الأوروبية، وغير ذلك من الإجراءات التجارية، حاضرة بقوة، فإن خط التفكير الوحيد لدى الاتحاد الأوروبي يرى أنه كلما اقترب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2020، ستقل رغبة "ترامب" في إثارة المزيد من النزاعات مع الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، وبينها الاتحاد الأوروبي.

وينطلق هذا التصور من أن "ترامب" سيخاطر بفقدان أصوات الناخبين الأمريكيين الذين سيتضررون من أي إجراءات عقابية يفرضها الاتحاد الأوروبي على الصادرات الأمريكية، ردا على أي تحركات من جانب إدارة "ترامب".

ويرى محللون وساسة أوروبيون ان الهدنة التجارية الحالية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مازالت قائمة، على أمل الوصول إلى اتفاق تجاري أوسع بين الجانبين.

إبطاء وتيرة المفاوضات

وللحفاظ على الوضع الراهن، سيتجه الاتحاد الأوروبي إلى إبطاء وتيرة المفاوضات مع واشنطن ودفع المفاوضات إلى فترة حملة الانتخابات الأمريكية، حيث سينصب تركيز إدارة "ترامب" على الفوز بولاية ثانية في تلك الانتخابات، بدلا من تصعيد المواجهة مع أوروبا، بحسب ما يرى مسؤولون حكوميون أوروبيون.

ولكي يعطي انطباعا بأن المفاوضات تتحرك قدما، يعتزم الاتحاد الأوروبي تقديم تنازلات محدودة في موضوعات هامشية، مثل المعايير التنظيمية، حسب المسؤولين الأوروبيين، الذين رفضوا الكشف عن هويتهم بسبب سرية هذه المناقشات.

أما الهدف الأكبر والمتمثل في عقد اتفاق شامل للعلاقات بين جانبي المحيط الأطلسي، فإنه ينتظر خسارة "ترامب" للانتخابات.

ورغم ذلك، فإن هذه الاستراتيجية الأوروبية، تنطوي على خطورة لأن "ترامب" يمكنه دائما مخالفة التوقعات ويتجه إلى التصعيد مع الاتحاد الأوروبي ويفرض المزيد من الإجراءات الحمائية في محاولة من جانبه لاستمالة كتلته الانتخابية الرئيسية.

في الوقت نفسه، فإن هذا الاقتراح الأوروبي، والذي مازال ضمن مقترحات مطروحة على مائدة البحث الأوروبية، ولم يصبح سياسة أوروبية رسمية، يتزامن مع انتقال مثير للجدل للسلطة في الاتحاد الأوروبي.

فالرئيسة المقبلة للمفوضية الأوروبية، "أورسولا فون دير لين"، حليفة المستشارة الألمانية "أنغيلا ميركل" أشارت إلى أنها لا تعتزم التراجع عن الإستراتيجية القوية للاتحاد الأوروبي في الدفاع عن مصالحه التجارية والتمسك بالنظام التجاري العالمي.

وفي مقابلة إعلامية في السادس عشر من الشهر الجاري، قالت "فون دير لاين" إن خطتها تستهدف "إقناع أصدقائنا من الولايات المتحدة بأنه من الأفضل إيجاد حل وسط جيد والعمل معا".

يأتي ذلك في الوقت الذي فرضت فيه الولايات المتحدة رسوما على وارداتها من الصُلب والألومنيوم من الاتحاد الأوروبي، كجزء من إستراتيجية إدارة "ترامب"، لاستخدام مجموعة متنوعة من الآليات في إطار محاولاتها لتقليل العجز التجاري الأمريكي.

وتستند هذه الإجراءات العقابية على قانون أمريكي يعود إلى فترة الحرب الباردة، ويعطي للرئيس سلطة فرض رسوم على بعض الواردات لاعتبارات الأمن القومي، وهو المبرر الذي يرفضه الاتحاد الأوروبي.

ورد الاتحاد الأوروبي على الرسوم، بفرض رسوم بقيمة 2.8 مليار (3.1 مليار دولار) على سلع أمريكية ذات حساسية سياسية بالنسبة للإدارة الأمريكية مثل الدراجات البخارية والخمور.

وأمام الرئيس ترامب فرصة حتى نوفمبر/تشرين الثاني المقبل لكي يتخذ قراره بشأن فرض رسوم على واردات الولايات المتحدة من السيارات ومكوناتها.

وقد تصل هذه الرسوم إلى 25%، في حين تقدر هذه الواردات بحوالي 350 مليار دولار سنويا، وهو ما يتجاوز قيمة السلع الصينية التي تخضع للرسوم الإضافية الأمريكية، حيث تصل قيمة هذه السلع حاليا إلى 250 مليار دولار فقط.

قائمة منفصلة

وقد أعدت الولايات المتحدة قائمة منفصلة بسلع أوروبية قيمتها 25 مليار دولار ستخضع لرسوم إضافية، في حين من المتوقع أن يرد الاتحاد بفرض رسوم قيمتها 11 مليار دولار على سلع أمريكية، في إطار النزاع بين واشنطن وبروكسل بشأن الدعم الحكومي غير القانوني المتبادل لشركتي صناعة الطائرات الأمريكية "بوينغ" والأوروبية "أيرباص".

وفي ملف منفصل، أشار الممثل التجاري الأمريكي روبرت لايتزر إلى احتمال قيام بلاده بفرض رسوم عقابية على فرنسا ودول أوروبية أخرى، تعتزم فرض ضرائب جديدة على شركات التكنولوجيا العملاقة مثل "فيسبوك" و"غوغل".

ويرى مسؤولون أوروبيون ان التهديدات الأمريكية بفرض رسوم تجارية، تستهدف إجبار دول الاتحاد الأوروبي على ضم الملف الزراعي إلى المفاوضات التجارية التي بدأت عقب لقاء الرئيس "ترامب" برئيس المفوضية الأوروبية المنتهية ولايته جان كلود يونيكر في البيت الأبيض في العام الماضي.

ويتوقف نجاح الخطة الأوروبية على المدى الذي يمكن أن يصل إليه الرئيس "ترامب" في محاولة استقطاب ناخبيه الأساسيين في الولايات الزراعية، الذين تضرروا من الحروب التجارية الأمريكية.

وكانت الرسوم العقابية الصينية على السلع الزراعية الأمريكية قد ألحقت بالمزارعين الأمريكيين خسائر كبيرة، في الوقت الذي اضطرب فيه تدفق حركة التجارة العالمية، مما أدى إلى تراجع حاد لثقة المزارعين في الرئاسة الأمريكية.

وحسب المسؤولين الأوروبيين، فإنه مادام الصراع التجاري مشتعلا مع الصين، قد لا يجد "ترامب" الحماس الكافي لفتح جبهة جديدة مع أوروبا، بسبب الخسائر الحادة التي سيتعرض لها الاقتصاد الأمريكي والمزارعون. كان الأمريكيون والأوروبيون قد اتفقوا في واشنطن على "العمل معا من أجل الوصول إلى صفر رسوم، وصفر حواجز تجارية غير جمركية، وصفر دعم للسلع غير الصناعية"، ولكن الجانبين الآن يختلفان بشأن الوصول إلى هذا الاتفاق.

وقالت "سيسيليا مالمستروم"، مفوضة التجارة الأوروبية بعد لقاء الأمريكيين مؤخرا أنها كانت حاضرة في اللقاء والنتيجة كانت "بدون شك" هي أن "المنتجات الزراعية لن تكون جزء من المفاوضات".

ولكن "غوردون سوندلاند"، السفير الأمريكي لدى الاتحاد الأوروبي، قال ان الاتحاد الأوروبي "أساء ترجمة" المناقشات، مضيفا أن "يونيكر" قال بصراحة ان الملف الزراعي سيكون ضمن المفاوضات، لكن تم رفع هذه الإشارة من البيان الإعلامي الصادر بعد المحادثات لتوفير غطاء سياسي لقادة الاتحاد الأوروبي.

المصدر | د.ب.أ

  كلمات مفتاحية

العلاقات الأمريكية الأوروبية الاتحاد الأوروبي نزاعات تجارية انتخابات 2020 الانتخابات الأمريكية الانتخابات الرئاسية الأمريكية

ترامب وضع العلاقات مع أوروبا على جهاز الإنعاش.. هل يفيقها بايدن؟