كشفت شبكة "سي إن إن" الأمريكية، أن ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان"، سعي ذات يوم لطلب النصيحة من الداعية البارز المعتقل "سلمان العودة" الذي يواجه عقوبة الإعدام في اتهامات تتعلق بالإرهاب.
وذكرت الشبكة الأمريكية أن الواقعة تعود إلى عام 2012، عندما جلس "العودة" في منزله بالرياض، بانتظار قدوم الأمير "بن سلمان".
وأضافت أن الداعية صاحب الشخصية الكاريزمية، استقبل الأمير، الذي كان حينئذ يبلغ من العمر 27 عاما، باحتفالية صغيرة (غير صاخبة).
ويتذكر نجل "العودة"، "عبدالله" - وهو باحث في القانون بجامعة جورج تاون الأمريكية- الواقعة، قائلا "لم نعتقد أن الزيارة كانت أمر جللا.. كان مجرد أمير عادي".
وأشارت الشبكة الأمريكية إلى أنه على الرغم من طموحه الواضح، كان "محمد بن سلمان" سياسي مبتدء. كان والده حاكما للرياض ولم يكن ملكا بعد، وكان في نظر الطبقة السياسية في البلاد مجرد عضو عادي بالعائلة الحاكمة التي يتجاوز عددها الآلاف.
وقال نجل "العودة" إن الأمير الذي عرف لاحقا بـ"MBS"، بدا متحمسا لأفكار "العودة" المتعلقة بالتغيير في السعودية.
وفى هذا الاجتماع واجتماعين آخرين على الأقل، أحدهما جرى في الديوان الملكي بحضور "سلمان بن عبدالعزيز" الذي أصبح ملكا في المستقبل- امتدح "العودة" الذي كان يبلغ وقتها من العمر 55 عاما، مزايا الحوكمة الرشيدة.
وذكرت الشبكة الأمريكية أنه بعد خمس سنوات، عين الملك "سلمان" ابنه وليا للعهد، وبعد ثلاثة أشهر من صعود "بن سلمان"، تم القبض على "العودة"، في إطار حملة أمنية أشرف على تنفيذها الوريث الجديد لعرش المملكة.
وأضافت أنه بعد عام من الاحتجاز على ذمة المحاكمة، وجه النائب العام السعودي قائمة تضم 37 اتهاما ضد "العودة" وأوصي بتنفيذ عقوبة الإعدام بحقه.
بعد أربعة أيام ستكون جلسة محاكمة الوالد السرّيّة، والتي يطالب فيها المدّعي العام في السعودية بالقتل تعزيراً بناء على ٣٧ تهمة فضفاضة، علماً بأن الوالد سيكمل قريبا سنتين في الحجز الانفرادي منذ لحظة اعتقاله الذي حصل بعد تغريدة دعى الله فيها لتأليف القلوب.#سننقذ_سلمان_العودة
— د. عبدالله العودة (@aalodah) July 24, 2019
ووفقا لعائلته، سيعود "العودة" إلى المحكمة الأحد، حيث سيقرر القاضي إذا ما كان سيصدر حكما في القضية.. وإذا ثبتت إدانة الداعية البارز، فسيتم إصدار الحكم بحقه.
وقال نجله إن والده قضى قرابة العامين في الحبس الانفرادي.
وأضاف أنه "خلال الأشهر القليلة الأولى من اعتقاله، تم تكبيله بالسلاسل من قدميه ويديه، واعتاد حراس السجن سكب وجباتهم عليه.
وذكرت الشبكة أن "العودة" ظل محتجزا في الحبس الانفرادي طيلة الأشهر الستة الأولى من اعتقاله، وعندما سمح للعائلة بزيارته في نهاية المطاف، أبلغهم أنه تعرض بشكل متكرر للحرمان من النوم والطعام.
وأخبر الداعية البارز عائلته أنه وقع على بعض الوثائق دون أن يكون لديه أدني فكرة بما فيها.
وقال نجله إن تلك الوثائق الموقعة، من المرجح أن تكون اعترافات قسرية، لأنه لم يعد قادرا على الإدراك بسبب ضعف حالته العقلية والبدنية.
وكثيرا ما تلاحق السعودية اتهامات بإجبار السجناء على التوقيع على اعترافات تنتزع بالإكراه.
وقال نجل "العودة" إن والده يعاني من ارتفاع في ضغط الدم، وكذلك زيادة نسبة الكوليسترول، وقد نقل إلى المستشفى لبضعة أيام، معقبا "شعرت به وكأنه في حالة موت بطيء".
وعندما أثارت الأمم المتحدة في عام 2017 مخاوف من السعودية استخدمت التعذيب للحصول على اعترافات من المتهمين، ردت الحكومة برسالة عبرت فيها عن رفضها تلك المزاعم.
وبحسب لائحة الاتهام، تتعلق اعترافات "العودة" بنشاطه لصالح الملكية الدستورية، وارتباط مزعوم بأعضاء بارزين بجماعة الإخوان المسلمين.
ولم ترد السلطات السعودية على الفور على طلب "سي إن إن" للتعليق على التهم الموجهة ضد "العودة".
وتم توقيف "العودة" من جانب السلطات السعودية في 10 سبتمبر/ أيلول 2017 ضمن حملة توقيفات شملت عددا من العلماء والكتاب، عقب وقت قصير من تدوينة دعا الله فيها أن "يؤلف القلوب"، على خلفية تقارير عن مصالحة محتملة بين دول الأزمة الخليجية.
وفي سبتمبر/ أيلول 2018، انطلقت محاكمة "العودة"، أمام المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض، وطالبت النيابة السعودية باستصدار حكم بالإعدام ضده بتهم تتعلق "بالإرهاب"، وفق ما ذكره نجله "عبدالله"، وتقارير صحفية آنذاك.
وأصدر محامو "العودة" الفرنسيون، بيانا سابقا في باريس، أكدوا فيه أن محاكمته "تندرج في إطار سياسة اضطهاد قضائي تقوم بها السعودية ضد مثقفين يمارسون حقهم في حرية التعبير والرأي".