حضور أمريكي بمنتدى غاز شرق المتوسط.. تركيا وروسيا كلمتا السر

الخميس 25 يوليو 2019 09:04 م

يحضر وزير الطاقة الأمريكي "ريك بيري"، الخميس، الاجتماع التحضيري الثاني لمنتدى غاز شرق المتوسط في القاهرة، بمشاركة وزراء البترول والطاقة في دول المنتدى الرئيسية، وهي مصر وقبرص واليونان و(إسرائيل) وإيطاليا، في خطوة اعتبرها مراقبون ضد إصرار تركيا على استئناف التنقيب عن الغاز في المنطقة التي تعتبرها قبرص جزءاً من منطقتها الاقتصادية وداخل حدودها البحرية.

وأوضحت مصادر مطلعة أن الحضور الأمريكي يأتي في إطار رغبة إدارة الرئيس "دونالد ترامب" في المضي قدماً باتخاذ خطوات تنفيذية لتطوير مشروع القانون المتداول حالياً في الكونغرس، باسم "قانون شراكة الطاقة والأمن في شرق المتوسط"، الذي يحظى بدعم واسع من الدوائر اليهودية وذات الأصول اليونانية بالحزبين الديمقراطي والجمهوري، وفقا لما أوردته صحيفة "العربي الجديد". 

ويهدف مشروع القانون، الذي أعده النواب "روبرت مينديز" و"ماركو روبيو" و"كريس فان هولين" و"غاري بيترز" و"كريس كونز"، إلى إنشاء مركز أمريكي للطاقة في المنطقة، ووضع خطة متكاملة لتدشين تعاون استراتيجي مع 3 دول رئيسية، هي اليونان وقبرص و(إسرائيل)، للدفاع عن مصالحها المشتركة في مواجهة تركيا.

وينص المشروع على فتح باب الشراكة في إنشاء المركز للمؤسسات والقطاع الخاص الناشط في مجال الطاقة البحرية، وتأسيس أو استغلال جامعة متخصصة في هندسة البترول بإحدى الدول الثلاث الحليفة، لتدشين تعاون علمي وبحثي في مجال تكنولوجيا الطاقة والغاز الطبيعي وهندسة التعدين وعلوم المياه والبرمجيات.

كما يهدف المشروع إلى التضييق على أنقرة في ما يتعلق باستكشاف حقول الغاز الطبيعي بحجة "معاقبتها على تعدد مصادر شراء السلاح الخاص بها، واستخدام الأسلحة الأمريكية في ترويع وتهديد قبرص".

ومن أهم بنود النسخة الأحدث من مشروع القانون (مؤرخة في 10 يوليو/ تموز الحالي) العمل على إزالة الوجود التركي العسكري من منطقة قبرص التركية (شمال قبرص) غير المعترف بها دوليا، والذي يقدره واضعو المشروع بنحو 40 ألف جندي يستخدمون أسلحة متعددة، من بينها أمريكي الصنع.

ويتضمن المشروع تمويل رفع كفاءة البنية التحتية لقبرص واليونان في مجال التعدين وطاقة البحار، وتمويل برامج التعليم والتدريب العسكري الدولي لليونان وقبرص حتى العام 2022، وإتاحة الفرصة لمنح اليونان 3 مليارات دولار كمساعدة في تحسين وسائل الدفاع، ودعم شبكات إيصال الغاز بين الدول الثلاث، بإشراف الولايات المتحدة الأمريكية، بهدف تسهيل إيصال الغاز غير الروسي إلى وسط وغرب أوروبا.

وتعتبر محاربة النفوذ الروسي الاقتصادي في تلك المنطقة هدف رئيسي للمشروع أيضا، ويعبر عنها بوضوح الباب الحادي عشر منه، الذي يلزم وزير الخارجية الأمريكي بتقديم تقرير إلى الكونغرس بعد 90 يوماً من إقرار القانون بالآثار "الضارة" للوجود والتأثير الروسي في هذه المنطقة على الاقتصاد الأمريكي، وطبيعة المشاريع الروسية المتصلة، أو المتمركزة في منطقة شرق المتوسط، ومدى التوغل العسكري الروسي في المنطقة بعد الحرب السورية.

وبذلك تدفع الولايات المتحدة دول المنتدى لتلتقي عند نقطة مصلحة جماعية مع المشروع الأميركي الخاص بمركز الطاقة، والذي كان يُنظر له يوماً، في الدوائر الأمريكية، على أنه "قد يكون منافساً للمنتدى".

ورغم ارتباط المشروع في الأساس بحلفاء مصر الاستراتيجيين في المنطقة، إلّا أنه لا يذكرها إلّا في موضع واحد، بالإشارة إلى ازدياد أهمية المنطقة على المستوى الاقتصادي، بعد تعدد اكتشافات الغاز الكبرى في المياه الإقليمية المصرية، ودخول القاهرة في شراكة مع اليونان وقبرص و(إسرائيل) في مجال الاستكشاف والإسالة والتداول.

وتطمح دول المنتدى إلى توسيع شبكة الأنابيب المقامة بين مصر و(إسرائيل)، والمملوكة حالياً لشركة جديدة أسست خصيصاً لامتلاك شبكة الأنابيب، بين شركتي "نوبل إينرجي" الأمريكية و"ديليك" الإسرائيلية" وشركة "غاز الشرق" المملوكة حالياً للدولة، ممثلة في جهاز المخابرات العامة وهيئة البترول.

وسيتم توسيع الشبكة لتشمل قبرص، بهدف الاستفادة من مصنعي إسالة الغاز في مصر، واللذين ستستفيد منهما (إسرائيل) أيضا.

ويراهن الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" على هذه الخطط لتعويض الخسائر المالية المتوالية التي يتكبدها الاقتصاد المصري جراء تعاظم فوائد القروض وبيع الديون.

وفي هذا الإطار، لا يجد "السيسي"  غضاضة في الانضمام إلى الشراكة الأمريكية المرتقبة، مقابل العصف بطموحات التنقيب عن الغاز من جانب تركيا، بحسب مصادر دبلوماسية مصرية.

غير أن العقدة تكمن في مدى واقعية مشاركة مصر للولايات المتحدة في هكذا مشروع، في الوقت الذي تواجه فيه ضغوطاً من قبل واشنطن لوقف استيراد الأسلحة الروسية.

وترفض الولايات المتحدة، من حيث المبدأ، شراء دول، كمصر وتركيا والهند، أسلحة روسية، خاصة طائرات "سوخوي- 35" التي تعاقدت القاهرة، في نهاية العام الماضي، رسمياً لشراء 20 منها بين 2021 و2022 مقابل مليارين وربع المليار دولار.

ولأن "السيسي" حريص على إقامة علاقات وطيدة مع موسكو، فإن التشارك بين الولايات المتحدة ومنتدى الغاز سيضعه في "مأزق حقيقي"، بتعبير المصادر، التي أشارت إلى أن "مصلحة مصر هي الإبقاء على شعرة تفصل المشروع الإقليمي والمشروع الأمريكي للحفاظ على فرصها الكاملة في تطوير العلاقات مع كل من واشنطن وموسكو دون التضحية بأي منهما".

وتلوح في الأفق ملامح لإمكانية حل هذه المعضلة عبر تسوية الشق الاقتصادي لخطة السلام التي تروج لها إدارة "ترامب" بالشرق الأوسط تحت مسمى "صفقة القرن"، وتشمل تخصيص مليار و500 مليون دولار لدعم تشارك مصر و(إسرائيل) في إنشاء مركز إقليمي كبير للغاز الطبيعي وتوظيف الإنتاج الكبير من الحقول وتحسين جودة شبكات نقل الغاز والغاز المسال على مدى 5 سنوات.

ولا تخشى تركيا نواة هكذا تشارك فقط، بل تخشى أيضاً إنشاء سوق غاز إقليمية تخدم مصالح الأعضاء من خلال تأمين العرض والطلب، وتنمية الموارد وترشيد كلفة البنية التحتية، وتقديم أسعار تنافسية، وتحسين العلاقات التجارية بين أعضاء المنتدى والشركات الأميركية والأوروبية الكبرى، ما يؤثر بالسلب على الاقتصاد التركي، بحسب المصادر.

ولذا لوح الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" باستخدام القوة في مواجهة قبرص وحلفائها، وأعلنت أنقرة استمرار التنقيب بواسطة شركة "توركيش بتروليوم" الحكومية، التي تملك امتياز تلك المنطقة من وجهة النظر التركية منذ 10 سنوات، رغم تكرار التحذيرات الصادرة من واشنطن والدول الأوروبية.

وكانت الاتصالات قد بدأت لإنشاء منتدى غاز شرق المتوسط في أكتوبر/ تشرين الأول 2018، بين مصر وقبرص واليونان، وانضمت لها (إسرائيل) لاحقا، بينما تم استبعاد تركيا ولبنان وسوريا.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

منتدى غاز شرق المتوسط قبرص كريت

وزير الطاقة الإسرائيلي يشيد بدعم السيسي لمنتدى الغاز

بيري: ناقشنا تنقيب تركيا قبالة قبرص بمنتدى غاز شرق المتوسط

تركيا.. انطلاق منتدى أنطاليا الدبلوماسي الأول بحضور دولي واسع