هآرتس: خاشقجي صاحب الفضل الأول في إصلاحات قوانين الولاية السعودية

الاثنين 5 أغسطس 2019 04:22 م

تعد الأخبار الكبيرة التي تحدثت عن أن المملكة العربية السعودية على وشك السماح للمرأة السعودية بالسفر إلى الخارج دون إذن من ولي أمر من الذكور خطوة تغيير حقيقية في بلد لا يشكل فيه حقوق الإنسان جزءا من العهد بين الحكومة والمواطنين.

لكن وسائل التواصل الاجتماعي، التي أشادت بقرار ولي العهد "محمد بن سلمان"، ووصفت موقفه بالمستنير والكريم، "نسيت" أن تشكر بدلا من ذلك صاحب الفضل الحقيقي، وهو الصحفي السعودي "جمال خاشقجي"، الذي ساهم اغتياله، بناء على أوامر من ولي العهد نفسه، مساهمة كبيرة في محاولات حكام البلاد لإظهار السعودية بمظهر أكثر ليبرالية.

ولن تضطر النساء على الأقل، وفقا للقانون الجديد، على التسلل خارج بلدهن والتماس اللجوء في مكان آخر، وسوف يكن قادرات على التقدم بطلب للحصول على جواز سفر ثم السفر دون إذن، على أمل ألا يتم وضع عقبات مثل طلب وجود "ضامن" أو أي ذرائع أخرى لحرمانهن من الحصول على جواز السفر.

وتأتي هذه الخطوة كحلقة أخرى في سلسلة من القرارات التي اتخذها "بن سلمان"، التي تضمنت أحقية النساء بالحصول على رخصة لقيادة السيارة، وحضور مبارايات كرة القدم.

لكن سيتعين على التشريع الجديد أيضا التعامل مع الحظر الذي يكون غالبا أكثر قسوة وله وزن أكبر من القانون، وهو الحظر الناشئ عن التقاليد وعادات المملكة القاسية والأبوية.

فهل تتحدى المرأة التي تريد السفر إلى الخارج زوجها، حتى لو كان القانون إلى جانبها؟ وهل ستذهب لطلب حقوقها في المحكمة إذا أمرها شقيقها أو والدها بعدم الحصول على جواز سفر دون موافقته؟ وماذا عن النساء اللائي حصلن على جواز سفر ولكنهن بحاجة إلى المال لتحقيق حلمهن، وهو المال الذي سيتعين عليهن أن يطلبنه من أولياء أمورهن الذكور؟

بالطبع لا توجد قوانين جديدة لأي من هذا، لكن التشريع قد يثير حوارا جديدا سيولد تغييرات في المستقبل، وفي معظم الدول العربية، لا تحتاج النساء إلى إذن من الرجل للسفر إلى الخارج، وتتمتع معظمهن بحقوق سياسية أكبر مما من المملكة العربية السعودية.

وفي المملكة، حيث الشريعة الإسلامية هي الدستور، لا تعتمد الحكومة على البرلمان أو الانتخابات، وتعد أكثر تقييدا للحريات من إيران، حيث يسمح في طهران للنساء بقيادة السيارات والتصويت والترشح للانتخابات، وتدرس النساء معظم المهن في الجامعات.

وفي تونس، التي ربما تكون الأكثر تحررا فيما يتعلق بحقوق المرأة، تتمتع النساء بحقوق سياسية أكبر بكثير، مثل الحق في الطلاق وممارسة أي مهنة تختارها.

وقد حدد "بن سلمان" زيادة مساهمة النساء في القوة العاملة من 22% إلى 30% باعتباره أحد الأهداف الرئيسية في رؤيته لعام 2030، التي قدمها قبل نحو عامين، كما يرى أن إحياء صناعة السينما أداة مهمة في تنويع مصادر الدخل في بلده، وقام "بن سلمان" بمواجهة السلطة الدينية وتقليص صلاحياتها، سواء فيما يتعلق بتفسيرها للشريعة الإسلامية أو الطريقة التي تطبق بها الهيئة الشريعة، والتي تتسم بالعنف أحيانا.

تأثير "خاشقجي"

لكن من المستحيل تجاهل أن معظم الخطوات التي اتخذها "بن سلمان" لإظهار اهتمامه بحقوق الإنسان جاءت بعد مقتل "خاشقجي"، ووسط التوترات المتصاعدة مع الكونغرس الأمريكي والحكومات الأوروبية والشعوب الغربية.

وتتمتع المملكة بدعم لا لبس فيه من الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، الذي تجاوز قرار الكونغرس بعدم بيعه الأسلحة للمملكة باستخدام حق النقض "الفيتو"، لكن "بن سلمان" نفسه شخص غير مرغوب فيه في الولايات المتحدة، ورغم أن الأمر ليس رسميا، لكنه أصبح من الواضح له منذ فترة طويلة أنه من الأفضل ألا يذهب للولايات المتحدة طالما لم يتم حل قضية "خاشقجي".

ويحاول "بن سلمان" تلميع صورته وصورة مملكته من خلال تحسين أوضاع حقوق المرأة، وهو يحاول بذلك تحقيق توازن بين لائحة الاتهام العلنية الموجهة له ولبلده، وبين الحاجة للحفاظ على العلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة في صورتها السليمة.

ولا تقتصر أهمية هذه العلاقات على "بن سلمان"، فربما لا تحتاج واشنطن إلى المملكة بقدر احتياج الرياض لواشنطن، لكن الولايات المتحدة تبقى في حاجة للمملكة لقيادة التحالف العربي ضد إيران، غير أن ولي العهد، الذي يدرك أن هذه العلاقات قد تنهار إذا غاب "ترامب"، يحاول الاستفادة من السياسة الداخلية السعودية بشأن حقوق الإنسان لتعزيز علاقاته الخارجية.

ويعد هذا ثمنا منخفضا نسبيا؛ حيث لا تتطلب هذه الخطوات منه تغيير النظام أو إجراء تغييرات دستورية لتحويل البلاد إلى مملكة ديمقراطية أو على الأقل ملكية دستورية، وهو لا يحتاج إلى الخوف من حزب معارض، وفي الوقت نفسه لن يجد نفسه مضطرا لإلغاء عقوبة الإعدام، التي تنافس فيها المملكة إيران والصين.

لكن "بن سلمان" قد أرسى سابقة بتحويل السياسة الداخلية، خاصة حقوق الإنسان، إلى أداة سياسية يستخدمها مع الغرب، الذي لم يبد سابقا الانزعاج من انتهاكات حقوق الإنسان أو الاستبداد في المملكة.

وفجأة، تدرك الحكومات الغربية أيضا أن حقوق الإنسان وحقوق المرأة والأقليات تتطلب منها التدقيق في مصالحها المشتركة مع الدول التي تنتهك هذه الحقوق، وفي بعض الحالات فرض عقوبات عليها، حتى لو أضرت العقوبات بعلاقاتها الخاصة مع هذه الدول.

المصدر | تسفي برئيل - هآرتس

  كلمات مفتاحية

مقتل خاشقجي قانون الولاية حقوق المرأة في السعودية

السعودية تبيض سجلها الحقوقي بتقليص قيود الولاية على المرأة

الشكوك تساور السعوديات رغم تخفيف قيود الوصاية

الدين في بلاط الحكم السعودي.. القصة الكاملة لأوهام الإصلاح الديني في المملكة