استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

التسوية في مصر بين المسارين السياسي والثوري

الثلاثاء 23 يونيو 2015 05:06 ص

فشلت الثورة في مصر، هذا ليس تحليلا، وإنما واقع نعيشه كل يوم، وفشل الثورات ليس حدثا استثنائيا في التاريخ، وإنما يكاد يكون أمرا روتينيا مكررا. فمن بين حوالى 155 حدثا ثوريا وقعت خلال نصف القرن الماضي لم ينجح منها سوى النصف تقريبا، وليس النجاح هنا مرتبطاً فقط بتغيير رأس النظام، وإنما بتغيير الجسد والهياكل أيضاً، بحيث يولد نظام جديد تماماً عما كان قبله، وهو قطعا ما لم يحدث في الثورة المصرية. 

وعلى عكس ما قد تذهب إليه أذهان بعضهم، فإن الاعتراف بفشل الثورة لا يعني قطعا الاستسلام أو القبول بالأمر الواقع، لكنه يعني فهم هذا الواقع، وما يفرضه من فرص وتحديات جديدة، تتطلب رؤى وتصورات واستراتيجيات جديدة للتعاطي معها، فكما تقوم الأنظمة السلطوية بعمل تحديث upgrade لاستراتيجيتها وأدواتها القمعية، يجب على من يدّعي الثورية، أو يرغب في التغيير، بعمل تحديث مواز، وإلا سيبدو كمن يحرث في الماء.

خذ على سبيل المثال ما فعله نظام "3 يوليو" منذ جاء إلى السلطة، فقد قام أولا بحملة ممنهجة لتشويه ثورة 25 يناير، باستخدام آلة إعلامية جبارة يقوم عليها محترفون في الكذب والبروباغندا، ما دفع قطاعات شعبية لاستمراء وقبول ما يحدث في شباب الثورة، وعزز متلازمة الثورة والفوضي.

وقام ثانيا بعمل شيطنة وتشويه أحد أهم الفصائل والقوى السياسية في مصر، وهي جماعة الإخوان المسلمين، بنشر الأكاذيب وتهيئة الأجواء للتخلص من قياداتها، ووصل الأمر إلى حد قبول المجتمع بقتل مئات من المنتمين لهذه الجماعة، واعتقال آلاف وتشريدهم، وبذلك ضمن عدم وجود تهديد حقيقي لسلطته.

وثالثا فرض حصارا قانونيا على كل من يفكر بالتظاهر أو الاحتجاج على الأوضاع القائمة، فأصدر قانون التظاهر سيئ السمعة الذي أصبح سيفا مسلطا على رقاب الجميع، وسقط في براثنه مئات من الناشطين من كل التيارات السياسية، في ظل صمت مشين ممن يُطلق عليهم النخبة المصرية.

ورابعا أصدر عشرات القوانين والمراسيم التي تضمن له السيطرة على كل مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية، بحيث أصبح متحكما في كل شيء تقريبا،

وأخيرا قام بعملية اختطاف منظمة لعشرات من الشباب وإخفائهم قسريا، من دون أن يعلم عنهم أحد.

على الجانب الآخر، ازدادت الفرقة والانقسام بين القوى الثورية التي انتقل بعضها إلى معسكر الانقلاب، وصمت وقبل انتهاكاته الجسيمة في حق الثورة والثوار، في حين استسهل آخرون النضال من خلف شاشة الكمبيوتر، وصمت بعض أخير تماما عما يحدث وكأنه يعيش في عالم مواز.

أما الفصيل الذي يمارس العمل على الأرض، وتحديدا جماعة الإخوان المسلمين، فتحولت إلى "جماعة غضب" أكثر منها جماعة ثورية حقيقية، يغلب على خطابها مفردات الكراهية والانتقام من الجميع، بمن فيهم رفقاء الميدان الذين "خانوا" الجماعة وصمتوا على ذبحها.

ترفض الجماعة، حتى الآن، الاعتراف بخلل الموازين في صراعها مع النظام الحالي، ومن يدعمونه، وتراهن على عملية إفشاله وتعطيل حركته من خلال ما تسميه "حراكها الثوري" الذي يستبطن العنف ويبرره، تحت دعوى رد الفعل والقصاص، ناهيك عن الشروخ والانقسامات الداخلية التي خرجت للعلن في الأسابيع القليلة الماضية.

لا تدرك الجماعة بعد كل هذه الخسائر والانتكاسات أن سيناريو استنزاف النظام يقابله استنزاف للجماعة وكوادرها وتفكيك لتنظيمها، ولا تدرك، أيضا، أن "المسار الثوري" لم يعد خيارا مطروحا على الطاولة الشعبية التي ذاقت الكثير من الثورة والثوار، طوال السنوات الأربع الماضية، كما أنها لا تدرك أن أي تغيير للوضع القائم لن يكون إلا من خلال "مسار سياسي" سيكون أقصى ما فيه التفاوض على التخلص من رأس النظام الحالي وعزله، في مقابل تخفيف الضغط عن الجماعة والإفراج عن بعض قياداتها.

بكلمات أخرى، فات أوان المسار الثوري، وأي انتفاضة قادمة لن تكون إلا انتفاضة دموية فوضوية، ولعل ذلك هو ما يراهن عليه بعضهم خطأ، نوعاً من الانتقام من المجتمع على طريقة "عليّ وعلى أعدائي".

لا يملك أحد الحق في مطالبة "الإخوان" بالتوقف عن تظاهراتهم وفعاليتهم، ولا يحق لأحد أن يطالبهم بالتنازل عما يرونها حقوقاً تم استلابها، لكن الخطأ هو أن يظن بعضهم أن المسار الحالي سوف يفضي إلى عودة هذه الحقوق، خصوصاً في ظل صراع سياسي غير متكافئ على الأصعدة كافة.

هل أنا متشائم؟ ربما، لكن التشاؤم أيضا جزء من الواقع الذي يرفض بعضهم رؤيته، ويصر على دفن رأسه فى الرمل، تحقيقاً لمصلحة، أو رغبة في بقاء تأثيره ونفوذه بين أنصاره.

ماذا على الجماعة أن تفعل؟ قد يسأل بعضهم.

إجابة السؤال بسيطة، ولا تخرج عن خيارين: إما أن تطرح الجماعة مبادرة أو رؤية للحل السياسي، تحصل فيها على مباركة وتأييد القوى الرافضة للوضع القائم، وكذلك القوى الإقليمية والدولية التي من مصلحتها حل الأزمة السياسية في مصر، وبمقدورها فرض الحل على النظام الحالي، على أن يتم طرح هذه المبادرة للنقاش والحوار، بعيدا عن الإعلام والمزايدات السياسية.

أو أن تتعاطى الجماعة بواقعية، ومن دون تخوين أو استخفاف مع مبادرات الخروج من الأزمة الحالية التي تطرحها أطراف سياسية، تشترك مع الجماعة حول تغيير الوضع القائم.

ومن دون ذلك، لا يعدو ما تفعله الجماعة عن كونه تقديم نفسها للسلطة مجاناً، عبر عملية انتحار جماعي وهي معصوبة العينين. من حق أي شخص أن يرفض ما تقدم. لكن، رجاء أن يكون الرفض بطرح بديل مقنع، وبلغة راقية، حتى لا يضيع أجر الصيام، ورمضان كريم.

  كلمات مفتاحية

مصر نظام 3 يوليو المسار السياسي المسار الثوري الحل السياسي الإخوان

تهافت الاستئصاليين: إسقاط مصر نموذجا

إعدام الاستقرار في مصر

حرصا على كرامة مصر: أوقفوا المذبحة

مصر.. تحولات مجتمع يسير وحيدا

الذكرى الثالثة لـ"أحداث محمد محمود": يوم صارت ثورة مصرية غريبة!

كلمة سر الثورة «الاصطفاف»