اتهمت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية فنيين يعملون لصالح شركة هواوي الصينية بمساعدة حكومات دول أفريقية في التجسس على معارضين سياسيين.

وذكرت الصحيفة في تحقيق استقصائي نشرته، الأربعاء، أن هواوي، وهي واحدة من أكبر شركات الاتصالات في العالم وتهيمن على الأسواق الأفريقية، باعت معدات أمنية تستخدمها حكومات القارة السمراء في المراقبة الرقمية والرقابة، غير أن موظفي هواوي قدموا خدمات أخري لم يتم الكشف عنها.

ووفقا لمسؤولين أمنيين بارزين يعملون بشكل مباشر مع موظفي هواوي، قام فنيون من الشركة الصينية، في حالتين على الأقل، بمساعدة الحكومات الأفريقية في التجسس على خصومها السياسيين، بما في ذلك اعتراض اتصالاتهم المشفرة وحسابات تواصل اجتماعي واستخدام بيانات هواتفهم الخلوية لتتبع أماكنهم.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أوغنديين بارزين قولهم إن مجموعة مكونة من 6 ضباط مخابرات في كمبالا كافحت، العام الماضي؛ لاحتواء تهديد يداهم نظام الرئيس "يوري موسيفيني"، الذي دام 33 عاما.

وأضافت الصحيفة أنه عندما عاد "بوبي واين" نجم البوب الأوغندي التي تحول للسياسة، من واشنطن إلى كمبالا، بدعم أمريكي لحركته المعارضة، كانت تعليمات صدرت لوحدة المراقبة الإلكترونية في أوغندا باعتراض اتصالاته المشفرة، بموجب الصلاحيات العريضة التي أتاحها قانون الاتصالات لعام 2010، والذي يخول للحكومة تأمين مصالحها متعددة الأبعاد.

ووفقا للمسؤولين الأوغنديين، فإن هذا الفريق، الذي كان يتخذ من الطابق الثالث بمبني شرطة كمبالا مقرا لها، قضي أياما يحاول اختراق الاتصالات التي يجريها "واين" عبر واتساب وسكايب باستخدام برامج التجسس، لكنه فشل في تحقيق ذلك.

بعدها، طلب هذا الفريق المساعدة من الموظفين العاملين في شركة هواوي في أوغندا.

وقال أحد الضباط البارزين في وحدة المراقبة: "لقد عمل فنيو هواوي لمدة يومين وساعدونا في تنفيذ عملية الإختراق".

وقالت "وول ستريت جورنال" إن مهندسي شركة هواوي، الذين تم تحديدهم بالاسم في وثائق الشرطة الداخلية، اخترقوا مجموعة محادثة واتساب لـ"واين" أُطلق عليها اسم "Firebase"، ونجحت الشرطة بعد ذلك بإفشال خططه لتنظيم مسيرات في الشوارع واعتقلته وعشرات من أنصاره.

وذكرت الصحيفة الأمريكية أن في أوائل 2017، وقبل التعامل مع فنيين من هواوي، تلقت أجهزة الأمن الأوغندية برنامج تجسس يسمي "Pegasus"، الذي تم تصميمه بواسطة شركة "NSO Group" الإسرائيلية، كما حصلت على منتجات مماثلة بأسماء مختلفة من شركات أخرى.

وقالت إن الأوغنديين تلقوا تدريبات من قبل 5 فنيين حكوميين إسرائيليين. وقال ضباط بالمخابرات الأوغندية إنهم تعلموا كيفية استخدام برامج التجسس لقراءة رسائل البريد الالكتروني والنصوص لكن ليس الاتصالات المشفرة.

وقال مسؤول أمني أوغندي: "كان التدريب قصير الأجل وغير متطور للغاية مثل الذي حصلنا عليه من الصينيين".

وفي زامبيا، ووفقا لمسؤولين أمنيين بارزين، ساعد فنيو هواوي الحكومة هناك في الوصول إلى هواتف وصفحات "فيسبوك" لفريق من المدونين المعارضين الذين يديرون موقعا إخباريا مؤيدا للمعارضة، لطالما انتقد الرئيس الزامبي "إدغار لونجو".

وذكرت "وول ستريت جورنال" أن كبار المسؤولين الأمنيين حددوا اسمي خبيرين من شركة هواوي، قاموا بدورهم بتحديد مواقع مدونين، وكانوا على اتصال دائم مع وحدات الشرطة لاعتقال المدونين في مدينة سولويزي الشمالية الغربية.

واعتبرت الصحيفة الأمريكية أن واقعتي أوغندا وزامبيا، كما هو مفصل في تحقيقها الاستقصائي، تظهران كيف استخدم موظفو هواوي التطبيقات التي تنتجها الشركة وشركات أخري لدعم التجسس المحلي لحكومات أفريقية.

ومنذ 2012، تتهم الحكومة الأمريكية هواوي، أكبر شركة لتصنيع معدات الاتصالات في العالم وثاني منتج للهواتف الذكية، بأنها أداة محتملة للحكومة الصينية للتجسس في الخارج، لكن  هواوي نفت بشدة تلك الاتهامات.

ولم يكشف التحقيق الاستقصائي للصحيفة الأمريكية أيه دليل على تجسس هواوي نيابة عن بكين في أفريقيا. كما لم تجد أن المسؤولين التنفيذيين لشركة هواوي في الصين كانوا يعرفون الأنشطة المذكورة أو يوافقون عليها.

لم يُعثر أيضا على شيء خاص يتعلق بالتكنولوجيا في شبكة هواوي يجعل أنشطة التجسس تلك ممكنة.

ومع ذلك، تقدم تفاصيل العمليات دليلا على أن موظفي هواوي لعبوا دورا مباشرا في الجهود الحكومية لاعتراض الاتصالات الخاصة بمعارضيها.

وقال متحدث باسم شركة هواوي، في بيان، إن "الشركة لم تشارك مطلقا في أنشطة القرصنة. وترفض تماما هذه الادعاءات غير الدقيقة التي لا أساس لها من الصحة.. ويوضح تحقيق داخلي أن هواوي وموظفيها لم يشاركوا في أي من هذه الأنشطة المزعومة. ليس لدينا العقود ولا القدرات للقيام بذلك".