تصعيد هندي في كشمير بدفع أمريكي.. والصين ترد عبر باكستان

الجمعة 16 أغسطس 2019 05:10 م

ما إن اندلعت الأزمة الهندية الباكستانية في كشمير حتى اتخذت الصين موقفا متشددا بدعم باكستان، وذلك رغم سياساتها القمعية تجاه مسلمي الإيغور لديها.

الدعم الصيني جاء من منطلق إدراكها أن التحركات الهندية في كشمير لم تكن إلا بضوء أخضر من واشنطن لاستهداف المصالح الصينية، وهو ما يفسر عدم وجود موقف قوي داعم من السعودية والإمارات نحو باكستان وكشمير باعتبارهم من حلف واشنطن.

وأعلنت الحكومة الهندية الإثنين 5 أغسطس/آب 2019، بشكل مفاجئ وبقرار يدخل "حيز التنفيذ فوراً"، إلغاء الحكم الذاتي الدستوري في إقليم جامو وكشمير ذي الأغلبية المسلمة، المتنازع عليه منذ زمن طويل، ويقع في منطقة متاخمة لباكستان والصين.

تلغي هذه الخطوة سلطات الحكم الذاتي التي كان يتمتع بها إقليم كشمير في السابق، وتثير مخاوف من نشوب صراع مسلح جديد في منطقة عانت بالفعل من العنف لعقود، وما فاقم هذه المخاوف إرسال الهند لقواتها إلى المنطقة قبل القرار وقطعها خدمة الإنترنت بعد الإعلان عنه.

تحرك رئيس وزراء الهند "ناريندرا مودي"، الهندوسي القومي المتطرف، جاء في أعقاب عرض الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" أن يتوسط في القضية، حيث زعم "ترامب" أن "مودي" طلب منه التوسط في النزاع حول كشمير، لكن الهند نفت ذلك بشكل قاطع.

التحرك الهندي أيضا جاء في ظل حرب تجارية شرسة تخوضها واشنطن على كل المستويات مع الصين، والمتابع للحملات الانتخابية الرئاسية داخل الولايات المتحدة يلاحظ على الفور أن بكين هي العدو القومي الأول لواشنطن في سياسة "ترامب".

ومعنى تنشيط جبهة الصراع الهندي الباكستاني، بضوء أخضر أمريكي، فتح جبهة خامدة من الصراع على حدود الصين وهو ما سيمثل إرباكاً للقيادة الصينية وتشتيتاً على أقل تقدير وهذا ما نراه الآن.

لذلك جاء رد الفعل الصيني الرسمي تجاه ما أقدمت عليه الهند كأعنف موقف، بعد موقف باكستان بالطبع، حيث وصفت الخارجية الصينية خطوة الهند "بغير المقبولة" مضيفة أنها "غير ملزمة".

المتحدثة باسم الخارجية الصينية "هوا تشونيانغ" قالت في بيان: "واصلت الهند مؤخراً أفعالها التي تضر السيادة الصينية وذلك بإقدامها على تغيير قانون محلي"،مضيفة أن فرض الهند سيادتها على لاداك كجزء من كشمير يعني ضم أراض صينية.

تجدر الإشارة إلى أن طبيعة العلاقات بين الجارتين الآسيويتين تتسم بالبرود والتجاهل في معظم الأحيان، أبرز أسباب ذلك يعود إلى غياب الثقة نتيجة لعدم وجود حوار بناء بين الدولتين والأسوأ هو أن أي حوار يتم بين المسؤولين في نيودلهي وبكين يكون على خلفية مواضيع محددة تتجنب غالباً الخوض في المسائل العالقة مثل مشاكل الحدود التي نتج عنها حرب عام 1962.

التنافس بين بكين ونيودلهي على النفوذ سواء في آسيا أو على المستوى الدولي يتسم بمحاولة كل طرف تعطيل نمو وتأثير الطرف الآخر، ربما أكثر من محاولات كل منهما مساعدة نفسه.

وعلى سبيل المثال ترى الهند أن الصين هي المعارض الأبرز لانضمام الهند إلى عضوية مجلس الأمن الدولي وكذلك الانضمام إلى النادي النووي الدولي.

في المقابل، تقف الهند دائماً حجر عثرة أمام أي مبادرة صينية وأبرزها مبادرة الحزام والطريق، كما أن بكين مستاءة من مشاركة الهند في آلية الحوار الأمني الرباعي التي تضم الولايات المتحدة واليابان وأستراليا أيضاً، والتي تعتبرها بكين أداة لمنع صعودها كقوة عالمية.

ومن أسباب توتر العلاقات بينهما أيضاً كون الصين أكثر دولة استفادت من سياسات الحرب الباردة بين أمريكا والاتحاد السوفيتي كما استفادت أيضاً من نظام العولمة وكذلك مشروع مساعدة تنمية اليابان، ولكن الهند الآن تستفيد أكثر من الدعم الأمريكي في المنتديات الدولية وهو ما تراه الصين تحدياً لأمنها في المستقبل.

ولا يمكن إغفال دور الصقور في الإدارة الأمريكية ورغبتهم في تقوية الهند لتمثل شوكة في خاصرة التنين الصيني، استغلالاً للماضي الشائك بينهما.

وتفسر تلك الخلفيات توقيت الخطوة التي أقدمت عليها الهند تجاه كشمير.

الصين بدت مدركة بشكل جيد أنها المقصود فعليا من وراء ما فعله "مودي" في كشمير، ربما أكثر حتى من باكستان، لذلك كان لافتاً أن توجه صحيفة "غلوبال تايمز" الناطقة بلسان الحزب الشيوعي الحاكم في بكين دعوة إلى المسلمين حول العالم للتوحد في وجه الخطوة الهندية بخصوص كشمير.

افتتاحية الصحيفة وصفت الهند بأنها دولة "حمقاء فيما يتعلق بقضايا الحدود" وتواصل كسر "الوضع الراهن" بما يؤثر على الموقف الإقليمي.

الصحيفة الناطقة بلسان الحزب الحاكم قالت أيضاً إن الولايات المتحدة والقوى الغربية "متواطئة" مع الهند، مضيفة أن الهند أيضاً "تعتقد أن الصين مشغولة في حربها التجارية ومبادرة الحزام والطريق وبالتالي هذا وقت جيد لاتخاذ تلك الخطوة في قضايا الحدود".

الصين أيضاً تستثمر أكثر من 50 مليار دولار في البنية التحتية في باكستان بغرض شق طرق ومباني وطرق سريعة وكباري ومدن ومحطات لتوليد الطاقة، كجزء من مشروع يسمى "الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان" يهدف إلى ربط إقليم زينغيانغ الصيني بإقليم بالوشستان الباكستاني على البحر العربي.

المشروع جزء من مبادرة الحزام والطريق التي تسعى من خلاله بكين إلى إحياء طريق الحرير القديم الذي يمر من خلال أكثر من 100 دولة حول العالم.

ويفسر الاصطفاف الأمريكي الهندي مواقف دول عربية تجاه تلك الأزمة، فرغم التقارب السياسي والاستراتيجي بين تلك الدول وباكستان باعتبار أنها دول إسلامية وعضو منظمة المؤتمر الإسلامي، فإن الحقيقة أن مصالح تلك الدول مع الهند أقوى بكثير من مصالحها مع باكستان.

لذلك ليس من المنتظر أن تحظى باكستان بدعم قوي من هذه الدول.

وظهر ذلك بشكل واضح في رد الفعل المتخاذل من السعودية والإمارات ومصر حلفاء "ترامب" في المنطقة، حيث تركوا مسلمي كشمير في ظل تعتيم كامل فرضته عليهم الهند بعد أن مزق "مودي" حقهم الدستوري وأرسل آلاف الجنود وقطع عنهم كل سبل التواصل مع العالم.

المصدر | الخليج الجديد + عربي بوست

  كلمات مفتاحية

جامو وكشمير أزمة كشمير الحرب التجارية

أزمة كشمير.. باكستان لا تستبعد الخيار العسكري ضد الهند

ترامب يدعو الهند وباكستان إلى تخفيف التوترات بشأن كشمير

السلطات الهندية تبدأ إعادة خدمات الهاتف في "جامو وكشمير"

باكستان: جيشنا مستعد للتصدي لأي خطوة هندية

الهند تقمع احتجاجات بكشمير.. وإصابات بالخرطوش

عمران خان يطالب بتحرك دولي ينقذ كشمير من الإبادة الجماعية 

بن سلمان يتلقى اتصالا هاتفيا من رئيس الوزراء الباكستاني