بلومبرغ: السعوديون لا يستطيعون مقاومة الغزو الثقافي التركي

الأحد 25 أغسطس 2019 04:53 م

تحت عنوان "السعوديون لا يستطيعون مقاومة الغزو الثقافي التركي"، نشرت وكالة "بلومبرغ" الأمريكية تقريرا قالت فيه إن تركيا تحاول تحقيق تأثير في العالم العربي، وهي تحاول كسب قلوب السعوديين من خلال الدراما التليفزيونية والمنتجعات السياحية.

السائحة السعودية "نوره" جلست في مقهى تتناول رقائق البطاطا المقلية، بمنطقة جبلية تطل على بحيرة، حيث الهواء البارد، المختلف عن الجو الحار الذي يحيط ببلدها الصحراوي.

وقالت إن المكان لا يختلف عن بلدها، فهناك مسجد ومطاعم تقدم الوجبات السعودية التي تحبها، خاصة الكبسة، وتتوقف الموسيقى في أوقات الصلاة، ولا أحد يعبر عن استغرابه من عباءتها السوداء ونقابها.

وأضافت "نوره" (24 عاما): "أستطيع الحصول على أسلوب الحياة المحافظ الذي أعيشه في السعودية لكن بمحيط أخضر وأسعار معقولة".

ولفتت الوكالة إلى الصراع على القوة بين السعودية وتركيا، اللتين تحاولان توسيع التأثير في العالم العربي.

 ومنذ مقتل الصحفي السعودي "جمال خاشقجي" في إسطنبول قبل عام تقريبا، لم تتحسن العلاقات الرسمية بين البلدين، حيث يتركز غضب السعوديين على الرئيس "رجب طيب أردوغان" وحكومته، التي كشفت عن دور السعودية في مقتل "خاشقجي"، من خلال سلسلة من التسريبات حول جريمة القتل البشعة.

وبحسب الوكالة فإن تسلل الثقافة التركية مستمر في السعودية، ومقاومتها أصبحت أمرا صعبا، حيث يواصل السعوديون تحميل الدراما التركية من الإنترنت، بعد منع عرضها على الكثير من القنوات السعودية، بالإضافة إلى زيارة المطاعم والمقاهي التي تظهر في المسلسلات الدرامية الشهيرة، بالإضافة إلى أن السياح السعوديين يشترون الملابس التركية والشموع العطرية والسجاد.

السياحة بلا خوف

كما يواصل السعوديون السفر إلى المنتجعات دون انزعاج من عناوين الصفحات الرئيسية السعودية التي تخوفهم من من الاختطاف إلى القتل، ويقول بعض السياح السعوديين إنهم يسافرون إلى تركيا لأن سفارتهم في أنقرة لا تزال مفتوحة، ولا يوجد هناك منع رسمي للسياحة في تركيا، ولو تم فرض حظر فإنهم سيتوقفون عن الزيارة، كما فعلوا عندما حذرتهم الحكومة من السفر إلى لبنان.

وملأ السياح السعوديون الساحة الرئيسية في مدينة طرابزون على البحر الأسود.

وتقول سائحة من جدة بحثت عن شراء مواد تجميل: "هي أرخص هنا" من السعودية، وعندما سئلت عن التحذيرات، تجاهلتها قائلة: "مجرد تغريدات".

وعن التنافس بين البلدين، تعد تركيا ثاني أكبر قوة عسكرية في الناتو بعد الولايات المتحدة، أما السعودية فهي مكان ميلاد الإسلام وأكبر مصدر للنفط الخام في العالم.

ويقف البلدان على طرفي النقيض في مشكلات العالم العربي، فمن ناحية تبنت السعودية في ظل ولي العهد "محمد بن سلمان" سياسة حازمة في اليمن، حيث شنت حملة عسكرية ضد الحوثيين، وقادت مع الإمارات والبحرين ومصر حصارا ضد قطر.

بينما حاولت تركيا في ظل "أردوغان" توسيع مجال تأثيرها في العالم العربي، واستقبلت الناشطين من "الإخوان المسلمون"، الجماعة المصنفة إرهابية في السعودية، بالإضافة إلى أن أنقرة دعمت في الوقت ذاته قطر، وتصدر لها الطعام والألبان.

وأشارت صحيفة "عكاظ" السعودية هذا الشهر إلى محاولات تركية للتأثير على السعوديين من خلال "القوة الناعمة" مثل المسلسلات الدرامية والسياحة القوية.

ونقلت "بلومبرغ" عن مدير مركز السياسة الدولية في واشنطن "كرمان بخاري"، قوله: "لا يستطيعون إغلاق التليفزيون وإلغاء الرحلات الجوية والتبادل الثقافي، القوة الناعمة"، وأضاف أن الأتراك استطاعوا من خلال وسيط الثقافة الحصول وبطريقة تدريجية على تأثير في السعودية والعالم العربي بشكل عام.

ووفقا لوزارة السياحة التركية، فإن حوالي 750 ألف سعودي زاروا تركيا العام الماضي، بزيادة 15% عن عام 2017، فيما كان العدد قبل ثورات الربيع العربي عام 2011 لا يتجاوز الـ120 ألف سعودي.

ونقلت الوكالة عن مدير وكالات السياحة في منطقة البحر الأسود "فولكان كانتراتشي"، قوله إن حملة مقاطعة تركيا السعودية تركت بعض الأثر، فشهد شهرا مايو/أيار ويونيو/حزيران تراجعا في عدد السياح في منطقة طرابزون، لكن العدد بدأ بالتزايد عندما عاد السعوديون وتحدثوا عن الأمان في تركيا.

كما نقلت عن صاحب شركة عقارات، قوله إن هذا العام شهد تراجعا في إقبال السعوديين على شراء عقارات في طرابزون، وأخبره سعودي أنه يخشى من قطع بلاده العلاقة مع تركيا، وبذلك يخسر استثماره.

ومع ذلك فإن سحر تركيا والمسلسلات التليفزيونية يعدان عاملين في جذب السعوديين إلى المنتجعات السياحية، فـ"نوره" من بلدة القصيم، وهي منطقة محافظة في السعودية، قررت حجز رحلة مباشرة من القصيم إلى مطار طرابزون الصغير، ثم انتقلت إلى بحيرة أزونغول، وكان دافع الاختيار هو مسلسل "حب أعمى"، مشيرة إلى أنها في البداية خافت من التقارير التي خوفت السعوديين من السفر، لكن الخوف تلاشى عندما سمعت من قريبة لها أن الأمور عادية، وقررت المضي في رحلتها، معلقة على التخويف بأنه "كلام صحف".

وأشارت الوكالة إلى أن جولة حول المدينة تكشف إلى أي مدى ذهبت فيه السياحة التركية لتلبية احتياجات السعوديين، خاصة أن شمال شرقي تركيا محافظ، ومعظم النساء يلبسن الحجاب والملابس الطويلة.

وبحسب التقرير، فإن أهم مكان في المدينة هو ساحتها والنافورة، مشيرا إلى أن "محمد" وهو مدرس من الرياض اشترى شقة في بناية اشترى فيها 8 من أقاربه شققا فيها، وقال إنه جاء لقضاء 48 يوما في شقته، مضيفا أن الطائرات المباشرة خففت من سعر التذاكر.

وقال: "لست نادما على استثماري هنا.. فهي آمنة للنساء في عائلتي للخروج، ولن نقلق بشأن تعرضهن للتحرش بسبب طريقة ملابسهن، ولن يواجهن شيئا يثير حرجا لهن".

 وختمت "بلومبرغ" بالإشارة إلى أنه حين سئل "محمد" عن التوتر بين بلده وتركيا، فإنه هز كتفه قائلا: "لا يوجد بلد يقدم ما تقدمه تركيا لنا".

المصدر | الخليج الجديد + بلومبرغ

  كلمات مفتاحية

السياحة التركية العلاقات السعودية التركية

إيكونوميست: سياحة الصيف مسيسة.. والدليل تركيا والسعودية