جدل في السعودية بعد رفض «الشورى» مقترح «حماية الوحدة الوطنية»

الخميس 25 يونيو 2015 02:06 ص

أثار قرار مجلس الشورى السعودي، برفض دراسة عدد من المشروعات المقترحة لنظام «حماية الوحدة الوطنية» والمحافظة عليها، المقدم من عدد من أعضاء مجلس الشورى في جلسته الماضية، أثار عاصفة من التساؤلات حول الأسباب التي دفعت أغلبية المجلس لرفض المشروعات، وإصرار الداعمين للمقترحات على بحثها.

وبحسب الصحف المحلية في المملكة، فقد تحول الصراع من «أغلبية رافضة له داخل مجلس الشورى» إلى خارج المجلس ما بين التيارات المحافظة التي أيدت بقوة رفض المشروعات وعدم الحاجة لها في ظل وجود أنظمة تحقق حماية الوحدة الوطنية، وأخرى تُحسب «ليبرالية» تطالب بدراسة هذه المشروعات. حيث وصل الأمر إلى تبادل الاتهامات بين الجانبين، فهناك من نادى بحل مجلس الشورى لأنه لم يقم بدوره، في ظل سيطرة أغلبية محافظة ترفض المشروعات المقدمة ممن تعتبرهم مخالفين لها.

وقامت جهات في مجلس الشورى بتسريب فيديو للجلسة التي نوقش فيها المشروعات المقترحة؛ واتضح في الفيديو رفض المجلس للتوصية بعد مناقشتها من قبل عدد من الأعضاء ومن ثم طرحها للتصويت أمام أعضاء المجلس، حيث وافق عليها 47 عضو فيما رفضها 74 عضو، مبينا (الفيديو) أن رفض التوصية جاء وفقا لنظام المجلس من حيث طرح التوصيات للتصويت والموافقة عليها أو رفضها بأكثرية الأصوات دون وجود أي تدخلات.

من ناحيتها، رأت لجنة الشؤون الإسلامية والقضائية في مجلس الشورى، التي درست المقترحات، أن «أهمية منح الموضوع حقه من الدراسة وإخضاعه للمزيد من التتبع والاستقصاء»، وأشارت إلى أن «الوحدة الوطنية ركيزة أساسية من ركائز أي مجتمع، وضرورة أساسية ومطلبًا مهمًا يقاس على ضوئه انسجام المجتمع وسكينته وتقدمه وقدرته على تحقيق حالة من الوفاق والانسجام بين أفراده».

وقالت اللجنة في تقريرها إن «الاختلاف والتنوع الفكري، وتعدد المذاهب والأطياف واختلاف الأفكار، والطروحات حقيقة موجودة، تحتاج إلى استراتيجية للتعامل معها وتوجيهها الوجهة السليمة التي تخدم أهداف البلاد وثوابتها وقيمها الشرعية” بعيدًا عن التنافر والخلاف ووحشة القلوب وإساءة الظن بالآخر».

بدوره، قال مساعد رئيس مجلس الشورى السعودي، الدكتور «يحيى بن عبد الله الصمعان» أن المجلس صوّت بعدم ملاءمة الدراسة بعد مناقشته لتقرير لجنة الشؤون الإسلامية والقضائية بشأن المشروعات المقترحة التي تلاها رئيس اللجنة الدكتور «فالح الصغير».

وقال «الصمعان» إن «التصويت جاء بعد أن استمع المجلس لعدد من الأعضاء في مداخلاتهم على تقرير اللجنة وتوصيتها بالموافقة على ملائمة دراسة المقترح؛ حيث اتفق عدد منهم على أن النظام الأساسي للحكم يؤكد في مادته الـ12 على أن تعزيز الوحدة الوطنية واجب، وأن الدولة تمنع كل ما يؤدي للفرقة والفتنة والانقسام»، مؤكدين أن أي نظام مقترح لن يكون أقوى من النظام الأساسي للحكم.

فيما حذر عضو آخر في مداخلته من «تحميل مواد النظام الأساسي للحكم تبعات تقصير بعض الأجهزة في ملاحقة المحرضين»، وأشار إلى أن «التحريض أو التعصب ضد فئة أو أشخاص يجرم من خلال أنظمة حقوق الإنسان وأنظمة القانون الجنائي وغيرها من الأنظمة ذات العلاقة»، مضيفا أن «فكرة حماية الوحدة الوطنية تتم من خلال أنظمة إجرائية متعددة ومتنوعة تتضافر فيما بينها، لا من خلال نظام واحد لن يكون قابلًا للتنفيذ بسبب عموميته».

وأشار آخر إلى أن «المشروعات المقترحة تتمحور حول مادة واحدة، وهي أنه لا يجوز التفرقة بين المواطنين على أساس عرقي أو نسب أو طائفة أو قبيلة، وهو الحق الذي تحفظه وتنظمه أنظمة كثيرة مثل النظام الأساسي للحكم، ونظام المطبوعات ونظام الجرائم الإلكترونية، وثلاثة أنظمة أخرى تضبط هذا الأمر في وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكدًا على أن المطلوب هو تفعيل هذه الأنظمة وتطبيقها وليس سن أنظمة أخرى جديدة».

من جانبه هاجم الكاتب «عبد الرحمن الراشد» الأغلبية في مجلس الشورى التي رفضت المقترحات، وطالب بـ«حل مجلس الشورى»، واصفا رفض المقترحات بـ«الصدمة»، وقال: «لا تزال الأصوات المستنكرة تتحدث عن صدمتها من نتائج التصويت في مجلس الشورى السعودي الذي رفضت أغلبيته مشروع نظام حماية الوحدة الوطنية الذي تقدم به عدد من أعضاء المجلس»، وتساءل: «كيف، وببساطة وسرعة، يرفض المجلس دراسة مشروع النظام رغم الخطر الصريح والداهم جراء انتشار دعوات الطائفية والعنصرية المختلفة التي دمرت دولًا مجاورة مثل العراق وسوريا واليمن، وتنتشر في فضاء المنطقة الإعلامي والديني والاجتماعي عمومًا؟!».

وقال «عبد الرحمن الراشد»«السعودية لا تعيش في فلك وحدها، بل مهددة بنفس الفيروسات الخطيرة، والهجمات التحريضية عليها عبرت الحدود من قوى مختلفة، وبعضها ارتكب جرائم ذات أهداف طائفية في مسجدين في شرق السعودية»، وانتقد «الذين لا يشعرون بالمشكلة ولا يرون الخطر»، وقال إنهم «لا يستحقون المكانة الكبيرة التي منحوا إياها»، وأضاف: «الأكيد أنهم لا يصوتون بالرفض كرهًا في التعايش والوحدة والوطنية، بل لأنهم يستهينون بما يحدث، لا يشعرون بالخطر الذي يحدق ببلادهم».

وفي المقابل، دافع «الراشد» عن مقدمي المقترحات وقال إنهم «يدركون أن مبادئ نظام الحكم صريحة، ويرون ضرورة كتابة قانون يحدد المسؤوليات والواجبات لهذا المبدأ العام»، مضيفا: «إنهم أكثر شعورا بالمشكلة، وأكثر حرصًا على مواجهة الخطر، بخلاف الذين يظنون أن العالم في أمن دائم، ويأوون إلى مراقدهم كل ليلة مطمئنين».

وقال: «هناك من يطالبون بحل مجلس الشورى، ومن رأى اللجوء إلى مجلس الوزراء، وهناك من طلب البحث في تطوير النظام الأساسي للحكم، ولا أظن أن هناك من ملجأ سوى العودة إلى الشورى؛ كونه المجلس التشريعي، رغم فشل الأغلبية في الإحساس بالمشكلة. مع تكرار المحاولة قد يفعلها، أما حل المجلس فغير منطقي؛ لأن أعضاء الشورى بالتعيين وليسوا منتخبين. وقد جرى اختيارهم بناء على تجاربهم، وتخصصاتهم، وليسوا كممثلين للشارع، كما يحدث في المجالس المنتخبة».

وفي تعقيب الدكتور «أحمد بن عثمان التويجري»، عضو مجلس الشورى السابق والمحسوب على التيار الصحوي المحافظ، على «عبد الرحمن الراشد» وهجومه على أغلبية مجلس الشورى الذين لم يوافقوا على مقترح إصدار نظام حماية الوحدة الوطنية الذي تقدم به بعض أعضاء المجلس، وقال «التويجري»«لم أستغرب على الإطلاق موقف الأستاذ عبد الرحمن الراشد، وإن كنت قد فوجئت بفجاجة أسلوبه وتناقضات؛ فقد أثبت لنا الليبراليون العرب (إلا القلة القليلة منهم) على مدى السنوات الماضية أن ليبراليتهم زائفة، وأن ديمقراطيتهم مشوهة، وأن في أعماق كل واحد منهم ديكتاتورًا شرسًا لا يقبل ولا يرضى إلا بفرض رأيه وما يوافق هواه».

وقال «التويجري» إن «الراشد جرد مجلس الشورى كله من وطنيته ومن غيرته وحرصه على حماية الوطنية، لا لشيء إلا لأن غالبية أعضائه لم يصوتوا لصالح ما يهواه في مقترح واحد، نعم مقترح واحد فقط من ضمن آلاف المقترحات والمواضيع التي تعرض على هذا المجلس، بل ولا يكتفي بذلك وإنما يزيّف الحقيقة فيصف قرار المجلس بأنه رفض لحماية الوطنية هكذا!».

متابعا: «إن كل ما حصل هو مجرد عدم الموافقة على مقترح لنظام لم يجد المجلس له ما يبرره، لا في الواقع الاجتماعي، ولا في ظل وجود الضمانات الكثيرة التي تحقق المقصود منه”، وأضاف: “لم يعرض عبد الرحمن الراشد ملخصًا لما دار من نقاشات في المجلس ولا ما قدمه المعارضون للمقترح من مسوغات رؤوا أنها تبرر عدم موافقتهم على المقترح، ولم يبذل أي جهد لمناقشة مبرراتهم الكثيرة والمقنعة كما هو المتوقع من أي كاتب وناقد يلتزم بالمهنية والموضوعية».

ووصف «التويجري» معارضة «الراشد» بـ «التهور منقطع النظير»، خصوصا في هجومه على أعضاء، وقال: «ببساطة ترى ليبرالية الأستاذ عبد الرحمن الراشد أن حل مجلسٍ معينٍ أعظمُ شأنًا وأصعبُ إجراءً من حل مجلس منتخب!، ولا أدري ما أساس مثل هذا التصور العجيب، ولا كيف لا يرى الأستاذ عبد الرحمن شناعةٓ تعارض هذا المنحى مع أبسط مبادئ اللبرالية التي يدعي الانتماء إليها».

ووصف «التويجري»، «الراشد» بالتناقض الذي «لا يقوى عليه إلا عتاة أدعياء الليبرالية»، وأنه صاحب «منهج إقصاء واجتثاث المخالفين، الذي أصبح ملازمًا لأغلب الليبرليين العرب»، وقال إنه يحرض «الدولة على حل مجلس الشورى برمته، لمجرد أنه لم يصوت بالموافقة على مقترح واحد وافق هواه»، وأضاف: «ليت الأستاذ عبد الرحمن الراشد توقف عند هذا الحد، ولكنه وللأسف الشديد تجاوز ذلك إلى ما هو أشنع وأبشع؛ إذ تطاول على أعضاء المجلس الذين عارضوا المقترح ووصفهم بأقبح الأوصاف».

واعتبر العضو السابق أن «الليبرالية الحقة توجب احترام قرارات الأغلبية، وتفرض على الجميع الالتزام بها».

  كلمات مفتاحية

مجلس الشورى السعودي الوحدة الوطنية

مجلس الشورى السعودي يسقط مشروع قانون «الوحدة الوطنية»

من الدالوة إلى القديح: الحقائق المرة

مفتي السعودية يدعو الإعلاميين لتعزيز الوحدة الوطنية ودعم الجيش

«الشورى السعودي» ينفي تلقي مشروع «الوحدة الوطنية».. ومقدمه يؤكد تسليمه