انتقدت منظمة حقوقية، الجمعة، أداء إعلاميين مصريين في التعاطي مع الاحتجاجات الأخيرة، قائلة إنهم تعمدوا "شيطنة" التظاهرات المناهضة للرئيس "عبدالفتاح السيسي"، وإقناع المصريين أن ورائها "مؤامرة كونية" ضده. 

وأوضحت المنظمة العربية لحقوق الإنسان، ومقرها بريطانيا، أن "قيام قناة إم بي سي مصر، وعبر برنامج الحكاية الذي يقدمه عمرو أديب، بنشر فيديوهات اعترافات لأشخاص من جنسيات مختلفة، لا يعرف ظروف الإدلاء بها، وقبل عرضهم على قضاء شفاف، يجعل القناة والمقدم شركاء في جريمة تعذيب".

وأضافت المنظمة في بيان لها، أن "أديب قام على مدار الأيام الماضية بعرض فيديوهات لمواطنين من الجنسيات المصرية والتايلندية والتونسية والسودانية والفلسطينية، يدلون باعترافات عن مشاركتهم في مظاهرات".

وتابعت "أكد (أديب) أنه حصل على هذه الفيديوهات من أجهزة الأمن سيئة السمعة، ولم يكترث لظروف الإدلاء بالاعترافات وقانونية نشرها، إنما كان همه الإيحاء للجمهور بأن هنالك مؤامرة كونية على مصر لإحباط دعوات التظاهر ضد نظام السيسي".

وبينت المنظمة أن "أديب وغيره من الإعلاميين سخروا ساعات طويلة لبث تسجيلات ومكالمات مسربة، لشيطنة كل من تحدث بكلمة نقد للأوضاع  السيئة التي تعيشها مصر، ولإقناع الجمهور أن من يقف وراء دعوات التظاهر جهات خارجية تريد تدمير مصر".

وأشار بيان المنظمة إلى أن الإعلامي "وائل الإبراشي" كان قد "قام ببث مكالمة مسجلة بين الدكتور حسن نافعة (أستاذ علوم سياسية) وممثل عن شركة إنتاج، حصل عليها من أجهزة الأمن، يناقشون فيها تسجيل حلقة حول موضوع يهم الشأن المصري، مما يعتبر اعتداء صارخا على الخصوصية، وبعد تسريب المكالمة تم اعتقال الدكتور حسن نافعة".

ولفت أن "الهدف من التسريب كان من أجل شرعنة عملية الاعتقال".

وشددت المنظمة على "أن تأثير هذا النهج الإعلامي خطير، فهو يشد من عزم أجهزة الأمن لتوسيع هجمتها على الناشطين".

وذكر البيان أن عدد المعتقلين وصل قبل انطلاق مظاهرات اليوم الجمعة، إلى أكثر من 1900 شخص، منهم نساء وأطفال، مما يؤكد، وفق البيان ذاته، أن "هذه الأذرع الإعلامية شريكة في عملية منهجية واسعة النطاق ضد الناشطين، الذين جرى اعتقالهم وإخفاؤهم قسريا وتعذيبهم وحرمانهم من حقوقهم القانونية".

واعتبرت المنظمة أن "ما يقوم به هؤلاء الإعلاميون هو خرق فاضح لميثاق الشرف الإعلامي، وانتهاك جسيم للقانون الداخلي والدولي، مما يسمح للضحايا بملاحقة هؤلاء الإعلامين في كل المحافل، لمحاسبتهم على جريمة الاشتراك في التعذيب والتشهير" .

وشددت على حق المصريين في التعبير عن رأيهم والتجمع السلمي، داعية إلى الضغط على النظام من أجل إطلاق سراح المعتقلين كافة، ووقف حملة القمع والتنكيل والتشهير بالناشطين.

ووصل "السيسي" إلى القاهرة عائدا من نيويورك، صباح الجمعة، وسط ترقب محلي ودولي لمظاهرات حاشدة، دعا إليها الفنان والمقاول "محمد علي"، الذي بث مقاطع مرئية، خلال الأيام الماضية، تحدث فيها عن وقائع فساد بمؤسستي الرئاسة والجيش.

وجدد "محمد علي"، في فيديو بثه في ساعة متأخرة مساء الخميس، الدعوة للتظاهر، مشيرا الى أن ميدان التحرير لا ينبغي أن يكون بالضرورة الوجهة التي يقصدها المتظاهرون، لأن قوات الأمن قد تغلقه.

وفور وصوله مصر، أكد "السيسي" لصحفيين أنه "لا داعي للقلق" من دعوات التظاهر ضده، مضيفا: "لا يمكن خداع المواطنين ولا داعي للقلق. مصر بلد قوي بالمصريين".

وتواصل وسائل الإعلام المصرية المؤيدة لـ"السيسي" حملتها المضادة لدعوات التظاهر، محذرة من "الفوضى"، ومتهمة جماعة "الإخوان المسلمين" بالوقوف وراء تلك الدعوات.

وكانت قوات الشرطة المصرية قد أوقفت أكثر من ألفي شخص، منذ اندلاع التظاهرات المناهضة لـ"السيسي"، يوم الجمعة الماضي، بينهم أكاديميون وناشطون، بحسب منظمتين حقوقيتين غير حكوميتين.

وأكد المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وهو منظمة حقوقية ترصد عمليات التوقيف، أن المعتقلين بينهم "976 حالة تم عرضها على النيابات و1092 حالة لم ترد أي معلومة رسمية بخصوصها".

فيما أكدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن السلطات المصرية حجبت مواقع إنترنت سياسية وإعلامية، كما عطلت خدمات إنترنت أخرى يستخدمها المتظاهرون للتواصل.

وشهدت محافظات أسوان، وقنا، والأقصر، وسوهاج، والمنيا، والجيزة، مظاهرات اليوم الجمعة، منددة بحكم "السيسي"، وسط ترقب لتمدد المظاهرات إلى العاصمة القاهرة.

وأغلقت السلطات الشوارع المؤدية لميدان التحرير، وسط العاصمة، وكذلك 5 محطات بمترو الأنفاق، وفرضت إجراءات أمنية مشددة، بالتزامن مع حملة اعتقالات موسعة طالت أكثر من ألفي مواطن، منذ الجمعة الماضي، وفق تقارير حقوقية متواترة.