أثار فوز الكاتب النمساوي "بيتر هاندكه"، بجائزة نوبل في الأدب للعام الجاري، في موجة من التنديد داخل دول البلقان (البوسنة وكوسوفو وألبانيا)، كونه معروفا بدعمه لنظام الرئيس اليوغوسلافي والصربي الراحل "سلوبودان ميلوشيفيتش"، الذي ارتكبت قواته مذبحة سربرنيتسا.
وعقب الإعلان عن فوز "هاندكه" بالجائزة، توالت ردود الأفعال الصاخبة والمعارضة لهذا القرار، وانهالت التغريدات المنددة، والتي وصفت حصوله على هذه الجائزة بـ"الفضيحة" للأكاديمية السويدية.
وطالبت جمعية "أمهات سربرنيتسا وزيبا" البوسنية، بسحب الجائزة من "هاندكه"، لأنه معروف بإنكاره لمذبحة "سربرنيتسا"، التي ارتكبتها القوات الصربية، وبدفاعه عن مجرمي الحرب الصرب.
وأوضحت الأمهات، في بيان الجمعة، أنه "من العار منح جائزة مهمة إلى شخص ينكر مذبحة سربرنيتسا، التي راح ضحيتها آلاف الأبرياء، وأصدرت المحاكم الدولية أحكاما في حق مرتكبيها".
وقال رئيس الوزراء الألباني "إدي راما"، في تغريدة نشرها عبر صفحته الرسمية على موقع "تويتر": "لم أفكر يوما أنه بسبب جائزة نوبل سأشعر بالرغبة في القيء".
وتابع: "بالنظر إلى الخبر المخزي الذي اتخذته السلطة الأخلاقية مثل أكاديمية نوبل، فقد تم ختم العار كقيمة جديدة، فلا يمكننا أن نكون بلا إحساس تجاه العنصرية والإبادة الجماعية".
Never thought would feel to vomit because of a @NobelPrize but shamelessnes is becoming the normal part of the world we live🤮After disgraceful choice made from a moral authority like the Nobel Academy shame is sealed as a new value👎NO we can’t become so numb to racism&genocide!
— Edi Rama (@ediramaal) October 10, 2019
كما علق وزير خارجية كوسوفو السابق "بيتريت سليمي"، على هذا القرار، قائلا: "مرحبا جائزة نوبل، هل تعلمون أن هاندكه كان يدعم الحصار على سراييفو، وشرب الخمر مع الجنود الذين يقتلون الأطفال من خلال عمليات القنص".
وأضاف: "المسلمون يقتلون أنفسهم.. مقزز.. هذا هو القرار الأكثر هجومية، ماذا بعد؟ جائزة السلام، لـ(رئيس النظام السوري بشار) الأسد؟".
Hey @NobelPrize. You do know Handke was supporting #SiegeofSarajevo, drinking rakija with soldiers who were killing kids with snipers, stating "Muslims are killing themselves"? Disgusting. This is the single most offensive possible decision. What's next? Assad for Peace Prize? https://t.co/UaSxOLCV2Z
— Petrit Selimi (@Petrit) October 10, 2019
كما غردت سفيرة كوسوفو في الولايات المتحدة "فلورا سيتاكو"، قائلة: "عزيزي كارل بيلدت (وزير الخارجية السويدي)، كشخص صريح للغاية بالنسبة الظلم، أتمنى ألا تغض البصر عن القرار الفاضح الأخير الذي اتخذته لجنة نوبل بمنح جائزة نوبل للأدب لهذا العام لهاندكه".
Dear @carlbildt as someone who is very outspoken about injustice,I hope you will not turn a blind eye to the recent scandalous decision by the #Nobel committee to award #PeterHandke this year’s price for literature. Genocide deniers &#Milosevic apologists should not be celebrated
— Vlora Çitaku (@vloracitaku) October 10, 2019
وكتبت الفنانة البوسنية "عايدة شهوفيتش"، عبر صفحتها على موقع "فيسبوك": "عار على جوائز نوبل مكافأة أحد أتباع جرائم الحرب الذي نفى بالعلن مذبحة سربرنيتسا، وادعى أن المسلمين قد ارتكبوا مذابحهم في سراييفو خلال 1425 يوما من الحصار (أطول مدينة في تاريخ الحروب الحديثة)".
وأضافت: "تحدث هاندكه في تشييع جنازة الصربي (مجرم الحرب) سلوبودان ميلوشيفيتش في بلغراد عام 2006، قائلا: أنا لا أعرف الحقيقة.. لكنني أنظر.. أنا أسمع.. أشعر.. أنا أتذكر.. هذا هو السبب في أنني هنا اليوم، بالقرب من يوغوسلافيا، بالقرب من صربيا، بالقرب من سلوبودان ميلوشيفيتش".
وزادت "عايدة": "حسنا هاندك، المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة تعرف الحقائق ولديها الوثائق التي تثبت كيف أن 8372 مسلما قتلوا بشكل منهجي خلال الإبادة الجماعية في سريبرينيتسا. تعرف اللجنة الدولية لشؤون المفقودين الحقيقة لأنها عملت بلا كلل منذ العام 1996 للعثور على الرفات والتعرف عليها، والتي كانت في كثير من الأحيان تنقل إلى مقابر جماعية ثانوية في محاولة من قبل الجناة لإخفاء جرائمهم، يعرف الناجون، الذين ما زال بعضهم ينتظرون العثور على أحبائهم ودفنهم بعد سنوات عديدة، الحقيقة".
يأتي ذلك، في وقت أطلقت عريضة في ألبانيا تستنكر القرار، لاقت تفاعلا كبيرا ووصل عدد الموقعين فيها عشرات الآلاف من الأشخاص.
ويعتبر الكاتب النمساوي "هاندكه"، من أبرز الكتاب والشعراء الأوروبيين بعد الحرب العالمية الثانية، ويملك تجربة واسعة في الأعمال التجريبية، الروائية، والشعر أيضا.
و"هاندكه"، من أشد الداعمين للقائد الصربي "سلوبودان ميلوسيفيتش" السابق، المتهم بارتكاب جرائم حرب خلال ما يعرف بفترة حرب البوسنة، والذي توفي خلال محاكمته في محكمة الجنايات الدولية.
وينكر "هاندكه"، ارتكاب القوات الصربية لأي إبادات جماعية أو مجازر حرب في حق البوسنيين، وقد زار "ميلوسيفيتش" خلال محاكمته عام 2006.
ودخلت القوات الصربية، مدينة سربرنيتسا في 11 يوليو/ تموز 1995، بعد إعلانها منطقة آمنة من قبل الأمم المتحدة، وارتكبت خلال عدة أيام، مجزرة جماعية راح ضحيتها أكثر من 8 آلاف بوسني، تراوحت أعمارهم بين 7 إلى 70 عاما.
وارتكبت القوات الصربية، العديد من المجازر بحق مسلمين، خلال فترة الحرب، التي بدأت عام 1992، وانتهت 1995 بعد توقيع اتفاقية "دايتون"، وتسببت في إبادة أكثر من 300 ألف شخص، باعتراف الأمم المتحدة.