جائزة السلام لآبي أحمد… ماذا عن السيسي؟!

السبت 12 أكتوبر 2019 07:09 ص

جائزة السلام لآبي أحمد… ماذا عن السيسي!؟

وقع السيسي «اتفاق مبادئ» مع أثيوبيا لا يضمن «نقطة مياه واحدة لمصر».

نجاحات كبيرة لا تلغي عقبات فعلية كبرى أمام تحوّل أثيوبيا إلى ديمقراطية حقيقية تُتَداول فيه السلطات.

التحالف الحاكم الذي جاء بآبي أحمد ما زال ممسكا بالسلطة وهناك توترات وصراعات شديدة تعتمل داخل البلاد.

لا أحد في العالم يفكّر في أن السيسي سيقوم بمصالحة داخلية وتسويات سياسية أو تحسين الديمقراطية وحقوق الإنسان.

«الريس» اتخذ القرار ككل قراراته الأخرى بنفسه وأهمل آراء الخبراء والدراسات وبحوث الجدوى.

*     *     *

اعتبر رئيس الوزراء الأثيوبي آبي أحمد فوزه بجائزة نوبل السلام، الذي أعلن أمس الجمعة، «فوزاً لأفريقيا»، القارّة المهضومة الحقوق التي ترزح تحت أشكال من النزاعات السياسية والعسكرية والحروب الداخلية والفقر والدكتاتورية.

وبهذا المعنى فإن الجائزة هي على عمله الدؤوب، خلال الفترة القصيرة التي استلم فيها الحكم (نيسان/إبريل 2018)، على محاولة إخراج بلده من مزيج من هذه الأزمات المذكورة، فهو قد جاء على إثر احتجاجات خاضتها إثنية الـ«أورومو» التي ينتمي إليها، بسبب اضطهادها تاريخيا.

وقد استمرّت هذه الاحتجاجات قرابة 3 سنوات وحصدت أكثر من ألف قتيل، وأدت بالنتيجة إلى استقالة رئيس الوزراء السابق، وتسليم الحكومة لآبي أحمد، الذي قام برفع حالة الطوارئ والإفراج عن المعتقلين السياسيين ودعوة المنفيين للرجوع، والعمل على المصالحة السياسية.

وكلّها خطوات لتعزيز الديمقراطية، وهي إحدى أهم المحركات الاجتماعية والاقتصادية للفئات المهمشة في بلد رزح تحت الدكتاتورية لعقود طويلة.

عمل آبي أحمد، الحاصل على درجة الدكتوراه في دراسات السلام والأمن، على توازي الاستقرار الداخلي مع المصالحات الخارجية فتمكن من تحقيق سلام مع أريتريا بعد عداء تاريخي طويل وحرب حدودية بين الأعوام 1998 و2000.

كما نجح في تقريب آراء الطرفين المتصارعين في السودان، إثر الاحتجاجات التي أطاحت بالرئيس عمر البشير في نيسان/ابريل الماضي، مما نتج عنه تشكيل حكومة مدنية.

هذه النجاحات الكبيرة لا تلغي العقبات الفعلية الكبرى أمام تحوّل أثيوبيا إلى بلد ديمقراطي حقيقي، تتداول فيه السلطات، فالتحالف الحاكم الذي جاء بآبي أحمد ما زال ممسكا بالسلطة، وهناك توترات وصراعات شديدة ما زالت تعتمل داخل البلاد، وهو ما دفع منظمة العفو الدولية إلى دعوته للتصدي لتحديات حقوق الانسان العالقة التي تهدد بقلب المكاسب التي تحققت.

كان لافتا للنظر، ضمن هذا السياق، أن الخبر حفز عددا من الساسة والكتاب والناشطين المصريين على عقد المقارنات بين آبي آحمد والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، فالزعيمان يحكمان بلدين كبيرين (يقدّر عدد سكان اثيوبيا بـ100 مليون نسمة).

كما أن آبي أحمد، جاء مثل السيسي، من جهاز الاستخبارات، والبلدان عانيا من وطأة الحكم العسكريّ الدكتاتوري، كما أن هناك مفاوضات جارية بينهما في خصوص موضوع بناء إديس أبابا لـ«سد النهضة» الخ.

لكنه بعد الانتهاء من التشابهات يبدأ مسلسل المفارقات، فلا أحد في العالم، بالتأكيد يفكّر في أن السيسي سيقوم بمصالحة داخلية وتسويات سياسية أو تحسين شروط الديمقراطية ناهيك عن حقوق الإنسان.

فالرئيس المصري بدأ حكمه بالانقلاب على رئيس منتخب ديمقراطيا، وبفض الاعتصامات الاحتجاجية بطرق دموية وحشية، وفرض قانون الطوارئ، وحصر السلطات العسكرية والأمنية في يده، وأفرغ الحكومة والبرلمان والقضاء من معانيها.

وسلّط أجهزة أمنه على أهالي سيناء بدعوى مكافحة الإرهاب، وحول بلاده إلى محميّة إماراتية وتبعية سعودية، ودعم خططهما في الثورة المضادة في ليبيا واليمن والسودان بحيث صار رمزا في المظاهرات العربية والملاعب الرياضية للحكم الغاصب والغاشم والمتجبر والعدو لأحلام الشعوب بالديمقراطية والحرية.

والأنكى من ذلك، في مجال المقارنة بين الزعيمين، أنه بعد نجاح أثيوبيا في بناء سدّها الكبير الذي سيؤثر على وضع المياه في مصر، وقع السيسي «اتفاق مبادئ» مع اثيوبيا عام 2015.

وكان اتفاقا لا يضمن، حسب الدكتور احمد المفتي، المستشار القانوني لوزارة الري المصرية، «نقطة مياه واحدة لمصر»، لأن «الريس» اتخذ القرار، مثل كل قراراته السياسية الأخرى، بنفسه وأهمل آراء الخبراء والدراسات وبحوث الجدوى.

وفي مؤتمر الشباب الأخير في مصر اعتبر السيسي أن المتسبب في أزمة السد الأثيوبي هي «ثورة يناير» وليس ركاكة الرئيس المصري نفسه، الذي قام مرّة بالطلب من آبي أحمد، خلال مؤتمر صحافي في القاهرة، أن يقسم بالعربية «والله والله لن نقوم بأي ضرر بالمياه في مصر»!

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

كيف تعاملت المخابرات المصرية مع فوز آبي أحمد بجائزة نوبل؟

آبي أحمد يرفض عقد أي لقاء صحفي بعد تسلم جائزة نوبل