ماذا نتوقع من زيارة بوتين للسعودية؟

الاثنين 14 أكتوبر 2019 10:49 ص

من المقرر أن يصل "فلاديمير بوتين" إلى المملكة العربية السعودية في 14 أكتوبر/تشرين الأول 2019. وكان الرئيس الروسي قد قام برحلته الوحيدة إلى الرياض في عام 2007، ومنذ ذلك الحين، لم تقم القيادة في البلدين بزيارات رفيعة المستوى حتى قام العاهل السعودي، الملك "سلمان بن عبدالعزيز"، بزيارة تاريخية لروسيا في أكتوبر/تشرين الأول 2017.

ويجب على المرء أن يضع في اعتباره أن أي عاهل سعودي لم يسافر إلى موسكو طوال الحقبة السوفيتية. وكانت العلاقات الثنائية الرسمية قد تم قطعها عام 1938 إثر إعدام "كريم حكيموف"، الذي كان يسمى بـ"الباشا الأحمر"، وهو دبلوماسي سوفييتي بارز، مثل بلاده كسفير لدى السعودية، وكان صديقا شخصيا للملك "عبدالعزيز ابن سعود".

جدول أعمال موسع

ولا تقتصر أهمية الزيارة على المشهد الجيوسياسي فحسب، ولكن جدول الأعمال المتوسع للمحادثات المنتظرة يكسبها أهمية إضافية. وقد أبلغ مسؤولو البلدين عن وجود أعمال تحضيرية مكثفة قبل اجتماع القادة.

وقال وزير الخارجية الروسي "سيرغي لافروف": "أنا مقتنع بأن القمة الروسية السعودية ستعطي دفعة قوية لشراكتنا متعددة الأوجه، وستسهم في نموها النوعي وستعزز التفاهم المتبادل بين الشعبين".

وقد عزز توقيع اتفاقية "أوبك" لخفض إمدادات النفط العالمية العلاقات الثنائية بشكل كبير في الأعوام الأخيرة. وتمكنت موسكو والرياض، بفضل الاتفاق، من الحفاظ على الاستقرار في أسعار النفط. ووفقا للتقديرات الرسمية، بلغت إيرادات روسيا من هذا التعاون مع الرياض حوالي 100 مليار دولار.

وقال وزير الطاقة الروسي "ألكسندر نوفاك"، في أوائل أكتوبر/تشرين الأول: "سيتم توقيع نحو 30 اتفاقية وعقد خلال زيارة الرئيس بوتين إلى المملكة. ونحن نعمل عليها. وتعد هذه المشاريع استثمارية، وتقدر بمليارات الدولارات".

وشارك "كيريل ديميترييف"، الرئيس التنفيذي لصندوق الاستثمار المباشر الروسي، رؤيته أيضا، مشيرا إلى أن روسيا والسعودية تخططان لتوقيع اتفاقيات في قطاع الطاقة والتكنولوجيا والثقافة والاستثمار. وقد أصبح الصندوق مفاوضا روسيا رئيسيا؛ حيث تمت مناقشة الاستثمارات المشتركة مع الرياض ممثلة في صندوق الاستثمار العام، صندوق الثروة السيادية في المملكة. وأقام الصندوقان شراكة استراتيجية طويلة الأجل في عام 2015، ووافقا على استثمارات تزيد قيمتها على 2.5 مليار دولار، من أصل 10 مليارات دولار من الاستثمارات المخطط لها بين البلدين.

وفي أكتوبر/تشرين الأول، قيل إن الصندوق الروسي فتح أول مكتب أجنبي له في السعودية. ومن بين المشاريع الاستثمارية المحتملة، تم الاستحواذ على حصة كبيرة بلغت 30% في شركة "نوفومت"، الشركة الروسية لصناعة معدات النفط، من قبل صندوق الاستثمار المباشر الروسي وشركة "أرامكو"، شركة النفط السعودية العملاقة.

الأمن الإقليمي

وسيتعين على موسكو والرياض معالجة مجموعة واسعة من قضايا الأمن الإقليمي من الخليج إلى سوريا مرورا باليمن. وتتزامن زيارة "بوتين" مع جهود السلطات السعودية لتخفيف التوترات في منطقة الخليج. وورد أن ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" وافق على عنل قادة باكستان والعراق كوسطاء في المحادثات بين الرياض وطهران. وقد تنضم موسكو إلى هذه العملية. وتتوافق خطوات الرياض واستعدادها المعلن للتخلي عن تصعيدها ضد إيران مع إطار الأمن الجماعي لمنطقة الخليج الذي قدمته وزارة الخارجية الروسية.

وتبرز قضية اليمن بشكل خاص، باعتبارها مصدر قلق أمني خطير. وقد أعرب وزير الخارجية الروسي "سيرغي لافروف" عن موقف موسكو الرسمي بشأن هذه المسألة، من خلال الإشارة إلى أن المحادثات الشاملة هي "السبيل الوحيد لحل الوضع الصعب في اليمن، الذي يواجه أسوأ كارثة إنسانية وفقا للأمم المتحدة". وكانت الحملة العسكرية التي أطلقتها السعودية والإمارات عقيمة إلى حد كبير حتى الآن. وبالنظر إلى الوضع على أرض الواقع، تميل روسيا نحو الإمارات والمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي استولى على السلطة من حكومة الرئيس "عبدربه منصور هادي" في عدن. ومع ذلك، حافظت موسكو على التواصل مع جميع اللاعبين، بما في ذلك الحوثيين في صنعاء.

وستكون عملية السلام في سوريا بندا رئيسيا في جدول أعمال موسكو والرياض. وقد تم الإعلان عن إطلاق لجنة دستورية سورية في وقت سابق من شهر سبتمبر/أيلول، ما يمثل بداية لعملية سياسية. وتكتسب تركيا المزيد من النفوذ على المعارضة السورية، لكن "بوتين" أشار مؤخرا إلى أن موسكو تتوقع أن يلعب السعوديون دورهم أيضا.

وفي الاجتماع السنوي السادس عشر لمنتدى "فالداي" الدولي للحوار، في "سوتشي"، قال "بوتين": "أعرف أن قادة المملكة العربية السعودية، الذين سأزورهم قريبا، وزعماء إيران أيضا يتمنون السلام وكل التوفيق للشعب السوري. ونحثهم على أن يسترشدوا بهذا الدافع النبيل، وأن يبذلوا كل ما في وسعهم لتجنب استخدام الأراضي السورية كساحة للمواجهة".

وقد تشير موسكو إلى أنه ينبغي للرياض أن تلعب دورا أكثر نشاطا. ومع صعود لاعبين إقليميين، مثل إيران وتركيا، ترى روسيا أن ذلك مهم لتوازن القوى في سوريا.

علاوة على ذلك، ستعمل موسكو على إقناع الرياض بتسهيل عودة دمشق إلى الجامعة العربية. ويسعى وزير الخارجية "لافروف" للدفع باتجاه فكرة عودة سوريا إلى الجامعة العربية منذ أوائل عام 2018. وحتى الآن، تتمثل مهمة موسكو الرئيسية في إقناع السعودية بتبني الفكرة كمقدمة لاعتراف إقليمي أوسع بالنظام السوري. ولن يؤثر هذا بدوره على المشهد الدبلوماسي الإقليمي فحسب، بل سيحقق أيضا اعترافا دوليا جزئيا بالحكومة.

وقد أظهر السعوديون ذات يوم أنهم قادرون على لعب دور براغماتي بامتياز. ويمكن اعتبار البحرين، التي استأنفت العمل الدبلوماسي مع سوريا، بمثابة بالون اختبار يتبعه تحرك سعودي مشابه. وأعادت الإمارات فتح سفارتها في دمشق، وهي تشارك أيضا في المعارض الدولية التي تقام في العاصمة السورية.

وإذا وافق السعوديون على تسهيل عودة سوريا إلى الجامعة العربية، فستظل قطر اللاعب الوحيد الذي يقاوم ذلك. ومع ذلك، تزداد العلاقة قوة بين الدوحة ودمشق، وإذا ما انخرطت روسيا بشكل صحيح في العملية، يمكن حل المشكلة.

وكانت روسيا قد برزت كلاعب خارجي رئيسي يبتغي الحفاظ على وجوده في الشرق الأوسط. ولا يمكن في هذه البيئة الجديدة النظر إلى الاتجاه الحالي في العلاقات الروسية السعودية خارج إطار هذا الهدف. وفي ظل الظروف الجديدة، تتمتع موسكو والرياض بقدرة أكبر على التعاون المثمر والتوصل إلى حل وسط بشأن تلك القضايا موضع الخلاف. وحتى وقت قريب، استخدم السعوديون علاقتهم مع روسيا لإغاظة واشنطن، لكن الوضع الحالي مختلف حيث يسعى البلدان بجدية لإيجاد أرضية مشتركة للتعاون الثنائي في الكثير من القضايا والمجالات.

المصدر | رسلان ماميدوف - المونيتور

  كلمات مفتاحية

بوتين يشيد بعلاقات بلاده مع السعودية والإمارات