ما هي خطوات لبنان التالية تحت وطأة الاحتجاجات؟

الجمعة 25 أكتوبر 2019 05:12 ص

اجتاحت احتجاجات لم يسبق لها مثيل، لبنان، اعتراضا على طبقة سياسية، متهمة بنهب موارد الدولة لتحقيق مكاسب شخصية، لتنتقل الاضطرابات إلى شوارع أمة، تعاني بالفعل من أزمة اقتصادية عميقة.

وفي حين يبحث الساسة عن مخرج، ينفد الوقت بسبب الضغوط المالية على الدولة المثقلة بالديون، والتي تكافح من أجل سداد الفواتير، وسط شح الدولار على نحو متزايد.

ما هي الحلول السياسية الممكنة؟

يطالب المتظاهرون بـ"إسقاط النظام"، وهو شعار "الربيع العربي"، الذي أسقط أربعة زعماء في 2011.

لكن ثمة ما يُعقّد أي مفاوضات إذ لا توجد قيادة واضحة للمتظاهرين، بالإضافة إلى أن سياسة الطائفية في لبنان لديها العديد من مراكز القوة.

علاوة على ذلك، تعود المنافسات القديمة بين القادة إلى الظهور.

يمكن للأحزاب الرئيسية، أن تتفق على تعديل حكومي يترك رئيس الوزراء السني "سعد الحريري" في منصبه، لكنه يغير وزراء بارزين بخبراء مؤهلين بشكل أفضل لتنفيذ إصلاحات تشتد الحاجة إليها.

مثل هذا الحل، وهو مطروح للنقاش، سيحتاج إلى دعم جميع الأحزاب الرئيسية.

يجب أن تتفق الحكومة أيضا مع حصص تقاسم السلطة الطائفية بين المسيحيين والطوائف المسلمة.

وقد لا يرضي هذا المتظاهرين، الذين يعرفون أن القرارات ستبقى في أيدي الأحزاب المهيمنة.

وخيار استقالة "الحريري" من منصبه غير مطروح على الطاولة الآن، لأنه يشعر مع عدد من الأحزاب الرئيسية، أن ذلك سيغرق لبنان في أزمة أعمق في وقت دقيق، وقد وافق شركاؤه في الائتلاف على الإصلاحات التي أعلن عنها يوم الاثنين.

وقال وزير سابق: "المشكلة الحقيقية أنك لا يمكنك أن تأتي برئيس وزراء غير سعد، لأنه لا يوجد سني (آخر) يهبط بالمظلة الآن، وهو الوحيد الذي يحظى بالدعم الدولي".

ولا بد أن ينتمي رئيس الوزراء إلى السنة، بموجب نظام المحاصصة الطائفي في لبنان.

ربما يأمل بعض السياسيين في أن يحل الإرهاق على المتظاهرين، مما يخفف الضغط، ويسمح للحكومة بالاستمرار دون تغيير، حتى تتمكن من تنفيذ الإصلاحات.

وقال "مهند الحاج علي"، من مركز كارنيجي للشرق الأوسط: "السيناريو الأكثر احتمالا حدوث بعض التغيير الوزاري (...) للتخلص من بعض الشخصيات التي لا تحظى بشعبية كبيرة".

إلى أي مدى الاقتصاد في حالة سيئة؟

غذت الاحتجاجات الظروف الاقتصادية الصعبة.

وزاد الطين بلة بفعل تباطؤ تدفقات رأس المال الحيوية لتمويل عجز مالية الدولة والواردات.

ويشعر اللبنانيون العاديون بهذا، فقد بات من الصعب الحصول على الدولار بسعر الصرف الرسمي البالغ 1507.5 ليرة.

وقال تاجر عملة إن الدولار وصل إلى 1680 ليرة، الخميس.

وتم استخدام احتياطيات الدولار لسداد الديون المستحقة بالعملات الأجنبية.

وقال حاكم مصرف لبنان المركزي هذا الشهر، إن البنك مستعد لسداد الديون المستقبلية.

وتعهدت الدولة مرارا بالحفاظ على ربط العملة والوفاء بسداد الديون في الوقت المحدد.

وقال مصرف لبنان، إنه سيواصل تأمين احتياجات العملة الصعبة للقطاعين العام والخاص بسعر صرف ثابت.

لكن وزير الخارجية "جبران باسيل"، أشار الأسبوع الماضي، إلى أن الأموال قد تنفد من لبنان بحلول نهاية العام، وأوضح أنه حذر الزعماء الآخرين من هذا في سبتمبر/أيلول.

وقال "باسيل": "قلت أيضا إن القليل الباقي من الرصيد المالي قد لا يكفينا لفترة أطول من نهاية السنة إذا لم نعتمد السياسات المطلوبة"، دون أن يحدد ماهية ما يقصده بالرصيد المالي.

وأوضحت مقابلات مع ما يقرب من 20 من مسؤولي الحكومة والساسة والمصرفيين والمستثمرين أن لبنان يواجه، إذا لم يحصل على دعم مالي من الخارج، احتمال تخفيض قيمة العملة أو حتى التخلف عن سداد ديونه في غضون أشهر.

وفي ضوء ذلك، لم تفتح البنوك أبوابها منذ ما يزيد على أسبوع، خشية أن يحاول المودعون سحب أموالهم وخوفا من تعرضهم لهجوم المتظاهرين الذين يلقون باللوم جزئيا على المؤسسات المالية في هذا الوضع، حسبما ذكر مصرفيون.

وقال "سركيس نعوم"، المعلق بصحيفة "النهار" اللبنانية، إن الناس ستهرع إلى البنوك لتحويل أموالها أو سحبها، وهذا هو السبب في أنها لا تجرؤ على فتح أبوابها.

وتضمنت الإجراءات التي اقترحها "الحريري"، هذا الأسبوع لتشجيع الإصلاح، واسترضاء المتظاهرين، مساهمة بقيمة 3.4 مليار دولار من البنك المركزي والبنوك التجارية.

وحذرت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني، من تقويض الثقة أكثر في قدرة الحكومة على خدمة ديونها، بسبب الخطة التي تجبر البنوك على قبول فائدة أقل على ديونها.

هل ستتدخل دول أخرى؟

عرضت دول ومؤسسات أجنبية في العام الماضي على لبنان، نحو 11 مليار دولار في صورة قروض ميسرة، لكنها تريد أن ترى الإصلاحات أولا.

ولا يوجد أي مؤشر على الإسراع بتقديم المساعدة.

ودول الخليج التي كان يمكن الاعتماد عليها للحصول على المساعدة تشعر بالقلق من نفوذ جماعة "حزب الله" الشيعية المدعومة من إيران في لبنان.

وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية، إن الشعب اللبناني "محق في الغضب"، من حكومة رفضت معالجة الفساد المستشري.

وأردف المسؤول قائلا: "فجأة لديهم مشاكل في السيولة، وثمة مخاوف بشأن تخفيض قيمة العملة، هذا شيء كان على جدول الأعمال، وفي الأفق لبعض الوقت".

وأضاف: "هذا وضع لا يستلزم بالضرورة أن تحصل الحكومة اللبنانية على حزمة إنقاذ (...) يجب عليهم القيام بالإصلاح".

وفي وقت سابق هذا الشهر، قال "الحريري"، إن لبنان تلقى تعهدا بمساعدة مالية من الإمارات.

إلى أي مدى يمكن أن يتفاقم ذلك؟

إذا تم تخفيض قيمة الليرة بشكل حاد، ولم يتمكن الناس من الحصول على الأموال من البنوك، فسوف تعم الفوضى بعد ذلك، على حد قول المعلق "نعوم".

وقد تكون أعمال النهب التي وقعت الأسبوع الماضي، مؤشرا على ما هو آت.

وقال "الحاج علي"، من مركز "كارنيجي" للشرق الأوسط: "سوف نواجه الفوضى".

وأضاف: "إذا استمر سعر الدولار في الصعود، فهذا يعني أن القوة الشرائية ستتقلص.. سيصبح الفقراء أشد فقرا وسيحاول كثيرون استغلال الفوضى في محاولة كسب العيش.. قد يتحول الأمر إلى أعمال شغب في مرحلة ما".

من يملك فرض الحل؟

يقول محللون، إن أي حل يجب أن يتوسط فيه "حزب الله" القوي من جهة، و"الحريري"، وهو مسلم سني متحالف مع الغرب والدول العربية، من جهة أخرى.

ويقولون إن "حزب الله" وحده، هو الذي يستطيع فرض حل وسط، يشمل تغيير بعض الوزراء الذين يستهدفهم المتظاهرون، لا سيما "باسيل" صهر الرئيس "ميشال عون"، الحليف السياسي لـ"حزب الله".

ويقول محللون وسياسيون، إن "حزب الله"، سيختار ممارسة الضغط من أجل تعديل وزاري لإرضاء المتظاهرين، الذين ينتمي كثيرون منهم إلى الشيعة، بدلا من استخدام القوة ضدهم.

المصدر | رويترز

  كلمات مفتاحية

مستشار ميقاتي:اتهام موكلي جاء ردا على دعمه للاحتجاجات في لبنان

الجيش اللبناني يؤكد وقفوه إلى جانب مطالب المحتجين

الجماعة الإسلامية تقدم مبادرة لحل الأزمة في لبنان

حراك لبنان: حطم حاجز الطائفية.. والحكومة خطوته المقبلة