مخاوف حول حرية الصحافة بالمغرب بعد الحكم على بوعشرين

الأحد 27 أكتوبر 2019 12:16 م

أثار قرار محكمة مغربية بزيادة عقوبة الصحفي "توفيق بوعشرين"، المدان في قضية "اعتداءات جنسيّة" إلى 15 سنة سجنًا نافذًا، مع دفع تعويضات لـ8 ضحايا بقيمة مليونين و500 ألف درهم (نحو 250 ألف يورو)، لغطا كبيرا حول حرية الصحافة في المغرب.

وظل "بوعشرين" (50 سنة) يؤكّد أنّ محاكمته في قضيّة الاعتداءات الجنسيّة "سياسيّة" ومرتبطة بافتتاحيّاته المنتقِدة، الأمر الذي يرفضه تمامًا محامو الطرف المدني والسلطات المغربية التي تؤكد سلامة الإجراءات القانونية في ملاحقته.

ووقف "بوعشرين" وحيدا أمام المحكمة، في غياب دفاعه، الذي أعلن انسحابه بحجة وجود "خروقات قانونية" في إجراءات المحاكمة، بينما حضر محامو المطالبات بالحقّ المدني وصحفيون كثر.

وأعرب المحامي عن الطرف المدني "عبدالفتّاح زهراش" عقب صدور الحكم عن "ارتياحه لإدانة" "بوعشرين"، لكنّه قال "إنّ مبلغ التعويضات التي قضت المحكمة بأدائها للضحايا لا يُناسب حجم الأضرار التي تكبَّدنَها".

وأشار إلى أن الطرف المدني سيلجأ إلى محكمة النقض (المحكمة العليا) لاستئناف الحكم أمامها.

وقال دفاع "بوعشرين"، "عبدالمولى مروري" عقب إعلان الحكم "إنّه قاس جدّاً ولم يكن متوقعا بتاتا، بالنظر لغياب أية معطيات تدينه".

وأعرب عن أمله في "أن يجد هذا الملف مخرجًا سياسيًا".

ويعتزم دفاع "بوعشرين" هو الآخَر الطعن في الحكم أمام محكمة النقض.

مقاطعة وعودة

وقاطع "بوعشرين" الجلسات الأخيرة من محاكمته أمام الاستئناف، احتجاجا على ما اعتبره غياب ضمانات العدالة، بينما قال دفاع الطرف المدني إنّه "يهرب من مواجهة أدلّة إدانته".

وعاد "بوعشرين" ليطلب من المحكمة الإدلاء بكلمة أخيرة تلاها في وقت سابق مساء الجمعة، قائلاً "آمل أن يكون قراركم وثيقة مرجعية في الأحكام العادلة".

وأكد أنه "أدين بناء على إجراءات باطلة وتصريحات متناقضة وفي غياب أية أدلة دامغة".

وأضاف "إذا كنت قد أخطأت دون قصد في كتابةٍ أو قولٍ أو فعل، فإنّي أدّيتُ ثمنًا باهظًا من حرّيتي وصحّتي".

وأشار إلى أن المؤسسة الإعلامية التي كان يديرها "على حافة الإفلاس"، وتابع "سأكون مكابرًا إذا قلت إنّني لا أخاف العودة إلى السجن، لكنّ هذه القضية أكبر من شخصي. إنها قضية حرّية الرأي وحرّية الصحافة التي ضحّى جيل كامل من أجلها".

وخاطب المشتكيات اللواتي أكّدنَ تعرّضهنّ لاعتداءات جنسيّة من طرفه، قائلاً "آسف لما حصل لكنّ. قلتُ منذ البداية أنّكُن ضحايا حرب لا ناقة فيها ولا جمل"، بينما شكر اللواتي برّأنه "رغم ما لحق بهنّ من مضايقات".

واعتبر دفاع الطرف المدني "محمد الهيني" تعليقًا على ذلك أنّ "المتّهم كان شارداً وكأنّه يتحدث عن قضية أخرى. لقد أدين بناء على أدلة دامغة، في مقدّمها فيديوهات توثق جرائمه"، مضيفا "لا يأسف لما حصل للضحايا، وإنّما لكونه لم يستطع إقناعهن بالتنازل عن الدعوى".

وكان ممثل النيابة العامة التمس رفع العقوبة الابتدائية في حق بوعشرين إلى 20 سنة سجنا والغرامة إلى مليون درهم (نحو 90 ألف يورو).

وحاول دفاع "بوعشرين" إقناع المحكمة بإطلاق سراحه معتمدًا على تقرير لفريق العمل حول الاحتجاز التعسفي التابع لمفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان اعتبر في يناير/كانون الثاني أنّ اعتقاله "تعسّفي"، لكنّ المحكمة رفضت هذا الطلب.

انتقادات حقوقية

وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قد انتقدت سابقاً إدارة السجن الذي يحتجز فيه "بوعشرين" واصفة إياه بأنه "نظام عزلة تعسفي"، وقالت إنه منذ احتجاز بوعشرين في سجن عين البرجة بالدار البيضاء في فبراير/شباط 2018، لم تسمح له السلطات بلقاء السجناء الآخرين وتبادل الحديث مع موظفي السجن، وقالت المنظمة إن "هذا الإجراء قاسٍ ولا إنساني بموجب قواعد الأمم المتحدة.

وقالت "سارة ليا ويتسن"، مُديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "مهما كانت الجريمة المزعومة، لكل مُحتجز الحق في معاملة إنسانية. نظام العزلة القاسي المفروض على توفيق بوعشرين غير مبرر ويجب رفعه".

وتثير هذه القضية ردود فعل وتستقطب اهتمام الرأي العام في المغرب؛ فـ"بوعشرين" معروف بافتتاحياته التي توجه انتقادات للنظام الحاكم في المغرب.

وتقول أوساط حقوقية وصحفية إن الملف مفبرك في إطار ملاحقة الصحفيين وتكميم أفواههم بتهم أخلاقية.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

منظمات حقوقية المنظمات الحقوقية بوعشرين توفيق بوعشرين حرية الصحافة

السجن لمغربية تراجعت عن اتهام الصحفي «بوعشرين» بـ«اعتداء جنسي»

السجن عام لمغني راب مغربي بتهمة إهانة الشرطة

هيومن رايتس ووتش تندد بتراجع حرية الصحافة في المغرب