علماء روس يعثرون على كنز أسرار بدلا من الذهب في مثلث حلايب

الأحد 27 أكتوبر 2019 09:19 م

عثرت  البعثة الأثرية الروسية على كنز أسرار تمثل في واحد من أهم المواقع الأثرية في موقع "دراهيب" الأثري الموجود في الصحراء النوبية وتحديدا في مثلث حلايب، المتنازع عليه بين مصر والسودان.

جاء ذلك خلال عمل البعثة لاقتفاء أثر عمال مناجم الذهب والباحثين عن الثراء السريع.

ووقعت البعثة الأثرية الروسية على واحد من أهم المواقع الأثرية في التاريخ، والذي يخفي وراءه أسرارا كبيرة، وذلك بعد عامين من العمل في تلك المنطقة، ومع اقتراب بداية موسمها الثالث.

ويقع موقع "دراهيب" في منطقة وادي العلاقي، أحد أشهر الأماكن تاريخيا في التنقيب عن الذهب، وفرضت عليه السلطات السودانية حماية واسعة النطاق، بعدما تردد عليه الكثير من طلاب الثراء السريع، الباحثين عن الذهب.

وتعود تلك الآثار إلى عصور الفراعنة وحتى العصور الوسطى بعد الفتح العربي.

ويقول المدير الميداني للبعثة الروسية، والباحث في معهد البحوث ومتحف الأنثروبولوجيا بجامعة موسكو الحكومية، "كرول أليكسي ألكسندروفيتش"، إن موقع دراهيب  الأثري يقع في ولاية البحر الأحمر بجمهورية السودان عند منابع وادي العلاقي على مسافة 400 كم.

ويبعد الموقع عن النيل ما يقرب من 200 كم من ناحية البحر الأحمر، بحسب وكالة سبوتنيك.

وتابع: "يشمل الموقع الأثري: قلعتين، قرية، المقبرة الجنوبية، المقبرة الشمالية، بيوت عمال مناجم الذهب، ومناجم الذهب التي تعود للعصور الوسطى والقديمة".

وأشار الأثري الروسي إلى أن "المناطق التي يصعب الوصول إليها لا تزال تحتوي على مواقع أثرية لم يدرسها العلماء".

وأضاف: "هذا بالضبط ما حدث مع دراهيب، فعلى الرغم من أنه موقع أثري من الدرجة الأولى نظرا لأهمية المعلومات التاريخية التي سيتم الحصول عليها في عملية دراستها، فإنه لم يدرس تقريبا".

واستمر "السبب في ذلك هو أنها تقع في عمق الصحراء النوبية ومن الصعب الوصول إليها".

وأشار "أليكسي كرول" إلى أنه رغم صعوبة الحصول على تصاريح عمل في تلك المنطقة التي تقع في مثلث حلايب المتنازع عليه بين مصر والسودان، لكن البعثة الروسية لم تواجه مشكلة في الحصول على تصاريح العمل.

وتابع: "نحن نشعر بالأمن لأن حرس الحدود السوداني يوجد بالجوار، ونشعر بالأمان على الموقع بأنه لن يتم سرقته من الباحثين عن الذهب الذين يجوبون بشكل نشط الصحراء النوبية".

وكانت السلطات السودانية، قد عينت حراسة خاصة على موقع "دراهيب" منذ ديسمبر/كانون الأول 2014، بعدما ازدادت وتيرة اقتحامه منذ قبل الباحثين عن الذهب.

وتقع منطقة وادي العلاقي بالقرب من نهر جاف كبير، كان ينبع من تلال البحر الأحمر خاصة جبل علبة ويصب في الجزء الجنوبي من وادي النيل في مصر.

وبعد بناء السد العالي وامتلاء بحيرة ناصر بالمياه عام 1967 دخلت المياه وادي العلاقي، وأصبح جزءا من البحيرة ونتيجة انخفاض منسوب المياه في السنوات الأخيرة بالبحيرة انحسرت المياه عن جزء كبير من هذا الوادي.

وتتوافر في ذلك الوادي الخضرة وترعى الحيوانات فيه صيفا وعلى تلال البحر الأحمر شتاء، وهناك نموذج ملائم من التنمية يتمثل فـي تشجير المنطقة بأشجار السنط، وكذلك استخدام المياه الجوفية في الري، وتبعد محمية وادي العلاقي عن العاصمة المصـرية 950 كم.

ويوجد في وادي العلاقي أكثر من 12 منجما من الذهب، تم حفره من قبل الفراعنة الأجداد ولازالت قائمة ومفتوحة.

وتطرق الأثري الروسي إلى أن الوضع بالنسبة لوادي العلاقي ومنطقة دراهيب، تغير كثيرا بعد الفتح العربي، وتحديدا في الفترة ما بين القرن التاسع والقرن الثاني عشر، التي كانت ذروة ازدهار المنطقة تاريخيا.

وأوضح بقوله: "تم إرسال حملة عسكرية أثناء حكم ابن طولون في الصحراء النوبية، لقمع القبائل المحلية التي سرقت القوافل الغنية المحملة بالبضائع من ميناء عزب البحري على البحر الأحمر إلى أسوان، وعرقلت سفر الحجاج من بلدان المغرب العربي وإسبانيا الإسلامية ومصر المتجهة إلى الحج".

وأردف: "بالفعل تم السيطرة على هذه القبائل، وبدأ إنتاج الذهب بشكل لم يسبق له مثيل في منطقة وادي العلاقي، وهو ما جعل الناس الراغبين في الثراء السريع يهرعون من جميع أنحاء الخلافة إلى المنطقة".

واستمر: "منذ ذلك الحين أصبح مركز التنقيب عن الذهب هو مدينة العلاقي، دراهيب حاليا".

وتطرق عدد كبير من المؤرخين العرب إلى منطقة وادي العلاقي، حتى إن اليعقوبي، المؤرخ الجغرافي العربي الشهير في القرن التاسع، في كتابه "البلدان" قال: "من أراد المعادن، معادن التبر (الذهب) خرج من أسوان إلى موضع يقال له الضيقة بين جبلين، ثم البويب، ثم البيضية، ثم بيت ابن زياد، ثم عذيفر جبل الأحمر، ثم جبل البياض، ثم قبر أبي مسعود، ثم عفار، ثم وادي العلاقي".

وأكد المدير الأثري الروسي أن دراهيب لا تزال محتفظة بآثارها المعمارية بشكل كبير.

ووصف ذلك الموقع قائلا إنه "في وسط العلاقي نجد القلعة، ليست كبيرة، لكنها محمية بجدران قوية ربما يصل ارتفاعها إلى 11 مترا".

وتابع: "على الرغم من أن جزءا منها مغطى بالرمل، ويقع مدخل القلعة في برج، وتم بناء الأبراج في 4 أركان، وعلى مقربة من القلعة يوجد مبنى أخر، يعتقد أنه كان بمثابة خان (مكان استضافة) للتجار العابرين حيث يمكنهم ترك بضائعهم أو مبنى إداري للاحتفاظ بالوثائق الخاصة بالمنطقة".

واستمر: "على الجهة المقابلة للقلعة والخان من الوادي تقع المدينة نفسها، الآن أصبح الشارع مرئيا بوضوح، وحاليا يظهر بوضوح الشارع الذي يقسم المدينة لجزئين وعلى جانبيه المنازل".

وواصل: "أما في الوسط، فيوجد أكبر مبنى في المدينة، حيث تم سد النصف الشرقي من خلال الأقواس وفي منتصف الجدار الشرقي كان هناك انحناء. ويعتقد أنه كان مسجد لتأدية صلاة الجمعة، والانحناء في منتصف الجدار هو المحراب".

ومن المقرر مواصلة دراسة المبنى 3، أو المسجد كما أسميناه، لأنه لا يوجد أدلة حتى الآن أنه كان مسجدا.

وبالتوازي مع الحفريات، سيبدأ العمل على تدعيم وتقوية الجدران ومحاولة إعادة بناء الأعمدة المنهارة، وأساس الخطة الموضوعة، بعد الانتهاء من الحفريات، سنقوم بإعادة بناء ثلاثي الأبعاد للمسجد. ومن أهدافنا، أن يكون هناك متحف، والذي له أهمية كبيرة لدراسة العمارة الدينية الإسلامية.

وأردف: "بالإضافة إلى ذلك، سنبدأ العمل على دراسة القلعة والخان، حيث سيمكننا تحديد العمر التاريخي لتلك المواقع، على أساس تحليل المواد الخزفية، الموجودة فيها، كما سيتم إجراء دراسة معمارية وهندسية كاملة للقلاع من أجل وضع خطة لترميمها، والتي سنجريها بالتوازي مع الأعمال الأثرية.

ومع ذلك، قبل بدء أعمال الحفر، يجب تقوية الجدران، حيث قد ينهار بعضها، خاصة داخل المباني، مما يشكل تهديدا لعلماء الآثار. كما يجب الحفاظ على القلاع للأجيال القادمة".

وأشار الأثري الروسي إلى أن الأثريين في تلك المواقع يعيشون في "الخيام"، حيث المناخ الصحراوي يجعل الحياة في الخيمة مريحة.

وأضاف: "لكن المشكلة الرئيسية التي كما كنت أتوقع يجب أن نواجهها في الصحراء هي إيجاد الماء، لكن لحسن الحظ، تعمل شركة سودانية للتنقيب وإنتاج الذهب في مكان قريب، وتزودنا بالمياه".

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

التلفزيون السوداني التنقيب عن الذهب

مصر تطرح منطقتين للتنقيب عن النفط في حلايب وشلاتين