تونس تغرق.. ناشطون غاضبون وسياسيون يدعون لتدخل عاجل

الاثنين 28 أكتوبر 2019 08:28 م

تسبتت الأمطار في تعطل تام لحركة النقل، وغرقت عدة شوارع وأحياء سكنية في تونس، في المياه، بسبب هطول كميات هائلة من الأمطار، منذ ليل الأحد، ما تسبب في تعطل تام لحركة النقل، ما أثار رودود فعل غاضبة على مواقع التواصل الاجتماعي.

وتسببت الأمطار في انهيار طرق، كما جرفت سيارات في حفر، وتوقفت حركة القطارات، وتعطلت حركة السير في عدة طرق رئيسية بأحواز العاصمة.

وتقطعت السبل بالعديد من المواطنين والعمال والموظفين في الساعات الأولى من صباح الإثنين، في الشوارع بسبب توقف حركة المترو.

وخرج مواطنون للاحتجاج في ولاية أريانة المتاخمة للعاصمة مع تسرب المياه إلى أحياء سكنية، وإلى المنازل، وقطعوا الطريق الذي يربط الجهة بالعاصمة، وولاية بنزرت شمالا.

كما شهدت ولايات أخرى، تهاطل الأمطار بغزارة، أكثرها في ولاية المنستير على الساحل التونسي.

وأعلنت ولاية نابل التي شهدت فياضات وقتلى وخسائر العام الماضي، عن انعقاد مستمر للجنة مجابهة الكوارث.

ونشر التونسيون العديد من الصور والفيديوهات التي تحدثت عن حالة البنية المهترئة والمخاطر التي سبّبها للسكان وأصحاب السيارات، الذين فقد البعض منهم عرباتهم، نتيجة هذه الأمطار.
 


 


 


من جانبهم، دعا سياسيون لمساءلة الحكومة، فيما استنجد رجال الدين بالرئيس التونسي الجديد "قيس سعيد"، في حين وجد عشاق رياضة ركوب القوارب الفردية (الكاياك) فرصة لممارسة هوايتهم وسط العاصمة التونسية.

وقال "برهان بسيّس"، القيادي السابق في حزب "نداء تونس": "الوضع اللي فاقت عليه العاصمة اليوم وبعض المدن الأخرى بعد تهاطل الأمطار، هو رسالة واضحة، لعل النخب السياسية تفيق على حقيقة أولويات ما ينتظرها".

وأضاف: "البلاد لا تحتاج شعارات.. البناء والإصلاح مهمة طويلة وعسيرة في ظل ما تراكم طيلة هذه السنوات من مشاكل.. يجب أن نخلّص عقولنا وإرادتنا من كل ما هو شعارات فارغة وصراعات سياسية جوفاء، ونعطي كل التركيز والتفكير والعمل لفائدة مهام دقيقة وعملية تحتقرها النخب لكن هي أساس حياة الشعوب. مثلا: بالوعات تليق بالوطن في الألفية الثانية!".
 


وكتبت الإعلامية "منية العرفاوي": "هذه تونس الحقيقية.. موش تونس حالة الوعي والألوان والأحلام المخدرة للوعي الجمعي في محاولة يائسة لتجاوز رداءة واقع تحول إلى ليلة رعب في عدد من الأحياء".

وأضافت: "هذه تونس، البائسة، المنهكة، المنكوبة.. تونس السرقة والصفقات العمومية المغشوشة.. تونس المسؤول اللي لا عندو لا ذمة لا ضمير.. المقاول اللي ينهب في المال العام دون رقيب أو حسيب.. في المقابل، هانا نحتفلوا بالانتقال السلمي للسلطة.. ونجابهو على الأحزاب باش تشد الحكم وما تبقاش في المعارضة".
 


ودوّن "شكري الجلاصي"، القيادي في حزب التيار الديمقراطي "أول خطوة لإصلاح البنية التحتية هي محاسبة المسؤولين عن التهيئة والأشغال والصيانة (وزارة التجهيز، البلديات، المقاولات). هل يعقل إنه في 2019، يوم واحد من الأمطار يحدث كل هذه الأضرار؟".

وتحت عنوان "الفيضانات، من المسؤول قانونا"، دون النائب عن حزب "التيار الديمقراطي"، "هشام عجبوني": "حدد القانون عدد 9 لسنة 1994 مدة مسؤولية المقاولين والمهندسين ومكاتب الدراسات والمراقبة عن الانهيارات أو خطر الانهيارات بـ10 سنوات، وهو ما يسمى المسؤلية العشرية أو الضمان العشري من تاريخ تسلّم الأشغال".

وأضاف: "حدّد أجل القيام بقضية ضد كل مخالف بسنة واحدة من تاريخ معاينة الانهيار أو الخلل، بشرط ان يكون في بحر الـ10 سنوات، الإخلالات واضحة وضوح الشمس، وأجل القيام قصير".

وزاد: "لابد من تتبع المخالفين.. هذا القانون به نقص فادح لا ينصّ على العيب الخفي بما يفرض الرّجوع إلى مجلة الالتزامات والعقود المنظمة للعلاقات بين الخاص، وهذا غير كافٍ".
 


كما دوّن الداعية "بشير بن حسن"، بالقول: "هذه الفيضانات التي تتكرّر على بلادنا، هي في حقيقة الأمر نعمة من الله عز وجل، تتمثل في ثروة مائية هائلة، لو يتمّ استغلالها واستثمارها، لتوفير الماء الصالح للشرب لكافة المواطنين في كل بقعة في تونس، بل ويتم تجميعها في سدود وبحيرات، لتتحول إلى مخزون مائي ضخم يعمل على بعث مشاريع زراعية، نقلل بها نسبة البطالة، ونكافح بها الفقر، ونقيم بها صلب اقتصادنا المتهاري، بل على الأقل نحقق بها الاكتفاء الذاتي على مستوى الغذاء".

وأضاف: "ولكن ذلك لا يتم إلا بسياسة رشيدة حكيمة، تراعي الأولويات في النفقات، فهل مهرجان قرطاج وما ينفق عليه من أموال طائلة أولى من بناء البنية التحتية، وإنشاء السدود والمجمّعات المائية؟ سنرى في قادم الأيام سياسة الحكومة الجديدة، وهل ستتخذ من فقه الأولويات منهجا في تسييرها لشؤون الدولة؟".
 


فيما اعتبر الشيخ "نزار حمّادي"، أن تونس تحتاج "رئيسا يتفرغ فقط لتصريف المياه ولا يشتغل بغير ذلك لعله يتم مهمته، فإذا نجح فيها كان مستعدا لإنجاز غيرها وإذا فشل فيها كان في غيرها أفشل هو ورئيس الحكومة وكافة الوزراء".

وتابع: "السر في ذلك أن حل مشكلة تصريف المياه يقتضي تحريك جميع مؤسسات البلاد واقتلاع الفساد بجذوره التاريخية فمن قدر على هذا تصور منه النجاح في غيره".
 


وشكلت الفيضانات مادة دسمة للضحك، حيث تداول ناشطون فيديو لعشاق رياضة ركوب القوارب الفردية "الكاياك"، وهم يمارسون هوايتهم وسط العاصمة التونسية.

وعلق أحد الناشطين، بالقول إن مدينة تونس باتت تشبه كثيرا مدينة البندقية الإيطالية، مشيرا إلى أنه لا حاجة بعد الآن للسفر إلى إيطاليا للتمتع بهذه التجربة، فيما اقترح آخر على السلطات استغلال هذه المناسبة لجذب السياح!
 


وتعاني تونس من تواتر الأمطار على مدار السنوات الأخيرة، ولم تعد بمنأى عن أثر التغير الحاد للمناخ، بالإضافة إلى بنية تحتية هشة في الكثير من المناطق.

تفيد أرقام رسمية أصدرتها الهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية، بأن ملفات شبهات الفساد بوزارة التجهيز، بلغت 39 ملفاً خلال العام الماضي، وتمت إحالة ملف 220 مقاولا إلى القضاء.

ومن بين ألفي ملف فساد تعالجه هيئة مكافحة الفساد، 140 ملفا يتعلق بصفقات عمومية ذات علاقة بالبنية التحتية.

وتفيد المعطيات أن عددا من الجسور والطرقات تم إنجاز بعضها باستعمال حديد مهرب من الجزائر، خصوصاً في مناطق الشريط الحدودي مع الجزائر.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مياه الأمطار سيول وأمطار هطول الأمطار

ناشطة تونسية أمام القضاء العسكري بسبب انتقادها لقيس سعيد