جبل أحد.. المطعم التركي في بغداد يتحول إلى أيقونة للاحتجاجات

السبت 2 نوفمبر 2019 11:52 ص

تحول مبنى شبه مهجور قرب ساحة التحرير التي يتجمع فيها المحتجون في قلب بغداد إلى أيقونة رمزية في الحراك الشعبي وحركة الاحتجاجات المتواصلة ضد الفساد في العراق.

وإضافة إلى اسم "المطعم التركي" في إشارة إلى مطعم كان يتواجد بأحد أدواره، أطلق المتظاهرون على المبنى تسميات استعارية أخرى؛ فالبعض منهم سماه "جبل أُحد" في إشارة إلى موقع المسلمين فوق الجبل في معركة أحد.

كما تمت إضافة اسم "جبل أحد" إلى البناية على خرائط "جوجل".

وطوال تاريخ حركة الاحتجاجات في العقد الأخير في العراق، تنافس المحتجون والقوى الأمنية للسيطرة على هذا المكان (الاستراتيجي) المطل على ساحة التظاهر من جهة، والذي يسمح ارتفاعه العالي بالإطلال على مجمل الجسر والمنطقة الخضراء (مقر الحكومة العراقية) في الجهة الأخرى.

ولجأ العديد من المحتجين في الاحتجاجات الأخيرة المستمرة منذ يوم 25 من الشهر الجاري، وسط الدخان المسيل للدموع والرصاص المطاطي أو الحي أحيانا، إلى هذا المبنى واحتموا بجدرانه وطوابقه الفارغة وفوق سطحه.

  • قصة المبنى

ويحمل المبنى اسم "المطعم التركي" ويعيش المعتصمون في داخله، ويعود إنشاء هذا المبنى المؤلف من 14 طابقا إلى ثمانينيات القرن الماضي؛ إذ أشرفت على بنائه شركة هندية وافتتح في عام 1983.

واحتل مرآب سيارات واسع طوابقه السفلى، وامتلأت طوابقه الأخرى بالمحلات التجارية لتشكل مركز تسوق كبير.

وأخذ المبنى اسمه من مطعم احتل الطابق الأعلى منه وامتاز بشرفاته التي تقدم منظرا بانوراميا مطلا على مدينة بغداد، وعرف حينها باسم المطعم التركي.

وتعرض المبنى لقصف أمريكي في حرب الخليج الثانية عام 1991، وأثر هذا القصف على هيكله الأساسي، لكن أُعيد استخدام بعض طوابقه في أواخر التسعينيات، قبل أن يصبح مقرا لهيئة الرياضة والشباب في عام 2001.

وخلال الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 أطلقت دبابات أمريكية عند اقتحام العاصمة العراقية بعض القذائف للمبنى ضد المقاومين المتمترسين فيه. وكان ظهور هذه الدبابات على جسر الجمهورية المجاور له لحظة الإعلان عن دخول القوات الأمريكية وسيطرتها على بغداد في وسائل الإعلام.

وتحدثت تقارير عن وجود تلوث إشعاعي في المبنى، ونقلت عن مسؤولين صحيين قولهم إن التلوث الإشعاعي لا يشمل جميع طوابق البناية بل يقتصر على 3 طوابق منها.

وفي حركة الاحتجاجات ضد حكومة رئيس الوزراء الأسبق "نوري المالكي" عام 2011، سُلطت الأضواء على هذا المبنى من جديد عندما استخدمته القوات الأمنية مركزا لمراقبة المظاهرات التي كانت تتمركز تحته في ساحة التحرير.

وتحدثت تقارير عن أن الطابق الثامن منه قد تحول حينها إلى ما يشبه مركزا لقيادة العمليات ضد المتظاهرين، تمركز فيه عدد من قيادات قوة عمليات بغداد، وبعض المسؤولين والنواب الموالين للحكومة لمراقبة المظاهرات والإشراف على عمليات قمعها وتفريقها.

وانتشرت حينها في وسائل التواصل الاجتماعي صور القوات الأمنية في أعلى البناية فضلا عن أحد النواب المقربين من "المالكي" حينها وبعض المسلحين في أعلى البناية وهم يراقبون ويستهدفون المتظاهرين.

  • تسميات استعارية

أطلق المتظاهرون على المبنى تسميات استعارية مختلفة فالبعض منهم سماه "جبل أُحد".

واستعار البعض الآخر من التاريخ العراقي اسم "الجنائن المعلقة"، أحدى عجائب الدنيا السبع في العالم القديم التي ينسب بناؤها للملك "نبوخذ نصر الثاني" في بابل لوصف المبنى المطل على نهر دجلة وجانبي مدينة بغداد.

وتحدث أحد المتظاهرين عن التسابق بينهم وبين القوى الأمنية للسيطرة على البناية، مشيرا إلى أن بعض الشباب المتظاهرين شقوا طريقهم إلى البناية المهجورة والمغلقة منذ عام 2003، ثم بدأ الآخرون في الدخول إليها وتسلق طوابقها والاعتصام والتمترس فيها.

ويحضر بعض الشباب لإقامة حفل غنائي على سطح المبنى تضامنا مع المتظاهرين بعد أن ينجحوا في إيصال التيار الكهربائي إليه.


وفي ثمانينيات القرن الماضي، كانت واجهة هذا المبنى تضم شاشة إلكترونية كبيرة لبث الأخبار والإعلانات، وقد استعاد الشباب المعتصمون هذه الوظيفة فاستخدموا واجهة المبنى المطل على ساحة التظاهر لشعاراتهم ولافتاتهم ومدوا علما عراقيا كبيرا على امتداد المبنى إلى جانب اللافتات الضخمة التي حملت شعارات مختلفة، من بينها: الشعار الأكثر ترددا في هذه المظاهرات "نريد وطنا" وشعارات أخرى من أمثال "نازل آخذ حقي" و" إزرع ثورة احصد وطنا" و "ماكو وطن ماكو دوام .. حتى إسقاط النظام".
 


وفي الأمسيات يحرص المعتصمون على إنارة المكان بإشعال الشموع أو شاشات هواتفهم النقالة أو المصابيح اليدوية والتواصل مع المتظاهرين في ساحة التحرير في أسفل المبنى عبر تلك الاشارات الضوئية.

وحرص بعض الشباب المعتصمين في المبنى، على تسجيل يومياته صوريا داخل المبنى مصورا تلك الأجواء الاحتفائية فيه، كما هي الحال مع حيدر كريم الذي اعتاد أن يضع مثل هذه اليوميات على صفحته على فيسبوك. ويستغل حيدر ساعات الفجر وساعات الصباح الأولى لتسجيلها عندما يكون الاتصال بالإنترنت يسمح بذلك.

والخميس، أعلن الرئيس العراقي "برهم صالح" أن رئيس الوزراء، "عادل عبد المهدي"، وافق على الاستقالة من منصبه.

وأكد "صالح"  إن "عبدالمهدي" يوافق على إجراء انتخابات مبكرة في البلاد، قائلا: :"أؤكدَ أني كرئيس للجمهورية سأوافق على انتخابات مبكرة باعتماد قانون الانتخابات الجديد والمفوضية الجديدة للانتخابات". 

ومنذ مطلع أكتوبر/تشرين الأول المنصرم، تشهد بغداد ومحافظات عراقية عدة، احتجاجات واسعة شارك فيها عشرات آلاف تنديدا بتردي الأوضاع المعيشية ومطالبة بمحاربة الفساد وإقالة الحكومة وحل البرلمان، وإجراء انتخابات مبكرة لتشكيل حكومة جديدة.
 

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

جبل أحد الاحتجاجات العراقية مظاهرات العراق المظاهرات العراقية

مطربون عراقيون يتضامنون مع شعبهم الثائر