وأخيرا رقصنا.. فيلم مدافع عن المثلية يشعل جورجيا

الأحد 10 نوفمبر 2019 07:25 م

هاجمت حشود ضمت مئات الغاضبين من المحافظين وأتباع اليمين المتطرف صالات السينما التي تعرض فيلم  "وأخيرا رقصنا" في العاصمة الجورجية تبليسي ومدن أخرى بعد أن أثار الفيلم ضجة كبيرة.

ووجهت الكنيسة الأرثوذكسية الجورجية انتقادات شديدة للفيلم، ووصفته بأنه "هجوم ضد الكنيسة".

وتفجرت على وسائل التواصل الاجتماعي التي حفلت بجدل واسع بشأن عرض الفيلم، وانتشر مقطع فيديو لزعيم جماعة "الت ـ أنفو" السياسية القومية، "زوراب ماخارادزه"، يدعو فيه للتظاهر ضد الفيلم.

وصف "ماخارادزه" الفيلم بأنه "جزء من حرب معلوماتية وأيديولوجية بين النزعتين المحافظة والليبرالية".

فيلم "وأخيرا رقصنا" من إخراج المخرج السويدي من أصول جورجية، "ليفان أكين"، وقد حظي الفيلم منذ بدء عرضه في مهرجان كان ثم في مهرجان لندن السينمائي باحتفاء نقدي كبير.

جرى اختيار الفيلم ليكون ممثلا للسويد في التنافس على جائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي التي ستعلن مطلع العام المقبل.

حصد الفيلم عددا من الجوائز في بعض المهرجانات العالمية، من بينها مهرجان شيكاغو السينمائي الدولي، ومهرجان أوديسا الدولي، فضلا عن مهرجان سراييفو الذي حصد فيه جائزة أفضل ممثل رئيسي.

نجح "أكين" في التقاط لحظة توتر جمعت العام والخاص، في العلاقة بين روح الفرد وروح الأمة، أو علاقة جسد الفرد بالمكان العام الذي يعيش فيه (الوطن) الذي انعكس في داخله في سلسلة من القيم والسلوكيات.

قصة الفيلم تدور حول اكتشاف بطله الشاب "ميراب" (أدى دوره ببراعة الممثل والراقص الجورجي الشاب "ليفان غلبخياني") لنفسه وجذوره وجسده وعواطفه وهويته الجندرية وميوله الجنسية، وينعكس هذا الاكتشاف عبر تناغم عناصر فنية متقن بين الرقص والتمثيل والصورة السينمائية.

تحترف عائلة "ميراب"، ذي الأصول الجورجية، الرقص الجورجي التقليدي، بينما يجهد نفسه في استديو التدريب التابع لفرقة الرقص الوطنية في تبليسي لإثبات براعته ووراثته لهذا التقليد.

رجولية الرقص الجورجي

لكن مدرب الرقص (الذي لا يوحي شكله، بلحيته الكثة وبنية الجسدية الضخمة، بمدرب رقص) يرى فيه دائما رقة و"ميوعة" لا تتناسب مع رجولية الرقص التقليدي الجورجي، الذي يقول له إنه رقص يعكس القوة والرجولة والشجاعة و لامكان للضعف أو الميوعة فيه.

وتتردد تلك المفاهيم على على أذن "ميراب" على لسان المدرب في الاستديو عندما يذكره وهو يراقص صديقته (الممثلة "أنا جافاكيشفيلي") التي يتدرب معها منذ سنوات بأن "الرقص الجورجي لا يحتمل أي إيحاءات جنسية".

يقول المسؤول الرسمي الذي يزور الفرقة ويذكره أن هذا الرقص يُجسد روح الأمة الجورجية.

لكن هذه المعالجة تعالج رحلة اكتشاف المخرج نفسه، المولود في السويد، لجذوره وهوية آبائه. وقد كتب "أكين" مؤخرا على صفحته في فيسبوك ردا على هجوم اليمينين المتطرفين على فيلمه في جورجيا قائلا: "لقد صنعت هذا الفيلم بمحبة وتعاطف، إنه رسالة حب وجهتها لجورجيا ولموروثي، وبتقديم هذه القصة أردت استعادة وإعادة تعريف الهوية الجورجية لتشمل الكل لا البعض".

ومع دخول راقص منافس للاستديو، يدعى "إراكيلي" (الممثل "باتشي فايلشفيلي")، ويتسم بوسامته وقوته الجسدية الواضحة، يشتعل التنافس بين الاثنين.

يحاول "ميراب" إجهاد نفسه أكثر لاثبات كفاءته مقابل موهبة "إراكيلي" الذي يرقص بتلقائية وتَمكن، ولا يشغله الرقص نفسه قدر انشغاله بالاستمتاع بحياته.

ويتصاعد التنافس بينهما مع سعي الفرقة للبحث عن راقص لترشيحه للانضمام إلى فرقة الباليه الوطنية، لكن مشاعر الغيرة والتنافس تلك سرعان ما تحول من منظور ميراب إلى قصة تكامل وصداقة بل وحب بعد أن يكتشف ميوله المثلية نحو "إراكيلي".

ولا ينشغل "أكين" كثيرا بالتركيز على عذابات قصة حب محرم في مجتمع محافظ، بقدر تركيزه على جوى ولوعة بطله الشاب واكتشافه لجسده ونفسه، التي يختمها بمشهد رقصة رائعة اثناء مسابقة التنافس النهائية على المرشح النهائي.

في تلك الرقصة يترك "ميراب" لجسده أن يعبر عن نفسه برقصة تعبيرية محتدمة بالعاطفة والانفعال وخارجة كليا عن قوالب الرقص الشعبي الجورجي التقليدي، وإن كانت على إيقاعاته نفسها.

رسخ "أكين" في فيلمه الثالث هذا أقدامه في المشهد السينمائي المعاصر مخرجا له حساسية خاصة في التعامل مع الإيقاع في الصورة السينمائية. فالرقص وحركة الجسد الإنساني كانا مادته الأساسية، بيد أنه برع في تقديمها ضمن فضاء درامي محتدم بالعواطف والأحاسيس، وجعلها مدخلا ساحرا للتعبير عن هذه العواطف والانفعالات.

 

المصدر | الخليج الجديد + BBC

  كلمات مفتاحية

الجوكر.. الفيلم الأكثر ربحا على الإطلاق

متحدثة الخارجية الروسية ترقص داخل الوزارة.. هكذا علقت

منع فيلم كارتون بـ4 دول عربية بينها السعودية وقطر بسبب كلمة

بسبب المثلية.. منع فيلم "ثور" في دول خليجي