وساطة صينية بين طالبان وكابول تصطدم بتضارب المصالح

الاثنين 11 نوفمبر 2019 09:55 ص

مع دخول الحرب في أفغانستان عامها التاسع عشر، وفشل عدة محاولات من جانب الولايات المتحدة لحلحلة مسيرة السلام المتعثرة في البلاد، أخذت كابول تُولّي وجهها شرقًا إلى بكين؛ بحثا عن سبيل جديد لحل الصراع.

وفي أعقاب سلسلة اشتباكات وصدامات عنيفة بين القوات الحكومية ومسلحي طالبان، وسط مبادرات لتنشيط محادثات السلام في دول مختلفة، حظيت محاولة الصين لاستضافة الأطراف المتناحرة في اجتماع سلام نادر بترحيب الأفغان.

ووفقًا لمكتب الرئيس "محمد أشرف غني"، سترسل حكومة كابول فريقًا شاملاً من المفاوضين إلى بكين؛ للمشاركة في محادثات مع قيادات طالبان.

وصرح المتحدث باسم "غني"، "صديق صادق"، للصحفيين في كابول، الأحد 2 نوفمبر/تشرين الثاني، بأن المناقشات مع الأطراف المعنية حول تشكيل الفريق، ما تزال جارية.

وقال "صديقي": "يمكن لهذا الفريق بعد ذلك أن يمثل أفغانستان ويدافع عنها وعن الديمقراطية وكل القيم التي تم كسبها بشق الأنفس".

طالبان، من جانبها، قبلت الدعوة الصينية، ورشحت فريقًا لحضور المؤتمر، يرأسه نائب زعيمهم، الملا "عبدالغني برادار"؛ بيد أنها ما تزال لا تعترف بعد بحكومة كابول ولم تعقد محادثات معها.

كل ذلك يأتي في أعقاب اتفاق سلام تاريخي مع الولايات المتحدة، بعد تسعة شهور من المفاوضات في العاصمة القطرية الدوحة، قبل أن يلغي الرئيس "دونالد ترامب" المحادثات في 7 سبتمبر/أيلول الماضي بعد سلسلة من الهجمات المميتة في أفغانستان.

وأكدت مصادر حكومية للأناضول، أن هذا الاجتماع الحاسم، سيظل معلقا حتى يتم الإعلان عن النتائج المؤجلة بالفعل للانتخابات الرئاسية التاريخية في أفغانستان.

مصالح متضاربة

ويرى خبراء سياسيون محليون أنه بإمكان الصين تقديم دفعة جديدة وأكثر ديناميكية لإحياء عملية السلام وتسوية الصراع الدائر في أفغانستان.

وقال مسؤول حكومي سابق في عهد طالبان (1996 – 2001)، خبير في شؤون طالبان، "وحيد مجدا": "عادة ما تقوم الدول المضيفة لمثل هذه المؤتمرات بدور وسيط فقط لتيسير محادثات السلام. لكن الصين دولة تريد طالبان أن تراها كضامن أو مراقب لتوقيع اتفاق السلام النهائي، وهو دليل واضح على الثقة".

وقال إن "حكومة كابول كذلك ترى أن بكين لاعب محايد في هذا الصراع المعقد إلى حد ما، بين العديد من اللاعبين الذين يتصارعون من أجل المصالح المتضاربة في كثير من الأحيان".

كذلك، رحّبت الأطراف الفاعلة الرئيسية الأخرى (الولايات المتحدة وروسيا وباكستان) باقتراح الصين باستضافة مؤتمر السلام الأفغاني المقبل في بكين، والذي جاءت فكرته خلال اجتماع رباعي حضره مبعوثو الصين وروسيا والولايات المتحدة وباكستان لدى أفغانستان في موسكو يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول.

مع ذلك، يعتقد "وحيد مجدا"، أنه لا يمكن التغلب على التضارب الإقليمي للمصالح بين الصين والهند والولايات المتحدة وباكستان، إلا إذا تم التوصل إلى تفاهم على أعلى المستويات في واشنطن وبكين.

بدورها، قالت المحللة بصحيفة "جلوبال تايمز" الصينية (تصدر تحت رعاية صحيفة الشعب اليومية التابعة للحزب الشيوعي)، "وانج ون وين": "إن الفترة الحالية تعد اختبارا لعزيمة الأفغان".

وأضافت: "كل قوة تسعى جاهدة من أجل نوع ما من الهيمنة في أفغانستان. تخشى الولايات المتحدة من احتمالية ملأ الصين للفراغ الذي تتركه بعد الانسحاب المقترح لقواتها، كما أن الهند تتنافس منذ فترة طويلة مع الصين على القيادة الإقليمية. إن هذا يعد اختبارا لحكمة الحكومة الأفغانية لتحقيق التوازن بين مصالح هذه القوى".

وتابعت: "بكين يمكنها تحقيق توازن بين باكستان وأفغانستان أو حتى الهند".

وقف إطلاق النار

على خلفية استمرار أنشطة طالبان المسلحة وفشل محادثات السلام بين الولايات المتحدة والحركة، قال "حمد الله محب" كبير مستشار الأمن القومي للرئيس "أشرف غني"، في مؤتمر صحفي، إن السلام الدائم في أفغانستان، لا يمكن تحقيقه إلا إذا أقنعت باكستان طالبان، بالتخلي عن أسلحتها بدلا من السعي للحصول على امتيازات من خلال المفاوضات مع الولايات المتحدة.

وقال: "لقد وجدنا أن طالبان ليست كيانا موحدا، وليس لديهم القدرة للسيطرة على الحرب، إذ انضم بعض قادة طالبان الرئيسيين إلى داعش".

كما لفت إلى وجود تصدعات في صفوف طالبان على الرغم من تمكن مسلحيها من شن هجمات مميتة في أجزاء مختلفة من البلاد.

وأوضح أنه في إطار إحياء محادثات السلام، لابد أن تجري مفاوضات أيضًا مع باكستان، وأن تضمن إسلام أباد في المقابل عدم دعم المسلحين أو منحهم ملاذات آمنة.

وشدد قائلًا: "ضمانات السلام من جانب كل من طالبان وباكستان أمر مهم".

وفي خضم الجهود المتجددة لإحياء المحادثات المتوقفة من أجل المصالحة، طرحت الحكومة الأفغانية الشهر الماضي خطة سلام طموحة من سبع نقاط.

وتدعو الخطة إلى إجراء مفاوضات مع الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، ومفاوضات مع طالبان، ومع باكستان ، وبناء توافق في الآراء مع الشركاء الإقليميين والدوليين، ومناقشات مع الغرب والمنظمات الدولية، وتعزيز المؤسسات على المستوى الوطني، ومعالجة المظالم على المستوى الداخلي.

ورفضت طالبان هذه الخطة فضلًا عن وقف إطلاق النار.

على صعيد متصل، قال الأستاذ بجامعة كابول، "أكرم العريفي": "في ظل هذا الجمود، هناك دائمًا حاجة إلى حفظ ماء الوجه، واستئناف المحادثات بشكل يحفظ كرامة الأطراف المشاركة".

ورأى "العريفي" أن الصين يمكنها في هذا الإطار، من خلال علاقاتها الجيدة مع باكستان وطالبان، أن تساعد في دفع هذه المحادثات كشريك محايد وإحياء المحادثات بروح متجددة.

يشار إلى أن الصين أبدت اهتمامًا كبيرًا باستخراج الموارد المعدنية الهائلة وغير المستغلة في أفغانستان، بالإضافة إلى استثمار ما يقرب من 50 مليار دولار في مشاريع البنية التحتية في باكستان المجاورة كجزء من الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني المرتبط بمبادرة الحزام والطريق.

المصدر | الأناضول

  كلمات مفتاحية

حركة طالبان الحكومة الأفغانية مفاوضات الحكومة الأفغانية

أفغانستان.. مقتل 7 وإصابة 9 في هجوم بسيارة مفخخة تبنته طالبان

طالبان تعلن استعداداها لتوقيع اتفاق سلام مع واشنطن

قطر.. وصول 3 من قادة طالبان كجزء من عملية مبادلة برهينتين غربيين

الحكومة الأفغانية تفرج عن 100 سجين من طالبان