استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

دولــة الخـلافــة تتمــدد في الخـليــج

الاثنين 13 يوليو 2015 09:07 ص

وقع اختيار تنظيم «الدولة الإسلاميّة» «داعش» مؤخرًا على دولة الكويت لتنفيذ عمليّته الانتحاريّة الجديدة في 26 يونيو/حزيران الفائت داخل مسجد «الإمام الصادق» في وسط العاصمة الكويتيّة، بعد عمليّة الدمّام السعوديّة في 29 مايو/أيّار، الّتي نفّذها أمام مدخل مسجد للشيعة، وعلى مسافة لا تبعد أكثر من 25 كلم عن التّفجير الأوّل ضدّ مسجد في بلدة القديح بمحافظة القطيف (400 كلم شرق الرياض) ذات الأكثريّة الشيعيّة في عمليّة انتحاريّة نفّذها تنظيم «الدولة الإسلاميّة» في 22 مايو/أيّار الفائت، والّتي ذهب ضحيّتها 21 قتيلا وأكثر من 100 جريح.

وربّما يأتي اختيار تنظيم الدولة للكويت وفقاً لتخطيط مسبق أو بسبب ضعف إمكاناته الأمنيّة، ممّا جعلها بديلاً مناسباً عن مناطق الشيعة في السعوديّة، الّتي تشهد إجراءات أمنيّة مشدّدة. وإنّ الأكيد أنّ تنظيم «الدولة الإسلامية» ينفّذ عمليّاته وفق تخطيط ذكيّ يتمّ من خلاله اختيار المكان والزمان المناسبين، وكذلك اختيار منفّذين شباب يؤمنون بفكرة «دولة الخلافة» ويتمتّعون في الوقت نفسه بسجلاّت أمنيّة سليمة من المواطنين الخليجيّين، أو كما يسمّيهم التنظيم من أبناء «ولاية نجد»، الّذين لا يحتاجون إلى تأشيرة عبور بين دول مجلس التّعاون الخليجيّ.

بحسب بيان الداخلية السعودية فإن منفذ تفجير الكويت هو «فهد القباع» من مدينة بريدة النجدية مولود عام 1992 ولم يكن ملاحقا ولا مطلوبا امنيا، ولم يسبق له السفر خارج السعودية، إضافة إلى أن السفر بين دول مجلس التعاون لا يحتاج الى جواز سفر ويمكن استخدام البطاقة الشخصية.

وإنّ أغلب الكتّاب والمحلّلين الشيعة والسنّة الليبراليّين مثل «محمد المحمود» و«فؤاد ابراهيم»، حمّلوا السعوديّة «الوهابيّة» ومناهجها الدينيّة وقنواتها الفضائيّة، خصوصاً قناتي «وصال» و«صفا»، مسؤوليّة استهداف مساجد للشيعة في السعوديّة والكويت. وهذه الاتهامات تعكس موقفا فكريا من السلفية أكثر منه تحليلا منطقيا، وقد يصح جزئيا وليس بالمطلق للأسباب التالية:

أوّلاً: إنّ عمليّات العنف الطائفيّ في منطقة الخليج بدأت منذ الثمانينيّات (تفجيرات الكويت 83-88 نفّذتها تنظيمات شيعيّة لبنانيّة وعراقيّة، وتفجيرات مكّة 89 نفذها ستة عشر كويتيا شيعي)، قبل ظهور تنظيم القاعدة في الجزيرة العربيّة وإنشاء تنظيم «الدولة الإسلاميّة».

ثانياً: إنّ تنظيم «الدولة الإسلامية» يكفّر قيادات المؤسّسة الدينيّة في السعوديّة ويعتبرها فقهاء سلطة، وهي بدورها تعتبر «داعش» خارج عن الإسلام ولا يجوز الانضمام إليه، كما أن المناهج الدينية التي تدرس في المدارس السعودية خرجت آلاف الأطباء والطيارين والممثلين ولاعبي الكرة والمغنيين، وهي نفس المدارس التي خرجت شخصيات شيعية من أبناء القطيف والمدينة ونجران، وعلينا أن نتذكر أن تفجيرات مساجد الشيعة وقعت بعد التعديلات التي أجريت للمناهج الدينية السعودية وليست قبلها.

ثالثاً: الشباب الذين نفذوا التفجيرات في مساجد الشيعة متمردون على حكومتهم ومجتمعهم، اختاروا «الهجرة» إلى «دولة الخلافة» لأنهم يعتقدون أنهم كانوا يعيشون في مجتمع جاهلي لا يجوز البقاء فيه، واستهدافهم لمساجد الشيعة كان تنفيذا لتوجيهات دولتهم التي بايعوها وليست التي تركوها، واعتمادا على نصوص تراثية قديمة وليس على فتاوى «وهابية».

رابعاً: إنّ تأثير كلّ من قناتي «صفا» و«وصال» السلفيّتين لا يمكن مقارنته بتأثير أكثر من 40 فناة شيعيّة تبثّ في شكل رسميّ، وأبرزها: قناتا «آل البيت» العراقيّة و«فدك» الكويتيّة، اللتان تبثان برامج مسيئة لعقائد السنّة.

إلى جانب الخلاف العقائدي التاريخي التي تشعله الخلافات والمصالح السياسية بين الدول من حين لآخر، يظهر مشروع الخلافة الذي يتبناه تنظيم «الدولة الإسلامية» كالحلم المثير الذي يجذب الشباب في منطقة الخليج ومن خارجها ويشعرهم بأهميتهم في إنشاء دولة جديدة، بعد أن كانوا مهمشين سياسيا في ظل حكامهم ودولهم التي نشأوا فيها، ولذلك هم لا يترددون في تنفيذ توجيهات أميرهم «البغدادي».

إنّ الناس في نظر تنظيم الدولة، إمّا مؤمنون يبايعون الخليفة ويخضعون إلى دولته أو كافرون بالخليفة معارضون لدولته يستحقّون القتل، ولا مكان لخيارات مستقلّة، فهذه سياسة التّنظيم مع كلّ الطوائف الإسلاميّة الّتي تواجهه، وفي مقدّمهم السنّة، سواء أكانوا من المقاتلين السلفيّين أم المدنيّين في العراق أو سوريا أو ليبيا أو مصر.

وكذلك في المملكة العربيّة السعوديّة، وهي أرض الحرمين، بلغ عديد ضحاياها من رجال الأمن فقط خلال مواجهاتها مع الإرهاب حتّى منتصف يونيو/حزيران الفائت، 148 شخصا أطلق عليهم رسميا «شهداء الواجب».

فكريا تمكن «تنظيم الدولة» من اختراق دول مجلس التعاون وإقناع شريحة كبيرة من مواطنيه بصحة مشروعه السياسي معتمدا على أساسين من التراث الإسلامي الأول هو النص النبوي الذي أخبر فيه النبي محمد عن خمسة مراحل سياسية تمر علي المسلمين، آخرها مرحلة «الخلافة» على منهاج النبوة، الأساس الثاني «البيعة» وهي اختيار النخبة ثم العامة لشخص يحكمهم «الأمير أو الخليفة».

وميدانيا ينفذ التنظيم عملياته الإرهابية لإظهار عجز الأنظمة الحاكمة في الخليج عن حماية مواطنيها الشيعة، كما يهدف إلى إضعاف هيبتها من خلال تكرار العمليات التي يعلن مسؤوليته عنها بكل جراءة وتحدي للظهور أمام أغلبية المواطنين السنة في الخليج والعالم أن «تنظيم الدولة» مهتم وقادر فعلا على حماية عقائد ورموز السنة.

وإنّ ما يثير قلق الأوساط الرسميّة الخليجيّة أن يكون استهداف الشيعة بالهجمات الإرهابيّة جزءاً من مخطّط أوسع يسعى «تنظيم الدولة» بواسطته إلى إثارة غضب الشيعة ودفعهم إلى الاحتشاد وتشكيل مجموعات مسلّحة. وسيغتبط تنظيم الدولة الإسلاميّة، إذا ما قرّرت قيادات الشيعة الخليجيّة الاستجابة إلى استفزازاته المميتة والنزول إلى الشارع لمواجهة السلطات في دول الخليج «العاجزة» عن حمايتها. كما حصل في القطيف السعودية عندما نادى الشيخ «طاهر الشميمي» بتكوين قوى شعبية للحماية الذاتية مشككا في إخلاص الحكومة بحماية الشيعة وكذلك الشيخ «عبدالكريم الحبيل» طالب بتشكيل لجان حماية، يتولى أهل المنطقة انشاءها وقيادتها. وزير الداخلية السعودي رفض هذه المطالب وقال لن نسمح لاحد باخذ دور الدولة.

في ظل غياب المشروع الوطني، ستظل الأنظمة السياسية الوراثية الحاكمة في الخليج عرضة لتهديد تنظيم الدولة وسيتمدد مشروع الخلافة «السني» داخل المجتمعات الخليجية، وإذا لم تبادر حكومات الخليج بتجديد نظامها السياسي فعليا عن طريق إتاحة أكبر قدر من المشاركة الشعبية في الحكم وإدارة الثروة، سيتواصل إقبال الشباب الغاضب على التنظيمات المتطرفة وسيستمر الارهاب.

  كلمات مفتاحية

العنف الطائفي السعودية الكويت الدولة الإسلامية دول الخليج بلدة القديح الإرهاب

تنظيم «الدولة الإسلامية» ينسج شبكة تأييد بدول الخليج العربية

«الجارديان»: دول الخليج تنحي خلافاتها بعد دخولها دائرة استهداف «الدولة الإسلامية»

إيران و«الدولة الإسلامية» يملكان هدفا مشتركا في زعزعة استقرار الخليج

تفجيرات «الدولة الإسلامية» في السعودية: من وماذا ولماذا؟

«ديبكا»: لا يوجد جيش في منطقة الشرق الأوسط قادر على التصدي لتنظيم «الدولة الإسلامية»