خيارات مصر لاحتواء الغضب الأمريكي ردا على صفقة سو-35

الاثنين 25 نوفمبر 2019 02:09 م

في مؤشر على توتر يلوح في الأفق بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية، أطلت المقاتلة الروسية "سوخوي-35"، لتعكر صفو العلاقات بين البلدين، بعد إعلان مصر إبرام صفقة مع روسيا، بقيمة ملياري دولار، تهدف إلى شراء نحو 26 طائرة مقاتلة من هذا الطراز.

الصفقة التي لم تتم بعد، أثارت صخبا سياسيا عاليا، وردود فعل غاضبة من واشنطن، والتي لوحت بفرض عقوبات على مصر في حالة الإصرار على إتمام صفقة شراء الطائرات الروسية.

وأعادت الإدارة الأمريكية، تذكير القاهرة، بإمكانية تقليص المساعدات الممنوحة لها سنويا بقيمة 1.3 مليارات دولار، كذلك ستهدد الصفقة مشترياتها من العتاد الأمريكي في المستقبل، واتفاقيات التعاون في مجال الدفاع بين البلدين.

ويمكن للولايات المتحدة فرض عقوبات بموجب قانون يعرف باسم "مكافحة خصوم أمريكا من خلال العقوبات"، المعروف اختصارا بقانون "كاتسا"، والذي أقره مجلس الشيوخ الأمريكي في أغسطس/آب في عام 2017 ووقع عليه الرئيس "دونالد ترامب"، وهو قانون يستهدف في الأساس المبيعات العسكرية الروسية.

غضب روسي

الضغوط الأمريكية لعرقلة الصفقة، أثارت غضب موسكو، وهي حليف قوي للقاهرة، واعتبرت على لسان نائب رئيس لجنة الدفاع بمجلس الدوما الروسي (مجلس النواب)؛ "أندريه كراسوف"، أن "تهديد أمريكا لمصر بفرض عقوبات إذا قامت بشراء مقاتلات سو-35 الروسية، محاولة غير عادلة للمنافسة في سوق السلاح".

وانتقد "كراسوف"، في تصريحات صحفية، انتهاج واشنطن سياسة العقوبات ضد البلدان التي لديها سياسة خارجية مستقلة.

كذلك اتهم عضو اللجنة الدولية بمجلس الاتحاد الروسي (مجلس الشيوخ)، "أليكسي كوندراتيف"، الجانب الأمريكي، بخرق القواعد الدولية لتجارة الأسلحة.

وأكد "كوندراتيف" أن "واشنطن ليس لها الحق في التدخل في المعاملات التجارية، مشيرا إلى أن هناك منافسة عالية في سوق السلاح.

الموقف المصري

حتى الآن لم يصدر عن القيادة السياسية العليا في مصر، موقفا واضحا، ربما لمنح فرصة لمشاورات تجري وراء الكواليس لطمأنة واشنطن، وإزالة مخاوفها تجاه الصفقة المرتقبة.

لكن صحيفة "ديلي نيوز" المصرية الناطقة باللغة الإنجليزية نقلت عن مسؤول مصري رفيع المستوى، قوله إن بلاده "دولة مستقلة لا تأخذ أوامر من أي دولة أخرى فيما يتعلق بسياساتها الخارجية والداخلية"، مؤكدا أن "الصفقة ستستمر ولن يتم تعليقها تحت أي ظرف".

كذلك علقت السفارة المصرية في موسكو، وفقا لوسائل إعلام روسية، بالقول إن "شراء الأسلحة الروسية مسألة استراتيجية وستُحل بغض النظر عن أي ضغوط من الخارج؛ لأنها تلبي بالكامل مصالح البلاد الوطنية".

وأكد رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان المصري "كمال عامر"، أن "مصر دائما تختار سلاحها وفقا لخصائصه، وبما يحقق لها القدرة والكفاءة القتالية العالية لقواتها طبقا للمهام المكلفة بها".

وأضاف لراديو "بي بي سي"، أن "مصر تعتز بدورها الإقليمي والعالمي وهي تتعامل مع جميع دول العالم في إطار العلاقات المتوازنة وفي إطار الندية وليس التبعية، وأيضا في إطار المصالح المشتركة".

وقلل المستشار في أكاديمية ناصر العسكرية العليا، اللواء "ناجي شهود"، من التحذيرات الأمريكية، قائلا: "ينبغي ألا تؤخذ على محمل الجد، لأن هذه هي عادة واشنطن، بدليل تكرار هذه التحذيرات من جانب واشنطن، تتزامن مع استمرار مصر في تنفيذ العديد من الصفقات مع الصين وروسيا وفرنسا، لأنها مسألة سيادية".

أما الإعلامي المصري المقرب من المؤسسة العسكرية، "مصطفى بكري"، فقد أكد أن بلاده صامدة في وجه الغطرسة  الأمريكية، مشيرا إلى المضي قدما في إتمام الصفقة. 

خيارات القاهرة

وفق الباحث المتخصص في الشؤون العسكرية "أندرو ميلر"، فإن "القيادة المصرية تعتبر التهديدات الأميركية غير حقيقية"، مؤكدا أن "حكومة السيسي (الرئيس المصري) تشعر بالراحة لاختبار ترامب (الرئيس الأمريكي) بشأن هذه القضية لأنهم ينظرون إلى العلاقة بين البلدين على أنها تعود بالنفع على الولايات المتحدة أكثر من مصر، وهذا يمنحهم الثقة في تحمل هذه المخاطر".

ووفقا لمجلة "بريكنج ديفينس" الأمريكية، فإن القاهرة تراهن على رفض إدارة "ترامب" فرض عقوبات عليها، بموجب قانون "كاتسا".

ثانيا، قد تقدم مصر تعهدات للجانب الأمريكي بحظر استخدام الطائرات الروسية في اتجاهات ومناطق معينة، بحسب الخبير العسكري المصري، اللواء "جمال مظلوم".

وقد لا تتم الصفقة بين مصر وروسيا من الأصل، وفق مراقبين، مقابل أن تمنح الإدارة الأمريكية، الجيش المصري، حق الحصول على مقاتلات "إف-35"، التي حصلت عليها (إسرائيل)، والسعودية. 

وليس مستبعدا إتمام الصفقة، بدعوى الحفاظ على استقلالية القرار المصري، وأهمية تنويع مصادر السلاح، على أن تقوم القاهرة بصفقة موازية لمغازلة الجانب الأمريكي، بشراء أسلحة منه.

وتتمتع الطائرة "سوخوي-35"، التي تعاقدت مصر على شراء 26 منها، بميزات من أبرزها "حمولة للذخائر تصل إلى 8 أطنان، علاوة على أن مداها الكلي يتجاوز 2200 ميل، فضلا عن جهاز رادار يعرف بالمسح الإلكتروني السالب".

وصممت مقاتلة "سو-35" للتفوق الجوي، ولديها قدرة فائقة على المناورة، كما أن لديها خصائص تلبي متطلبات الجيل الخامس من الطائرات، ومزوّدة برادار شبكي ومحركين يمكن التحكم باتجاه دفعهما، وبأسلحة ذكية حديثة تتيح لها رصد وتدمير 10 أهداف جوية وأرضية في آن واحد على مسافة كبيرة وبدقة عالية.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

دبلوماسي: روسيا بدأت تصنيع مقاتلات سو-35 إلى مصر