هل تسحب دول الخليج دعمها لحملة العقوبات الأمريكية ضد إيران؟

الأحد 1 ديسمبر 2019 12:39 م

تثير الجهود السعودية للتفاوض على إنهاء حرب اليمن، في محاولة لفتح حوار مع إيران، الشك في استمرار الدعم الخليجي لحملة "أقصى ضغط" للرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" ضد الجمهورية الإسلامية.

ويأمل المسؤولون السعوديون أن تؤدي المحادثات، التي تتوسط فيها كل من سلطنة عمان وبريطانيا، إلى إحياء المحادثات المتوقفة بين المتمردين اليمنيين وحكومة "عبدربه منصور هادي"، المدعومة من السعودية والأمم المتحدة.

وكلف ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" شقيقه الأصغر ونائب وزير الدفاع السعودي "خالد بن سلمان" بإنهاء الحرب اليمنية، كجزء من نهج جديد أوسع للسياسة الخارجية السعودية.

ويتضمن النهج الجديد العودة إلى سياسة خارجية ودفاعية أكثر حذرا بعد عدة أعوام تبنت فيها المملكة مقاربة حازمة وقوية أنتجت العديد من الأزمات، بما في ذلك التدخل بقيادة السعودية في اليمن قبل 4 أعوام ونصف العام.

وكان الدافع وراء هذا النهج الجديد الحذر هو الهجمات التي تم شنها في سبتمبر/أيلول على المنشآت النفطية الرئيسية في المملكة، وما جلبته من شكوك حول موثوقية التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن دول الخليج.

وتهدف عودة المملكة إلى مقاربة أكثر حذرا إلى السماح للمملكة بتقديم نفسها كرئيس لمجموعة العشرين في عام 2020، وإصلاح صورتها التي شوهتها حرب اليمن، وحادثة مقتل الصحفي "جمال خاشقجي" العام الماضي، والحملة المحلية ضد المعارضة.

التزام أمريكي محدود

وكان رد "ترامب" على هجمات الطائرات بدون طيار والهجمات الصاروخية في سبتمبر/أيلول، التي أعلن الحوثيون مسؤوليتهم عنها، أحدث إشارة إلى أن دول الخليج قد لا تكون قادرة على الاعتماد على الولايات المتحدة في أوقات الأزمات، على الرغم من أن إدارة "ترامب" أصرت على أن إيران هي المسؤولة عن الحادث.

وقال "ترامب" آنذاك: "كان ذلك هجوما على المملكة العربية السعودية، ولم يكن هجوما علينا، لكننا بالتأكيد سوف نساعدهم. لكن إذا قررنا القيام بشيء ما، فسوف يشاركون بشكل كبير، ويشمل ذلك الدفع مقابل ما نقوم به".

وصرح مسؤول أمريكي مشارك في السياسة الخليجية مؤخرا أن "الهجمات جعلت السعودية ودول الخليج الأخرى تدرك أن تصاعد التوترات الأمريكية الإيرانية سيجعلهم أهدافا في بيئة لا تدافع عنها الولايات المتحدة بحماس كبير".

ورأى مسؤول أمريكي آخر أن "الهدف الرئيسي للسعوديين الآن هو تقليل مشاركتهم في اليمن، وإيقاف تحول الحوثيون إلى نسخة من حزب الله، بحيث يمكن للمملكة التعامل مباشرة مع إيران".

وصرح مبعوث الأمم المتحدة في اليمن، "مارتن جريفيث"، لمجلس الأمن الدولي هذا الأسبوع، بأن عدد الهجمات الجوية التي يشنها التحالف الذي تقوده السعودية قد انخفض بنحو 80% في الأسبوعين الأخيرين.

وقال "جريفيث": "نحن نرى في ذلك فرصة للتحرك نحو وقف إطلاق النار الشامل في اليمن". وأعرب "جريفيث" عن أمله في أن يتم التوصل إلى نهاية متفاوض عليها للحرب في أوائل العام المقبل.

ولم تمنع الجهود السعودية لإنهاء الحرب، والإيماءات التي اتخذتها الإمارات العربية المتحدة تجاه إيران في الأشهر الأخيرة، كبار المسؤولين السعوديين والإماراتيين من تبني خط متشدد في حوار المنامة هذا الأسبوع.

وكانت الرسالة من ذلك واضحة، فالتهدئة ببساطة ليس المقصود بها إيران. وقال وزير الشؤون الخارجية السعودي "عادل الجبير" في البحرين:" نحن نحمل إيران مسؤولية الهجوم على بقيق". وأضاف: "لا نريد حربا، لكن إيران بحاجة إلى محاسبة. والسؤال هنا هو ما إذا كان بإمكان إيران التخلي عن طموحها في نشر الثورة والبدء في احترام سيادة الدول".

وأضاف "أنور قرقاش"، نظير "الجبير" الإماراتي: "ألمانيا في عهد هتلر، والاتحاد السوفيتي سابقا، وإيران اليوم، هذه الدول التحريضية تهدد النظام الدولي. ويبقى مفتاح الاستقرار هو الردع والتصميم الثابت من جانب المجتمع الدولي على ضرورة أن تتغير إيران. وإذا لم يحدث هذا، يجب زيادة العقوبات، وليس تخفيفها".

وقامت وزارة الخزانة الأمريكية بتشديد العقوبات الصارمة التي تهدف إلى إجبار إيران على إعادة التفاوض بشأن شروط اتفاق عام 2015، الذي يقيد البرنامج النووي للجمهورية الإسلامية. وفرضت واشنطن هذا الأسبوع عقوبات على وزير الاتصالات الإيراني "محمد جواد عزاري جهرومي" بسبب مسؤوليته عن قطع الإنترنت في البلاد إبان الاحتجاجات المناهضة للحكومة.

وجعل حظر الإنترنت من الصعب على المتظاهرين نشر مقاطع الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، والحصول على الدعم لاحتجاجاتهم ضد ارتفاع أسعار الوقود. وقالت منظمة العفو الدولية إن أكثر من 100 متظاهر قد تم قتلهم حتى الآن على أيدي قوات الأمن الإيرانية.

وعلى الرغم من التصريحات المتشددة من قبل "الجبير"، وعلى الرغم من أن الرياح في الخليج تبدو وكأنها تهب في اتجاه تخفيف حدة التوتر على جميع الجبهات، بما في ذلك مقاطعة قطر التي تقودها السعودية منذ عامين ونصف العام، فلن تخف حدة التوتر إلا إذا تراجع التوتر بين الولايات المتحدة وإيران.

علاوة على ذلك، تعتمد قدرة أي تهدئة على البقاء على حدوث نوع من التفاهم الإقليمي بشأن عدم الاعتداء يشمل إيران، ويخلق الأساس لهيكل أمني متعدد الأطراف، يضم مظلة الدفاع الأمريكية الإقليمية بدلا من أن يحل محلها.

تخفيف التوترات

وتشير سلسلة من الإيماءات السعودية والإماراتية في الأشهر الأخيرة، إلى جانب المحادثات السعودية الحوثية، إلى خطوات نحو تخفيف التوترات، ليس فقط على الجبهة اليمنية، بل الإيرانية والقطرية أيضا.

وفي أحدث إشارة، قال "خالد الجارالله"، نائب وزير الخارجية الكويتي الذي الوسيط الرسمي في الأزمة القطرية، إن مشاركة منتخبات السعودية والإمارات والبحرين في بطولة كأس الخليج المقامة في قطر، على الرغم من الحصار، "تقدم مؤشرا واضحا على حدوث انفراجة".

وبالمثل، أخبر مسؤول سعودي -في لفتة نادرة- المراسلين في واشنطن في وقت سابق من هذا الشهر، أن قطر قد اتخذت خطوة نحو حل الأزمة من خلال إقرار قانون مكافحة تمويل الإرهاب، وهو مطلب رئيسي لبلدان المقاطعة.

وإلى جانب سحب قواتها من اليمن، امتنعت الإمارات عن إلقاء اللوم على إيران في الهجمات على المنشآت السعودية والتفجيرات السابقة للسفن قبالة السواحل الإماراتية، وأرسلت مسؤولين إلى إيران لمناقشة الأمن البحري.

ومن المؤكد أن الجهود الخليجية للحد من التوتر، خاصة فيما يتعلق بإيران، تضعف الدعم السعودي والإماراتي لحملة "أقصى ضغط" الأمريكية. وستكون عملية السلام في اليمن، وحوار دول الخليج مع إيران، خطوتان مهمتان في هذا الاتجاه.

المصدر | جيمس دورسي - لوب لوج

  كلمات مفتاحية

إيران ترسل سجينا إلى الكويت وتتسلم 3 من قطر

ستراتفور: العقوبات الأمريكية تزيد نفوذ المتشددين في السياسة الإيرانية