من ساحات الحرم المكي الشريف إلى باحات المسجد الأقصى المبارك، أدى ملايين المسلمين في العالم العربي، اليوم الجمعة، صلاة عيد الفطر، دون أن تنسيهم الفرحة هموم أوطانهم والأمة.

الحرم المكي

في الحرم المكي الشريف، أدى الملك «سلمان بن عبدالعزيز»، صلاة عيد الفطر مع ملايين المصلين.

وقال «الملك سلمان» في كلمة تهنئة بمناسبة العيد: «أحدثكم من جوار بيت الله الحرام من مكة المكرمة، مُهنئاً لكم أيها الإخوة والأخوات بهذا العيد السعيد تهنئة طيبة لكل مسلم ومسلمة على ثرى هذه الأرض المباركة وفي شتى أرجاء المعمورة، سائلين الله تعالى أن يعيده على الجميع بالخير والمسرات، وقد التأمت جراحات أمتنا الإسلامية، وتحقق لها ما تصبو إليه من عز وتمكين واستقرار وسلام».

ولم ينس الملك «سلمان » في كلمته هموم الأمة الإسلامية، حيث أضاف: «حملت هذه البلاد، المملكة العربية السعودية، همّ الأمة الإسلامية منذ توحيدها ولا تزال، مستشعرة موقعها في قلب العالم الإسلامي، وخدمتها للحرمين الشريفين، فلا غروَ أن كانت ولا تزال وستستمر بعون الله حريصة على خدمة الإسلام، والوقوف بجانب المسلمين في أرجاء المعمورة، والدفاع عن قضاياهم المشروعة وفي مقدمتها قضية فلسطين، خاصة في هذا الوقت الدقيق الذي تمر به أمتنا العربية والإسلامية».

وتابع : «المملكة العربية السعودية يحدوها الأمل في تحقيق المعاني السامية للتضامن، وتوحيد الصف والكلمة استجابة لنداء الحق تبارك وتعالى في قوله (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا)».

المسجد الأقصى

في المسجد الأقصى، أدى عشرات الآلاف من الفلسطينيين صلاة عيد الفطر، حاملين في قلوبهم هموم وطنهم والأوطان الإسلامية الأخرى. 

إذ ثبت مصلون لافتة كبيرة على أحد أعمدة المسجد الأقصى كتب عليها: «أسرانا.. اقترب النصر وسيتحقق الوعد»، و«قادمون يا قدس»، وفق مراسل «وكالة الأناضول للأنباء».

وألقى إمام المسجد، الشيخ «يوسف أبو سنينة»، خطبة العيد، مركزا فيها على الأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، داعيا إلى الإفراج عنهم.

وبخلاف قضية الأسرى، لم يغب عن المصلين مساندة إخوانهم في مصر الذين يعانون منذ أكثر من عامين من انقلاب عسكري، أطاح بـ «محمد مرسي»، أول رئيس منتخب في تاريخ البلاد.

ولوحظ ارتداء عشرات الشبان الفلسطينيين قمصان بيضاء، طُبعت عليها صورة « مرسى»، وكتب عليها «سينتصر الحق، كلنا مرسي».

وردد الشبان: «من الأقصى تحية، لمرسي رمز الشرعية»، و«من الأقصى تحية، لرابعة العدوية».

قطاع غزة

وفي قطاع غزة، كانت قضية الحصار، الذي يعاني منه القطاع منذ عام 2006، حاضرة في صلاة العيد.

ففي خطبة صلاة العيد في أحد مساجد حي الشجاعية شرقي مدينة غزة، بشر «إسماعيل هنية»، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، بأن حركته أصبحت قريبة من تحقيق أهدافها المتمثلة في «إنهاء الحصار، وإعادة إعمار قطاع غزة».

وقال «هنية»: «لا تستغربوا من الحديث عن إنهاء الحصار، وبناء ميناء بحري، وإعادة الإعمار؛ فالجميع يخشى الانفجار في غزة مجددا (..) نحن أقرب إلى تحقيق أهدفنا في إنهاء الحصار والإعمار وكافة مجالات الحياة».

وكانت صحف إسرائيلية تحدثت، مؤخراً، عن وجود مفاوضات غير مباشرة بين حماس واسرائيل، بشأن تهدئة طويلة الأمد في قطاع غزة، مقابل رفع الحصار عنه، وبناء ممر مائي يصله بالعالم الخارجي.

وألمح «هنية» إلى إمكانية عقد صفقة تبادل للأسرى مع إسرائيل في وقت قريب، حيث قال مخاطبا الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال: «إن شاء الله تقترب حريتكم، سنكون أوفياء لكم، المقاومة والشعب والقسام لن يفرط في حريتكم».

وتلمح حركة «حماس» إلى أنه بحوزتها رفات جنود أعلنت دولة الاحتلال الإسرائيلي فقدانهم خلال عدوانها الأخير على قطاع غزة العام الماضي، دون أن تعلن ذلك صراحة. وكان رئيس الوزراء بدولة الاحتلال، «بنيامين نتنياهو»، كلف ضابط الاحتياط في الجيش،« ليئور لوتين»، بإدارة ملف الجنود المفقودين في القطاع.

مظاهرات مصر

ومن غزة إلى مصر، حيث نظم مصلون مظاهرات حاشدة عقب أداء صلاة العيد رافضة لـ«الانقلاب العسكري» في البلاد، وذلك في عدد كبير من محافظات البلاد.

وعن هذه المظاهرات، لم تغب الأحداث الدموية التي باتت سمة مميزة في مصر على مدار العامين الماضيين.

إذ أطلق الأمن المصري النار على متظاهرين في منطقي «الطالبية» و«ناهيا» بمحافظة الجيزة، غربي القاهرة، بعد صلاة عيد الفطر المبارك؛ ما أدى إلى مقتل 6 منهم وإصابة عدد آخر، وفق شهود عيان، وبيان لجماعة الإخوان المسلمين في مصر.

وقال «حسام عبد الغفار»، المتحدث باسم وزارة الصحة لـ«وكالة الأناضول للأنباء» إن «المستشفيات استقبلت، 6 قتلى، سقطوا في وقت سابق من هذا اليوم"، دون مزيد من التفاصيل.

لكن شهود عيان أفادوا لـ«الأناضول» بأن 5 من القتلى سقطوا في اشتباكات مع قوات الأمن التي أطلقت الرصاص الحي وطلقات الخرطوش (طلقات نارية تحتوي على كرات معدنية صغيرة) عليهم أثناء تظاهرهم ضد الانقلاب العسكري، وذلك في منطقة الطالبية بمحافظة الجيزة، بينما سقط القتيل السادس برصاص قوات الأمن أثناء فضها مظاهرة خرجت في منطقة ناهيا بالمحافظة ذاتها.

وأضاف الشهود أن عدد آخر (لم يتمكنوا من تحديده) من المتظاهرين أصيبوا أثناء فض المظاهرتين.

«جماعة الإخوان المسلمين» في مصر نددت من جانبها بقتل الشرطة للمتظاهرين، واعتبرت، في بيان، مقتل 6 من معارضي النظام، اليوم الجمعة، برصاص قوات الشرطة "رد فعل انتقامي من القَتَلة (في إشارة لقوات الأمن) على تجذر جماعة الإخوان في المجتمع والتفاف الجماهير الغاضبة حولها».

صلاة العيد بلبنان

وفي لبنان لم يغب الهم السياسي الداخلي عن خطبة صلاة العيد.

إذ اعتبر مفتي البلاد «عبد اللطيف دريان» أن لبنان تعيش في تأزم سياسي شديد ومتقاتل وسط غياب المؤسسات الدستورية أو تعطلها، وقال: «اعتدنا من أجل تجنب الإثارة على تجهيل الفاعل حتى لا يشعر أحد انه مقصود أو مستهدف».

وتابع: «تعالوا جميعاً ايها اللبنانيون إلى الكلمة السواء والشعب الواحد والوطن الواحد والمستقبل الواحد ولنعد جميعاً إلى نهج التعقل والمصلحة الوطنية».

وتطرق إلى الهم العربي، قائلا: «على مجتمعاتنا العربية مواجهة التطرف في الدين والحروب الداخلية المدمرة والسياسات الدولية مهما كلف ذلك ونحن لسنا على طريق اليأس».

وكان العديد من القادة العرب أدوا صلاة العيد صباح اليوم، مهنئين شعوبهم بالعيد.

وأدى الشيخ «تميم بن حمد آل ثاني» أمير قطر صباح اليوم صلاة عيد الفطر المبارك مع أبناء شعبه في مصلى الوجبة بالعاصمة الدوحة.

وأدى أمير الكويت الشيخ «صباح الأحمد الجابر الصباح» صلاة العيد في مسجد الدولة الكبير بالعاصمة.

وهنأ الشيخ «محمد بن راشد» حاكم إمارة دبي، مواطني بلاده والشعوب الإسلامية والعربية بعيد الفطر، وقال عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «أطيب التهاني والتبريكات لشعب الإمارات وللأمة العربية والإسلامية بمناسبة عيد الفطر السعيد أعاده الله علينا وعليكم بالخير واليمن والبركات».

وأضاف: «يجمع عيد الفطر الأمة العربية والإسلامية على فرحة واحدة، بعد شعيرة واحدة، لرب واحد جل جلاله..نسأل الله أن يجمع بيننا ويوحد قلوبنا على الخير».