هل يمكن لقطر ودول الحصار الوصول إلى أرضية مشتركة مرة أخرى؟

الأحد 15 ديسمبر 2019 08:12 م

في الأسبوع الماضي، انطلقت القمة الأربعون لمجلس التعاون الخليجي، في الرياض، بالمملكة العربية السعودية، لمناقشة الأوضاع في منطقة لا تواجه رياحا جيوسياسية عاصفة فحسب، بل تشهد أيضا عودة الاحتجاجات الجماهيرية من لبنان إلى العراق.

ومع ذلك، عندما التقى الزعماء العرب في السعودية، لم يكن الاضطراب الإقليمي أو التهديد الإيراني هي النقاط التي حازت الأسبقية، بل الصدع داخل مجلس التعاون الخليجي نفسه.

وفي حين كان بيان المجلس الذي صدر بعد القمة يدور حول إيران، حيث أدان الهجمات الأخيرة على منشآت النفط في "بقيق" والهجمات على السفن في الخليج، وعبر عن موقف جماعي ضد ما يعتقد المجلس أنه توسع عدواني من قبل طهران، لكن النقاشات الداخلية كانت حول أزمة المجلس مع قطر، التي حصلت على قدر كبير من الاهتمام.

وفي عام 2017، قررت كل من السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر، بشكل جماعي، قطع العلاقات مع قطر وحصارها اقتصاديا، وجاءت هذه الخطوة بعد اختراق مزعوم لموقع وكالة الأنباء القطرية بهدف نشر تقارير عن انتقاد أمير قطر "تميم بن حمد آل ثاني" للسياسة الخارجية الأمريكية في المنطقة.

وزعمت الدوحة فيما بعد أن دولتين من دول الحصار ضالعتان في هذا الفعل.

وكان من المتوقع أن يشل الحصار الاقتصادي الاقتصاد القطري، الذي اعتمد على موانئ الإمارات للتجارة واستيراد السلع الأساسية مثل الأغذية والسلع الزراعية وما إلى ذلك.

وكانت الاتهامات الموجهة إلى قطر من قبل جيرانها العرب وزملائها في مجلس التعاون الخليجي واسعة النطاق، وشملت تعامل البلاد المزعوم مع الجهات الفاعلة الإرهابية، والعمل ضد مصالح السعودية والإمارات، وطالبت دول الحصار الدوحة بإغلاق قناة الجزيرة وشبكتها الإخبارية التليفزيونية الدولية، وتقليص العلاقات الودية بشكل متزايد مع إيران.

ومع ذلك، وسط الحصار، تمكنت قطر من الخروج مرفوعة الرأس، ويمكن القول إن الحصار قد فشل، حيث نجحت الدوحة في استخدام قدرتها المالية الهائلة، إلى جانب الخطاب الوطني الذي غرسته بنجاح بين المواطنين والمهاجرين لتجاوز آثار الحصار.

وساعد على ذلك حقيقة أن معظم العواصم الغربية لم تر الحصار خطوة حكيمة من الرياض، وفي هذه الأثناء، تحركت دول أخرى مثل تركيا، التي لا تتنازل عن أي فرصة لتحدي الهيمنة الإقليمية للسعودية، لتعزيز موقف الدوحة، عبر إرسال 3 آلاف جندي إلى البلاد في استعراض للدعم.

وعرضت طهران أيضا تعويض التجارة والإمدادات الحيوية المفقودة، التي كان معظمها يأتي من منطقة مجلس التعاون الخليجي.

ذوبان الجليد

وبالانتقال سريعا إلى الأمام حتى ديسمبر/كانون الأول 2019، تبرز علامات ذوبان الجليد في هذه الحرب الدبلوماسية، ورغم أن أمير قطر قرر عدم حضور قمة الرياض، وأرسل رئيس الوزراء "عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني"، فقد تم استقباله من قبل العاهل السعودي، بينما امتدحت وسائل الإعلام الرسمية "الأخوة" بين البلدين، بلهجة توحي بأن الأمور قد تحسنت.

ومع ذلك، يبقى أن نرى ما إذا كانت قطر على استعداد للثقة في مجلس التعاون الخليجي مجددا، وما إذا كانت ديناميات ما قبل الحصار يمكن استعادتها جزئيا.

وكانت التفاصيل الدقيقة للحصار في عام 2017 تدور حول حقيقة أن سياسات قطر كانت تتناقض بشكل صارخ مع السياسات الإقليمية للسعودية والإمارات، مع حضور دعم الدوحة لـ"الإخوان المسلمون" في مركز الأزمة.

وفي بداية الحصار، أعلنت الدول المحاصرة 13 بندا "غير قابلة للتفاوض" ينبغي على الدوحة فعلها قبل تطبيع العلاقات مجددا مع جيرانها كان على رأسها إيقاف دعم الدوحة المزعوم للجماعات الإسلامية، بشكل مباشر أو غير مباشر.

ومن المرجح أن الحرب في شمال سوريا التي شملت مجموعة من الفصائل الإسلامية كانت نقطة تحول بالنسبة للسعوديين والإماراتيين، الذين وجدوا ربما أن المجموعات التي تمولها الدوحة لا تتماشى مع أهدافهم السياسية الإقليمية، التي تدور في الغالب حول بقاء الملكيات واستقرار النظم الحالية.

ويعد هذا الاستقرار ضروريا بالنسبة لأهداف السياسة الخارجية الأمريكية في المنطقة، لا سيما في فترة ما بعد الربيع العربي، ومن جانب السعودية والإمارات، يُنظر إلى أيديولوجية جماعة "الإخوان المسلمون" وممارساتها على أنها تحد وجودي.

وفي أواخر الشهر الماضي، ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن وزير الخارجية القطري "محمد بن عبدالرحمن آل ثاني" قام برحلة إلى الرياض في محاولات لتطبيع العلاقة خلف الكواليس، ولكن ما كان مثيرا للفضول هو زعم التقرير أن الدوحة "مستعدة لقطع علاقاتها مع جماعة الإخوان المسلمون" كثمن للمصالحة مع جيرانها.

وفي حين أن هذا يبدو مثاليا للدرجة التي تدفع للتشكيك في صحته على المدى القصير، فإن الاتفاق طويل الأجل حول مثل هذا الأمر سيتطلب في جميع الأحوال من السعوديين منح قطر شيئا كبيرا في المقابل، وإذا لم يكن الأمر كذلك، فسوف تنظر الدوحة في حل وسط مع الرياض من أجل تطبيع متوازن.

وزن كبير

وفي الأخير، يمكن القول إن الحصار المفروض على قطر قد جاء بنتائج عكسية عما قدرته حسابات الرياض الاستراتيجية، وقد عزز الحصار عزلة الدوحة عن جيرانها ودفعها إلى جانب تركيا بشكل أكبر، كما عزز من علاقات قطر مع إيران.

وفي الوقت الحالي، كان حضور رئيس الوزراء القطري قمة مجلس التعاون الخليجي بمثابة تطور إيجابي، وتحدث إعلان الرياض بحضور قطر عن الطبيعة المتماسكة لمصالح مجلس التعاون الخليجي، والتزام الأعضاء بالعمل من أجل تحقيق هذه الأهداف المشتركة، بدءا من الإصلاحات الاقتصادية، وصولا للتأكيد على أن الهجوم على عضو داخل مجلس التعاون الخليجي يعتبر هجوما على الكل.

ومع ذلك، يرى الكثيرون من المحللين والمراقبين المهتمين بشؤون المنطقة أن قطر اكتسبت وزنا جيوسياسيا يفوق حجمها بسبب الحصار وتداعياته، وسوف يكون الوقت وحده كفيلا بتحديد ما إذا كان هذا أمرا جيدا أو سيئا بالنسبة لطموحات قطر السيادية.

المصدر | كبير تينيجا | أوراسيا ريفيو - ترجمة الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

وزير خارجية قطر: تقدم ضئيل في جهود حل الأزمة الخليجية

هل قارب حصار قطر على الانتهاء؟