أشعار جلال الدين الرومي.. علاج نفسي في كشمير

السبت 21 ديسمبر 2019 10:45 ص

عندما ظهرت على "فاطمة" (55 عاما) أعراض الاكتئاب، بعد اختفاء نجلها الوحيد أثناء احتجازه لدى قوات الأمن في منطقة "جامو وكشمير" الخاضعة لسيطرة الهند، نصحها أطباء في مستشفى للأمراض النفسية بالاستماع إلى ألحان صوفية مستوحاة من أعمال الشاعر والمتصوف الراحل "جلال الدين الرومي".

وهناك ما يقرب من 1.8 مليون شخص في "جامو وكشمير" يعانون من أزمة اضطراب نفسي، وفقا لدراسة أجرتها منظمة "أطباء بلا حدود" الدولية منذ بضع سنوات.

ومنذ قررت الحكومة الهندية، في 5 أغسطس/آب الماضي، إلغاء الوضع الخاص في "جامو وكشمير"، وتقسيمها إلى إقليمين، وفرض قيود على التجوال والاتصالات وحجب خدمة الإنترنت، يشكو كثير من السكان من سوء الأوضاع وتأثيرها على حياتهم.

وعن ذلك، قال طبيب في مستشفى الأمراض النفسية الوحيد في مدينة سريناجار بكشمير: "ليس لدينا ما نقدمه لهم، باستثناء الأدوية المضادة للاكتئاب (..) إنهم بحاجة إلى راحة البال (..) لذلك، نطلب منهم الاستماع إلى الموسيقى الصوفية لتهدئة أعصابهم".

وأضاف الطبيب، الذي تحدث بشرط عدم الإفصاح عن هويته، بسبب مخاوف أمنية: "لم نوثق نتائج، لكن العديد من المرضى أبلغوا عن تعافي جزئي".

وعلى مدار قرون عديدة، أمتع قادة الفرق الموسيقية الصوفية الجماهير في كشمير بشعر العلامة الإسلامي والشاعر الذي عاش في القرن الثالث عشر "الرومي"، الذي يرقد في مدينة قونيا التركية.

كما يوجد هناك اثنان آخران من الشعراء الإيرانيين، أمتعا الناس في كشمير، وهما "نورالدين عبدالرحمن الجامي"، والخواجة "شمس الدين حافظ شيرازي".

وفي الوقت الراهن، تحيي مدينة قونيا، الواقعة جنوبي العاصمة أنقرة في منطقة الأناضول وسط تركيا، الذكرى الـ746 لوفاة "الرومي"، وتستقبل آلاف الزائرين.

  • حياة جديدة

بينما تعزف أصابعه على "السانتور"، وهو آلة موسيقية ذات مئة وتر، يبث المايسترو الصوفي "محمد يعقوب شيخ" حياة جديدة في أشعار "الرومي".

وقال "يعقوب شيخ": "اعتدنا أن نعزف هذه الموسيقى عند غروب الشمس وحلول الغسق.. نستمد كلمات الأغاني من أشعار الرومي والجامي وحافظ".

وأضاف المايسترو الصوفي: "عانت الموسيقى الصوفية أيضا بسبب المناخ السياسي المتوتر في كشمير".

وأشار أنه "على مدار السنين، وصف (أطباء) علاج الاستماع إلى الموسيقى الصوفية لكثير من الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية؛ بهدف استكشاف الجذور الروحية من أجل أن ينعموا براحة البال".

وأعرب عن اعتقاده بأن قوة شعر "الرومي" ساعدت على استخدامه كعلاج لبناء ما يشبه "جزيرة سلام" حول المستمع.

وتابع: "رغم كونه عالم خيالي، لكنه يساعد الناس على الوصول إلى مستوى أعلى من الوعي؛، حيث يستعيدون السيطرة على حياتهم".

ولزيادة بؤس السكان المحليين، فإن المساجد الرئيسية والأضرحة في المنطقة إما تكون مغلقة أو يصعب الوصول إليها، منذ أغسطس/آب الماضي، في ظل القيود المفروضة؛ ما أدى إلى تعميق الاكتئاب والاضطرابات النفسية.

  • إلهام "الرومي"

من جانبه، قال نائب رئيس القوات الجوية الهندية السابق "كابيل كاك"، وهو كشميري من "هندوس البانديت"، إن الثقافة الكشميرية استُلهمت عبر القرون من أشعار "الرومي"، الذي تحدث عن حب البشر، وليس فقط التسامح معهم.

ويلقب سكان إقليم كشمير الذين يدينون بالديانة الهندوسية بـ"البانديت".

وبدأت سلسلة شعراء الصوفية في كشمير، منذ القرن الرابع عشر بالشاعرة الشهيرة "لال ديد" (لاليشيواري)، والشيخ "نورالدين نوراني" (نوند ريشي).

وأسس "ريشي" مذهبا صوفيا في القرن الـ15 اسمه "نظام ريشي" (تقليد صوفي في كشمير يرتبط بالوئام الديني).

وهناك أيضا كثير من الشعراء الصوفيين مثل "هبة خاتون"، و"شماس فقير"، و"نيام صائب"، و"سوش كرال"، و"هاب خار"، الذين ذابوا في عشق الذات الإلهية.

ويظهر جليا في أبيات "ريشي"، المعروف باسم "ألمدار كشمير"، و"شيخ العالم"، أنه استرشد وتأثر بشدة بـ"الرومي".

ويطلق اسم "جامو وكشمير" على الجزء الخاضع لسيطرة الهند، من إقليم كشمير، ويضم جماعات مقاومة تكافح منذ 1989، ضد ما تعتبره "احتلالا هنديا" لمناطقها.

ويطالب سكانه بالاستقلال عن الهند، والانضمام إلى باكستان، منذ استقلال البلدين عن بريطانيا عام 1947، واقتسام إسلام أباد ونيودلهي الإقليم ذي الأغلبية المسلمة.

المصدر | الأناضول

  كلمات مفتاحية

الصوفية كشمير جامو وكشمير جلال الدين الرومي مولانا الرومي

متحف «جلال الدين الرومي» بتركيا يستقبل 2.5 مليون زائر بـ2017